صلاح سرميني من باريس: في العدد الأول من النشرة الفصلية quot;الصورة الفلسطينيةquot; التي صدرت بتاريخ تشرين الثاني 1978، ورداً على سؤال:
ـ ماهو الفرق بين عملكم، وعمل مُراسلي الوكالات؟
أجاب المُصور الفلسطيني الشهيد عبد الحافظ الأسمرquot;عمر المختارquot;:
ـ يتطلب عمل المُراسل تغطية الحدث بسرعة، وينحصر واجبه بإرسال خبرٍ سريع، بينما عملنا إنسانيّ أكثر مما هو إخباريّ، البحث عن الحقيقة, وليس عن الخبر المُجرّد، المُهم بالنسبة لنا تقديم الحدث بكلّ جوانبه الإنسانية.
اليوم، تُفرّخ البلاد العربية مهرجاناتٍ دولية، ومحلية، بعضها جادةُ، وجديةُ تماماً، وأخرى احتفاليةُ، وترويجية، بدأت جميعها تتنافس على أفلام عربية quot;أو حتى أجنبية لمُخرجين عربquot; قليلةٌ، ونادرةٌ أحياناً. وبدل التقليد العاجز للمهرجانات السينمائية الدولية الكبرى، كان عليها التخصص في سينماتٍ محددة، أو موضوع معين كحال المهرجانات الأجنبية quot;المغرب تسير في هذا المنحىquot;.
ففي 29 يوليو 2009 نشر موقع quot;إيلافquot; خبراً كتبه quot;كامل الشيرازيquot; من quot;وهرانquot; بعنوان quot;دعوة إلى تأسيس مهرجان للفيلم العربي في القدسquot;:
quot;أفضى اجتماعٌ حضره 14 رئيساً، ومديراً تنفيذيا لمهرجانات السينما العربية إلى تزكية مُقترح فلسطينيّ تضمّن تأسيس مهرجان للفيلم العربي في القدس، وهي فكرةٌ لاقت استحسان مدراء المهرجانات، واتفقوا على السّعي إلى تجسيدها بحر العام القادم،...quot;.
وأعتقد جازماً أنّ الفلسطينيّ quot;عز الدين شلحquot;quot;واتركه يختار الصفة المهنية المُناسبة كما يحلو له: صحفيّ، ناقد سينمائيّ، رئيس مهرجان القدس السينمائي الدولي/أو مشروعهquot; كان وراء الاقتراح، ومناقشته في ذلك الاجتماع، وهو الذي امتلك مُسبقاً استحقاق التفكير به، وجعله موضع نقاشٍ هنا في موقع quot;إيلافquot;، وهناك في وهران، وغيرها،..ولكن، بطريقةٍ ترويجية مُتسرعة أثارت التساؤلات، والشكوك حوله.
وبالاعتماد على حوارٍ أجراه quot;حميد الأبيضquot;quot;صحفيّ مغربيّ مُتخصصٌ بأخبارquot;عز الدين شلحquot;، نُشر في موقع quot;إسلام أون لاينquot; بتاريخ 10 مارس 2009، أستخلصُ تفاصيل عامة لمشروعه، وأُلخصها بنقاطٍ رئيسة، أتفق، تعاطفاً، مع بعضها، وأختلف، حاسماً، مع أخرى أجدها quot;مدرسيةquot; تفتقد المهنية:
*الجوانب الإيجابية التي أتفق مع محتواها، وأسجلها بعد تعديلٍ طفيفٍ في صياغتها:
ـ فكرة تأسيس مهرجان دوليّ، قوميّ، أو محلي عن فلسطين.
ـ التركيز على الأفلام التي تتناول القضية الفلسطينية بشكلٍ عام.
ـ تسليط الضوء على مدينة القدس، ولفت انتباه المُنتجين إليها.
ـ المُساهمة بالتعريف بالقضية الفلسطينية.
ـ تبني المخرجين الفلسطينيين، والعرب، وكلّ المُناصرين لقضاياها، خاصةً القدس، واللاجئين، والمُعتقلين، والمُستوطنات، والحصار.
