بقلم المستشرقةألين شليبفر
وترجمة وتقديم د. محمود عبد الواحد محمود: حظي تأريخ اليهود في العراق باهتمام واسع من المؤرخين والأكاديميين العراقيين والعرب والأجانب، إذ صدرت العديد من الرسائل الجامعية والمؤلفات والدراسات والبحوث من وجهات نظر متعددة، ناقشت جوانب مختلفة لحياة الطائفة اليهودية في العراق، وعلى نحو خاص خلال العهد الملكي. وتركزت غالبية هذه الدراسات على مناقشة الظروف التي أدت الى هجرتهم من العراق في مفتتح عقد الخمسينات من القرن العشرين، والنتائج التي تمخضت عن هذه الهجرة، ودور المنظمات الصهيونية في دفع الكثير من اليهود العراقيين إلى المساهمة في هذا النشاط، مما أثر سلباً في تطور المجتمع العراقي، ودفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات متشددة ضد اليهود المتورطين بنشاطات صهيونية.
قدمت الجامعات العراقية دراسات ومؤلفات رصينة عن النشاط الصهيوني في العراق، ودور الطائفة اليهودية في الحياة السياسية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية، وكان صدور كتاب الدكتور صادق حسن السوداني، (النشاط الصهيوني في العراق 1914-1952)، بطبعته الأولى عن دار الشؤون الثقافية العامة في عام 1980، والثانية في عام 1986، قد حفز العديد من الباحثين الشباب لكتابة رسائل وأطروحات جامعية عن اليهود والنشاط الصهيوني في العراق. فناقش الباحث علي عبد القادر ألعبيدي رسالته للماجستير (النشاط الصهيوني في العراق 1921-1952)، في كلية الآداب ndash; جامعة بغداد عام 1994، وأكمل الباحث احمد عبد القادر مخلص القيسي إطروحته للدكتوراه عن (الدور الأقتصادي لليهود في العراق 1921-1952)، في كلية التربية ndash; الجامعة المستنصرية في عام 1998. وفي عام 2003، ناقش الباحث صالح حسن عبد الله رسالته للماجستير عن (تهجير يهود العراق 1941-1952)، في كلية التربية ndash; جامعة تكريت. إلى جانب إكمال رسائل وأطروحات جامعية ومؤلفات وبحوث ودراسات أخرى في الجامعات والمؤسسات العلمية ودور النشر العراقية الأخرى.
واصل الباحث علي عبد القادر ألعبيدي اهتمامه بحياة اليهود في العراق، ليناقش أطروحته للدكتوراه عن (مدارس الاليانس الإسرائيلي وأثرها على الطائفة اليهودية في العراق 1864-1951)، في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية، في جامعة الجزائر في عام 2003.
البحث الحالي إضافة جديدة لباحثة سويسرية من جامعة جنيف، تواصل دراساتها عن اليهود في العراق، هي الباحثة الأكاديمية ألين شليبفر Aline Schlaepfer، التي تمثل جيل الشباب من الباحثين الغربيين من المهتمين بتاريخ العراق المعاصر. وتقدم هذه الباحثة رؤية تحليلية نقدية في بحثها المعنون (هويات اليهود العراقيين وفقاً لمذكرات يهود بغداديين)، قدمته للمؤتمر العلمي الثاني (للرابطة الدولية للدراسات العراقية المعاصرة International Association of the Contemporary Iraqi studies) الذي أقيم في عمان في 11-13 حزيران 2007 في جامعة فيلادلفيا بالتعاون مع (جامعة طوكيو للدراسات الأجنبية TUFS)، إذ تحاول الباحثة ألين شليبفر المقارنة بين جيلين من اليهود العراقيين، الجيل القديم من اليهود الذين مثلتهم بمذكرات كاتبين هما: أنور شاؤول و مير بصري، وجيل الشباب الذين مثلتهم بمذكرات كاتبين أيضاً هما نعيم قطان وحسقيل حداد، وهذان الجيلان اختلفا في رؤيتهما سياسياً واجتماعيا وفكرياً، وفي علاقتيهما بوطنهما العراق، ومدى تقبلهما للأفكار الصهيونية، إلى جانب رؤية هذه الشخصيات اليهودية الأربعة للوطنية العراقية وحدود ارتباطها مع الأفكار القومية التي حاولت الصهيونية العالمية ترسيخها في المجتمعات اليهودية في العالم.
