الأسبوع الماضي غرقت طفلتان مصريتان في نهر النيل. غرقت الطفلتان أثناء غسلهما للأواني. عمر الطفلتين لم يتعد العاشرة، أحداهما مسلمة والأخرى مسيحية.


تلك حادثة عادية تحدث كل يوم تقريباً على شاطئ نهر النيل الممتد مئات الكيلو مترات من قبل أسوان جنوباً وحتى بعد مرسى مطروح شمالاً، وغيره العشرات من الترع والمصارف المائية. يشرب آلاف وملايين الأهالي من نفس المكان الذي يستحمون فيه ويغسلون أوانيهم وبهائمهم وملابسهم في نفس المكان، وبعدها يمارسون أهم عملية وهي إخراج مخرجاتهم وفضلات حيواناتهم في نفس المكان.
تناولت بعض الصحف السيارة تلك الحادثة، كما تتناول مثلها كل فترة.


لكن ما شد انتباهي وانتباه زملاء لي هو ما نشرته جريدة الأهرام المصرية يوم الجمعة 29/8/2008 في صفحة الحوادث تحت عنوان:
حاولت إحداهما إنقاذ الأخرى ـ وبالبنط العريض كتبت ـ غرق طفلتين في النيل بالمنيا في تجسيد لمعنى الوحدة الوطنية.
ذلك كان عنوان خبر الحادثة التي كتب قليل من تفاصيلها محمد شومان. وهاكم بعض التعليقات والأسئلة التي دارت بين كثير من أصدقائي المهمومين بهذا الوطن ورائحة مشاكله التي زادت عن أن تحتمل.


إنها نفس التعليقات والأسئلة المشتركة بين أصدقائي التي أريد طرحها للقراء الأعزاء لمزيد من الحوار حول مستقبل الطفولة في هذه البقعة من العالم!!!!!


كيف نترك أطفال في عمر الزهور محرومين من طفولتهم لغسل الأواني؟
أية برامج وأنشطة تلك التي تعلن عنها الدولة من أجل رعاية الطفولة المهملة، وها هم الأطفال لا يجدون قطرة مياه نظيفة في بيوتهم فما بالكم بعدم وجود مياه أساساً في مدارسهم وجامعاتهم ومعاملهم ـ إن وجدت طبعاً؟؟؟


ماذا يعرف أطفال في عمر الزهور معنى أنفصام وأنفصال أوتار نسيج الوطن الواحد إلى مسيحيين ومسلمين وغيرهم؟
أية وحدة وطنية يفكر فيها هؤلاء الأطفال الأبرياء وطفولتهم منتهكة ومغتصبة على شؤاطي مصر شمالها وجنوبها في العمل وهم في سن اللعب والنشاط والتعلم والحيوية؟


لماذا نلوي كل الأحداث والمواقف نحو إظهار الصورة وكأنها وردية وليس في الإمكان أبدع مما هو كآن من تشرذم وتمزق لثوب الوحدة الوطنية؟


لماذا نبعد الكاميرا عن صورة التفرقة والعبث في أرض الوطن الواحد ونرسم صورة مزيفة لحقائق أخرى غير ذات جدوى؟؟
ما علاقة الطفولة المهدرة أمام فساد المحليات وتفشي القذارة بكل صورها في مياه الشرب وتلوثها التي وصلت بالملايين من مرضي السرطان والالتهاب الكبدي والكلوي وكل أجزاء جسم الإنسان المصري؟؟


قضية الوحدة الوطنية، لماذا نتغنى بها في كل وقت مناسب أو غير مناسب، إن لم تكن هناك مشكلة حقيقية مستعصية تتفشى في عرض البلاد وطولها؟؟؟

ما معنى تجسيد الوحدة الوطنية أمام غرق طفلتين في النيل لأنهما لم يجدا ماءً نظيفاً في منزلاهما؟

هل يعني قتل الأطفال فداء للوحدة الوطنية؟
أيعني موت الطفولة المصرية من أجل الوحدة الوطنية تحقيقاً للهدف العظيم: وفديناها بذبح عظيم؟؟؟

كيف يكون الفساد تجسيداً للوحدة الوطنية؟

أسئلة للمناقشة والحوار ليمر الأطفال المصريين من عنق زجاجة الفساد السياسي بعيداً عن quot;شماعةquot; وجود وحدة وطنية وهمية.


أيمن رمزي نخلة
[email protected]