quot;إني اشعر بالفخر لتواجدي في كوردستانquot;
ldquo;KUuml;RDİSTANrsquo;DA BULUNMAKTAN KIVANCcedil; DUYDUM!rdquo;
مصطفى كمال اتاتورك
(في رسالة له أرسلها من مدينة ادانا الى وزارة الحرب24 اذار عام 1919.)1
المقدمة:
الأكراد احد اكبر شعوب الشرق الأوسط عاشوا منذ فجر التاريخ على أرضهم في وطنهم كوردستان جنبا الى جنب مع شعوب المنطقة من ترك وعرب وفرس وآذريين وتوركمان وارمن وسريان في وئام. جرى عليهم ما يجري على الشعوب عندما تلقي على ارض واحدة من انصهار وتزاوج ومصاهرة وتوحد في الأعراف والعادات والتقاليد والدين. هذا الحوار الحضاري السلمي بين الشعوب المنطقة أفرزت مجتمعا تعدديا مفتوحا في الشرق غنيا بتكوينه الثقافي والروحي حيث مبدأ التسامح وحب الانتماء. هذا المجتمع نجده في العديد من دول الشرق وهو نموذج حي كنتيجة للحوار السلمي بين الشعوب.
سأحاول في مادتي هذه عرض موضوع مهما، الأكراد، اللذين سيكونون حدا فاصلا في مستقبل الدولة التركية وقضية العصر المصيرية في المنظور الاستراتيجي المستقبلي. ان لتركيا توجهاتها لنيل عضوية الاتحاد الأوربي وتحقيق احد أحلام مؤسسها أتاتورك منذ عام 1923. هذا العرض سيتخذ مجرى تاريخيا للحوادث والتغير في الفكر والسلوك البشري أساسا للتحليل المعطيات التاريخية وسلوك البشر.
كلمة لا بدا منها:
ان القضية الكوردية لها أبعاد تاريخية في كوردستان. فعلى طول التاريخ ما يسمى ب أناضول او آسيا الصغرى كان الكورد العصب الأساسي والمحوري لمجريات الأمور في المنطقة. الكورد أصابهم الغبن تاريخيا في جميع مناطق تواجدهم رغم انهم لم يكونوا قوام استقدموا للمنطقة او جاءوها غازين لا سامح الله، لا بل هم أقوم أصليون شاركوا هموم الاخرين وآمالهم منذ تواجد البشر في هذه المنطقة جنبا الى جنب مع الشعوب الأخرى. تلك الأقوام الأصلية منها وهؤلاء من استقدموا للمنطقة او جاءوا عن طريق الغزوات والحروب والهجرة السلمية والاحتلال عبر التاريخ سكنوا المنطقة في مجتمع تعددي مفتوح. ان النظرة الموسعة للقضية الكوردية بصورة عامة يرينا ان الأكراد أينما تواجدوا اثروا و تأثروا سلبا او إيجابا بمجريات الأمور والمتغيرات والتطورات في دول تواجدهم. فهم وحدة أثنية لها نفس الآمال وترى المستقبل من منظور مشترك يحبذ العيش المشترك مع الشعوب الاخرى في سلام. لا ريب ان أي حل للقضية الكوردية في تركيا ستأتي بنتائج ايجابية للكورد في كافة أرجاء الدنيا.
ان روح العصيان الذي رافق الشخصية الكوردية عبر التاريخ يأتي بالدرجة الأولى لحبه الشديد للحرية ورفضه طاعة الحاكم الظالم. نرى الكوردي لا يقبل الإرشادات والأوامر الا من علية قومه. فاكوردي بطبعه شديد الطاعة لأوامر الشيوخ والسادة والأمراء والقادة الكورد دون أي نقاش. اما الحاكم الأجنبي، الغير كوردي، فلا أمر له عليه ولا يطيعه.
