ونحن نتساءل عن المثقف المغربي وموقعه مما تعج به الساحة من أحداث؟ في محاولة منا لتجاوز أولئك العدمين الذين يعتبرون أن لفظ المثقف في العالم العربي عامة مجرد وهم أو مجاز لفظي لا يمت للحقيقة بصلة، نصدم بهؤلاء ـ أي المثقفين ـ يتحدثون عن أزمة خانقة لم يتمكنوا حتى اللحظة من القضاء على أسبابها ألا وهي الحوار أو التحاور فيما بين quot;أهل الكهفquot; كما وصفهم بذلك المفكر علي حرب. حقيقة إنه وضع تحولوا فيه إلى كائنات كاريكاتورية تثير الشفقة، ففي عدة منابر إعلامية واجهتنا وجوه بارزة (عبد الكبيرالخطيبي، عبد الله العروي، مجمد الناجي،...) لتكشف عن انشغال أفراد هذه القبيلة وهمهم الأول الذي يحاولون إيجاد السبل الكفيلة لتجاوزه، بعيدا كل البعد عن انشغالات المجتمع وقضاياه التي تتكاثر بأكثر مما يتكاثر الفطر في أماكن العفن.
ما سلف ليس غريبا إذا تمكنا من معرفة أنماط المثقف المغربي الذي لا يخرج عن نطاق المثقف المهاجر(المغترب)، المثقف المستأجر(المرتشي)، المثقف المهمش (المقصي) الذي مسحته القوى الخفية من خريطة المجتمع، كلها حالات وأوضاع لا تؤهل بتاتا المثقف للقيام بذلك الدور الريادي في المجتمع. مما دفع ببعضهم إلى الدعوة لطاولة الحوار وإصلاح ذات البين بين أفراد القبيلة الواحدة مفضلين رص الصفوف الذاخلية قبل التفكيير بأي مطلب خارجي إن كانوا أصلا يفكرون فيه. بيد أنه مطلب ـ في نظرنا الشخصي ـ صعب التحقق إن لم يدخل في باب المستحيلات، نظرا لعدة اعتبارات منها ما هو مرتبط بمرحلة تاريخية سابقة ومنها ما هو وليد الوضعية الراهنة.
وعموما فالاعتبار الأخير ولد لنا مثقفين مصابين بأنفلونزا التملق المزمن، لذلك فهم لا يخرجون عن صنفين: صنف يتملق بالسلطة صاحبة الولائم الكريمة منتظرا الضوء الأخضر منها للتعبير عن وجهة النظر أو الرأي، محاولا في كل الظروف تبرير أعمالها سواء كانت صائبة أم خاطئة. هذه النوعية التي يكون مصير المجتمع الذي تنتشر فيه هو الاستسلام والرضوخ والتملق والنفاق وسحق بذور الديمقراطية القائمة بالأساس على المعارضة والاختلاف في الرأي الذي لن يتأتى دون فكر ولا استقلالية ودون مباديء ولا حرية. وصنف يتملق للجماهير لكسب عواطف مهما كانت خاطئة ومجانبة للصواب، وإن كان هذا النوع الأخير ناذر. لنكون في بهذا التصنيف أمام معادلة واضحةً مضمونها أن المثقف كلما اقترب من أهل القرار كلما ابتعد عن هموم ومشاكل ومطالب المجتمع.
مها كانت التصنيفات، الصعاب والظروف فغاية المثقف محدد في قول تشومسكي quot;إشهار الحق في وجه السلطةquot; و quot;حمل هموم المحرومين والمهمشين والنضال من أجل انتصار الغالبية العظمى في المجتمع على القلة القليلة التي تتلاعب بثرواته وخيراتهquot; على حد تعبير الفيلسوف الإيطالي غرامشي. مما يفرض عليه الانتقال من وضعية المتفرج أو المشاهد الصامت ـ كما هو الحال في واقعنا اليوم ـ إلى بطل من أبطال المسرحية يدلي برأيه لبناء مستقبل أفضل.
