ها هو بوش يرحل عن بيته الأبيض ويترك المكان شاغرا لأوباما وممارساته السياسية الجديدة التي قد تختلف عما سبق وقد تتقاطع في كثير من الصفات. جورج بوش أحد الرؤساء الأميركيين الذين امتدت إقامتهم في الرئاسة ولايتين كاملتين. وكان الأبرز في هاتين الولايتين حادث حذاء غطى على ما عداه من حرب على العراق وحرب على quot;الإرهابquot; ومعتقل غوانتانامو ودعم لا متناه لشارون وأولمرت في حروبهما على الفلسطينيين واللبنانيين. ولايتان حفلتا بكثير وكثير من الأحداث التي اتخذت السمة البوشية واختتمت بأبرز وداع لرئيس أميركي على الإطلاق.

قرأت حتى التخمة مما كتب عن منتظر الزيدي وجورج بوش والحذاء الشهير حتى من أشخاص لم يحملوا قلما ولم ينقروا لوحة مفاتيح في حياتهم سوى لصب دلائهم فوق الرئيس أو الصحافي تقريعا وتقريظا لهما وتمجيدا وتبخيسا للحذاء صاحب النكهة التركية الرمزية في الحرب الأميركية على أسلحة الدمار الشامل في العراق.. وما تبعها من نشوء للكيان الأولي للدولة الكردية الموعودة بين مركز الخلافتين العباسية والعثمانية تاريخيا وبين الدولتين القوميتين الأتاتوركية والبعثية حديثا. قرأت الكثير وتخطيت الكثير حتى قاطعتها جميعا كحالي الدائم حين أهجر أي شيء يتكلم الناس عنه بديمومة لا تنقطع وألسنة لا تكلّ؛ تايتانيك من هنا وروبي من هناك وابن لادن بينهما.

ولفرادتي المأسوف على شبابها لم يجذبني مشهد الحذاء وهو يحاول الوصول لاهثا إلى وجه بوش فتنقطع أنفاسه ويخرج اللسان من النعلين دون طائل. فالوجه الأخرق للرئيس الأميركي بقي يرسم ابتسامته البلهاء رغم امتقاع وجه المالكي الحزين. حتى اللعبة التي انتشرت بشكل لا يوصف عبر الإنترنت لم تجذبني سوى لمرة واحدة وكانت نتيجتي فيها خائبة حين لم أصل إلى الرقم 5 في إصابة رأس بوش إلا بعدما أفرغت مخزن أحذية بكامله. ما شدني في المشهد أكثر هو صراخ الزيدي ولفظه للكلمة السحرية واصفا بها بوش: يا كلب.

إمتثل طبعا الجمع العربي والغربي لثقافة اليد الضاربة والحذاء المضروب به ووجه بوش مشروع الهدف، لا لثقافة الكلمة والقول رغم أنّ صاحبها صحافي من أصحاب الكلمة وأكثر منها هذه المرة.. ورغم أنّ الإعلام يعنيه الكلام غالبا وخاصة إذا ما تدنى إلى مستوى الكلب إلاّ أنّه لم يعره اهتماما فيما يبدو أنه انطلاق من ثقافة بوش التي لا يشعر فيها المنعوت بالكلب بأيّ إهانة، وجميعنا نعرف عن كلب بوش بارني الذي قلّد صاحبه وعض أحد الصحافيين في البيت الأبيض، وكذلك عن الكلبة سبوت التي أقيم العزاء وأصدرت البيانات حين ماتت عام 2004. وخاصة أيضا أنّ الرئيس الأميركي لم يفهم ما تلفظ به الزيدي وخجل المالكي من الترجمة له وتفسير وقع الكلب في النفوس العربية.

أعجبني جدا المانشيت العريض لإحدى الصحف اللبنانية صبيحة اليوم التالي لعيد الحذاء بفجاجته وواقعيته وشموله أبعد من لسان قائلها وحده: quot;هذه قبلة الوداع من العراقيين يا كلبquot;. لذيذ وقع الكلمة حين صرخها الزيدي، لذيذ يشدّ الآذان ويشنّف طبلاتها، لذيذ حين تقرأ المانشيت بنبرتك الخاصة تشدّ على الكلب وتخرج معه كل نفورك وكبتك وغليانك من بوش ومن ورائه، ومعها عداوتك الأزلية مع الكلاب وهي تصاب بالسعار من أدرينالينك المتراكض أمامها فتحاول انتهاش أقرب جزء منك إليها.