المصدر:1 Ouml;ykuuml;leriyle Atatuuml;rkrsquo;uuml;n Ouml;zel Mektupları, Sadi Borak, Ccedil;ağdaş Yayınları, İstanbul, 1980, Sayfa: 139
ان سيادة الفكر العشائري ألفلاحي - الرعوي في كوردستان وانصياع العامة من الناس الى قرارات وأوامر القيادات الإقطاعية من ناحية وانتشار الفقر والأمية بين الناس من ناحية اخرى أديان الى عدم تبلور الحركة الوطنية الكوردية على شكل ثورة استقلالية موسعة تنادي بالاستقلال الوطني وتكوين الكيان السياسي، كدولة مستقلة ذو سياده، الا بعض الحركات الوطنية في مناطق محددة ما بعد الحرب العالمية الاولى. سآتي لاحقا في سياق مادتي هذه الى ذكر بعض تلك التجارب الوطنية في تركيا بالتحديد.
تركيا الدولة الحديثة:
تركيا الحديثة نشأة على أنقاض الإمبراطورية العثمانية بعد نهايات الحرب العالمية الأولى بعد حرب تحرير قادها الغازي مصطفى كمال المعروف بكنية أتاتورك (الأب الروحي للأتراك) وبذلك أنهى التواجد الأجنبي في البلاد بعد ان كانت القوات اليونانية قد وصلت في زحفها الى مشارف العاصمة أنقرة وتوقف الجيش البريطاني على حدود لواء الموصل.
الجيش التركي ابان حرب التحرير كان يؤلفه قوات ينتمون الى كافة القوميات المكونة للنسيج السكاني ألتعددي لتركيا آنذاك. كان من الطبيعي ان يأخذ الأكراد دورهم في هذه المهمة الوطنية. ان التاريخ يسطر بحروف من ذهب المواقف الشجاعة للقوات الكوردية التي شاركت في حرب التحرير وعلى كافة جبهات الحرب و كان مصطفى كمال يذكر الكورد بخير في جميع خطبه و رسائله لقواده المتواجدون في كوردستان وفي الجبهات، راجع محاضر كونفرانس إزميت عام 1924, منذرا من الدور المشبوه للقوات البريطانية في المنطقة حيث خرجت جيوشها منتصرة في الحرب العالمية الاولى وانهارت الإمبراطورية العثمانية فتم تقسيم الإمبراطورية بين الدول المنتصرة. من المعروف كذلك بان قائد حرب التحرير quot;أتاتوركquot; كان دوما على تواصل مع القيادة الجديدة للثورة البلشفية في روسيا، على اساس وجود عدو مشترك أي بريطانيا العظمى، وهناك ادعاءات على حصوله على الأموال والعدة والمعدات العسكرية من قادة جمهوريات الاتحاد السوفيتي آنذاك.
قوات الجيش البريطاني المرابط في الشرق إبان الحرب العالمية الأولى
أن أي تحليل لتك الفترة التاريخية يجب ان ينطلق من المفاهيم والقيم والأفكار التي كانت سائدة ومقبولة آنذاك من ناحية ومن ناحية أخرى يجب ان يكون كذلك على ضوء تحليل الحالة السياسية والعسكرية السائدة في المنطقة والعالم عشية نهاية الحرب العالمية الأولى في دولة تم إنشاءها توا على أنقاض إمبراطورية منهارة كانت تحكم أجزاء من آسيا وأوربا وأفريقيا. دولة محتلة مقطوع الأوصال. مصطفى كمال قاد دولة مجزئة وحولها الى دولة عصرية تقبل تغيرات جوهرية في المفاهيم والقيم وإصلاحات اجتماعية يعجز العديد من قادة الدول اليوم التفكير بها. بالطبع لم يكن كل ذلك التغير والإصلاح مقبولا من الجميع في مجتمع قاد العالم الإسلامي أكثر من ستة قرون.
لا بد من التذكير ان كل تلك التغيرات لم تكن تطبق بشكل سلمي بل استخدم العنف والشدة في تطبيق العديد من تلك التغيرات في المجتمع. لكن السياق التاريخي للأمور يوضح لنا اليوم ان رغم كل تلك التناقضات أوصلت الدولة التركية الحديثة الى ما هو عليه اليوم. ان الإسلام السياسي المطبق في تركيا نموذج يرى في كل تلك التناقضات اغناء للتجربة التركية السلمية وهناك قبول شعبي لأسلوب الحياة الحضاري الأوربي بجانب أسلوب الحياة المحافظ والإسلامي يتعايشان جنبا الى جنب في كافة المدن والمصايف السياحية رغم الهوة الكبيرة بين الأسلوبين. أليس وجود قيادة سياسية حاكمة في تركيا اليوم يتبع الخط الإسلامي المعتدل في الحكم دليلا واضحا على مدى تغلل الفكر الإسلامي في سلوك شخصية مواطني تركيا باختلاف انتماءاتهم القومية؟ هذا التغلغل كان من اهم عوامل دفع العملية السلمية في حل المشاكل بين مكونات سكان تركيا خاصة بين أبناء الشعب الكوردي المعروف بشدة تعلقه بمبادئ الدين الإسلامي الحنيف.