ـ التصدي للسينما الصهيونية.
ـ احتكاك السينمائيين الفلسطينيين العاملين في المهرجان مع سينمائيين عرب، وأجانب، والاستفادة من الخبرات المُتبادلة.
ـ تشجيع السينمائيين الفلسطينيين لإنتاج أفلام للمُشاركة في هذه التظاهرة، وتعزيز دورهم في إثراء الخزينة السينمائية الفلسطينية.
ـ المُشاركة المفتوحة لكلّ السينمائيين، والمخرجين، والمنتجين، والممثلين العرب، والأجانب quot;وأتحفظ على الصياغة المُبهمة لمعنى المُشاركةquot;.
*الجوانب السلبية/ الخلافية التي تحتاج إلى مناقشةٍ مُعمّقة:
ـ العنوان: quot;مهرجان القدس السينمائي الدوليquot;.
منذ البداية، يُثير العنوان تساؤلاتٍ، وحالةً من الاستغراب، ولهذا، كتبت مُسبقاً قراءةً في موقع quot;إيلافquot; لإثارة هذا الموضوع، وتوقعتُ أنّ quot;عز الدينشلحquot; يسعى، رُبما، إلى التذكير، والاحتفاء بمدينة quot;القدسquot; عاصمةً أبديةً لـquot;فلسطينquot;، حتى وإن كانت أمنيةً عزيزةً علينا جميعاً quot;أو أقلّ من جميعاً بنسبةٍ ماquot;، لأنّه، وحسب أقواله في حواراتٍ منشورة في صحفٍ، ومواقع كثيرة، كان يرغب في أن تنعقد دورته الأولى في إحدى المدن المغربية، وربما تنتقل من مدينةٍ عربية إلى أخرى كمهرجانٍ سينمائيّ مُتنقل يعكس حال الشتات الفلسطيني منذ الاحتلال عام 1948 وحتى اليوم.
ولكن، على الرغم من الهدف النبيل من اختيار العنوان، ترتبط معظم المهرجانات السينمائية باسم المدينة التي تنعقد فيها، ومن العبث، مثلاً، تأسيس مهرجان في دمشق، وتسميته quot;مهرجان بغداد السينمائي الدوليquot;، فقط بهدف التذكير بالعظمة التاريخية التي تتمتع بها هذه المدينة، ولكن، من الطبيعيّ القول مثلاً: quot;مهرجان الأفلام الفلسطينية في بلاد الواق الواقquot;.
ومن جهةٍ أخرى، وأنا الذي quot;أدّعيquot; معرفةً نظريةً تفصيلية، وعامة بمهرجانات الدنيا quot;أو ربعها على الأقلّquot; التبس عليّ الأمر عندما قرأتُ الخبر أول مرة، في البداية، اعتقدتُ أنّ المهرجان ينعقدُ في quot;القدس المُحتلةquot; نفسها، وحينها، طرحتُ على نفسي سؤالاً:
ـ كيف يصبح quot;عز الدين شلحquot; مديراً لمهرجانٍ سينمائيّ دوليّ في دولة الاحتلال، وهل وصلت إلى درجة من الديمقراطية/الشفقة كي تسمح لفلسطينيّ بقيادة مهرجان سينمائيّ دوليّ؟ خاصةً، وأنه يُحيل فوراً على مهرجانٍ آخر ينعقدُ في إسرائيل يعود تاريخ تأسيسه إلى عام 1984، وانعقدت دورته الأخيرة خلال الفترة من 9 وحتى 18 يوليو 2009، ولكن، في المُقابل، قلتُ لنفسي: ولِمََ لا، رُبما يرغب quot;عز الدين شلحquot; في تحديّ المهرجان الإسرائيلي، وهذا من حقه؟.