الكلب عربيا

ورد عن الكلب في موسوعة ويكيبيديا وبعد الحديث عن أصله وقبيلته وحواسه صفة رئيسية تتمثل في الوفاء. وعلى الرغم من أنّ ويكيبيديا الإنكليزية تفصّل صفات أخرى له منها الذكاء والطاعة فالعربية تتطرق إلى سلوك خاص به دون سائر الحيوانات. فالكلاب بصفتها صاحب لغة وطريقة مخاطبة خاصة quot;تحدد حدود مناطقها ببولها. وتدافع عن هذه الحدود بالنباح أو الزمجرةquot;. أما مختار الصحاح فيعطي معنى واحدا مفيدا في سلوكيات الكلب حين تنسحب على البشر الذين quot;يتكالبون على كذا أي يتواثبون عليهquot;.

في القرآن

في القرآن الكريم يرد ذكر الكلب خمس مرات منها أربع في سورة الكهف في الآيتين 18 و22 لكن أيا منها لا يفيد في طبائعه. أما الذكر الأخير في سورة الأعراف الآية 176 فيأتي كتمثيل لقوم معينين في؛ quot;وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَquot;. والمقصود بالآية هو من ذكر في الآية التي سبقتها quot;وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَquot;(1).

إذاً فالذكر الوحيد لطبائع الكلب- اللاهث دوما في القرآن إنما اتخذ للدلالة على أحد الأشخاص بمعنى التحقير له. وبذلك يكون القرآن قد أطلق صفة غريزية طبيعية في الكلب على أحد الأشخاص. ولم ترد سوى هذه الصفة ولو انها لا تحط من قدر الكلب بل من أطلقت عليه صفته لا غير.

في الشعر

وبالإنتقال إلى الشعر العربي فالكلب دوما صفة لازمة للتحقير والحطّ من شأن شخص أو قوم بأكملهم وقلّما نجد أحد الهجائين من الشعراء الكبار لم يستغل إحدى صفات الكلب بهذا الغرض.

في الشعر الجاهلي نبدأ مع الأعشى الذي يتسلل إلى الحيّ فتنبحه الكلاب بلؤمها عليه:
ولقد طرقتُ الحيّ بعد النومِ، تنبحني كلابُه

أما تأبّط شرّا فيوظف الكلب في الدلالة على بشاعة الغول التي قابلته:
فلم أنفكّ متكئا عليها لأنظر مصبحا ماذا أتاني
إذا عينان في رأسٍ قبيحٍ كرأسِ الهرّ مشقوق اللسانِ
وساقا مخدج وشواة كلب وثوب من عباء أو شنانِ

ورفيقاه الصعلوكان كذلك الشنفرى والسليك ابن السلكة يذكران الكلب في موضعين وصلانا حيث يشير الأول إلى خوف الكلاب:
... فقالوا لقد هرّت بليل كلابُنا فقلنا أذئبٌ عسّ أم عسّ فرغلُ

أما الثاني فبعكس الأول يخاف من الكلاب وصاحبها:
وأذعرَ كلاّبا يقود كلابهُ ومرجة لما اقتبسها بمقنبِ

ومع التقدم إلى الفرزدق نجده يحطّ من قدر حياة البداوة ويشبهها بالكلاب في قوله:

لكسرى كان أعقل من تميم عشية فرّ من بلد الضبابِ
...
(فأسكن أهله خصبا وريفا بجنات وأمواه عِذابِ
فعاش بنو أبيه بها ملوكاً وعشنا نحن أمثالَ الكلابِ

ولا يترك الفرزدق فرصة هجاء جرير إلاّ ويزينها بكلب في قوله له مستعيدا صفات قذارة للكلب:
مثل الكلابِ تبولُ فوق أنوفِها يلحسن قاطرهن بالأسحارِ

