يبدو ان البعض في العراق لم يتعلم جيدا من ظروف وواقع الماضي والحاضر على حد سواء، فمازال يفكر ويتصرف بطرق شرب وأكل عليها الدهر كثيرا، رغم ان ثمن ذلك الدهر كبير وعظيم دفعه ابناء العراق الكرام من ارواحهم واجسادهم وطموحاتهم وامالهم الانسانية. وها هي بعض الوجوه الكالحة الدموية تريد ان تبيع على العراقيين بضاعة كاسدة ومستهلكة تحت شعار quot; رفض المعاهدة العراقية الامريكية quot;. وفي مقدمة هذه الفئات quot;هيئات quot; اصبحت من ركام الماضي القريب البعيد quot;وجبهات quot; حسبت على السياسة والسياسيين ظلما وعدوانآ. لكن في حقيقة الامر كل هذه الفئات وملحقاتها تصلح ان تكون رموز لتجارة الدم العراقي اكثر منها شيء اخر.

ان مبررات رفض هولاء التجار البؤساء للاتفاقية لاتعدوا ان تكون في جوهرها سوى محاولة واهمة للعودة بالعراق الى الشذوذ السياسي الذي كان منذ عقود طويلة وحتى نيسان عام 2003 والذي اوصل البلد الى كوارث مازلنا حتى يومنا هذا ندفع ثمنها. ورغم استمرار الكوارث ونتائجها لكن المطلع على الشروط السبعة عشر والتي تم رفعها الى المالكي كشرط للمصادقة على الاتفاقية، سيجد فيها وبشكل واضح لايحتاج الى جهد القراءة بين السطور كل مايمت بالصلة الى صدام وجوقته الكريهة المجرمة. ولم تبقى الانقطة او شرط واحد لم يذكر وهو المطالبة مثلا quot; باحياء صدام واعادته الى الحكم quot;!!. والا كل النقاط الاخرى عبارة عن تقسيم طائفي والسعي الى مكتسبات بعيدة عن الواقع والحجوم السكانية والانتخابية. وايضا وهذا الاهم محاولة خائبة للعودة بالعراق الى عصوره الكالحه قبل عام 2003.

ان المعاهدة العراقية الامريكية والتي تم التوقيع عليها بشكل أولي، هي عبارة عن رزمة طرق عراقية لاخراج القوات الاجنبية من البلاد خلال ثلاثة اعوام وبنفس الوقت انسحاب هذه القوات من الشوارع خلال الشهر القادم وايضا اعادة البث الفضائي والملاحة الجوية الى الحكومة العراقية المنتخبة بل وسحب الحصانة من الشركات الامنية الخاصة العاملة في البلد وايضا سحب ولو جزئي من حصانة العسكري الامريكي وتقيد حركته ومداهماتة لبيوت العراقيين واغلاق كل السجون والمعتقلات الامريكية في العراق وبنفس الوقت تلزم هذه الانفاقية الجانب الامريكي بغطاء رسمي قوي لاموال وارصدة العراق في البنوك الدولية والتي يتكالب عليها الاقربون والابعدون ويتحينون الفرص لنهشها وسلبها. وذروة هذه الاتفاقية بانسحاب تام غير قابل للتجديد او التمديد في نهاية عام 2011.

افضل واكثر المنصفين تفاؤل لم يكن يتصور مثل هكذا بنود نهائية لتنظيم خروج القوات الامريكية خاصة من سنحت له الفرصة للاطلاع على البنود الاولى التي طرحها الجانب الامريكي قبل عشرة اشهر والتي تم تغيرها بشكل جذري وكبير خلال المفاوضات و الاتفاق النهائي الذي تم بين الطرفين خلال هذا الاسبوع. وبعد كل ذلك ماذا يريد المعترضين على الاتفاقية وماهو البديل الذي يقدمونه؟ هل البديل ان يكون العراق لقمة سائغة بيد دول الجوار او ان يعم الخراب والاقتتال اذا انسحبت القوات الاجنبية بشكل مفاجيء!!

هذه اسئلة تخص مصير ومستقبل العراق والعراقيين والاجوبة عنها يجب ان تكون جاهزة ومقنعة للشعب العراقي. اما غير ذلك فلايمكن تقبله الا ان يوضع في خانة المزايدات الفارغة او السعي لجني مكاسب داخلية على حساب نتائج صندوق الانتخابات. ان الوضع العراقي الحالي بحاجة الى تعامل واقعي مع احداثه وليس تعامل اعلامي سطحي الغرض منه كسب بعض تعاطف البسطاء او استعراض عضلات هي الاخرى اكثر فراغا من اصحابها.


كفاكم مزايدات واتقوا الله بهذا الشعب الذي دفع اثمان كبيرة ومازال. اما اذا كنتم لاتخافوا الله ولاتخجلوا من العراقيين فاعملوا ماشئتم وبكل الاحوال الاتفاقية سوف توقع وتاخذ طريقها القانوي الصحيح. ومثلكم اكبر الخاسرين. في اسواق البورصة الدموية هذه.


محمد الوادي
[email protected]