قيام السدود على نهر النيل في شمال الوادي وما يصاحبه من إغراق وتهجير هو ما يرفضه أهالي المنطقة والسلطات تزعم على أن في قيام السدود منافع وتنمية واشتد الجدال بين المواطنين والسلطات وترتب عليها سقوط قتلى. وبعد عراك ومناهضة مستميتة اتجهت السلطات إلى أسلوب فتح الحوار. ربما تكون هي الأفضل لذا قدم مبعوث رئاسي إلى الرياض بنية التحاور بعد أن تدارست موقف المناهضين وأماكن تواجدهم في الخارج وفي اعتقادهم بأنهم سيستطيعون تكرار صورة ما حدث من قبل في قاعه الزبير محمد صالح في الخرطوم بحشد مجموعة المؤيدين وإقصاء المعارضين، ولكن خابت الظنون. عندها حاولت مجموعة المؤيدين للسدود الاستباق إلى مطار الرياض وهم يجرون أذيال الخيبة لاستقبال الوفد الحكومي الذي جاء متأهبا بآلياته وأدواته وحشوده ظنا بأنهم قادمون إلى نقطة فصل نهائي، وإسكات صوت المناهضين بسياسة إقصاء المعارضين، وحشد المؤيدين، ونقل صورة مقلوبة بواسطة أدواتهم المصاحبة ووسائل إعلام لاستطيع أن تخرج عن طوع السلطات.


فبادروا بان يكون اللقاء في دار و مقر السفارة في الحي الدبلوماسي المؤطر والمسور بقوات الأمن، و ذلك دون المقرات والفنادق والقاعات المنتشرة في مدينه الرياض التي تكتظ أيام العطلات ونهاية الأسبوع بالسودانيين ومناسباتهم وعمدوا إلى إطلاق الإشاعات التي صارت وسيلة السلطات في الإرهاب.. والتقصي.. وتمرير الأهواء فعمدت جهات متطوعة إلى إطلاق الإشاعات وما إليها من أساليب لتتحاشى تواجد المناهضين والمعارضين لقيام السدود، مع تصويرهم للعامة بأنهم معارضون للنظام، وإن كل من يحاول مناقشة مضار السدود في ذاك التجمع وتلك الندوة إلى جانب اجتماعات قد تمت قبل ليلتين من الندوة بـرؤساء بعض الروابط النوبية لإيصال مفاده أنهم هم المنظمون للندوة وإنهم لن يسمحوا بأي مداخلات أو خطابات أو كلمات، بل أنهم سيمنحون فرص طرح الأسئلة مكتوبة لتجيب عليها المنصة.


ـ كانوا على يقين بان خطتهم ناجعة فجاء الوفد مصحوبا بعدد مقدر من رجالات الصحافة المحلية لينقلوا عبرهم للداخل نجاحاتهم المزعومة في إخماد وإسكات صوت المناهضين.


وعندما تبدل الحال، وانقلب الموقف، ولاحظوا غلبة المناهضين وكثرة أعدادهم - عكس ما توقعوه - سارعوا إلى المطار لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. وتأخرت الندوة عن موعدها، ووصلوا الى دار السفارة التي كانت محفوفة برجال الأمن السعودي من الخارج، و برتل من المجندين لخدمه النظام ورجال الأمن من الداخل، - وقد تلمس ذلك وفد الصحفيين المرافقين ونقلوه عبر كتاباتهم
ـ انتزع المناهضون للسدود فرصة الكلمة من الجهة المنظمة ( السفارة ) بحجة المنطق قبل ليلة واحدة كوعد من القنصل العام محددة بخمس دقائق فقط.. فكانت تلك الكلمة الضافية التي ألقاها د.صلاح محجوب باسم مجموعة المناهضين لقيام السدود في المناطق النوبية رغم احتجاج بعض الحضور من سدنة النظام الذين علا صوتهم بالصياح الرافض، كما أن المنصة لم تمنحه الفرصة الكافية بالصعود إليها وإلقاء الكلمة منها. فاضطرت الجهة المناهضة أن لا تستكين في إيصال صوتها رغم العوائق.


فبعد عرض( بالبوربوينت ) لممثل هيئة السدود وكلمات للمنصة بلغت أكثر من (9741) كلمة احتوت على أكثر من (43712) حرفا ألقيت في أكثر من (218) دقيقه، كان للمناهضين ان ينتزعوا تلك الدقائق القليلة بخطاب شمل (941) كلمة احتوت على (4867 ) حرفا، وفي غياب التهيئة المناسبة التي كانت سببا في بتر بعض الكلمات من الخطاب و التي ضاعت وسط الجو الصاخب والترتيبات المجحفة. كما أن المنصة لم تكتف بتلك الكلمات التي سبقت فرصة المناهضين، بل عادت وأخذت الوقت الكافي للتعقيب على المداخلات ورغم ذلك لم تجب المنصة على الأسئلة المطروحة بل التفت حولها..


محمد سليمان أحمد
ولياب
[email protected]