لا يجب التعامل مع المذبحة التي وقعت مؤخرا في جنوب السودان وراح ضحيتها 185 شخصا على انها مجرد نزاع قبلي بين قبيلتي الجيكاني والنوير.
فمن الواضح ان هناك اصابع خفية تحاول اشعال الفتنة بين الجماعات الإثنية والعرقية في هذه المناطق التي تعاني من الفقر الشديد تحقيقا لأهداف سياسية.كما أن هذه المذبحة ليست الاولى من نوعها فقد قتل أكثر من ألف شخص ونزح الالاف خلال الشهور الماضية بسبب نزاعات مماثلة على مصادر المياه والمراعي وقطعان الماشية.
ومع اقتراب موعد اجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في السودان والمزمع اجراؤها في إبريل 2010 علينا ان نتوقع المزيد من الاضطرابات في جنوب السودان. فهذه الانتخابات سوف يعقبها استفتاء حول تقرير المصير في إبريل 2012 بموجب اتفاق نيفاشا للسلام بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان.
وهناك خلافات كبيرة على هذا الاستفتاء حيث تصر الحكومة على انها لن تسمح بانفصال الجنوب دون موافقة 75% من الجنوبيين بينما تقول الحركة ان الجنوبيين المقيمين في الجنوب هم الذين يحق لهم المشاركة في الاستفتاء.كما تتهم الحركة بشكل صريح حكومة الرئيس البشير بالتورط في أعمال العنف التي تعتبر الاسوأ من نوعها منذ توقف الحرب الاهلية في عام 2005 لخلخلة الاوضاع في الجنوب قبل الاستفتاء على تقرير مصيره.
لكن الحكومة السودانية تقول إن الحركة واطرافا خارجية هم المسئولون عن هذه المذابح التي تستهدف التعجيل بانفصال جنوب السودان الغني بالنفط عن شماله.
وليس سرا أن الصقور في الإدارة الأمريكية والكونجرس يؤيدون مطالب الحركة الشعبية بانفصال جنوب السودان ويدفعون الرئيس أوباما لاتخاذ موقف متشدد في التعامل مع حكومة البشير. كما أن هناك توجها في واشنطن لتشديد العقوبات الأمريكية على السودان مالم يتعاط بقدر اكبر من المرونة مع قرار المحكمة الجنائية الدولية بشأن الرئيس البشير، ومطالب المتمردين في الجنوب ودارفور وشرق السودان.
هذا التأييد الامريكي من وجهة نظر حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم هو الذي شجع الحركة الشعبية لتحرير السودان على التهديد بعدم المشاركة في الانتخابات القادمة ما لم تتوافر الضمانات اللازمة لنزاهتها. كما شجع الحركة على التهديد باعلان الانفصال من جانب واحد إذا لم يجر quot;استفتاء عادلquot; حول مستقبل الجنوب يلبي مطالبها بشأن رفض نتائج التعداد السكاني وتوزيع الدوائر الانتخابية.
لكن سكوت جريشن المبعوث الأمريكي الخاص في السودان رفض هذه الاتهامات في بيانه امام لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس مؤكدا رغبة بلاده في دعم الحوار بين كافة الأطراف لتحقيق السلام في السودان. وأخيرا جاءت المذبحة الاخيرة بين قبيلتي الجيكاني والنوير لتؤكد أن جنوب السودان مقبل على المزيد من حمامات الدم قبل الاستفتاء على تقرير مصيره.
بصراحة الاصابع الخفية التي تعبث في جنوب السودان - أيا كانت هويتها ndash; سوف تعجل للأسف بانفصاله!