قرأت بتمعن حزمة الشتائم التي سطرها السيد ndash; بنياد جزيري ndash; بحق شخصي المتواضع، وبحق رفاقه القدماء في الحزب الأوجلاني، في ما أسماه ردا على مقال لي كان قد نشر في ndash; إيلاف ndash; بتاريخ 22/11/2008 بعنوان quot;لهذه الأسباب تركنا صفوف حزب العمال الكردستانيquot;، تطرقت فيه إلى تأكيدات ndash; نظام الدين تاش ndash; أحد أبرز القادة الميدانيين في حزب العمال الكردستاني سابقا، على أن إنفصالهم عن الحزب، جاء كردة فعل على قرار إستئناف العمل العسكري ضد القوات التركية الذي أتخذ في جزيرة ndash; إيمرالي ndash;، بين ممثلي هيئه الأركان في الجيش التركي وبين زعيم الحزب السيد ndash; عبدالله أوجلان ndash; بالضد من إرادة أغلبية القيادة الحزبية التي كانت ترى في إستئناف العمليات العسكرية في الظروف المشخصة إضرارا بالمصالح القومية للشعب الكردي في كردستان الشمالية، وتعزيزا لمواقع القوى العسكرية والسياسية ذات التوجهات الفاشية والمعادية للوجود والحق الكرديين في البلاد.


عوضا عن أن يقوم السيد ndash; جزيري ndash; بتفنيد quot;مزاعمquot; رفيقه السابق الخطيرة بالحجة والبرهان، فإنه، وعملا بالمبدأ التوتاليتاري الشهيرquot;الهجوم أفضل وسيلة للدفاعquot; إتهم ndash; تاش ndash; ورفاقه بالجبن و بquot;الفرار من صفوف الثورة الكرديةquot; رغم إعترافه في متن مقاله بالذات بأن الرجل quot;كان قائدا ميدانيا ميهوب الجانب في صفوف حزب العمال الكردستاني ومثالا يحتذى لمئات الآلاف من شباب الكردquot;. وسيرا على خطى قائده المفدى أنتهز السيد ndash; جزيري ndash; الفرصة للهجوم على إقليم كردستان بزعمه أن quot;بعض الإطراف في إقليم كردستان أغرتهم ndash; أي تاش ورفاقه ndash; بمئات الآلاف من الدولارات... وبأنهم سيحتلون مواقع في (مجلس الحكم الإنتقالي) بعد أن تحتل - المقصود أمريكا - أنقرة وتحول تركيا إلى واحة للديمقراطية من أجل سواد عيون الأكرادquot; وذلك في تجسيد حي إلى ما يمكن أن تنحط إليه الدعاية الآبوجية من تهافت وتضليل. ولكن حبل الكذب في بعض الأحيان قصير جدا، فبعد أن أورد السيد ndash; جزيري ndash; ما يفهم منه أن ndash; تاش ndash; ورفاقه قبضوا مبالغ طائلة تقدر بمئات الآلاف من الدولارات ثمنا لquot;خيانتهم للثورةquot;، عاد بعد عدة أسطر فقط ليقول أنه quot;كان طوال كل هذه السنوات عاطلا عن العمل في إقليم كردستان ويستجدي بضعة دولارات من هنا وهناكquot; وأترك للقارئ الكريم وحده مسألة فيما إذا كان يجوز الثقة بكلام رجل يناقض نفسه مرتين في أقل من نصف صفحة.


