منذ شهور قليلة توجة وزير التعليم فى ولاية نيوسوث ويلز فى صحبة زوجتة نائبة البرلمان الفيدرالى الاسترالى لتناول العشاء باحدى مطاعم مدينة سيدنى.


وحدث فى تلك الليلة ان ثارت زوجة الوزير على العاملين بالمطعم نتيجة لسوء الخدمة او ربما نتيجة لعدم الاسراع بتلبية طلباتها وقالت لهم فى غضب: انتم لا تعرفون من انا ولا تعرفون من هو زوجى ثم قامت بالكشف عن نفسها ومركزها فى البرلمان وراحت تهدد العاملين باسوأ العواقب وغلق مطعمهم.


وانتهى الامر بتقديم اعتذار مكتوب من مدير المطعم الى الوزير وزوجتة ولكن سرعان ما تسرب الخبر فى اليوم التالى الى وسائل الاعلام الاسترالى التى بدورها لم تتردد فى نقد الوزير والهجوم بقسوة على زوجتة عضوة البرلمان لمجرد انها قالت للعاملين فى المطعم quot; انتم مش عارفين انا مين quot; وتهديهم فى لحظة غضب بغلق مطعمهم.


ونتيجة تسليط الاعلام الاسترالى الاضواء على تصرفات زوجة الوزير الذى اعتبرة الكثيرين اساءة بالغة لاستخدام السلطة والمنصب اسرع حاكم ولاية نيوسوث ويلز بايقاف الوزير عن عملة بصفة مؤقتة وترك الامر بكاملة فى يد البوليس للتحقيق فية واتخاذ الازم بشانة لادانة الوزير او تبرئته هو وزوجتة.


واستمر التحقيق من قبل البوليس الاسترالى فى هذة القضية لعدة اسابيع بدون ان يجد المحققين ادلة قوية دامغة لاثبات تهمة اساءة استخدام السلطة والمنصب ضد الوزير او زوجتة فعاد الوزير يوم الاربعاء الماضى الى ممارسة عملة مرة ثانية وايضا عادت زوجتة عضوة البرلمان الى عملها.


ويجدر الاشارة هنا ان الصحافة الاسترالية لم ترحم الوزير او زوجتة وقامت بشن حملات قوية ضدهما ولكن مباشرة عقب الاعلان عن احالة القضية الى البوليس للتحقيق فيها لاثبات الادانة او اعطاء البراءة توقفت جميع الاقلام طواعية فى كل الصحف الاسترالية بلا استثناء عن الخوض من قريب او بعيد فى هذة القضية تاركة الامر فى يد البوليس والعدالة.


لقد قام الاعلام الاسترالى بواجبة والدور المفروض ان يقوم بة الا وهو تسليط الاضواء على تصرفات وسلوك وتهديدات زوجة الوزير المرفوضة وترك الامر للبوليس والعدالة لاخذ مجراها بدون تدخل او محاولة التاثيرلصالح اى طرف من الاطراف.


وقد تعمدت ان اكتب بشأن هذا الوزير الاسترالى وزوجتة ومعالجة الاعلام هنا فى استراليا لقضيتهم لكى يكون عظة لمن يتعظ بعد قراءتى مقال رئيس تحرير جريدة اخبار اليوم الذى نشر صباح يوم امس 6 سبتمبر بعنوان quot; اعدام هشام طلعت quot; والذى خصصه بالكامل للدفاع عن رجل الاعمال المصرى هشام طلعت المتهم حاليا رسميا بتهمة التحريض على قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم.


ورغم ان الاتهامات الموجة الى هشام طلعت لم تكن مجرد اشاعات او اقاويل يرددها المصريين فى مجالسهم وانما اتهامات وجهت الية رسميا من قبل النائب العام المصرى الا ان رئيس تحرير جريد اخبار اليوم ممتاز القط لم ينتظر حتى يقوم البوليس ورجال القضاء بالتحقيق. كما انه لم ينتظر حتى تاخذ العدالة مجراها مثل غيرها من القضايا الى ان تثبت براءة المتهم او ادانتة وانما اعطى نفسة الحق لكى يصبح محامى الدفاع والقاضي فى نفس الوقت ويقوم باعطاء البراءة مقدما الى المتهم قبل ان يقول القضاء المصرى الحقيقى كلمتة سواء بالبراءة او الادانة!!


حقيقة لقد اذهلنى وصدمنى دفاع القط القوى المحموم عن رجل الاعمال المتهم هشام طلعت رغم ان القضية اصبحت فى يد القضاء والخوض فيها على صفحات الجرايد يعتبر قانونيا تدخلا سافرا فى شان القضاء ومحاولة للتاثير على مجرى العدالة لصالح طرف معين.


وكان من الحكمة الا يخوض القط فى هذة القضية الحساسة ويمتنع عن الدفاع باستماتة وجنون عن المتهم لسببين اولهما لان القضية اصبحت فى يد القضاء.


وثانيا لان المتهم عضو بارز فى الحزب الوطنى الحاكم وله مكانته فى الدولة مما يوحى للقارىء ان دفاع القط او غيرة عنة فى جريدة اخبار اليوم انما هو بناء على رغبة كبار المسئولين فى الحكومة او الحزب الوطنى الذى يراسة شخصيا الرئيس محمد حسنى مبارك..
على اى حال ليست هذة هى المرة الاولى ولن تكون الاخيرة فى تصورى التى نجد فيها بعض الصحفيين فى مصر يتجاوزون الخطوط الحمراء والسوداء والصفراء والخضراء.. ويتجاوزون طبيعة وظيفتهم ودورهم الاعلامى ويعطون الحق لانفسهم لكى يصبحوا قضاة يوزعون شهادات البراءة او الادانة على من يشأؤون ويرغبون حتى لو كان الثمن المدفوع والمقابل هو اختلال ميزان العدل على ارض المحروسة مصر وضياع الحقيقة بالكامل.

صبحى فؤاد
استراليا
الاحد 7 سبتمبر 2008
[email protected]