ووفقاً لذلك، حاولت الباحثة ألين شليبفر أن تتبع التطور الفكري للنخبة المثقفة من خلال دراسة حياة هذه النخبة، كما رواها هؤلاء في مذكراتهم الشخصية. وحتى وان كان بعض المؤرخين والباحثين العراقيين والعرب لايتفق مع بعض آراء الباحثة في تحليلها للعلاقة بين اليهود ووطنهم العراق، ومدى تأثير العوامل الداخلية والخارجية عليهم، إلى جانب استخدامها مفاهيم ومصطلحات تاريخية قد تبدو غريبة على القارئ العراقي، فإن الفرضية التي تطرحها الباحثة جديرة بالاهتمام والدراسة من المؤرخين والباحثين العراقيين، لاسيما ما يتعلق بأفكار الأجيال اليهودية المتعددة ومدى تفاعلها مع الأحداث السياسية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية داخلياً وخارجياً، وهذه الأفكار ربما تفتح المجال واسعاً لمزيد من الدراسات الأكاديمية الجديدة عن أوضاع اليهود في العراق في العهد الملكي، وموضوعات ومشكلات تاريخية أخرى تخص تاريخ العراق المعاصر. فالدراسات المقارنة والحوار مع المؤرخين الأجانب وكتاباتهم التاريخية من شأنه إن يضيف دراسات جديدة وأصيلة إلى حقل الدراسات التاريخية العراقية المعاصرة.
ومن المفيد إن نضيف إلى هذه المقدمة بعض المعلومات عن السيرة العلمية لكاتبة هذا البحث. ولدت ألين شليبفر في سويسرا وأكملت دراستها في جنيف. درست في (كلية الآداب The Faculty of Arts) التابعة (لجامعة جنيف The univ. of Geneva)، في المدة (1998-2005). واختصاصها الدقيق هو(الحضارة العربية والإسلامية)، واختصاصها العام(الدراسات العبرية والعهد القديم). حصلت على شهادة الماجستير عام 2005، وكانت رسالتها للماجستير عبارة عن ترجمة وتعليق على قصتين قصيرتين لسمير نقاش، وهو كاتب يهودي عراقي (1938-2004)، من مجموعته القصصية القصيرة (نبوءات رجل مجنون في مدينة ملعونة)، التي صدرت في القدس في عام 1995. عاشت الباحثة ألين شليبفر في المدة (1999-2000) في الإسكندرية في مصر، إذ درست اللغة العربية في (مركز اللغة الأجنبية) في(كلية الآداب/جامعة الإسكندرية)، لزيادة معرفتها باللغة العربية. ومنذ عام 2006، تقوم هذه الباحثة بتطوير أطروحتها للدكتوراه عن الطائفة اليهودية في العراق في جامعة جنيف، بأشراف الأستاذة الدكتورة سيليفيا نيف، وهي متخصصة في تاريخ الشرق الأوسط وتطوير الفن فيه، إلى جانب اهتمامها بالدراسات العراقية المعاصرة.
إلى جانب هذه النشاطات العلمية، تعمل ألين شليبفر في تدريس اللغة والحضارة العربية في كلية الآداب في جامعة جنيف. وأخيراً، أشكر الباحثة ألين شليبفر على موافقتها بترجمة هذا البحث إلى اللغة العربية، ليفيد منه القارئ العراقي. ويسرني أيضا ان أقدم شكري وامتناني الى أستاذي العزيز، الأستاذ الدكتور صادق حسن السوداني، الذي تفضل مشكورا بقراءة مسودة الترجمة وقدم ملاحظات مهمة بشان المادة العلمية للبحث والترجمة، أفادت البحث وأظهرته بصورة أفضل
.