تجارب تاريخية:
لا تخلوا الحركة الكوردية من تجارب يعتبرها الأدبيات التركية وينعتها ب quot;العصيانquot; المسلح. كانت تلك الحركات إبان الحكم العثماني او بعد تأسيس الجمهورية التركية تأخذ طابعا عشائريا كحركة الشهيد الشيخ سعيد بيران2 الذي اعدم و47 من رفاقه في إحدى ساحات مدينة ديار بكر بعد ان تم إخماد الثورة بوحشيه، وكما حصل مع معظم الثورات السابقة، من قبل الجيش التركي حزيران عام 1925. يجب عدم النسيان بان الإمبراطورية العثمانية لم تتمكن قطعا بسط سيطرتها على كامل ارض كوردستان طوال وجودها وحكمها وهذه احد أهم الحقائق التي يغفلها الكتاب عند دراستهم لواقع الحكم العثماني في كوردستان. حيث نرى ان الإقطاعيين والأمراء من الكورد بقوا دوما يسيطرون على مقاليد السلطة في مناطقهم يتمتعون باستقلال نسبي ويجارون موظفي الدولة العلية العثمانية خاصة فيما يخص جباية الضرائب وسوق الأفراد للانخراط في الجيش العثماني التي لم يكن ابدا من الامور التي تحلوا للاكراد.
الشيخ سعيد بيران
لقد ساهم الأكراد في جميع غزوات الدولة العثمانية وفي العصر الحديث شاركوا في حرب التحرر الوطني التي تزعمها مصطفى كمال وشاركوا في تحرير كامل تراب تركيا الحالية وكما ذكرت سابقا وكانت جمعية تعالي كوردستان وجمعية الدفاع عن حقوق شرقي الأناضول في الطليعة مقابل عهود قطعها أتاتورك للكورد بنيل الحكم الذاتي وان تركيا وطن الترك والكورد معا مما ادى الى ازدهار الحركة الثقافية والاجتماعية الكوردية لفترة قصيرة.
مر البلاد فترة من الاضطرابات بعد الانقلاب العسكري الذي قاده اللواء جمال كورسل، رئيس الجمهورية التركية لاحقا، وقرء بيانه الأول العقيد الب اصلان توركيش3 معلنا انتهاء الديمقراطية بحجة حماية المؤسسة العسكرية للنظام العلماني التركي في انقلاب عرف بانقلاب عام 1960.
انقلاب عام 1960 أتى بنهاية حكم عدنان مندرس4 مؤسس الحزب الديمقراطي مع رفاقه جلال بيار، رئيس جمهورية لاحقا، وفؤاد كوبرولو ورفيق قورالتان الذين انشقوا من حزب أتاتورك عام 1945 وأسسوا الحزب الجديد وقد حاول عدنان مندرس بعد فوزه في انتخابات عام 1950 إجراء إصلاحات اجتماعية ومن ضمنها تثبيت الهوية الإسلامية للشعب التركي. كما قام بدعوة بعض الشخصيات الكوردية الى المشاركة في السلطة والبرلمان. بقى ان نعلم بان الحزب قد أوفى بكافة تعهداتها للشعب التركي وبقى على سدة الحكم 27 عاما. يعتبر فترة حكم الحزب الديمقراطي فترة هدوء بالنسبة للحركة الكوردية في تركيا.