ويقول له في موضع آخر:
إن الأراقمَ لن ينالَ قديمَها كلبٌ عوى متهتمُ الأسنان

ويرد جرير على الفرزدق بأبعد مما نظمه الفرزدق فيه حين يبين له أن الكلب يحتسب في عداد قومه للدلالة على أنه منهم:
وإنّ التيمَ قد خبثوا وقلوا فما طابوا ولا كثرَ العديدُ
ثلاثُ عجائز لهم وكلبٌ وأشياخٌ على ثلل قعودُ

أما كلب الأخطل ففيه من الخِسة ما يجعله حليفا للبخلاء ينبههم حين يصل الضيوف ليسارعوا بإخفاء أي أثر للضيافة لديهم:
... قوم إذا استنبح الأضيافَ كلبُهمُ قالوا لأمهم بولي على النار

وكذلك كلب مالك بن أسماء الذي استأنس ريح الخمر وحده وألفها فاستغله الشاعر للدلالة على صفات أهل الدار:

لو كنت أحملُ خمرا يومَ زرتكم لم ينكر الكلبُ أنّي صاحبُ الدارِ
لكن أتيتُ وريحُ المسكِ يفغمني وعنبرُ الهندِ أذكيه على النارِ
فأنكرَ الكلبُ ريحي حين أبصرني وكان يعرفُ ريحَ الزقّ والقارِ

ويُسقط أبو نواس بظرافته الهجائية المعهودة الكلب على المهجو. فأحدهم تبكيه ثيابه لأنها فوق كلب مثله:
نفس الخصيب جميعه كذب وحديثه لجليسه كربُ
تبكي الثيابُ عليه معولة أن قد يجر ذيولَها كلبُ

ويستعيد أحد أعظم الهجائين دعبل الخزاعي سورة الكهف في القرآن الكريم ليوظف كلب أهل الكهف في موضع هجاء الخليفة العباسي المعتصم بالله:
ملوكُ بني العباسِ في الكتبِ سبعةٌ ولم تأتنا عن ثامنٍ لهم كتبُ
كذلك أهلُ الكهف في الكتب سبعةٌ كرامٌ إذا عدّوا وثامنُهم كلبُ

ولا يتوقف دعبل عند هذا الحد بل يعتبر كلب أهل الكهف أفضل من الخليفة صاحب الذنوب برأي الشاعر:
وإنّي لأعلي كلبَهم عنك رفعةً لأنّكَ ذو ذنبٍ وليس له ذنبُ

وفي هجائه الفضل بن العباس يورد دعبل معنى quot;كلابياquot; مشابها لأبيات مالك بن فهم الشهيرة التي يضمّنها قوله quot;وكم علّمته نظم القوافي فلما قال قافية هجانيquot;. يقول دعبل عن الفضل في هذا المعنى مستغلا الكلاب ومكلّبها:
فكانَ كالكلب ضرّاه مكلّبه لصيده، فعدا، فاصطاد كلاّبه

وفي هجوه مسلم بن الوليد يعلن دعبل أن ليس لدى الكلب من يختاره ويؤدبه فهو يبقى وضيعا مهما ارتفع:
رُفع الكلب فاتضع ليس في الكلب مصطنع

أما عمرو لدى إبن الرومي ففيه من الكلب قلب وقالب في قوله:

وجهُكَ يا عمرو فيه طولُ وفي وجوهِ الكلابِ طولُ
مقابحُ الكلبِ فيكَ طرّا يزولُ عنها ولا تزولُ

وإبن الرومي بالذات مبدع في استغلال الكلب في أشعاره الهجائية. فالكلب بصفته متواجدا دائما مع الإنسان أو إلى جانبه أو قريبا منه يشكل أقرب مصادر الإستعارات والتشابيه.

فأحد الموظفين كلب يتحول إنسانا بفضل الحظ في هجاء إبن الرومي له:
عجب الناس من أبي الصقر إذ ولّيَ بعد الإجارة الديوانا
إنّ للحظّ كيمياء إذا ما مسّ كلبا أحاله إنسانا

كذلك يورد إبن الرومي هجاء قاسيا بحق خالد القطبي يشترك فيه الكلب نفسه في ذمّ البشر انطلاقا من خالد- إبن آدم كما البقية:
خَسأتُ كلباً مرّ بي مرّة فقال: مهلا يا أبا خالد
حسبُكُمُ خِزيا، بني آدم، شِركتكم إيّاه في والد

