كانت مفاجأة لنا نحن العرب أن الدكتور محمود الزهار القيادي البارز في حركة حماس ليس فقط عضوا في مكتبها السياسي وإنما كاتب سيناريو من الطراز الاول!
فقد كتب الرجل حتى الآن باعترافه في تصريحات صحفية ثلاث روايات وسيناريوهي فيلمين كان أحدثها فيلم quot;عماد عقلquot; الذي يعرض حاليا في غزة باعتباره أول انتاج سينمائي لحركة حماس.
ومن الواضح أن الحركة تخطط لانتاج باقي أعمال الزهار السينمائية بوصفها نوعا من الجهاد الثقافي مما يضعنا امام نوعية جديدة من الافلام التي أطلقت عليها حماس اسم (حماسوود) على وزن أفلام (هوليوود) رغم الفارق الهائل في الامكانات الفنية والمادية والتقنية!
ويقال ان الدكتور الزهار بذل جهدا كبيرا في كتابة سيناريو هذا الفيلم ربما لأنه غير متخصص في هذا المجال، حتى ان عملية الكتابة استغرقت منه عامين كاملين. ويقال أيضا ان مخرج الفيلم ماجد جندية يسعى لعرضه في مهرجان (كان) رغم الشكوك في امكانية موافقة إدارة المهرجان على ذلك!
ويروي الفيلم قصة حياة الشهيد عماد عقل أحد قادة كتائب عز الدين القسام الذي اغتاله الجيش الاسرائيلي في حي الشجاعية بغزة عام 1993بعد ان نفذ عشرات العمليات ضد اهداف اسرائيلية.
وفي العرض الأول للفيلم بقاعة المؤتمرات في الجامعة الاسلامية بغزة نظمت حماس احتفالا كبيرا شارك فيه كبار قادتها وفي مقدمتهم اسماعيل هنية رئيس الحكومة السابقة والدكتور الزهار كاتب السيناريو وسط تأكيدات أن الحركة ماضية في انتاج افلام أخرى.
والسؤال المطروح الا يستوجب الحصار المفروض على غزة بعد الحرب الاسرائيلية الاخيرة ان يركز قادة حماس على إزالة آثار العدوان والاهتمام بآلاف المشردين والمصابين والذين فقدوا عائلاتهم حيث خلفت الحرب 1400 شهيدا وخمسة الاف جريحا ومئات المنازل المدمرة فضلا عن البنية التحتية التي تمت تسويتها بالأرض!
ومع احترمي لشخص الدكتور الزهار فلا أظن أن هناك علاقة من أي نوع تربطه بفن الكتابة للسينما، فقد حصل على بكالوريوس الطب من جامعة عين شمس بالقاهرة ثم عمل طبيبا في مستشفيات غزة وخان يونس ورئيسا لقسم التمريض ومحاضرا بالجامعة الاسلامية في غزة حتى اختير وزيرا للخارجية في حكومة اسماعيل هنية.
كما ان مشاغله كعضو في المكتب السياسي لحركة حماس من المفترض أنها لا تسمح له بالإطلاع على سيناريوهات الافلام العالمية و كتابة الروايات والاعمال السينمائية.
لا احد يصادر على حق حماس وأي فصيل فلسطيني آخر في انتاج عشرات الافلام تخليدا لذكرى الابطال والشهداء بشرط ان يتم ذلك بعد الاستقلال وإقامة الدولة. وفي رأيي أن انفاق 200 الف دولار من اموال الشعب الفلسطيني على انتاج فيلم سينمائي مهما كان مضمونه هو بصراحة نوع من الترف السياسي.
ولو كنت من الدكتور الزهار لخصصت الوقت الذي أقضيه في كتابة السيناريوهات في دعم الوحدة الوطنية الفلسطينية، ولو كنت من حماس لخصصت الأموال الموجهة لانتاج الافلام في تدبير الاحتياجات الإنسانية لأهالي غزة الذين مازالوا يتعرضون للغارات الاسرائيلية!