يفقد الدفاع عن حق الأقليات شرعيته حينما يكون مجزئا ولاغيا لهويات اخرى، مهما كانت الذرائع وبغض النظر عن الاجواء المتشنجة التي ترفض الاعتراف بوجود قومية فارسية في العراق تحت تأثير خطاب قومجي عروبي شوفيني وارادة بعض الاحزاب الكردفيلية التي تسعى الى تثبيت قوميتها في النسيج العراقي من خلال تغييب قومية اخرى تشاركها في جميع تفاصيل المأساة التي تعرضت لها على يد النظام البائد.


ان الدرس الذي كان يجب استخلاصه من سقوط النظام الديكتاتوري البائد في التاسع من نيسان هو فشل الخطاب القومجي المتطرف في الغاء القوميات الأخرى وتهميشها مهما استفرد بالسلطة على مدار أعوام طويلة، وكان من المفترض بجهات سياسية كانت في قائمة الضحايا أن تدرك هذه الخلاصة وان تكف عن محاولاتها المتعمدة في الغاء القومية الفارسية في العراق، ومن المؤسف أنها آثرت أن تسير على خطى الجلاد.


ان المفارقة الكبرى ليست في حصول منفذي جريمة التهجير بحق العراقيين الفرس والكورد الفيلية على وثائق مواطنة من بلدان لجأوا اليها وانما تتمثل بالمخطط الذي تنفذه جهات واحزاب كردفيلية بدعم من مسؤولين في الحكومة العراقية والقضاء العراقي وشخصيات سياسية لمواصلة المشروع القومجي العروبي في تغييب العراقيين الفرس من نسيج المجتمع العراقي، هذه هي المفارقة التي تتجسد على أرض الواقع كحقيقة دامغة، المفارقة التي تأخذ طابه الجريمة تتمثل بالضغوط التي تمارسها مؤسسات وجمعيات تابعة للكرد الفيلية على العراقيين الفرس لارغامهم على التنازل عن هويتهم الفارسية وان ينضموا وان يتقمصوا هوية كردفيلية من أجل مساعدتهم على استرداد حقوقهم.


قضية الكرد الفيلية هي قضية عادلة ولاشك في ذلك، غير أن القيمين عليها حوروها الى متجر من المتاجر السياسية وهم أبعد الناس عن معاناة المواطن الكردفيلي الذي يعاني من ظروف معيشية صعبة في المهجر، مأساة الكرد الفيلية وللأسف محل نزاع بين احزاب كردية قومية تسعى الى توسيع خارطتها القومية في العراق وأحزاب يسارية تريد أن ترفع رصيد التيار السياسي اليساري في العراق، والضحية هم العراقيون الفرس أولا والمواطنون الكورد فيليين أولا أيضا.


يتعرض العراقيون الفرس الى جريمة الغاء وتهميش مقصودة وان المحكمة الجنائية العراقية العليا تساهم في هذه الجريمة وتمارس عن قصد الغاء قومية من قوميات المجتمع العراقي وأنها قد تخلت عن نزاهتها في انصاف ضحايا النظام الديكتاتوري السابق،وانها فقدت نزاهتها وانساقت الى منطق الصفقات السياسية المبتذلة، وحصرت الضحايا بقومية واحدة استخفافا منها بالذكرة العراقية وبالاف الوثائق الدولية التي تؤكد ان الضحايا هم من العراقيين الفرس والكرد الفيليو وعدد من المواطنين العرب اومن المؤسف جدا أن تتورط المحكمة الجنائية العراقية العليا في هذه الجريمة وان تشارك في تنفيذها من خلال تجاهل النداءات التي وجهتها لها جمعية العراقيين الفرس، ومطالبتها بتغيير اسم المحكمة المخصصة لجريمة التهجير وعدم حصرها بقومية دون أخرى.


للقاضي رحمن عبد الرؤوف سجل ناصع وتاريخ مشرف في محاكمة الدكتاتور وأزلامه، وحرصا على سمعته الطيبة في أداء وظيفته القانونية بنزاهة لاشك فيها، يطالبه العراقيون الفرس بتقديم استقالته من ترأس مجكمة quot;جريمة تهجير الكورد الفيليينquot; لأنها وصمة عار في جبين المحمكة والقضاء العراقي الذي لم يكلف نفسه عناء مراجعة الملفات المرتبطة بهذه الجريمة ولا تكليف فريق يتحرى الحقيقة فيما يرتبط بهوية الضحايا، ان نزهة مختصرة لأي عراقي يزور المدن التي ينتشر فيها العراقيون المهجرون سواء في ايران او سوريا سوف تبرهن له ان العراقيين الفرس يشكلون أغلبية تعداد ضحايا التهجير، لهذا يطالب العراقيون الفرس من القاضي رؤوف عبد الرحمن أن ينسحب من ترأس هذه المحكمة التي تعد جريمة بحق قومية من قوميات العراق، فجمعية العراقيين الفرس وانطلاقا من مبدأها في احقاق الحق لقومية عراقية تعرضت لجريمة تصفية عرقية في زمن الدكتاتور البائد ولجريمة تغييب ساهمت فيها اطراف عديدة من بعد سقوط النظام البعثي، وايمانا منها بمواصلة الحلم في عراق متعدد القوميات، يضمن للأقليات حقوقها، سوف تواصل مشروعها بالتنسيق والتعاون مع جهات قانونية لتأسيس محكمة تعيد الحقوق المهدورة للقومية الفارسية في العراق وتحاكم كل المساهمين في تغييب هذه القومية التي لاشك في ولائها الأول والأخير للعراق.

محمد الأمين
كاتب المقال رئيس جمعية العراقيين الفرس
[email protected]