حوار مع الشاعرة فاطمة بوهراكة
محمد الحمامصي من القاهرة: في تعاون إبداعي ربما يعد الأول من نوعه بين شاعرتين إحدهما من المشرق العربي والآخرى من المغرب العربي شاركت الكويتية د. سعاد الصباح والمغربية فاطمة بوهراكة في إطلاق عمل مسرحي بعنوان فيتو على نون النسوة عرضت علي المركب الثقافي بمدينة فاس.
وتعد الشاعر المغربية فاطمة بوهراكة واحدة من أبرز الأسماء الشعرية الشابة علي الساحة المغربية، بدأت تجربتها أثناء دراستها الجامعية حيث شاركت بقصائد في عدد من المجموعات الشعرية المشتركة ثم استقلت لتصدر أكثر من ديوان وفي هذا الحوار معها نتعرف علي تجربتها ورؤيتها للإبداع والثقافة في المغرب.
** ما طبيعة التجربة التي جمعتك و الدكتورة الشاعرة سعاد الصباح؟
** التجربة التي جمعتني والشاعرة الدكتورة سعاد الصباح هي عبارة عن مسرحية شعرية أطلق عليها عنوان فيتو على نون النسوة وهو في الأصل عنوان لأحدى قصائد الدكتورة من ديوانها فتافيت امرأة.
حيث تضمنت هذه النصوص الشعري عدة قضايا إنسانية منها: الوطن, الذات المبدعة وعلاقتها الوطيدة بالغربة. التمرد الإبداعي, مع خطاب موجه لمن يريد أن يضع فيتوه على المرأة المبدعة سواء كان ذكرا أو أنثى لأننا كشاعرات عازمات على مواصلة الركب رغم كل العراقيل.
إنه تحدي المرأة المبدعة المصرة على النضال الإبداعي في قالب شعري ممسرح على شكل مونولوج جميل وأعتقد أنها البادرة الأولى عربيا فلم أسمع من قبل أن هناك مبدعتين إتحدتا في عمل شعري مسرحي عربي ذو حمولة أدبية وفكرية تجمع اختلاف الطباع والثقافة و الفكر الكويتي بنظيره المغربي أو الخليجي بنظيره المغاربي.
وإذا كانت شاعرتنا الكبيرة سعاد الصباح قد وشحتني بهذا العمل المشترك الذي أعتبره تكليفا أكثر منه تشريف خلال مسيرتي الشعرية القادمة, فلا يفوتني أن أقول لها: قبولك هذا جعلك تكبرين أكثر فأكثر في عيني سيدتي لأنك ورغم تجربتك الشعرية الطويلة جدا التي تفوق عمري الحالي لم تتكبري علي بل كنت السند والمشجع وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سمو أخلاقك وتواضعك فكما قال الشاعر:
ملأى السنابل تنحني تواضعا والفارغات رؤوسهن شوامخ
** هل يمكنك الحديث عن تجربتك الشعرية, وأهم محطاتها؟
** يمكنني القول أن بدايتي الشعرية كانت مع نشر أول نص بجريدة الميثاق الوطني سنة 1991 تحت اسم اليوم الأخير ,هذا النص الذي فاز بجائزة الابداع الشعري بمدينة فاس سنة 1994
وبعدها استمرت عملية النشر الورقي مع عدة جرائد ومجلات وطنية ودولية منها: الصحراء المغربية, الحركة, الزمن, شبابيك المالطية, زهرة الخليج, عشتاروت اللبنانية, الأهالي والحقيقة العراقية, أفروديت, الحركة الشعرية بالمكسيك, الراية القطرية... إلخ
وكان نتاج هذا الكم الابداعي هو أربع دواوين مشتركة أيام الجامعة جاءت على الشكل التالي: احتراقات عشتار سنة 1995 ـ غدائر البوح سنة 1996 ـ وشم على الماء سنة 1997 ـ بهذا وصى الرمل سنة 1998، رفقة ثلة جميلة من الأسماء الشعرية المغربية لتأتي بعدها مرحلة الديوان الفردي سنة 2001 مع إصدرا ديوان اغتراب الأقاحي في طبعته الأولى ثم الطبعة الثانية سنة 2003 والذي قامت بترجمته إلى اللغة الفرنسية الشاعرة فاطمة الزهراء العلوي.