2. الشيخ سعيد بيران يعتبر احد أبرز زعماء الكورد في تركيا ما بعد الحرب العالمية الاولى. قادة الثورة المسماة باسمه عام 1925 اثر تنصل أتاتورك من وعوده التي قطعها للكورد بالحكم الذاتي مقابل مشاركتهم في حرب التحرير. ولد سعيد بن محمود بن علي في قرية بالو عام 1865، وهو سليل أسرة دينية من الطريقة النقشبندية احد الطرق الدينية المنتشرة في كوردستان. بدا حياته في الكتاتيب الدينية حيث حفظ القران الكريم ودرس علوم الدين المختلفة. بعد وفاة والده أصبح مرشدا للطريقة وقد عرف عنه بالانفتاح الى الإصلاح ودراسته وثقافته العالية ومن المعروف انتمائه الى الجمعيات القومية الاصطلاحية التي تأسست ابان نهايات الحكم العثماني 1908 وقد تولى بنفسه رئاسة لجمعية ازادي quot;الحريةquot; الكوردية عام 1924 طالب الشيخ أتاتورك بالوفي لعهوده التي قطعها للشعب الكوردي بإعطائهم حق الحكم الذاتي.
3. يعتبر الب اصلان توركيش الاب الروحي للحركة القومية في تركيا وهو من مواليد مدينة لفكوشا في جزيرة قبرص عام 1917 وقد وافاه الأجل في العاصمة انقرة عام 1997. انتخب نائبا عن مدينة ادانا عام 1965 وبقى النائب الوحيد للحزب سجن بعد انقلاب أيلول العسكري عام 1980 وصدر قرار بحضر عمله في السياسة مع سياسيين اخرين.
4. يعتبر المرحوم عدنان مندرس اب التعددية في الحياة البرلمانية التركية بعد ان كانت السلطة منحصرة في الحزب الواحد أي حزب الشعب الجمهوري. فقد فاز حزبه في انتخابات عام 1945 فاتحا الباب امام التعددية السياسية في الحياة السياسية التركية. لم تتحول الدولة الى دستور اسلامي بل بقى محافظا على مبادئ مؤسس الدولة التركية اتاتورك العلمانية لا بل انفتح على الغرب محافظا على أسلوب الحياة العلمانية في البلاد. أصبحت تركيا في عهده عضوه في حلف ناتو،الأطلسي، وجرى عملية تنمية اقتصادية واجتماعية كبيرة في عهده. قدمه انقلابي عام 1960 للمحاكمة واعدم بسرعة مع رفاقه بتهمة محاولة قلب النظام العلماني وإقامة دولة إسلامية. دفن رفاتهم في جزيرة يسي أعيد الاعتبار له ولرفاقه الأبرار في البرلمان في عهد الرئيس المرحوم طورغوت اوزال وبني ضريح لهم في استانبول.
تحت تأثير الأفكار الثورية اليسارية وسيرا على نهج الحركة السياسية الكوردية في عموم كوردستان يقوم شباب من اليسار ووسط اليسار بتنظيم نفسه خاصة ضمن الحزب الشعب الجمهوري، أسسه أتاتورك عام 1923، الذي كان يتزعمه المرحوم بولند اجاويد مع بدايات السبعينيات، حيث فسحة تنفس للديمقراطية النسبية تبدأ في البلاد. بعد ان كانت تعتبر الشيوعية عدوة للمجتمع التركي وترفع شعارات هنا وهناك منسوبة الى أتاتورك quot;بسحقهم أينما وجدواquot; يقوم هؤلاء القلة بتنظيم أنفسهم على ضوء الأفكار الماركسية. هذا نرى ان تطورات الأحداث في اقليم كوردستان قد انعكس دوما على مجريات الامور في تركيا. نرى ان هناك انعكاسات ايجابية لبيان الحادي عشر من اذار عام 1970 في العراق على اكراد تركيا كذلك. بادر المثقفون بنشر الكتب ومحاضرات وقائع جلسات محاكمة المناضلين من اجل القضية الكوردية من اتراك واكراد. فقد تم نشر وقائع جلسات محاكمة الأستاذ الجليل إسماعيل بيشكجي في تلك الفترة عن طريق دار نشر كومار الكوردية في انقرة. يزداد تدريجيا تغلغل الأفكار الجديدة بين المثقفين من طلبة الجامعات وأتذكر تلك الفترة عندما تحول احد الأقسام الداخلية للطلبة الجامعيين في العاصمة أنقرة quot; الجمهوريةquot; الى بؤرة للقوى الماركسية اليسارية. بالطبع يجب عدم نسيان ان كل تلك التطورات بالمقابل قد ساعدت على ازدياد انتشار الفكر الفاشي القومي التركي كنقيض للفكر الماركسي والاشتراكي. فهذا احد المناضلين الماركسيين، دنير كزميش يعتلوا حبل المشنقة عام 1972 مرددا:
quot; ها إنا اعتلي المشنقة بشرف في سبيل حرية وتآخي الأكراد والأتراكquot;.