(المترجم)

ألين شليبفر: هويات اليهود العراقيين وفقاً لمذكرات يهود بغداديين
يدرس البحث الحالي الطائفة اليهودية العراقية بين عشرينات وخمسينات القرن العشرين. ويبدأ بالانتداب البريطاني وينتهي بالهجرة اليهودية في بداية خمسينات القرن العشرين، عندما أصدرت الحكومة العراقية قانون إسقاط الجنسية في التاسع من آذار سنة 1950(2). نص هذا القانون quot; على تخويل مجلس الوزراء بتجريد أي يهودي يرغب، باختياره ورغبته، بترك العراق من جنسيته العراقية quot;(3). فترك مائة إلف يهودي عراقي العراق بين عامي 1950و 1951، وشهدت هذه السنة النهاية التقريبية للطائفة اليهودية بعد أكثر من إلفين وخمسمائة سنة من وجودها في العراق.
ظهرت منذ مغادرتهم للعراق العديد من الشهادات المدونة والشفهية عن تاريخ اليهود العراقيين. وفي بعض الحالات، اتخذت هذه الشهادات شكل روايات السير الذاتية. ويركز هذا البحث على المذكرات والسير الذاتية.
سوف أعرض أولا أربعة أعمال للسير الذاتية، تركز على تطور هويات المؤلفين، بالمفاهيم الوطنية والقومية. وبتقديم هذه الملاحظات سوف أبين سياق كل مؤلف لشرح الاختلافات في فهمهم للوطنية. وسأعرض حتماً انعكاس ذلك الفهم بتقديم بعض الأمثلة.
سأعرض كتابين للمذكرات باللغة العربية نشرا في إسرائيل من قبل quot; رابطة الأكاديميين اليهود النازحين من العراق Association for Jewish Academics from Iraq quot;: الأول (قصة حياتي في وادي الرافدين) لأنور شـــاؤول، والثاني (رحلة العمر من ضفاف دجلة إلى وادي التيمس) Life's journey from the Bank of the Tigris to the Valley of the Thames، لمير بصري. وكتاب ثالث للسيرة الشخصية كتبه بالفرنسية نعيم قطان بعنوان (وداعاً بابل Farewell Babylon)، والكتاب الرابع والأخير لحسقيل حداد بعنوان (ولدت في بغداد).
إن الجمهور الذي تخاطبه أعمال الكاتبين الأولين، ربما يكون مواطنين إسرائيليين يتحدثون العربية، سواء كانوا يهوداً أم فلسطينيين. والأكثر احتمالاً أن اللغة استخدمت لإلقاء ضوء ساطع على وجود لغة وثقافة عامة، متخطية للحواجز السياسية. في حين إن عمل نعيم قطان يناسب (كتابة المهجر Ecriture migrante)، ويستهدف أولا الجمهور المتحدث باللغة الفرنسية. أما هدف حسقيل حداد من الكتابة فيمكن أن يفسر جيداً بالتزامه القوي بوصفه رئيساً (للمنظمة العالمية لليهود النازحين من الدول العربية [في نيويورك]). ويهدف عمله إلى إظهار إن الطائفة اليهودية راسخة الجذور في العراق.
أولاً ndash; أنور شاؤول:
ولد أنور شاؤول في الحلة سنة 1904. وانتقلت عائلته إلى بغداد سنة 1916، فدرس في مدارس (الاليانس الإسرائيلي العالمي)، ثم درس في كلية الحقوق التي تخرج منها سنة1931. وبين السنوات 1924 و 1929، عمل محرراً ثانياً في جريدة (المصباح) وأسس مجلة أسبوعية سياسية ndash; أدبية، (الحاصد)، التي استمرت حتى سنة 1938. والى جانب نشاطاته الصحفية، كان شاعراً وكاتب قصة قصيرة. ومن بين أعماله، مجموعة قصصية عنوانها(همسات الزمان) Time's Whispers. نشرت سنة 1956، ومجموعة قصص قصيرة عنوانها(في زحام المدينة) In the Turmoil of the City. ترك بغداد في بداية عقد السبعينات من القرن العشرين وأستقر في إسرائيل، إذ توفي في عام1984. ونشرت مذكراته، (قصة حياتي في وادي الرافدين)(4)، سنة 1980.