وفي العصر العباسي كذلك يتمنى الشاعر إبن سكّرة أن يكون مع أهل داره كلاب صيد لدى الأمير لما تحياه من رغد عيش:
مررت على كلاب الصيد يوما وقد طرح الأجير لها سخالا
فأضلعها وأطلعها بطانا تهادى في قلائدها دلالا
فلو أنّي ومن تحويه داري كلابك لم نخف أبدا هزالا

نصل إلى المتنبي الذي استوطن الكلب في كثير من أشعاره الهجائية. وبما أن الكلب ذو لؤم متعارف عليه فهي صفة أهل زمان الشاعر في قوله:
أَذُمُّ إِلى هَذا الزَمانِ أُهَيلَهُ فَأَعلَمُهُم فَدمٌ وَأَحزَمُهُم وَغدُ
وَأَكرَمُهُم كَلبٌ وَأَبصَرُهُم عَمٍ وَأَسهَدُهُم فَهدٌ وَأَشجَعُهُم قِردُ

وينتقل المتنبي من أهل زمانه إلى إحدى الجماعات الكبرى بعينها يخصص لها هجاء quot;كلبياquot; انطلاقا من اسمها وهي قبيلة بني كلاب التي يوائم بين اسمها وبين كلاب الرعي في قوله متعجبا:
أَرادَت كِلابٌ أَن تَفوزَ بِدَولَةٍ لِمَن تَرَكَت رَعيَ الشُوَيهاتِ وَالإِبلِ!

وبالقرب من المتنبي يشكو أبو فراس الحمداني إلى الله تحكم الكلاب بالأسود في قوله:
إلى الله أشكو أنّنا بمنازل تحكّم في آسادهن كلاب

الإستعارة نفسها يكررها أبو فراس في موضع آخر:
لقد جمعتنا الحرب من قبل هذه فكنّا بها أُسداً وكنتَ بها كلبا

إبن لنكك يؤسس هجاءه لأحد الموظفين في العصر العباسي على نجاسة الكلب خاصة حين يكون مبتلا بالماء ينقل النجاسة أينما حلّ فيقول له:
ما ازددتَ حين وليتَ إلاّ خِسّة الكلبُ أنجسُ ما يكونُ إذا اغتسل

أما أحد النابحين لدى أبي اسحق الصابي فلا يستحق قول quot;اخسأquot; له فهي مخصوصة لكلاب أرقى منه:
أيها النابح الذي يتصدى بقبيح يقوله لجوابي
لا تؤمل أني أقول لك اخسأ لست أسخو بها لكلّ الكلابِ

والشريف الرضي رغم ما عرف عن كتاباته وأشعاره من حسن لفظ وجودة معنى يصف بعض الناس بالكلاب التي لا يمكن لها أن تعارض:
كلابٌ تبصبصُ خوفَ الهوانِ وتنبحُ بين يدَي من غلب

والكلب بقي من المخلوقات الحقيرة كذلك في الأندلس لدى ابن زيدون. الكلاب التي لا تتورع عن التطاول على من وما يسمو عليها:
وقد تُسمِع الليثَ الجحاشُ نهيقَها وتعلي إلى البدرِ النباحَ كلابُ

في المأثور الشعبي

لن أطيل البحث هنا في مصادر وما شابه فكلّ ما قد ذكر من أشعار يفيد أدبيا ويعكس صفة الكلب لدى الناس وطرق استخدامها التي تجلت في واحدة من أحطّ الشتائم العربية وأكثرها استثارة لردود الفعل على اختلافها: يا كلب وتعلوها مقاما بمراحل عدة انطلاقا من الغائب المؤسس الوالد: يا إبن الكلب.

شتيمة يومية تتناقل على ألسنة العرب جميعا من أحقرهم إلى أكبرهم مقاما. والكلب أو إبنه فيها ربما يكون دولة ونظاما سياسيا وحاكما وإدارات عسكرية أو مدنية ويمكن أن يكون رجل دين أو تاجرا أو أيّ مهني وأكاديمي أو كاتب أو حتى سائق سيارة كاد أن يطيح بك وأنت تتمشى أو تقود. من يمكن له أن ينجو منها ولو لمرة واحدة على الأقل!؟ حتى ولو لم يسمعها ولم يعرف لهجات مختلفة لها: تتراوح بين quot;الكلبquot; وquot;الشلبquot; وتتنقلّ بالشدّة في أحرفها بين بلد وآخر. يسمعها ويردّ غالبا بمثلها أو يعزّي نفسه بقول كلابي آخر: الكلاب تنبح والقافلة تسير.

