البينان الذي أصدره حزب الله قول: من حق الجنرال عون أن يعين الحقائب والوزر اء حصته في الوزارة. كنا نعلم أن حزب الله يستعمل الجنرال كأداة فعالة في تحقيق أهدافه، كنا نعلم ذلك جيداً، أما أن ينحط حزب الله ليعتبر أن الدولة في لبنان ليست سوى كعكة على المائدة يتحاصصها الجالسون إليها فذلك انحطاط لا يأتي به إلا الذين يكفرون بالإله!!
أن يقول حزب الله كل هذا الكفر دفاعاً عن الجنرال عون وأن كل جهة مشاركة في الحكومة لها أن تختار حقائبها ووزراءها فذلك لا يعني أقل من أن كل جهة مشاركة في الحكومة لها أن تحتفظ بسياساتها الخاصة وتدافع عنها داخل الحكومة. لا يمكن لأي حكومة تتشكل على هذا المنوال أن تصوغ بياناً وزارياً متماسكاً. ما الذي يجمع حزب الله الذي سيطلق كل صواريخه على تل أبيب وإسرائيل في حال قصفت إسرائيل المفاعلات الذرية في إيران مع الذي يجمعه بالقوات اللبنانية التي على استعداد لأن تضحي بكل شيء في سبيل استقلال لبنان وسلامة لبنان. ما لا يجهله قادة حزب الله على الأقل هو أن عزوفهم عن التصريح بأنهم لن يقصفوا إسرائيل في حالة قصفها لإيران، عزوفهم هذا يدفع بإسرائيل لأن تدمر لبنان وتقلب عاليَه سافله قبل أن تفكر جدياً بقصف إيران. ما البيان الذي سيوقعه وزراء القوات بجانب وزراء حزب الله؟ وما البيان الذي سيوقعه وزراء أمل بجانب وزراء الكتائب أو وزراء عون بجانب بطرس حرب أو فارس سعيد في حالة استيزارهما؟
نحن لهذا نتوجه إلى السياسي الحكيم سعد الحريري نناشده العزوف عن تشكيل هكذا حكومة التي لن تكون أكثر من شراكة لتقاسم المغانم والتي لن يغتنم سعد شيئاً منها. لا يليق بسعد الشهم الطيب أن يبدأ عمره السياسي بمثل هذه الحكومة الشركة. طالبه عون بالإعتذار عن تشكيل الحكومة ليترك الأمر لتآلف 8 آذار. لا أعتقد بأن حزب الله هو ما دفع بالجنرال ليطلق مثل هذا التصريح الأهوج لأنه يعرف تماماً أنه لن يستطيع تشكيل الحكومة وسيكون من الصعب بل ومن المستحيل كسب نواب اللقاء الديموقراطي إلى جانبه.
للحق والحقيقة، أنا راغب كثيراً في أن يلبي الشيخ سعد رغبة الجنرال عون ويعتذر عن تشكيل الحكومة وذلك ليس من أجل استحضار الخيبة إلى صحن الجنرال بل إلى صحن وليد جنبلاط أيضاً كي ينهض في وجهه رفاقه في اللقاء من مروان حمادة وهنري الحلو ومحمد الحجار وحتى وائل أبو فاعور عضو الحزب التقدمي الإشتراكي. حينها سيتأكد كل من الجنرال وجنبلاط أن ليس لأحد أن يشكل الحكومة بعيداً عن تيار المستقبل ولبنان أولاً.
من نافلة القول هو أن الأغلبية، وهي هنا تيار المستقبل برئاسة سعد الحريري، هي من يقرر سياسة الحكومة والوزراء المتعاونين مع الرئيس وما عدا ذلك فهو جفاء الزبد سواء أدرك ذلك الجنرال أم لم يدرك.