لا أعرف لماذا كل هذا الاستياء العربي من اختيار الرئيس الأمريكي المنتخب باراك اوباما لرام إيمانويل اليهودي ذي الأصول الإسرائيلية كبيرا لموظفي البيت الأبيض؟
هل كان العرب يتوقعون أن يختار أوباما شخصا من أصول عربية لهذا المنصب ام كانوا يتوقعون اختيار رجل من اصول كينية بحكم أن والد الرئيس كيني!


أوباما اختار إيمانويل كبيرا لموظفي البيت الأبيض لاعتبارات أخرى لا علاقة لها بآراءنا فيه كعرب أهمها الدور الذي لعبه في إطار حملته الانتخابية ونجاحه في إعادة سيطرة الديمقراطيين على الكونجرس في انتخابات 2006. والأهم من ذلك أن ايمانويل أنتخب أربعة مرات منذ عام 2002 نائبا عن دائرة إلينوي في مجلس النواب وهي نفس الدائرة التي يمثلها السيناتور أوباما في مجلس الشيوخ.
إيمانويل رابع أرفع قيادي في الحزب الديمقراطي بعد نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب وستيني هويار زعيم الأغلبية في مجلس النواب وجيم كليبورن نائب ساوث كارولينا وحامل سوط الأغلبية الديمقراطية في مجلس النواب ويعتبر من أهم المفاوضين بشأن تسريع خطة الإنقاذ المالية لوول ستريت التي بلغت قيمتها 700 مليار دولار.


بل إن أفكاره ومواقفه من قضايا الشرق الأوسط منذ أن كان مستشارا سياسيا بإدارة الرئيس كلينتون لعبت دورا مهما في اختياره من قبل الرئيس أوباما الذي يعتبر نفسه صديقا مقربا لإسرائيل التي وصفها بانها أهم حلفاء أميركا في الشرق الأوسط مما جعله يحصل على 78% من أصوات الناخبين اليهود.


رام إيمانويل هو ثالث يهودي يشغل منصب كبير موظفي البيت الأبيض بعد كينيث دوبريستاين كبير موظفي رونالد ريجان و جوشوا بولتن كبير موظفي جورج دبليو بوش. ومنصبه الجديد سوف يجعله الأعلى رتبة في المكتب التنفيذي للرئيس الأمريكي وثاني أكبر رجل قوي في واشنطن.


فهو المستشار السياسي للرئيس الأمريكي والمكلف بالتفاوض مع الكونجرس واركان الإدارة الأمريكية والجماعات السياسية حول أجندة عمل الرئيس بجانب إشرافه على موظفي البيت الابيض وإدارة تدفق المعلومات وتحديد الأشخاص الذين يقابلهم الرئيس في المكتب البيضاوي.


ولد رام اسرائيل ايمانويل في شيكاغو في 29 نوفمبر 1959 من أسرة إسرائيلية، والده هو بنجامين إيمانويل العضو السابق في منظمة ارجون الصهيونية المتطرفة، في عام 1985 حصل على الماجستير في الخطابة والاتصالات من جامعة نورث ويست ثم أصبح عضوا بارزا في حملة الرئيس كلينتون الانتخابية ثم كبيرا لمستشاريه للشئون السياسية والاستراتيجية بين عامي 1993 و 1998 وفي عام 1999 غادر البيت الأبيض ليعمل في بنك دريسدنر كلينورت الاستثماري.


شارك في تاليف كتاب quot;أفكار ضخمة لأمريكا quot;مع بروس ريد زعيم الديمقراطيين الجدد الذين يمثلون الجناح اليميني في الحزب الديمقراطي وهو تحالف يضم 15 سيناتور من مجلس الشيوخ و58 نائبا من مجلس النواب كما أنه العضو الديمقراطي الوحيد في مجلس النواب الذي صوت في عام 2003 لصالح الحرب ضد العراق.


في عام 1991تطوع ايمانويل لفترة قصيرة في جيش الدفاع الاسرائيلي خلال حرب الخليج الأولى باعتباره حاملا الجنسية الاسرائيلية كما ساند بقوة لجنة العلاقات العامة الامريكية الاسرائيلية أيباك وله مواقف مناهضة لما اسماه العنف الفلسطيني.
مواقف ايمانويل واضحة وتعبر إلى حد كبير عن توجهات الإدارة الأمريكية المقبلة التي ستتولى مهامها رسميا في 20 يناير المقبل. واختياره يؤكد الدور المحوري الذي تلعبه إسرائيل في السياسة المحلية الامريكية وهو دور لم يأت نتيجة مؤامرة وإنما محصلة سنوات من العمل الطويل لجماعات مختلفة يهودية ومسيحية وسياسية.


ما ينبغي أن يشغلنا الآن كعرب ليس اختيار إبمانويل كبيرا لموظفي البيت البيض وإنما موقف الرئيس اوباما والإدارة المريكية الجديدة من قضايا المنطقة والإصلاح السياسي والحرب على ما يسمى بالإرهاب وهذا يستدعي حديثا آخر!

عبد العزيز محمود

[email protected]