إن فهمه والتزامه تجاه العراق جسده على نحو دقيق في رسالته المفتوحة الى السير جلبرت كلايتون Sir Gilbert Clayton، المندوب السامي في بغداد سنة 1929. والفقرة التالية تظهر ارتباطه الواضح بالكفاح من أجل وطن مستقل.
quot;أريد أن أتحدث إلى فخامتكم عن مطالب العراق الحقة، تلك المطالب التي نتمسك بها حباً بالحياة وحفظاً للبقاء، وعما يجيش في نفس كل عراقي من آمال كبيرة (....) وأريد أن أخبر فخامتكم quot;إن العراق بعرضه وطولهquot; ينادي بالوحدة الوطنية وأن العراق بشبابه وكهوله وشيوخه، حضراً وبدواً، يطلب الاستقلال التام الناجز (......). أريد أن أقول لك (.....) أن (الشعب العراقي) راغب في الحياة الحرة quot;(5).
علاوة على ذلك، يشرح أنور شاؤول في مذكراته فضائل التعليم في مدارس (الاليانس الإسرائيلي العالمي)، إذ استطاع إن ينضج كمواطن عراقي محترم ويهودي موالٍٍٍٍٍ ومتفاخر بيهوديته. (6) وفعلاً، يشير إلى مشاعره الوطنية العراقية (بالوطنية) من جانب، ويستخدم مصطلح (القومية) ليشير إلى يهوديته من جانب آخر. ونستطيع أن نكشف تعريفاً واضحاً لهذا الانتماء المزدوج في اختيار احد فصول كتابه (قصة حياتي في وادي الرافدين): quot;أحاسيس قوميه وحماس وطنيquot;(7) quot;Nationalist Feelings and Patriotic Fervourquot;. وفي هذا العنوان، عبر عن وعيه الوطني العراقي بمصطلح (وطني). ونستطيع إن نلاحظ إن فهمه للوطنية العراقية هو شكل من أشكال التفاني في حب الوطن Patriotism، الذي يشمل الوطن العراقي. ومن جانب آخر، فان مصطلح (قومي) يشير إلى الشعور القومي اليهودي وشكل من أشكال التضامن تجاه اليهود حول العالم، على الرغم من عدم ارتباطه بأي شكل من أشكال الصهيونية. مع ذلك، ووفقاً لرؤيته، فأن الأمة العراقية تنتمي إلى جميع المواطنين بصرف النظر عن الدين، وكما يقولون quot;فالدين لله، والوطن للجميعquot;(8).
وبصفته شاعراً، عبر أنور شاؤول عن ولائه للعراق في عدة مناسبات. فأستخدم اسماً مستعاراً هو (ابن السمو أل) عندما كان يعمل في جريدة (المصباح). وابن السموأل، هو ابن السموأل بن عدي، شاعر عربي يهودي الديانة، شاهد أبنه يقتل، على يد الأمير الغساني، بعد أن رفض تسليم درع ضيفه، امرؤ ألقيس، وفقاً للتراث العربي في الوفاء. أستخدم هذه الشخصية ليكتب قصيدة: quot;الدين والوطنية، أو يهودي في ظل الإسلامquot;(9)، قال فيها:
إن كنت من موسى قبست عقيدتي
فأنا المقيم بظل دين محمد(.....)