وفي الوقت الذي لم يذكر quot;شلحquot; كلمةً واحدةً عن المهرجان الإسرائيليّ في أيّ حوارٍ، أو خبرٍ سابق، مُعتقداً أنّ القارئ العادي، أو المُتخصص غافلٌ عن النشاط السينمائي في إسرائيل، سرعان ما تذكر المهرجان في ردّه المُتسرّع، والمُراوغ الذي كان ينتظره معارضوه، ومناصروه quot;على أحرّ من الجمرquot;، والذي نُشر في quot;إيلافquot; بتاريخ 30يوليو 2009 تحت عنوان quot;مشروعquot; مهرجان القدس السينمائيّ الدوليّ، بعد أن كان حدثاً quot;انطلقت فعالياتهquot;، وفيه تبنّى فكرة quot;التحديquot;، ولم يعِ بأنّ كلماتي كانت تتضمّن سخريةً مُبطنة.
ـ التأكيد بأنها مبادرةٌ هي الأولى من نوعها في تاريخ السينما الفلسطينية:
وهي شطحةُ كبيرةُ مسح بها تاريخ كلّ المُبادرات الصغيرة، والكبيرة تلك التي تحققت عملياً quot;وليس وهماًquot; في داخل الأراضي الفلسطينية، أو خارجها، ونسي المُبادرة الأهم، وهي quot;مهرجان القصبة السينمائي الدولي في رام اللهquot;، وكلّ الأسابيع، والتظاهرات، والمهرجانات المخصصة للسينما الفلسطينية التي انعقدت، وما تزال تنعقد في أطراف المعمورة.
ـ تاريخ الإعلان عن المهرجان، وفترة انعقاده:
أيّ منخرطٍ في العمل المهرجاناتي، سوف يكتشف فوراً عبثية الترويج لمهرجانٍ دوليّ في بداية شهر مارس 2009، وتحديد فترة انعقاده خلال الأسبوع الأول من شهر سبتمبر، وهي فترة غير كافية إطلاقاً للتحضير، وخاصة في quot;منطقة ملتهبةquot;، ومن ثمّ الوصول إلى شهر أغسطس، والاعتراف بأنه مجرد quot;مشروعquot;، ولكن، الاستمرار في استغلال صفةٍ اعتبارية quot;وهميةquot;(رئيس مهرجان دوليّ)، والمُتاجرة بالسينما، والقدس، والقضية الفلسطينية.
ـ لفتُ أنظار العالم إلى القدس، وأهميتها في وجدان العالم العربي، والإسلامي بشكلٍ خاص، والقضية الفلسطينية بشكلٍ عام.
وكأنّ القدس ليست مُتجذرةً في وجدان المسيحيين، واليهود، ومن ثمّ أليس الأجدر بأن يلفت quot;شلحquot; الانتباه إلى ما يحدث في غزة، والضفة الغربية، فيختار مثلاً مبادرةً تحمل عنوان quot;المهرجان الدولي للأفلام التسجيلية، والقصيرة في غزة، والضفة الغربية quot;وهي فكرةٌ طرحتها على أحد سينمائييّ الداخل بهدف مناقشة إمكانيات تحقيقها, ولكن بصيغة مختلفة تماماً عن شعارات quot;شلحquot;، وخطاباتهquot;.
ـ مهرجان تحتضنه غزة، والضفة الغربية في وقتٍ متزامن.
كيف يمكن تأسيس مهرجانٍ في منطقتين جغرافيتين منفصلتين تُعانيان من حصارٍ، واعتداءاتٍ إسرائيلية في أيّ لحظة، والدخول إليهما إما عن طريق الأردن، أو مصر، أو إسرائيل.
ـ استقطاب مُشاركين من دولٍ عربية، وأجنبية مختلفة، ودعوة نجوم عالميين للمُشاركة في المهرجان، والسينمائيين العرب، والأجانب.
تنظيم مهرجان سينمائي دوليّ يعني حتماً نسخ أفلامٍ تصل، وتعود إلى أصحابها، وإذا تجرأ السينمائيون على إرسال أفلامهم، وتغاضوا عن ضياعها، مصادرتها، أو تلفها، فهل يصل quot;نضالquot; أحدهم، وتعاطفه مع quot;القضيةquot; إلى حدّ المُخاطرة بالسفر إلى الضفة، أو قطاع غزة، وانتظار مشيئة الله، والحصار كي يدخل إليهما، أو يخرج منهما؟.