** ما مفهومك للشعر, وفي ضوء هذا المفهوم كيف تطورت تجربتك؟
** في اعتقادي الشخصي الشعر هو الحياة أو بلغة أوضح هو أوكسحين الحياة, هذه الحياة المليئة بثاني أوكسيد الكاربون القاتل ومن تم كان لزاما علينا نحن المبدعون أن نترك الشعر في رئتنا حتى نتمكن من العيش داخل مجتمع مليء بالرياء والنفاق الاجتماعي الزائف.
من هنا ومن خلال هذا التصور الخاص تطورت تجربتي الشعرية بتطور مراحل حياتي لكني أظن في كل الحالات أنني لازلت أسيرة الثالوث الجميل: أولا الشجن المضمخ ثانيا لغة التضاد وثالثا تصغير أو تقزيم الزمن حسب مفهومي الخاص لمجريات الأمور.
** كيف تنظرين إلى التجربة الشعرية المزاملة لك؟
** بكل صراحة لا يمكنني القول إلا أنها تجربة استطاعت أن تشكل لنفسها عالما خاصا بها فلن تعد أسيرة اسلوب الرواد فحسب بل عمل كل منهم على البحث بطريقته الخاصة في إيجاد أسلوب شعري يخصه وهذا أمر في غاية الروعة. جميل أن نقرأ لروادنا واساتذتنا لكن الأجمل ألا يلبسوننا لغويا حتى لا نكون وجها مشوها لوجوههم بل لابد لكل شاعر أن يعتبر تجربة الرواد لبنة الأساس لبناء الصرح الشعري الذي هو على على عاتق كل شاعر موهوب.
** ما تقييمك لحركة الابداع النسائي بالمغرب؟ وما هي أهم ملامحها وخصائصها التي تميزت عن مثيلتها العربية؟
** أعتقد أن التجربة الإبداعية النسائية بالمغرب في صحة جيدة خاصة أننا نقرأ في كل يوم لأسماء جميلة استطاعت ومع الوقت أن تثبت موهبتها وجدارتها داخل الحقل الإبداعي المغربي وهذا ما يؤكده تواجد عدة أسماء نسائية في كل الملتقيات والأمسيات الوطنية جنبا إلى جنب مع أخيها المبدع.
أما الذي يميز التجربة المغربية عن نظيرتها العربية هو تواجد ألية اشتغال مكثفة على اللغة سواء العربية أو الأمازيغية أو الفرنسية أو غيرها مما يشكل لها مناخا خاصا لا يوجد في دول أخرى خاصة الخليجية التي تظل حبيسة الشعر الشعبي العامي على حساب باقي اللغات وخاصة لغة الضاد.
** ما رؤيتك للحركة الثقافية بالمغرب؟
** تعرف الحركة الثقافية المغربية انتعاشا لا بأس به خاصة في العهد الجديد الذي أطلق برنامجا شاملا وهو المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وكان من بينها التنمية الثقافية لكننا للاسف وعلى الرغم من ذلك نلاحظ هيمنة بعض المؤسسات عليها دون غيرها مما يعرقل مسيرة انتشار الثقافة بشكل أكبر التي تظل رهينة متقوقعة بين أيدي اشخاص فقط يسيرون الاتحادات والبيوتات مع تهميش دور الجمعيات الثقافية الشابة الطموحة التي تمتلك من القدرات الشيء الكثير لكنها لا تجد الدعم المالي الكافي لإخراج هذه المشاريع إلى حيز التنفيذ.
** كيف ترين حجم التواصل الثقافي والإبداعي بين مشرق العالم العربي وغربه؟
** بحكم موقعه الاستراتيجي المتميز وتاريخه الطويل , تمكن المغرب من الانفتاح عالميا على جل الحضارات و الثقافات سواء منها العربية أو غير العربية, وهذا ما خوله من تأسيس حضارة وثقافة خاصة به داخل قالب دولي, إلا أنه على الرغم من ذلك يظل التواصل الثقافي والإبداعي بيننا وبين العالم العربي الشقيق لا يصل إلى طموحات المثقف المغربي بصفة خاصة والمثقف العربي بصفة عامة, إذ لا بد من إيجاد بوابات تعاون أخرى تكون أكثر تواصلا وحيوية من البعثات الثقافية المحدودة والمعارض الكتبية أو الفنية التي تظل دون الطموح المنشود.
** ماهي أعمالك الأدبية المستقبلية؟
** حاليا أستعد بإذن الله على إصدارديوان شعري جديد تحت عنوان بوح المرايا الذي سيحدث مفاجأة جديدة ومتميزة أرجو أن تكون سعيدة.
التعليقات