لا أعلم من أين إستنبط مثقفنا الأوجلاني فكرة أنني أبرر أنضمام إقليم كردستان العراق إلى الهيئة التركية الأمريكية للعمل ضد حزب العمال الكردستاني وquot;تبرير الخيانة والأقتتال الكردي ndash; الكرديquot;، فليس في مقالي موضوع النقاش ما يثبت تهمته الرخيصة هذه، أما عن موقفي من علاقات كردستان العراق مع تركيا فأنني أحيله ألى مقال كتبته في ndash; إيلاف ndash; بعنوان quot;بصدد الحوار الكردي ndash; التركي المرتقبquot; بعد لقاء السيد ndash; مسعود بارزاني ndash; رئيس إقليم كردستان مع الوفد التركي في بغداد قبل ما يزيد على الشهر قليلا وأكدت فيه على الضرورة القصوى في إبداء الحذر الشديد من مناورات - حزب العدالة والتنمية ndash; والجانب التركي عموما الرامية إلى جر كردستان العراق إلى أتون إقتتال كردي ndash; كردي ستكون له آثار كارثية على الشعب الكردي في كل مكان، مشدداعلى أن جذور المعضلة الكردية هي في داخل الأراضي التركية، أو تلك التي أريد لها أن تكون كذلك. ولكن مالعمل؟ فهذا هو ديدنهم وهذا هومنطقهم التخويني ضد كل رأي مخالف (فالج لاتعالج).


ومنعا لأي إلتباس، فإنني كنت ولا أزال أعتبر حزب العمال الكردستاني جزءا مهما وفاعلا من الحركة الوطنية التحررية الكردستانية، له ما له من إنجازات ومآثر وبطولات، وعليه ماعليه من أخطاء وخطايا، تكمن نقيصته الأعظم في إرتهانه لسياسات رجل يروج لأفكار ونظريات تصفوية تستهدف الوجود المادي للأمة الكردية في الصميم يغيرها كما يغير المرء ملابسه الداخلية في مسعى لتشويش النضال الكردي وحرفه عن مساره الحقيقي كنضال ضد الإستبداد و من أجل الحرية والديمقراطية وتحويله إلى مجرد أداة في الصراع الداخلي الدائر في تركيا الآن بين معسكر القوميين والعسكر من جهة وإسلاميي ndash; حزب العدالة والتنمية ndash; من جهة أخرى وهما معسكران قد يختلفان على كل شئ، لكنهما متفقان تماما على إضطهاد الشعب وحرمانه من حقوقه المشروعة. كما كنت ولا أزال أراهن على أن المناضلين الحقيقيين في الحزب، وهم الكثرة الغالبة، سيغيرون هذا النهج التصفوي ذات يوم ويعيدون الحزب إلى موقعه كقوة مؤثرة و فعالة في كردستان والمنطقة.


بقي أن أشير في الختام إلى أنني لم أفاجأ بquot;ردquot; السيد ndash; بينياد جزيري ndash; وهو بالمناسبة كردي سوري حاصل على درجة إعلامي من تلفزيون ndash; روج ndash; التابع لحزب السيد ndash; عبدالله أوجلان ndash; ويكسب قوت يومه من العمل فيه، كما يفترض أنه عضو، وربما قيادي، في حزب الإتحاد الديمقراطي ndash; الذي تأسس على ماتبقى من بقايا حزب العمال الكردستاني في سورية بعد طرد السيد أوجلان من سورية في نهاية التسعينات، وهو الحزب الكردي الوحيد في سورية الذي لايحمل صفة الكردي في إسمه، في وفاء نادر لفكر السيد ndash; أوجلان ndash; الذي قال في لقاءه الشهير مع الصحفي ndash; نبيل ملحم ndash; الذي طبع في كتاب بعنوان quot;سبعة أيام مع القائد آبوquot; بأنه لايعتقد بوجود أرض كردية أو شعب كردي في سورية وبأن الكرد في سورية مهاجرون من تركيا، وبأنهم في حزبهم يعملون بالتنسيق مع الدولة السورية من أجل أعادتهم من حيث أتوا، ولهذا فأنا أتفهم موقف السيد ndash; جزيري ndash; و موقعه أيضا كقلم تحت الطلب، بل أني كنت سأتفاجأ حقا لو أن الرد جاء بشكل آخر.

عبد الرحمن علي