وهل تتوفر في المنطقتين الحدّ الأدنى من البنية التحتية لاستقبال الضيوف المُفترضين: مواصلات، فنادق، صالات سينمائية، مناخ أمني،...
ومرةً ثانية، وعلى الرغم من تحفظاتي، إلاً أنني لن أقف في الجانب السلبيّ، وسوف أساهم اليوم، وغداً بتوجيه الانتباه نحو أفكار، وآراء، ومقترحاتٍ قابلة للتعديل، والنقاش، والتطوير،.. مساهمةً مني في دفع المشروع إلى الأمام، بدل تثبيطه، وتحطيمه.
فلسطين ليست طيفاً
نحن موجودون
وتأبيناً لوفاة السينمائيّ الفلسطينيّ المُناضل quot;مصطفى أبو عليquot;، لا أملك إلاّ العودة إلى وثيقةٍ مكتوبة على قدرٍ كبيرٍ من الأهمية، هي العدد الأول من النشرةالفصلية quot;الصورة الفلسطينيةquot; التي صدرت في تشرين الثاني من عام 1978عنquot;مؤسّسة السينما الفلسطينية/الإعلام المُوّحد/منظمة التحرير الفلسطينيةquot;، وأشرف على تحريرها وقتذاك مع اثنين من رواد السينما الفلسطينية هما:عدنان مدانات، وجان شمعون.
في الافتتاحية، لفت انتباهي لغة مُتواضعة تتمنى الكثير من الطموحات، وأيضاً، عدم التركيز على اسم مُحدد، ولم تُبالغ quot;هيئة التحريرquot; بتضخيم ذاك الإنجاز الثقافيّ/السينمائيّ، فلم يكن العدد الأول ـ وُفق كلمتهم ـ أكثر من صفحات نشرة سينمائية تخيّرت عدم تخصصها في السينما فقط، بل بالصورة الفلسطينية بشكلٍ عام، وتعمّدت صيغةً لغويةً مُستقبليّة (ستصدر عن quot;مؤسّسة السينما الفلسطينيةquot; كلّ ثلاثة أشهر)، بدل الماضي، أو الحاضر quot;صدرتquot;، وبكلّ تواضعٍ أكملت، بأنها quot;ليست أكثر من محاولةٍ لإيجاد منبر نظريّ يُواكب الإنتاج السينمائي الفلسطيني، ..quot;.
quot;وستسعى في الأعداد اللاحقة لمُواكبة أشكال التعبير الثقافي، والفني الأخرى إيماناً بتكامل العمل الثقافي ككلّquot;.
تُجسّد تلك الكلمات أخلاقياتٍ نضالية، إنسانية، ومهنية صادقة تحلى بها روّاد السينما الفلسطينية في التعبير عن رغباتهم، طموحاتهم، وإنجازاتهم، والبعض منهم quot;المُصورين خاصةًquot; استشهد في ساحات القتال: هاني جوهرية، إبراهيم مصطفى ناصرquot;مطيع إبراهيمquot;، عبد الحافظ الأسمرquot;عمر المختارquot;، وسلاف جاد الله،...
وقد أعادتني تلك quot;الكلمةquot;، وصفحات العدد(24 صفحة) إلى التفكير جدياً بمشروع سينمائيّ/نضاليّ يتجسّد بإحياء quot;مهرجان أفلام، وبرامج فلسطينquot; الذي انعقد في بغداد لدورتين فقط 1976 و1978 quot;المعلومة بحاجةٍ إلى تصليحٍ إن تطلب الأمرquot;.
وفي هذه المُناسبة، أطرح الفكرةً للمُناقشة، وأنصح الآخرين انتظار تحرير القدس كي يؤسّسوا فيها مهرجاناً عربياً، أو دولياً.
