ريبيكا فراسكيه من باريس: يتطرق المخرج الفرنسي فلوران ايميليو سيري في quot;عدو حميمquot; الى حرب الجزائر في فيلم يطغى عليه طابع تعليمي بالاستناد الى حياة جنود فرنسيين رسمهم كجلادين حينا وضحايا احيانا. في العام 1959 وفي خضم حرب الجزائر التي لم تكن تسمى كذلك، يلتحق اللفتنانت تريان (الممثل بونوا ماجيميل) الذي كان في حياته المدنية يعمل رسام خرائط صناعية، بالقوات الفرنسية التي تشن عمليات عسكرية في منطقة القبائل. وسرعان ما يختلف تريان وهو انساني وحساس، داخل الوحدة التي عين قائدها، مع السرجنت دونياك (البير دوبونتيل) quot;الصقرquot; الذي ما زال يحتفظ بشيء من الشرف العسكري وسط بحر من الهمجية. ويغوص quot;عدو حميمquot; من البداية في صلب الحرب بصور عملية تفتيش ليلية عنيفة في احدى قرى منطقة القبائل، يراقبها الجيش الفرنسي نهارا والمقاومة الجزائرية ليلا.

صورة ارشيفية من حرب الجزائر

ولدى عودة الجنود الفرنسيين في الليلة التالية كان المقاومون ذبحوا كافة القرويين الذين صفت جثثهم على ارض احد المنازل. ويسارع دونياك الى تفسير المذبحة بالقول quot;انها ليست همجية مجانية! ارادوا بث الرعب في نفوس القرويين الاخرينquot;. لكن تلك المشاهد الاولى تطرح من اول وهلة مزايا الفيلم ونقائصه. وحاول فلوران اميليو سيري وهو من المعجبين بالافلام الاميركية التي تناولت حرب فيتنام مثل quot;بلاتونquot; للمخرج اوليفر ستون او quot;القيامة الآنquot; لفرانسس فورد كوبولا، ان يضفي على quot;عدو حميمquot; طابعا ملحميا. لكن الفيلم بصبغته الحربية المثيرة -- مشاهد معارك في صورة بانورامية والتاثيرات الخاصة وتحليق المروحيات والصور الرمادية ذات الالوان المتناقضة -- تطغى على هدف سيري الاخر وهو جعل المشاهد يعيش الحرب عن قرب. ولأنه لم ياخذ الوقت اللازم للتركيز على شخصيات لن نعرف عنها الكثير في نهاية المطاف سواء بشان ماضيها او مقوماتها النفسية، جعل لمخرج من هgt;ه الشخصيات افكارا تجريدية. لكن الفيلم يستند الى توثيق كبير بفضل الابحاث التي قام بها باتريك روتمن كاتب السيناريو والموثق الشهير -- الذي كتب سينارو افلام quot;شيراكquot; وquot;فرانسوا ميتران، رواية السلطةquot; وquot;حرب بدون اسمquot; وهو فيلم وثائقي حول حرب الجزائر ووقعه بالاشتراك مع المخرج برتران تافرنييه.الا ان quot;عدوا حميماquot; الذي يجهد في استيعاب تلك المادة الغنية، يخفق في كثرة المشاهد المثيرة جدا والنقاشات التي تشبه نبوءات.ويقول اللفتنانت تريان الذي يواجه التعذيب لاول مرة لكنه يبدو وكأنه استوعب كل دروس التاريخ quot;عندما يكون امر غير مقبول اخلاقيا يجب ان نرفضه ايها الكابتن!quot;.ويؤكد بعد ذلك quot;لا يمكن ان نرد على الهمجية بالهمجية! سنظطر يوما على التحاور على الجزائريينquot;.
ولم تظهر وجهة النظر الجزائرية الا من خلال مصير ماساوي لجنديين عربيين (احدهما يقوم بدوره الفكاهي الجزائري محمد فلاق) قاتلا من اجل تحرير فرنسا ثم اضطرا وفاء للعلم الفرنسي ان يقاتلا اخوانهما. اما السكان فانهم لا يظهرون الا في ملامح رمزية جدا لطفل ينبذ رجلا فرنسيا كان يحميه.
ويعرض الفيلم في فرنسا اعتبارا من الثالث من تشرين الاول/اكتوبر.