سأظل ذياك السمو أل في الوفاء
أسعدت في بغداد أم لم أسعد(10)
ثانياً مير بصري:
المؤلف الثاني الذي يكتب بالعربية هو مير بصري. ولد سنة1911 في بغداد، في محلة(تحت التكية). ودرس أيضاً في مدارس (الاليانس الإسرائيلي العالمي)، وبدأ العمل في وزارة الشؤون الخارجية سنة1928. وعمل بعد ذلك في (غرفة التجارة) بين 1938 و1945، إذ تولى إصدار جريدة مالية. كتب العديد من المؤلفات والمقالات عن اقتصاد العراق والشرق الأوسط، ومن بينها (مباحث في الاقتصاد العراقي) (1948). وكان أيضاً شاعراً وكاتب قصة قصيرة. وهو مؤلف (رجال وظلال)(1955) و(نفوس ظامئة)(1966). وعلى نحو مشابه لأنور شاؤول، ترك العراق في بداية عقد السبعينات من القرن الماضي واستقر في لندن، إذ توفي هناك سنة 2006. وتعبيراً عن هويته الوطنية العراقية، يستخدم مير بصري مصطلح (قومي) في كتابة (رحلة العمر، من ضفاف دجلة إلى وادي التيمس). (11) ويسترجع حديثه العام في الإذاعة في 15 تشرين الثاني 1943. في هذا الحديث، عبر عن فهمه الشخصي للقومية:
quot;قلت في (الحديث) إن الشعور القومــــــي يعمر القلوب
بالعزم والايمان ويسدد النفوس إلى غاية ســــــامية رفيعة.
وهو الشعور بالفكرة العربية التي حملـــت إلى العــــالم
والإنسانية في العصور الخالية رسالة الخير والمدنية والسعادةquot;(12)
ووفقاً لذلك، فأن رؤيته للقومية أكثر شمولاً. إنها القومية العربية التي تشمل الحضارة العربية عموماً. وفيما يخص هويته اليهودية، يعبر عن شكل من التضامن، وعلى نحو خاص تجاه اليهود الأوربيين خلال الحرب العالمية الثانية، لكنه لم يذكر أي شعور قومي يهودي على أساس كلمة (قومي).
وبمفاهيم العلمانية، يشترك مير بصري مع شاؤول في نظرته إلى مكانة الدين في بناء وطنٍ مشترك. ففي الكلمة التأبينية التي القاها بوفاة المار جوزيف عمانوئيل، البطريرك المائة وتسعة للكاثوليك الكلدان في بابل، أشار بصري:
quot; الإنسانية فوق الطوائف والأديان (....). لقد علم الفقيد حقــاً
أن الدين لله والوطن للجميع، وان وظيفة رجل الدين المحبــــة
والوئام، فدعا إلى التقارب والتآلف والتوادّ، شعوراً منه بأن الوطن
لا ينهض ولا يرقى معارج الفلاح حتى تكون مللـــه وجماعاته
على اختلاف منازعها ومشاربها يداً واحدة وقلباً واحــــداً في
التفاني في سبيل المجموع والعمل لخير الجميــــــعquot;. (13)
تركز كفاح مير بصري وأنور شاؤول على تأكيد ولاء اليهود نحو العراق، بإظهار مشاعرهما الوطنية العراقية والإصرار على الدور الثانوي للدين في بناء الهوية الوطنية العراقية المشتركة. ووفقاً لذلك، فأن اليهودية، من وجهة نظرهما، تتحدد بالمسائل الدينية ولا تتدخل في مشروعهما الوطني.
ويمكن القول إن الكاتبين قد عاشا ما أشيع تسميته quot; بالعصر الذهبي quot; للطائفة اليهودية في العراق. ويشار إلى هذه الحقبة quot; بالعصر الذهبي quot; لعدة أسباب:
1-بداية الانتداب البريطاني في أوائل عقد العشرينات من القرن العشرين, وقد منحت الأقليات غير المسلمة مزيداً من الحماية. وترقى العديد من اليهود في مجال المصارف والتجارة.
2-بدأت بعد ذلك الحقبة الملكية، بوصول فيصل الأول إلى العرش سنة 1921. وخلال عهده، أصرَّ على التسامح الديني على نحو خاص تجاه الذميين.
3-وأخيراً، كافحوا للحصول على الاستقلال، الذي تحقق سنة 1932. وكانت هذه الحقبة سنوات للمجد من وجهة نظر هذين الكاتبين.
وفيما يتعلق بالكتاب الشباب، نعيم قطان وحسقيل حداد، برز شكل من الوعي القومي على نحو واضح في مذكراتهم. إلا أنه ظهر بمدى معين في كلا الحالتين، مشاعر وطنية حلت محلها على نحو تام مجالات أخرى وفي وقت مبكر.
