فى أميركا لا فرق سواء كان الرئيس الامريكى من الجمهوريين، أو من الديمقراطيين فالوضع سيان، كما أنه لا فرق إذا كان الرئيس أسود أو أبيض أو أصفر، رجل أو إمرأة لان الامريكيون فى هذا المجال شأنهم شأن الاسرائليين، لا فرق بين سياسة الليكود وسياسة حزب العمل لانهما معا يؤمنان بالقوة وحدها وسيلة وحيدة لحل مشاكل الارض.
ونحن وأمريكا وإسرائيل تعرفان أن القوة لم تحل أزمة واحدة عبر التاريخ منذ الاسكندر حتى اليوم.
كنا نطمع بجرأة باراك أوباما وخصوصا عندما قال أنه يريد أن يجلس مع قوى الشر كما يسميها بوش (( إيران ndash; حماس ndash; حزب الله 000 وغيرهم )) بدون شروط مسبقة0 ولكن مع الاسف بعد فوزه على المرشحة كلنتون هرول الى حفل جمعية إيباك الصهيونية الامريكية، ليدلى بخطاب فاق تأييد بوش لاسرائيل وذلك بتعهده أن تكون القدس الموحدة عاصمة إسرائيل الابدية، وبعد يوم واحد عاد وتراجع عن تصريحاته حول القدس، ولكن علينا أن نعلم بأن أى شخص يريد أن يفوز بالانتخابات الرئاسية الامريكية، يجب أن يحصل أولا وأخيرا على دعم جماعات الضغط اليهودية، ومن المؤسف أن هذه التعهدات الامريكية تزيد من تصلب الموقف الاسرائيلى ومن حدة تعنتها وزيادة قضم الاراضى الفلسطينية، حتى إذا أدى ذلك الى زج الشرق الاوسط كله فى المجهول0
فالمنطق الامريكى هو منطق بعيد عن الحق والحقيقة والقوانين الدولية، إذ عندما يقول المرشح الامريكى الاسود الافريقى الاصل أن القدس الموحدة هى عاصمة إسرائيل الابدية فأنه ينسف بذلك كل القرارات الدولية بما فيها القرارات التى وافقت عليها أمريكا0 فإذا كان منطق أوباما يعتمد فلسفة ما يسمى بالواقعية أو البرغمانية، فإن هذه البرغمانية لم تجلب للادارات الامريكية ولامريكا بالذات سوى الكراهية المعلنة أحيانا. والمختبئة أحيانا لدى الشعوب والامم فى كل أصقاع الكرة الارضية0 ولولا هذه السياسة الامريكية المتعجرفة لكان العالم بألف خير.
إن علاقة أمريكا مع العرب هى علاقة مؤسفة وتقود الى المزيد من الكراهية والحقد والانتقام إن لم يكن فى الغد، فبعد الغد، وذلك لسبب بسيط لا يجهله العرب ولا يغيب عن الخاطر الامريكى.
فالعرب يعرفون معرفة دقيقة أن ما يهم أمريكا فى الشرق الاوسط أثنان هما النفط، وإسرائيل. وقد جعلوا الان إسرائيل قبل النفط. والناظر الى السياسة الامريكية فى الشرق الاوسط يرى أن أمريكا تسحب النفط بملايين الاطنان0 لكنها تسحب فى الوقت نفسه كل ذرة عطف أو محبة أو أحترام لها فى قلوب العرب0
لقد كان بإمكان السيد أوباما أو كلنتون أو مكين ان يحققوا السلام الشامل فى الشرق الاوسط فورا. إذا ليس عليهم إلا الطلب من إسرائيل الالتزام بالقرارات الدولية والتى وقعت عليها أمريكا0
رؤساء أمريكا أو الطامحين الى الرئاسة الامريكية، لا يفعلون ذلك، ظنا منهم أن التخلف العربى لن ينتهى غدا ولا بعد غد. وإن هذا التخلف سوف يجعل من الممكن تسليط السيف الاسرائيلى فوق رؤوس العرب الى أن تقوم الساعة، لكن من المؤسف أن القيادة الامريكية لا تحسب حسابا لمصالحها إذا قامت الساعة فالمسألة مسألة وقت فقط0
وهنا أريد أن أذكر القارىء بتاريخ النفوذ اليهودى فى أمريكا، كى نتأكد نحن العرب أن نتكل فقط على قدراتنا وقوتنا، لنقف بالمرصاد أمام الهيمنة اليهودية فى أمريكا.
سنة 1947 جرت فى الولايات المتحدة إنتخابات رئاسية شبيهة بالانتخابات الجارية اليوم، حيث تسابق المرشحين على إرضاء اليهود.
كان هارى ترومان الذى يسميه البعض (( خالق دولة إسرائيل )) يخوض الانتخابات بوعد لليهود الامريكيين بانه سيسمح بهجرة مئة الف منهم الى فلسطين، وكان منافسه الجمهورى ndash; دول توماس ديوى، يزايد عليه ويقول إنه سيسمح لمئات ألاف اليهود بالهجرة الى فلسطين. وقبل رئاسة ترومان كان الرئيس روزفلت التقى بالمغفور له الملك عبد العزيز أل السعود (سنة 1945 ) فى محادثات ثنائية حول فلسطين وتعهد للملك السعودى بانه quot; لن يساعد اليهود ضد الفلسطينيين.... وان أمريكا لن تتخذ فى فلسطين أى مبادرة معادية للعرب.....
