مقدما حريص على التذكير لست معنيا بالمعادلة الداخلية اللبنانية فهي اصلا معادلة quot; طائفية دستورية quot; تم من خلالها تقسيم كل شيء في البلد بين الطوائف والاديان والقوميات، وكل مايجري في لبنان هو في حقيقة الامر اصطدام ممثلي هذه الطائفية الدستورية بجدران التقسيمات التي تعود عليها لبنان. وايضا هو اصطدام ارادتين كلاهما مدعوم بشكل قوي من خارج لبنان. من هو الوطني ومن هو الغير وطني ؟ من هو اللبناني ومن هو غير اللبناني ؟ هذه مسألة متشعبة وفيها اختلاف كبير وليس حريصا على الخوض فيها.

لكن الاخبار الجديدة بين حزب الله ومصر وقد اصبحت مادة دسمة جعلها الاعلام العربي موسوعة معلومات مفتوحة بين نشرة اخبار واخرى وبين مقالة واخرى، كل هذا الذي يجري هو دليل واضح واضافي على حجم الكارثة التي تحيط بامتنا العربية فكل شيء اصبح قابل للقسمة وقابل للتدوير والمساومة لذلك لايمكن استبعاد ان تدخل دولة عربية اخرى على نفس النغمة المصرية وفي اقرب فرصة ممكنة، فهذه سوق قد فتحت ابوابها ودكاكنيها ولااحد على الاطلاق يعرف مدى الحدود التي ستقف عندها هذه السوق العربية الجديدة طالما كان الطرف الاخر حزبا quot; شيعيا quot;. ومصر الرسمية على وجه الخصوص بشرتنا قبل عدة سنوات quot; بولاء كل الشيعة العرب الى ايران quot; ولم يفوت اي فرصة ايضا القرضاوي دون ان يذكر ويحذر الامة ان quot; التشيع يغزو مصر quot; وفات على الرسمي المصري وعلى القرضاوي ان اخر احصائيات مصرية رسمية اشارة الى ان عدد الشيعة من المواطنين المصريين لايصل الى اربعة الف مواطن فقط لاغير. واذا افترضنا كما يردد الجهال ان quot; الشيعة هم خطر على الامة وعدوها الحقيقي quot; فلا اعرف ماذا يشكل هذا العدد من خطورة امام ملايين المصريين !! في الوقت الذي اثبتت فيه تفجيرات سيناء الارهابية قبل عدة اشهر ان حوالي خمسة وعشرين الف أسرائيلي كانوا في سيناء وحدها ناهيك عن المدن الاخرى quot; للمحروسة quot;.


من جانب اخر صرحت مصادر رسمية مصرية انهم اعتقلوا هذه المجموعة قبل حرب غزة الاخيرة بعدة اشهر، والسؤال المنطقي لماذا الان تثار هذه المسألة وفي هذا الوقت quot; اللبناني quot; العصيب بالذات ؟ حيث قرب موعد الانتخابات والارهاصات الخطيرة والقوية التي ترافقها. ثم لماذا لاتتعلم الدول العربية من تجاربها المريرة في العراق !؟ وذلك عندما دخلت كل هذه الدول طرفا منحاز الى طرف مذهبي معين في العراق، فكانت النتائج عكسية تماما وايضا كانت الخسائر العربية كبيرة في العراق وحتى يومنا هذا. وايضا لماذا هذه الضجة الاعلامية العربية المبالغ فيها، وفي العراق لم يمضي اسبوعا واحدا دون القبض على ارهابي عربي، لكن الخرس الاعلامي العربي في حالة العراق لاينافسه شيء سوى صمت القبور. فهل لمصر قدسية لايستحقها العراق، او انها الطائفية العربية باحسن صورها. مع الاخذ بنظر الاعتبار الفرق الجوهري بين من يستهدف العراقيين في بلدهم وبين من يحاول اتخاذ مصر جسرا للعبور الى غزة.

كما انه من الظلم وعدم الانصاف مقارنة اسامة بن لادن بالسيد حسن نصر الله. الفرق كبير ولامكان للمقارنة حتى وان وجدت هذه المقارنة مكان لها في تلك الصحيفة او تلك الفضائية. فهذه استهانة كبرى بعقل المواطن العربي. كما انها استهانة كبرى حين يتم التعامل مع القضايا العربية الحساسة والخطيرة على اساس طائفي ومذهبي. ان صنع المشكلة هي من اسهل الامور وأيسرها لكن الصعوبة الحقيقية تكمن في كيفية الخروج من عواقب هذه المشكلة وكيف يتم تدارك نتائجها و كيفية الخلاص من ذيولها.

اعتقد ان لااحد يحلم ان هذه المسألة سوف تسقط او تضعف حزب الله. خاصة في الوقت التي بدأت فيه دول غربية مهمة تفتح ابواب الحوار العلني مع حزب الله. فكيف فهم العربي الرسمي هذه المقاربة الدولية الجديدة وكيف تعامل معها بهذا الشكل الغريب. يبدو ان التصريح الاخير للرئيس الاسرائيلي شيمون بيرز هو الاقرب في توصيف الحال العربي المثير للشفقة حينما قال quot; نحن نتابع هذه المسألة بسرور كبير، والاهم ان مشاكلهم بعيدة عنا quot;. هل يوجد افصح واوضح من هذا الكلام ! وكنت اتمنى ان يتعامل الموقف الرسمي والاعلام العربي مع القضايا المزمنة للجواسيس الاسرائليين في مصر بنفس الهمة وبنفس العزم. لكن يبدوهنا المسألة مختلفة بنظر هولاء فمصيبة حزب الله والسيد حسن نصر الله انه من quot; الشيعة العرب quot; لااكثر. وتلك ليس المصيبة لو علم الواهمون.

محمد الوادي
[email protected]