في الأمثال

تقترب الأمثال الشعبية أكثر من الأشعار بمراحل كثيرة في استغلال الكلب بصفاته وشكله وطبائعه وغرائزه وغالبا ما يسقطها الناس على البشر حتى ولو كانت في شأن تعليمي خاص برعاية الكلاب. وفي مصدر مقالتي اعتمدت موسوعة الأمثال الشعبية لجامعها إميل يعقوب، وقد حاول فيها جمع أكبر قدر ممكن من الأمثال والأقوال المأثورة المتداولة في لبنان والتي يمتد كثير منها إلى سائر البلدان العربية.

وعلى هذا الأساس سأقدم ترتيبا يشتمل على الأمثال بلهجتها اللبنانية بالإضافة إلى شرحها وتطبيقها إذا استدعى ذلك:

-كلاب البيض أحسن ولاّ كلاب السود؟ كلّن كلاب ولاد كلاب(2). ويضرب في جماعتين تشتركان في الشرّ والسوء تجاهك.
-الكلاب ما بتاكل بعضا.
-الكلب الّي بدك تجرّو عالصيد بلاه وبلا صيدو(3). أي إن كلب الصيد الذي تأخذه عنوة إلى الصيد دون اندفاع معهود منه لا نحتاج إليه أو إلى صيده. ويضرب المثل هذا في الإستغناء عمّن لا يقدم المساعدة إلاّ كرها.
-الكلب الّي بعوّي معك، أحسن من الكلب إلّي بعوّي عليك (4). وفيه نوع من المساواة بين الناس جميعا كأنذال والفارق يكون فيمن يكون معك عوضا من أن يكون عليك.
-الكلب إلّي بينبح ما بعضّ. فمن يهدد بكلامه غالبا ما لا ينفذ وعيده.
-الكلب ببيتو سبع. أي إنّ الجبان قويّ حين يكون مع جماعته ومناصريه.
-كلب الحاكم عضّاض، وكذلك كلب الكبير كبير، وكلب المير مير، وكذلك أيضا الكلب ع باب صاحبو نبّاح. فمن يجرؤ على مخالفة كلب الحاكم أو الأمير عضّ من عضّ ونبح من نبح!!؟ وفي هذا المثال أستذكر قصيدة رائعة للشاعر المصري المبدع أحمد فؤاد نجم عنوانها quot;كلب الستquot; يتحدث فيها عن قيام أحد الكلاب التي تملكها الراحلة أم كلثوم بالهجوم على شخص مسكين يدعى إسماعيل أو quot;إسماعينquot; باللهجة العامية فتتسلسل الأحداث إلى أن يسجن إسماعين لا غيره بالإضافة إلى ما ناله من العضّ فيقول نجم في الختام مخاطبا الكلب: هيص يا كلب الست هيص.. لك مقامك في البوليس.. بكرا تتوّلف وزارة للكلاب ياخدوك رئيسquot;.
-كلب حر ولا سبع مربوط، ومشابه له الكلب الحايم ولا السبع النايم والمثلان يرداننا إلى الإنجيل في قوله: quot;لكلّ الأحياء يوجد رجاء، فإنّ الكلب الحيّ خير من الأسد الميتquot;.
-الكلب خلّف جرو طلع ألعن من أبوه. ويضرب في سيء يلد أسوأ منه.
-الكلب خيّ الواوي(5). ويضرب في أمرين مشابهين لبعضهما في الخسة واللؤم.
-الكلب كلب ولو بين السباع ربي. فخسيس الأصل يبقى كذلك مهما كان حوله من أصيلين وكذلك القول: الكلب كلب ولو طوقتو بالدّهب.
-الكلب ما بيهرب من زمزومة (6). أي إنّ من اعتاد على أمر ما لا يغيره أبدا فهو يعكس طبيعته.
-كلبين ما بيتفقوا على عضمة. ويضرب لشخصين يختلفان في أمر يحبانه كليهما ويريدان الإستئثار به.
-لا تدأر الكلب ولا تصوبن ديك(7). أي ابتعد عمّا يشين فلا تضطر إلى التطهر منه لاحقا.
-لو كان الرزق بكترة الركض، ما كان حدا سعد قبل الكلاب(9). فالمهم إتقان العمل وجودته والنتائج والفوائد العائدة منه لا العمل فحسب.