ثالثاً نعيم قطان:
ولد نعيم قطان في بغداد سنة 1928 في محلة البتاوين. واصل دراسته باللغة الفرنسية في مدرسة (الأليانس الإسرائيلي العالمي)، ويعيش ألآن في مونتريال في كندا. كتب عدة روايات ومسرحيات، من بينها(الواقع والمسرح)Le Reacute;el et le Theacute;acirc;tral المنشورة سنة1970 و(في الصحراء) Dans le deacute;sertالمنشورة سنة1974. في سيرته الذاتية (وداعاً بابل)(14) Adieu Babylone، عبر عن فخره الوطني العربي بوصفه شاباً. الا إن هذا الإحساس اخذ حالاً شكل نوع من الريبة نحو الغرب، وعلى نحو خاص فرنسا:
quot;ارض الانتخابات التي أشبعت جميع رغباتنا، وسدت
عطش المحرومين التي استجابت لنفاذ صبري للتغني
برحلتي في هذه الأرض، أُسطورة الحرية الأخيرة، التي
فتحت أبوابها وذراعها لتلك الشفاه لتتذوق نبيذ الغرب
والإحساس بنشوتهquot;(15).
وعلى نحو مغاير للكاتبين السابقين، استرجع نعيم قطان شعوراً بكونه موزعاً بين ولائين، العراقية واليهودية.
quot; فهل نحن جميعاً حاملين للجراثيم نفسها؟ فالمسلمون أيضاً لهم مبرراتهم للارتياب بنا. وهل نحن حلفاء محتملين ومشكوك فيهم للعدو، بحيث نكون أولئك الذين الى جانب العمال، والذين تحالفوا مع القوميين ليحلموا بيوم مشرق، بدون سبب واضح، ليديروا ظهرهم لأصدقائهم وإخوانهم من المناضلين الذين اختفوا دون إن يتركوا آثاراً؟quot;. (16)
ترك نعيم قطان العراق فعلياً سنة 1949 بعد حصوله على زمالة دراسية من الحكومة الفرنسية ولم يرجع أبداً. هذه المغادرة المبكرة والحاسمة تظهر إن الاندماج مع الغرب كان أقوى من إيمانه بوطنيته العراقية. مع ذلك لم يقرر أبداً إن يقيم في إسرائيل.
رابعاً حسقيل حداد:
ولد حسقيل حداد في بغداد سنة 1930، في محلة (قمبر علي). درس الطب بين عامي 1945 و1950، عندما ترك العراق، بالهروب عبر إيران لكي يصل إلى إسرائيل. ويعيش اليوم في الولايات المتحدة وهو رئيس quot; منظمة اليهود من البلدان العربية في الولايات المتحدةquot;.
Organization for Jews from Arab Countries in the United States
إلى جانب اشتراكه في quot; لجنة إنقاذ وإعادة توطين اليهود العراقيين quot;
Committee of the Rescue and Resettlement of the Iraqi Jews
منذ سنة 2003.
في مذكراته (ولدت في بغداد) (17) Born in Baghdad، يصف حسقيل حداد نفسه بأنه كان طفلاً متجاوزاً للقومية، كرّس نشاطه تماماً للأمة العراقية. مع ذلك، أختفي هذا الشعور في وقت مبكر جداً من طفولته وحلت محله هوية يهودية قوية جداً.
وعلى أثر أحداث الشغب في بغداد في بداية حزيران سنة 1941 وخلال الأيام التالية، سلبت خلالها مساكن اليهود وحوانيتهم أساساً، وقتل وجرح عدة مئات من اليهود ويشار إلى أحداث الشغب هذه باسم (الفرهود)Farhud. ففي خريف سنة 1941، وبعد بضعة أشهر من الفرهود، الذي قتل خلاله أبن عمه، أعلن حسقيل حداد إلى أحد طلاب صفه:
quot;انه اليوم الأخير الذي سوف أتحدث فيه معك كعراقي، فمن الآن فصاعداً سأتحدث إليك كيهودي يتحدث إلى آخرquot;(18).