ان دور الشباب التركي والكردي بصورة عامة و اليساري بصورة خاصة في نهضة الحركة الكوردية في تركيا خاصة بعد عام 1973 مهم جدا في سياق معرفة مسار التطورات الفكرية اليسارية الكوردية وصولا الى تأسيس حزب العمال الكوردستاني عام 1978. يعد هؤلاء الرواد اللبنة الأساسية للحركة الكوردية الثورية التي اندلعت في كوردستان. الجدير بالذكر ان هؤلاء كانوا ينتمون في بداية تشكيلاتهم الى خطين مختلفين فكريا احدها يؤمن بالنضال السلمي الديمقراطي واخر بالكفاح الثوري المسلح وكما هو الحال دوما ينتصر العنف على السلم في المنظور القريب ومع الأسف الشديد مما أدى ان يقدم الحركة السلمية الكوردية والتركية معا كوكبة من الشهداء.
كانت سنوات ما قبل انقلاب أيلول عام 1080 , قاده الجنرال كنعان افرن وأعلن نفسه رئيسا للبلاد، فترة فوضى واضطرابات شارك فيها معظم التيارات السياسية من قومية الى يسارية وشيوعية الى عشية يوم الانقلاب وسيطرة الجيش على مقاليد السلطة وإجهاض الديمقراطية مرة اخرى. نرى بان تلك الفترة من حكم العسكر يسيطر عليها الشدة والعنف في كوردستان بصورة خاصة مما يؤدي تصاعد وتيرة العنف المتبادل والغير متوازن وزيادة في التوجه القومي الفاشي للاتراك.
ان الفترة التي جاءت بكثير من التغيرات الايجابية في النظرة النمطية التهميشية السلبية الى الأكراد تعود الى فترة المرحوم طورغوت اوزال الذي يعتبر أول رئيس جمهورية للبلاد ذو خلفية مدنية غير عسكرية. تلاه العديد من المدنيين امثال السياسي المخضرم سليمان دميريل والرئيس السابق احمد نجدت سزر والحالي السيد عبد الله كول. ان اوزال الذي انتخبه البرلمان التركي في 31 أكتوبر/تشرين الأول 1989 رئيسا للجمهورية التركية يعتبر حقا الاب الروحي لعملية التغير في النظرة النمطية للشعب الكوردي في تركيا. انه بنفسه يعود اصوله الى عائلة تعددية قوميا وعاش في جو من التسامح في عائلة ترى في الأعراف والتقاليد الإسلامية أساسا لأسلوب الحياة الكريمة. فتح اوزال باب النقاش برفعه المحرمات في الحديث عن الاكراد في تركيا معتبرا تركيا دولة موزايكية أي تعددية القومية والعقائدية والثقافية.
لا بد ان نذكر بان الحركة الكوردية برمتها تأثرت كالحركات الاخرى بمجريات الأمور عالميا خاصة بعد انهيار جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق والتغيرات في الجغرافية السياسية في العالم. بقى ان نعلم بان حزب العمال الكردستاني قد غير جذريا توجهاته السياسية الفكرية والإستراتيجية وأساليبه الكفاحية وبات اليوم يتحدث عن النضال تحت الديمقراطية الثورية كهدف نضالي سلمي.
ان العديد من السياسيين والشخصيات الكوردية شاركوا دوما وتحت مظلات جميع الأحزاب السياسية وفي السلطة والبرلمان التركي بطريقة وباخرى. لكن جل هؤلاء لم يكن يحمل شعورا قوميا ويمكن جرد قائمة طويلة من الوزراء والقادة ذو اصول كوردية نفى العديد منهم مجرد انتماءه لقوميته الكوردية وربما من قبل التقية. تشكلت العديد من التنظيمات السياسية والاجتماعية والثقافية الكوردية في هذه الفترة كذلك.