وقبل ذلك، بإمكانهم تأسيس مهرجان عربيّ، دوليّ، أو محليّ quot;لا فرقquot; يستوحي أهدافه، وبرامجه من افتتاحية العدد الأول من نشرة quot;الصورة الفلسطينيةquot;:
ـ تنظيم مهرجانٍ سنويّ في أيّ مدينة عربية، أو أجنبية بهدف عرض عموم الإنتاج السينمائي الفلسطيني quot;سينما، وفيديوquot; لمُخرجي الداخل/والمهجر.
ـ يهتم المهرجان بعرض الأفلام الصديقة عن فلسطين.
ـ تحويل الحدث إلى منبرٍ للحوار، والنقاش، والجدل بين مبدعي السينما الفلسطينية، والمُهتمين بها.
ـ تقصي أساليب الدعاية من خلال السينما، وذلك بعرض الأفلام الصهيونية المُضادة، مناقشتها، دراستها، وتحليلها.
ـ بحث فكرة quot;النضالquot; من خلال السينما بكافة أشكاله المادية، والمعنوية quot;بما فيه النضال من أجل لقمة العيشquot;.
ـ إعداد برنامج دوريّ يهتمّ بالأفلام السياسية.
وفي العدد الأول نفسه من quot;الصورة الفلسطينيةquot; ترجمت quot;هيئة التحريرquot; مقالة نُشرت في العدد 256 من مجلة quot;دفاتر السينماquot; الفرنسية بتاريخ شباط ـ آذار عام 1975 كتبها الناقد السينمائي الفرنسي quot;سيرج لوبيرونquot;، مقالة دالة يمكن الارتكاز عليها نظرياً، وعملياً لتجسيد طبيعة المهرجان، وأهدافه بعيداً عن الشعارات، والانتهازية :
(السينما الفلسطينية موجودة، ولم تعد هذه الحقيقة مجالاً كبيراً للاستغراب، مادمنا بدأنا نقرّ بوجود شعب فلسطين، ثمة بالتأكيد بعض المسائل القانونية المُتعلقة بهذا الوجود، لكن، لابد أن يصبح يوماً معترفاً به قانونياً، وعالمياً اعترافاً كاملاً، وفي هذه الأثناء، فإن الشعب يفرض نفسه على أرض الواقع، بما أننا نستطيع مشاهدة أفلامه، والتحدث عنها قليلاً، وأنها جزء لا يتجزأ من الذاكرة الفلسطينية، ذاكرة انفجرت في الزمان، والمكان شظايا صغيرة، قطعا من أفلام، من صور، ومن أصواتٍ محفوظة في علب يصعب التعرّف إليها، وضع عناوينها أناس آخرون، إنها نتف من روايات التقطتها أشرطة من أفلام ينبغي إعادة ترميمها، وتصنيفها، وحفظها، لأنها مسألة حيوية، لأنها البرهان عن وجود له ماض، وعلامة الهوية، ولأنها تاريخ بحدّ ذاتها.
تحتوي هذه الأفلام أيضاَ على الذاكرة المُعاصرة، وعلى صور عن الوجود الراهن، وضمانة الوجود الآتي، كما أنها تعبر عن طريقة الوجود الجديد، طريق القوة، طريق النضال بكلّ أشكاله، شريطة أن تضمن هذه الأشكال مصداقية التأكيد الأصيل:quot; نحن موجودونquot; وتضمن على الأغلب، وببساطة نفى النفيّ الزاعم: quot;إنهم لم يُوجدوا قطّquot; على حدّ تعبير quot;غولدا مائيرquot;).
وفي العدد نفسه أيضاً من quot;الصورة الفلسطينيةquot; كتب الشهيد الفلسطينيّ quot;عز الدين قلقquot; جملته الشهيرة:
(فلسطين ليست طيفاً، ولن تكون، فلسطين ماضٍ، وحاضر، ومستقبل).