كلها أدوار لم يفكر المثقف المغربي يوما في القيام بها نقيض من يفلح بتقليده في اللباس فقط، إن المثقف الغربي الذي ظل صوت من لا صوت لهم رغم الحصار ورغم العنف والتهديد بل خاطر بحياته لكي يظل ضميرا في كامل اليقظة.
على كل مهتم بحالة ووضعية quot;أهل الكهفquot; عندنا أن يعود لكتاب مفكر الإنسانية الملتزم الراحل إدوارد سعيد quot;المثقف والسلطةquot; الذي تناول فيه العلاقة المتغيرة بين المثقف والسلطة محددا الدور الذي يمكن أن يقوم به في دعم السلطة أحياناrlm;,rlm; أو الاصطدام بها أحايين أخريrlm;، لكي يحقق رؤيته عن المستقبل. وفي هذا الصدد يقول ان المشكلة التي يواجهها المثقف أو المفكر هي ان يحاول التعامل مع النظام الذي يصطدم بهrlm;,rlm; وأن ينشر مجموعة مختلفة من القيم تظهر هذا النظام بمظهره الحقيقي،rlm; وعلي المثقف المفكر اليوم أن يعتبر أن انتماءه إلي مجتمع من المجتمعات بصفته فردا مفكرا يهتم بما يهم المجتمع،rlm; يمنحه الحق في إثارة القضايا الأخلاقية والاجتماعية والسياسية التي تمثل نقاط الفساد في المجتمع أو علي الأقل تعوق تقدم هذا المجتمعrlm;. فهلا حدد كل فرد من أفراد القبيلة موقعه؟ سؤال بليد لن يطرحه إلا ممن يعيش بعيدا عن هذا الواقع.
في نظرنا السؤال الحقيقي هو متى تظفر هذه الجماهير بمثقفين يحملون قضاياها ويدافعون عن حقوقها متطلعين لتحقيق طموحاتها ممارسين للنقد البناء المتمثل في قول rlm;quot;لاquot; كلما لزم الأمر، quot;لاquot; لكل الذين يصادرون الحرية تحت مبرر، quot;لاquot; لكل الذين يمارسون القمع باسم المصلحة الوطنية، وquot;لاquot; لكل المستبدين مهما كانت مبرراتهم دينية، قومية أو سياسية. فلا مستقبل لأمة بدون مفكرين ومثقفين ومنظرين ينتقدون الباطل ويدافعون عن الحق ويحملون هموم المحرومين والمهمشين بعيداً عن شهوات ونزوات السلطة.
ما سلف ليس غريبا إذا تمكنا من معرفة أنماط المثقف المغربي الذي لا يخرج عن نطاق المثقف المهاجر(المغترب)، المثقف المستأجر(المرتشي)، المثقف المهمش (المقصي) الذي مسحته القوى الخفية من خريطة المجتمع، كلها حالات وأوضاع لا تؤهل بتاتا المثقف للقيام بذلك الدور الريادي في المجتمع. مما دفع ببعضهم إلى الدعوة لطاولة الحوار وإصلاح ذات البين بين أفراد القبيلة الواحدة مفضلين رص الصفوف الذاخلية قبل التفكيير بأي مطلب خارجي إن كانوا أصلا يفكرون فيه. بيد أنه مطلب ـ في نظرنا الشخصي ـ صعب التحقق إن لم يدخل في باب المستحيلات، نظرا لعدة اعتبارات منها ما هو مرتبط بمرحلة تاريخية سابقة ومنها ما هو وليد الوضعية الراهنة.