وبعد هذه الجولة أدبيا وشعبيا نرجو أن يكون أحدهم قد أوصل إلى الرئيس الأميركي وقع الكلمة السحرية ومعناها في quot;قبلة وداع العراقيينquot; من منتظر الزيدي إليه. لكن إذا اعتمدنا حديثا دينيا ورد عن أحد المحدثين، واختلف في ما إذا كان الحسن البصري قائله، يعلن فيه أن في الكلب عشر خصال ينبغي على كل مؤمن أن تكون فيه فهنيئا لبوش إيمانه.

ولا يبقى بعدها إلاّ أن أورد بيتين للشاعر مالك بن المرحّل ينطبقان على الإنسانية المفترضة للرئيس الأميركي وينصفان الكلاب حيال راعي الحريات ومحرر الشعوب وناشر الديمقراطيات حول العالم:

أرى الكلابَ بشتمِ الناس قد ظُلمت والكلبُ أحفظُ مخلوقٍ لإحسانِ
فإن غضبتَ على شخصٍ لتشتمَه فقل له: أنت إنسان بن إنسانِ

عصام سحمراني
[email protected]
http://essamsahmarani.maktoobblog.com/
http://essam.maktoobblog.com/


هوامش:

1- ورد في تفسير الطبري عن الآية والشخص المقصود بها التالي: حدثني المثنى قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قال: لما نـزل موسى عليه السلام (بالجبارين) ومن معه، أتاه بنُو عمّه (بلعم) وقومُه، فقالوا: إن موسى رجلٌ حديد، ومعه جنودٌ كثيرة، وإنه إنْ يظهر علينا يهلكنا. فادع الله أن يردَّ عنَّا موسى ومن معه. قال: إني إنْ دعوت الله أن يردَّ موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي! فلم يزالوا به حتى دعا عليهم، فسلخه الله مما كان عليه، فذلك قوله: (فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين).
2- ولاّ: أو
3- الّي: الذي
بدّك: تريد أو تطلب
بلاه: بدونه
4- بعوّي: ينبح
5- الواوي: إبن آوى
6- زمزومة: قطعة لحم
7- تدأر: تلمس
- تصوبن: تغسل بالصابون
- ديك: يديك
8- ع: على
9- حدا: أحد

مصادر:
- ويكيبيديا العربية
- ويكيبيديا الإنكليزية
- القرآن الكريم
- تفسير الطبري\ موقع مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
- هادي العلوي، ديوان الهجاء، دار المدى/ الطبعة الأولى 2003
- الرازي، مختار الصحاح، دار المعرفة،الطبعة الأولى 2005
- ديوان الأعشى\ دار صادر- بيروت
- ديوان تأبط شرّا\ إعداد وتقديم طلال حرب\ الدار العالمية- بيروت\ الطبعة الأولى 1993
- ديوان الشنفرى ويليه السليك بن السلكة وعمرو بن براق\ إعداد وتقديم طلال حرب\ الدار العالمية- بيروت\ الطبعة الأولى 1993
- عبد اللطيف شرارة\ أبو الوليد إبن زيدون دراسة ومختارات\ الشركة العالمية للكتاب\ الطبعة الأولى 1988
- واحة المتنبي (موقع إلكتروني)
- منتهى الطلب من أشعار العرب\ ابن المبارك\الوراق
- شرح ديوان أبي فراس الحمداني\ دار مكتبة الحياة\ بيروت
- المجاني الحديثة (طبعة قديمة للغاية لم أقع فيها على تاريخ طبع أو دار نشر)
- إميل يعقوب\ موسوعة الأمثال الشعبية\ المجلد الحادي عشر\ دار نوبليس\ الطبعة الثانية 2005