توضيح حول مهرجان القدس السينمائي الدولي
بين وجاهة الفكرة، وصفاقة الإعلان
السيد صلاح سرميني المُحترم
تابعتُ باهتمام ما كتبتَ حول ما يُسمى بـquot;مهرجان القدس السينمائي الدوليquot;، وحيث إني أقدر فيك غيرتك على السينما العربية، واهتمامك الخاص بالشأن السينمائي الفلسطيني، وأثمن ما اتصفت به مقالتك (المنشورة في إيلاف بتاريخ25 يوليو 2009) من موضوعية، ودقة، أرى من المناسب ـ لكشف جانبٍ من المُلابسات التي أحاطت بهذه المسألة ـ أن اعرض عليكَ، وعلى الرأيّ العام ـ بصفتي أمين سرّ احتفالية القدس ما يلي:
أولا : كان السيد quot;عز الدين شلحquot;، قد تقدم من خلال quot;جمعية الشباب للتنمية الشعبيةquot; إلى المجلس الإداري للاحتفالية في رام الله في مشروع quot;مهرجان القدسالسينمائي الدوليquot;، بهدف تمويله، وذلك بعد أن كانت الاحتفالية قد أعلنت عن فتح الباب لاستقبال مشاريع ثقافية، بدءاً من النصف الثاني من العام الماضي 2008.
ثانياً: قام المجلس الإداري بتحويل المشاريع الخاصة في غزة إلى لجنة الاحتفالية في غزة، حيث توقفت اللجنة، ودرست، مُستعينةً بلجان اختصاص، المشاريع المُقدمة، وكان من ضمنها مشروع quot;مهرجان القدس السينمائي الدوليquot;.
ثالثاً: كان رأي اللجنة ردّ المشروع، أي عدم قبوله بالصيغة التي قُدم بها، وذلك للأسباب التالية:
ـ رغم وجاهة الفكرة، إلا أن مضمونها يشير إلى مهرجان quot;قوميّquot;، يُفضل بأن تُنفذ في القدس ذاتها، أو في العاصمة المُوقتة quot;رام الله، بيت لحمquot; لحين تحرير القدس.
ـ رأت اللجنة أن يتمّ الاهتمام بالفكرة على المستوى الوطني، حتى يتحول المهرجان إلى مؤسسة خاصة تقيم دوراتٍ سنوية، لا أن يبقى الأمر في إطار مناسبة عابرة.
ـ عدم تخصص الجمعية التي تقدمت بالمشروع.
ـ ضرورة أن يكون على رأس المهرجان رموز السينما الفلسطينية: ميشيل خليفة، ايليا سليمان، هاني أبو أسعد، ... حتى يمكن للمهرجان أن يتمتع بالمصداقية، والقدرة على جذب، واستقطاب السينمائيين العرب.
ـ يمكن لـquot;عز الدين شلحquot;، وهو غير معروف كسينمائي، أن يكون مديراً إدارياً للمهرجان، ولكن ليس رئيساً له.
ـ تحفظت اللجنة على محتوى المشروع، حيث كانت الميزانية في معظمها (حوالي 85% ) ذات طابع إداري، فيما لم تكن واضحة خطة تنفيذ المشروع، خاصة كيفية العروض، والمُشاركة الخارجية، ومكان تنفيذ المهرجان، وكيفية الربط بين رام الله، وغزة.
واقترحت اللجنة إعادة المشروع باتجاه أن تقوم غزة بتنفيذ مهرجانquot;جهويّquot; يهتم بعرض الأعمال السينمائية لمخرجيها خلال الحرب على غزة مثلاً.
بالنسبة لنا، كاحتفالية، انتهى الأمر عند هذه الحدود، حدود وجود فكرة غير قابلة للتنفيذ كما قُدمت لنا.
رغم ذلك، وبصفتي مُنسق عام quot;شبكة الكتاب الفلسطينيينquot;، والتي تمتلك موقعاً إعلامياً/ ثقافياً إلكترونياً (شرفات) كنت أفاجأ بالأخ quot;عز الدين شلحquot; يرسل لي quot;مقابلات مُفبركة quot; يُجريها مع نفسه، أو تصريحاتٍ لم يأخذها منه احد الصحفيين، اعرف هذا بخبرتي الصحفية التي تمتدّ عبر ربع قرن من السنين في العمل الثقافي، والإعلامي ـ بهدف تمرير اسمه مُترافقا مع اللقب الذي يبدو بأنه لا يمتلك غيره quot;رئيس مهرجان القدس السينمائي الدوليّquot;.