وعموما فالاعتبار الأخير ولد لنا مثقفين مصابين بأنفلونزا التملق المزمن، لذلك فهم لا يخرجون عن صنفين: صنف يتملق بالسلطة صاحبة الولائم الكريمة منتظرا الضوء الأخضر منها للتعبير عن وجهة النظر أو الرأي، محاولا في كل الظروف تبرير أعمالها سواء كانت صائبة أم خاطئة. هذه النوعية التي يكون مصير المجتمع الذي تنتشر فيه هو الاستسلام والرضوخ والتملق والنفاق وسحق بذور الديمقراطية القائمة بالأساس على المعارضة والاختلاف في الرأي الذي لن يتأتى دون فكر ولا استقلالية ودون مباديء ولا حرية. وصنف يتملق للجماهير لكسب عواطف مهما كانت خاطئة ومجانبة للصواب، وإن كان هذا النوع الأخير ناذر. لنكون في بهذا التصنيف أمام معادلة واضحةً مضمونها أن المثقف كلما اقترب من أهل القرار كلما ابتعد عن هموم ومشاكل ومطالب المجتمع.
مها كانت التصنيفات، الصعاب والظروف فغاية المثقف محدد في قول تشومسكي quot;إشهار الحق في وجه السلطةquot; و quot;حمل هموم المحرومين والمهمشين والنضال من أجل انتصار الغالبية العظمى في المجتمع على القلة القليلة التي تتلاعب بثرواته وخيراتهquot; على حد تعبير الفيلسوف الإيطالي غرامشي. مما يفرض عليه الانتقال من وضعية المتفرج أو المشاهد الصامت ـ كما هو الحال في واقعنا اليوم ـ إلى بطل من أبطال المسرحية يدلي برأيه لبناء مستقبل أفضل.
كلها أدوار لم يفكر المثقف المغربي يوما في القيام بها نقيض من يفلح بتقليده في اللباس فقط، إن المثقف الغربي الذي ظل صوت من لا صوت لهم رغم الحصار ورغم العنف والتهديد بل خاطر بحياته لكي يظل ضميرا في كامل اليقظة.
على كل مهتم بحالة ووضعية quot;أهل الكهفquot; عندنا أن يعود لكتاب مفكر الإنسانية الملتزم الراحل إدوارد سعيد quot;المثقف والسلطةquot; الذي تناول فيه العلاقة المتغيرة بين المثقف والسلطة محددا الدور الذي يمكن أن يقوم به في دعم السلطة أحياناrlm;,rlm; أو الاصطدام بها أحايين أخريrlm;، لكي يحقق رؤيته عن المستقبل. وفي هذا الصدد يقول ان المشكلة التي يواجهها المثقف أو المفكر هي ان يحاول التعامل مع النظام الذي يصطدم بهrlm;,rlm; وأن ينشر مجموعة مختلفة من القيم تظهر هذا النظام بمظهره الحقيقي،rlm; وعلي المثقف المفكر اليوم أن يعتبر أن انتماءه إلي مجتمع من المجتمعات بصفته فردا مفكرا يهتم بما يهم المجتمع،rlm; يمنحه الحق في إثارة القضايا الأخلاقية والاجتماعية والسياسية التي تمثل نقاط الفساد في المجتمع أو علي الأقل تعوق تقدم هذا المجتمعrlm;. فهلا حدد كل فرد من أفراد القبيلة موقعه؟ سؤال بليد لن يطرحه إلا ممن يعيش بعيدا عن هذا الواقع.
في نظرنا السؤال الحقيقي هو متى تظفر هذه الجماهير بمثقفين يحملون قضاياها ويدافعون عن حقوقها متطلعين لتحقيق طموحاتها ممارسين للنقد البناء المتمثل في قول rlm;quot;لاquot; كلما لزم الأمر، quot;لاquot; لكل الذين يصادرون الحرية تحت مبرر، quot;لاquot; لكل الذين يمارسون القمع باسم المصلحة الوطنية، وquot;لاquot; لكل المستبدين مهما كانت مبرراتهم دينية، قومية أو سياسية. فلا مستقبل لأمة بدون مفكرين ومثقفين ومنظرين ينتقدون الباطل ويدافعون عن الحق ويحملون هموم المحرومين والمهمشين بعيداً عن شهوات ونزوات السلطة.
*:باحث في العلوم القانونية وعلم الاجتماع،جامعة ابن زهر ـ أكاديرـ المغرب
التعليقات