ولما أحتد التنافس بين ترومان وديوى، وزادت وعودهما لليهود عن الحدود المعقولة، فتبرع فروستال وزير الدفاع الامريكى أنذاك فدعا ترومان الى أعتماد سياسة فلسطينية تحفظ المصالح الامريكية، ولا تخالف وعد روزفلت للملك عبد العزيز. فأنصب الغضب الصهيونى على فورستال وأنهالت عليه التهم والحملات المتشنجة فلم يجد أمامه سوى الانتحار فانتحر.
ومن المؤكد أننا لا نريد من رواية هذه الحادثة أن نتدخل فى الشأن الامريكى، لكننا أردنا فقط أن نؤكد من جديد أن الادارات الامريكية منذ روزفلت حتى اليوم، والغد المنظور لا تضع العرب والاسرائليين فى وزن واحد0 وهذا طبعا خطأ كبير يرتكبه الامريكيون ndash; إن كان أخلاقيا وإن كان لمصالحهم مع العرب، ونحن نعرف أن أمريكا وهبت إسرائيل بين سنة 1948 الى سنة 2006 زيادة عن مائتى مليار دولار عدى المعونات العسكرية.
ونعرف أن الرئيس السابق جورج بوش الاب خرج عن صمته فى 12/9/1991 وقال أن بلاده قدمت لاسرائيل فى تلك السنة 4 مليارات دولار، ونعرف أن يهود أمريكا لا يزيدون عن 2.5% من الشعب الامريكى، لكنهم وبالارقام يشكلون 25 بالمئة من كبار المعلمين والاساتذة الجامعيين، و25 بالمئة من الوسائل الاعلامية، ويملكون التليفزيونات الثلاث الكبرى وصحيفتى نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وهنالك أكثر من 25 بالمئة يهوديا فى الصحافة والاعلام بالاضافة الى 50 % من رؤساء الجامعات يهود0
وفى السينما 90% من الافلام والمخرجين والمنتجين والممثلين اليهود0 هذا عدى أنه يوجد 114 ملياردير يهودى من أصل 400 ملياردير أمريكى0 وفى الكمبيوتر فإن أكبر شركة كمبيوتر فى العالم يملكها يهودى وهو البرت جينس0
قبل فرانكلين روزفلت كان اليهود الامريكيون يملكون المال وبعض الاقتصاد، ولكن الرئيس روزفلت أدخلهم البيت الابيض خصوصا بعد هزة 1929 -1939 الاقتصادية0
وفى سنة 1932 دخل روزفلت البيت الابيض ودخل معه المستشار هنرى مورتجنو وفيلكس فرانكفورت وهما من أعتنى الصهاينة فى العالم0
وفى الحرب العالمية الثانية كان اليهود بالمرصاد عندما قررت الادارات الامريكية حشد كل الامريكيين لمواجهة النازى... فتقدموا بالمال والمتطوعين والمعلومات0
وبانتخاب الرئيس كندى سجل العالم أن اليهود كانوا وراء انتخابه إضافة الى السود والكاثوليك0
والوحيد من الزعماء الذى تجرأ على اليهود كان بنيامين فرنكلين قائد الاستقلال سنة 1789 إذ قال quot; أينما يحل اليهود يهبط المستوى الاخلاقى والشرف التجارى quot; وهم يقتحمون بلادنا الان كى يسيطروا عليها ويدمروها ويغيروا نظام الحكم الذى سالت من أجله دمائناquot;.
لكننا نعرف أيضا أننا مخطئون فى عدم كسب أمريكا ولا شك أننا مسؤلون عن هذه التظرة الامريكية من عين واحدة إلينا0 فنحن ضعفاء، وهزيلون ndash; ومفككون لدرجة لا يمكننا معا أن نؤثر فى أى مكان فى العالم... فكيف أمريكا.
فى مقابلة لى مع الرئيس جورج بوش الاب قال لى بصراحة quot; سوف نكون معكم ونحترمكم عندما تكونوا أقوياء quot;
فسألته ماذا تعنى بذلك وكان جوابه وبكل وضوح quot; أن تكونوا أقوياء فى واشنطن من جهة الاعلام والصوت العربى الموحد والمال quot; لذلك على العرب أن يأخذوا الدرس من خطاب السيد أوباما المؤيد لاسرائيل، ويعلموا ان الامريكى إذا كان أبيض أو أسود أو أصفر فهو لن يكون كريم مع قضيتنا ولكن سوف تنقلب هذه الاسطورة الامريكية عندما نتحد ونكون أقوياء كما فعل من سبقوننا من اليهود، لان حجتنا أقوى بكثير من حيث التاريخ والعدد والمال، فهل يأتى هذا اليوم؟
فيصل أبو خضرا
التعليقات