تحاول النائبة العراقية صفية السهيل ndash; من خلال مواقفها الجريئة الكثيرة ndash; إعادة الهيبة المفقودة إلى السلطة التشريعية في بلادها. وهي إذا اكتفت ndash; حتى الآن ndash; بالبيانات والانسحابات، من هذه القائمة البرلمانية أو تلك، للتعبير عن موقف ما، فذلك أقصى ما يمكنها فعله، في ظل واقع تبدو فيه المرأة كائنا مهيض الجناح، يكاد يشبه يتيما على مائدة لئام، إتمـّوا quot; طفح quot; طعامهم، ثم مالوا على طعامه الضئيل ليزدردوه!


آخر مواقف السهيل، سليلة البيت المجاهر برفض الظلم حتى النـَفـَس الأخير، استثمارها حادثة quot; الاعتداء quot; عليها من قبل طاقم حماية أحد وزراء حكومة نوري المالكي في المنطقة الخضراء ببغداد، لتذكير رئيس مجلس النواب محمود المشهداني وهيئة رئاسة البرلمان وباقي النواب بأن السلطة التشريعية في أي بلد يحترم نفسه، هي صنو السلطتين الأخريين ؛ القضائية والتنفيذية، وليست أقل شأنا منهما، وخاصة من التنفيذية.


السهيل، أماطت اللثام، في بيانها، عن أن النائب في البرلمان العراقي، يعامل أمنيا في المنطقة الخضراء معاملة الموظف الحكومي الكبير ( مدير عام أو ما أشبه ) رغم كون درجته درجة وزير. فيـُمنح quot; باجا ً quot; أخضر لايحصنه من التفتيش البدني، بينما يتم منح الوزير quot; باجا ً quot; أزرق، يدخله المحمية الخضراء دون حساب!


والحقيقة، إن النائبة السهيل إنما تحاول بمواقفها هذه، التي تبدو تغريدا خارج السرب في برلمان مدجن، سد النقص quot; الرجالي quot; في هذا البرلمان المصفق! فقد أهين البرلمانيون أكثر من مرة، سواءا بالكلام أو بالممارسات، فابتلعوا الإهانات ولاذوا بالصمت. وتراوحت الإهانات المذكورة بين مايتلقونه ndash; يوميا - من رئيسهم quot; المهذب جدا quot; ( قال ذات مرة لأحد النواب: حتى لو ظللت تنبح إلى الصباح فلن أتيح لك الفرصة للكلام! ) وما يتعرضون له من جنود الإحتلال الأميركي أثناء التفتيش قبل دخول المنطقة الخضراء، وخاصة التحرشات السوقية بالنائبات، وما ينالهم من تعال ٍ وغطرسة واستكبار من قبل بعض الوزراء quot; السياديين quot; التابعين للكتل القوية، مثل وزير المالية باقر جبر الزبيدي الذي استدعي يوما للاستجواب في المجلس، فجلس كطاووس منفوش الريش وخاطب النواب قائلا ً: سؤال واحد فقط لكل نائب! وكأنه يشارك في مؤتمر صحفي وليس استجوابا ً ومساءلة من قبل ممثلي الشعب المنكوب بأمثاله!


وفي ختام هذه السطور أقول، لا النائبة السهيل تعرفني شخصيا، ولا أنا طامع بشيء من حطام العراق، الذي لم أره منذ 27 عاما ً ولا أعتقد أني سأراه في المستقبل المنظور. لكن، إذا صمت النواب في زمن الحاجة إلى الكلام، وجاهرت نائبة بحقها وحقوق ناخبيها، انتزعت احترامنا وتقديرنا رغم أنوفنا وانوف الجميع!

علاء الزيدي

[email protected]