وحيث إنّ الأخ quot;عز الدين شلحquot; منذ خمسة عشر عاماً, حين راجعني عام 94، وكانت لديه مؤسسة اسمها صامد, بصفتي مديراً في وزارة الإعلام، أحيطكم علماً بأنه بعد ذلك، وتقريباً منذ عام 95 عمل موظفاً في المجلس التشريعي، حيث لم اقرأ له يوماً خبراً يشير لا من قريب، أو بعيد إلى أنه صحفي، أو له علاقة بالسينما كمخرج، أو ناقد، أو ممثل.
من الواضح، أنّ إصرار quot;شلحquot; على حمل لقب quot;رئيس مهرجان القدس السينمائي الدوليّquot; ـ الذي لا يعدو كونه، في حدود علمي، مجرد فكرة، إنما يجيء بهدف منحه لقباً يفتقر إليه، لكن، وربما كان هذا من حق أيّ شخص أن يحلم، أو يتوّهم كما يشاء، لكن اللوم الأساسي يقع على عاتق المهرجانات التي لا تُدقق في طبيعة الأشخاص الذين تُوجه لهم الدعوات، هنا لا يبرر عدم المعرفة، أو الإحاطة للناس ـ حيث يمكن بكل بساطة في عصر الانترنت أن تضع الاسم في دائرة البحث على صفحة غوغل، لتعرف شيئاً من الحقيقة.
أخيراً، مع تقديرنا للمشاعر الجياشة التي يُبديها الأشقاء العرب لنا كفلسطينيين، فإننا نجد أنفسنا الآن مدعوّين مُجدداً أن نُعيد ما هتف به يوماً الراحل العظيم quot;محمود درويشquot;:
ارحمونا من هذا الحب.
رجب أبو سرية
أمين سرّ احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية/مُنسق عام شبكة الكتاب الفلسطينيين/روائيّ، وقاص وإعلامي/غزة.
هامش توضيحيّ، واعتذار:
حول الموضوع الإشكاليّ المُثار حالياً، كتبتُ قراءةً توضيحيةً بعنوانquot; مهرجان القدس السينمائيّ الدوليّ في الضفة الغربية، وقطاع غزة، هل هو مشروعٌ حقيقيّ، أم فكرةٌ إنتهازية؟quot; نُشرت في quot;إيلافquot; بتاريخ 25 يوليو 2009، وتخيرتُ نشر صور بعض السينمائيين الفاعلين في السينما الفلسطينية (إيليا سليمان، بثينة خوري، آن ماري جاسر، هيام عباس، وصورةً من غلاف كتاب السينما الفلسطينية في القرن العشرين للناقد السينمائي الفلسطيني بشار إبراهيم)، بدل نشر صورة واحدة، ووحيدة لـquot;عز الدين شلحquot; وهو في quot;عزّquot; حالاته النفسية، والمعنوية.
ومن المُفيد التأكيد، بأنّه لا يوجد أيّ علاقةٍ من قريبٍ، أو بعيدٍ بين أصحاب الصور المنشورة، وquot;مهرجان القدس السينمائي الدوليquot;، ورئيسه المُفترض quot;عز الدين شلحquot;، علماً بأنّ كلّ السينمائيين، والفنانين، والإعلاميين، والمُثقفين الفلسطينيين، والعرب الجادّين، والشرفاء معنيون مباشرةً، ومطالبون بالتصديّ بحزمٍ لمثل هذه التجاوزات الخطرة التي حدثت/ وتحدث/أو يمكن أن تحدث في الوسط السينمائي العربيّ.
إحالة إلى نصّ القراءة التي كتبتُها حول هذا الموضوع:
http://www.elaph.com/Web/Cinema/2009/7/464702.htm
إحالة إلى ردّ quot;عز الدين شلحquot;:
التعليقات