أفكار للحوار و التفاوض:
باعتقادي ان قضية كموضوع الأكراد في تركيا تحتاج الى مشاركة واسعة من قبل الجميع في الحل النهائي ومن ضمنها مشاركة الشارع التركي. هذا من ناحية ومن ناحية اخرى يجب ان يكون هناك إرادة سياسية وشعبية وشخصيات تاخذ بالمبادرة وبشجاعة لحل جذري للمسالة. علينا عدم تجاهل دور القوى السياسية الكوردية الداعية للسلام والعاملة اليوم في تركيا. ان انبثاق الحلول من قبل الشعب نفسه يؤدي الى قبول الشعب جميع التبعات والنتائج في حين نرى لحد يومنا هذا العديد من مؤسسات الدولة والأحزاب السياسية تدور في حلقة مفرغة فحواها أفكار قديمة تراكمية ومغلوطة وهي من مخلفات الماضي. تلك الأفكار لم تنلها عملية الإصلاح والتغير ولا يزال مرددوها يغمسون برأسهم في الرمال كالنعام كي لا يروا الحقيقة والتغيرات الجارية حولهم. التغير يبدأ بهم نفسهم وإلا فالرفض للجديد من طبيعة البشر.
ان كنا سنبقى نتناقش حول التسميات والمصطلحات فلن نصل الى حلول فإذا كنا نقول الشعب الكوردي في تركيا او مواطنونا من أصول كوردية فالمعنى سيان واذا ذكرنا جنوب شرق الأناضول فنعني كوردستان. هذا نرى بان المصطلحات التي تحتاج الى تعريف جديد يمكن الاتفاق عليه حتى كلمة quot;الارهابquot; كمصطلح شامل اليوم ليس له تعريف عالمي وعلى المجتمع الدولي وخاصة هيئة الأمم المتحدة تحديد مفهوم يتفق عليه دول العالم حول هذه الكلمة.
ان الشروط مناسبة اليوم لاتخاذ خطوات لحل المشكلة الكوردية كمشروع سلمي للتداول والحوار. هذه الضروف من الناحية الإقليمية والعالمية ملائمة تماما براينا للبدا بالخطوة الأولى. لذا يستوجب على المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوربي وكافة دول العالم المحبة للسلام المشاركة الفعلية في إحلال السلام في ربوع تركيا وفي الشرق الأوسط بصورة عامة. ان حل المسالة حلا دائما وتوافيا في صالح الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم. نحن لا نرى ان هناك أي عداء بين شعوب او دول المنطقة بأسرها للكورد ولا توجد هناك استحقاقات تاريخية بل ان من السهل البت في الحوار.
يستوجب من كافة الأطراف ترك الأفكار والتصورات المسبقة والبديهية والنعرة القومية والرومانتيكية الزائفة والتمتع بحرية التفكير والتغير ورؤية المستقبل من منظور ايجابي تفاؤلي. بالطبع سيتحتم اتخاذ إجراءات قضائية وتغيرات قانونية بالإضافة الى التغيرات القانونية التي بث بها ولكنها لم تصل لجد الآن الى الشارع التركي كي يحس بها وليسهل تغير الأفكار الأولية النمطية عند المواطنين. ان التغيرات التي جرت في تركيا في الفترة الأخيرة مشجعة جدا لبناء مناخ ملائم للعملية السلمية وبناء أواصر الثقة المتبادلة. ان دور الإعلام مهم جدا وقد أبلى الدولة التركية بلاء حسنا حين أقدم على فتح قناة تلفزيونية باللغة الكوردية لرفع حاجز الممنوع quot;التابو المحرمquot;، هنا اقصد اللغة الكوردية. بالطبع هناك نقد موجه الى الإعلام على اعتباره إعلام السلطة والدولة ولكن هذا لا يمنع ان يقدم خدمات جليلة للثقافة الكوردية.
ويجب اجراء تعديلات في أحكام قضائية صدرت بجرائم قد لا تعتبر الفعل quot;جريمةquot; بعد انتهاء المفاوضات وبذلك يتم إطلاق سراح السجناء السياسيين ويتم تأهيلهم كذلك كي يشاركوا وبفعالية في بناء المجتمع وكسب لقمة العيش وتجاوز محن الماضي. هذا من ناحية ومن ناحية اخرى نرى ان كل من يترك السلاح يحتاج الى تأهيل نفسي كي يعود الى الحياة الطبيعية من ناحية ومن ناحية يحتاج الى مساعدة المجتمع لكسب العيش. كما هناك مئات من العوائل التي تعيش في معسكرات خارج حدود تركيا سوف تعود الى حياتها الطبيعية وهناك امور اخرى كثيرة منها القانونية والاجتماعية والأخلاقية يشمل الشهداء والمعوقين والأرامل واليتامى والمتضررين من فترة الصراع المسلح.
المستقل تحت سقف البيت الواحد:
لا بد القول بان تلك الأيام بقت في عداد الماضي فاليوم يفتخر الأكراد بانتمائهم القومي ويتحدثون بلغتهم دون خوف من رقيب او حسيب وعيون رجال الأمن. ويؤمن الكورد بانتمائهم الى وطنهم الموحد تركيا والعيش المشترك مع ابناء الوطن،التسمية لدولة تركيا حديثة ولا بد التأكيد ها هنا بان تسمية الدولة رغم إنها جاءت من توجه قومي، تركيا، لكنها لا تدل ابدا على إنها وطن للأتراك فقط بل تبقى مجرد تسمية جغرافية. واني لأرى بان الانتماء الى ارض الوطن اهم من المصطلحات فكلمة كوردستان تدل على وطن الأكراد ولكن في كوردستان شعوب اخرى كالفرس والاذريين والارمن والتوركمان والعرب والسريان ولعل كلمة أناضول الأقرب تاريخيا لتسمية المنطقة بأكملها رغم ان الكلمة ذو أصول يونانية ورسميا يطلق نعت شرقي وجنوب شرقي أناضول وأحيانا المناطق المحرومة على ما نسميه نحن كوردستان. كذلك نرى مشاركة الكورد الفعالة في الوقت الحاضر في السلطة خاصة في مدن وقصبات كوردستان ومن خلال حزب المجتمع الديمقراطي. ان لهذا الحزب وتوجهاته دور نضالي سلمي يؤكد نجاح النضال السلمي للقوى السياسية الكوردية في إطار الوطن الواحد والمصير والآمال المشتركة لجميع القوميات المكونة للنسيج السكاني لدولة تركيا ضمانا للمسيرة النضالية السلمية.
ان ضعف سيطرة المؤسسة العسكرية على زمام السلطة وتركها لعادتها السيئة بالتدخل كل عشر سنوات في إجهاض الديمقراطية ومؤسساتها، التي تتكرر بين الحين والآخر، لكفيل بدخول تركيا الى عصر جديد. ليس فقط كدولة عضوه ضمن المجتمع الأوربي من خلال الاتحاد الأوربي فحسب بل كقوة مؤثرة لمجمل الحركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في المنطقة والعالم الإسلامي. عصر يكون مواطني دولة تركيا دون أي تفريق شريكة ومواطنين كامل المواطنة في وطنهم تحت راية دولة القانون. كما عليها مواطني الاتحاد الأوربي اليوم.
هذا كله نتيجة مباشرة لنضال قوى المحبة للسلام من أبناء الشعب الكوردي والتركي وكافة القوى المحبة للسلام.
فاي بيت هذا الذي يخلو من خصام ونزاع؟ أقول قولي هذا وانا مدرك تماما بان هناك دائما أصوت سوف تنتقد كل تغير وكل ما هو مخالف للصورة النمطية في مخيلتهم وحتى كتابتي هذه. فكيف يعقل ان يتغير رأي الإنسان الذي ادعى ألوف السنين بان الأرض مسطحة ثم جاء من يدعي بكرويتها؟
نعم ايها القارئ الكريم هذا هو حال المسالة الكوردية تماما اليوم في تركيا بعد أعوام حضر عليهم التمتع بأبسط الحقوق الإنسانية وتم المعاملة معهم على أساس قوانين ودساتير جائرة ترفض وجودهم وتلغي ثقافتهم ولغتهم. فبارك الله لكل من وضع لبنة في هذا الصرع السلمي من سياسيين وأدباء ومثقفين ورجال دولة وعسكريين من أبناء تركيا والعالم اجمع.
لندع ماسي الماضي ليغدو نبراسا ينير الدرب لجيل المستقبل فالتجارب كالنجوم تقودنا الى الطريق الصحيح في عتمة الظلام.
السويد
التعليقات