وفي مرحلة لاحقة، تورط في النشاط الصهيوني السري في العراق في بداية عقد الأربعينات، عندما وصلت البعثات الصهيونية الأولى الى العراق من عدة بلدان أوربية. ويشرح حداد تأثير ثيودور هرتزل Theodore Herzl على هويته القومية اليهودية:
quot; انه مثلي، كان مواطناً متجاوزاً لحدود المواطنة [.... ]. في يوم وفاة ابن عمي، أيقنت إن الشر موجود. وكانت محاكمة درايفوس في فرنسا بالنسبة لهر تزل قد أجبرته لأن يقبل الحقائق المرة [.... ] وأنا واجهت دليلاً متأخراً أن اليهود كانوا مكروهين لمجرد كونهم يهوداً [.... ]، لذلك يجب أن يكون لليهود دولتهم الخاصة بهم [.... ]، بمعنى إنني أصبحت صهيونياً quot; (19).
وبعد تورطه بعدة نشاطات صهيونية، أصبح مطارداً من قبل (مديرية التحقيقات الجنائية)، وهذا يفسر قراره ترك العراق نهاية أيار 1950. وهكذا، فأن شعوره الوطني العراقي قد تغير تماماً لصالح الصهيونية.
عاش الكاتبان، نعيم قطان وحسقيل حداد، في أوضاع مختلفة تماماً عن quot;العصر الذهبي quot; لأنور شاؤول ومير بصري. وأثرت في هذه الأوضاع عدة مؤثرات quot;:
1-أدى الفرهود إلى توقف تطور الهويات الفردية لليهود. فمن وجهة نظر الكاتبين بعمر إحدى عشرة وثلاث عشرة سنة، كان الفرهود قد سبب جرحاً عميقاً وانعداماً للثقة بين اليهود والمسلمين.
2-كان العامل الجوهري الآخر ظهور بنية تحتية صهيونية أوربية قوية، في بداية عقد الأربعينات من القرن الماضي، ومارست هذه البعثات تأثيراً كبيراً، وعلى نحو خاص على جيل الشباب. وأخذ هذا التأثير شكلين:
أ- تأثير مباشر، كما في مذكرات حسقيل حداد، فدرست هذه البعثات تاريخ الصهيونية والعبرية، واتبع اليهود العراقيين من جيل الشباب هذا التعليم وانتهوا في الغالب بالهرب من العراق إلى إسرائيل.
ب- تأثير غير مباشر. فلا يمكن إهمال الصورة والرمز الغربيين اللذين نقلتهما البعثات الصهيونية إلى الشباب اليهودي العراقي، حتى لأولئك الذين لم يكن لهم ارتباط مع الحركة الصهيونية السرية. ونجد في الروايات اليهودية وصفاً لهؤلاء الناس وملابسهم ومظهرهم. فسبب حضورهم نوعاً من الانبهار.
وعلى نحو مغاير للكتاب الأوائل، عاش الشباب حقبة من الخوف وعدم الثقة. فمالوا للنظر إلى الخيارات الأخرى واتجهوا إلى القيم الأخرى. ففي حالة نعيم قطان، كان الخيار الثقافة الفرنسية، وبالنسبة لحسقيل حداد كان الخيار الصهيونية. هذه الظاهرة شجعت العديد من اليهود العراقيين إلى ترك البلاد والاتجاه إلى إسرائيل، وأوربا، والولايات المتحدة أو كندا.
في هذه الظروف المختلفة، توقعنا ان نجد آراء معارضة تماماً، وفقاً لجيل الكاتب. فمن جهة، إن كتاب أمثال أنور شاؤول ومير بصري أصروا على الانسجام والتعاون بين الطوائف الدينية المتنوعة وقللوا آثار الأحداث الخطيرة مثل الفرهود. ومن جانب آخر، فأن نعيم قطان وحسقيل حداد أكدوا علاقة الشك المتبادل بين المسلمين واليهود وأصروا على التفرقة والاضطهاد لليهود. وشددوا على أهمية أسباب الفرهود ونتائجه.
وكمثال واقعي، نستطيع أن نلاحظ أن عدد اليهود الذين قتلوا خلال يومي الفرهود يختلف طبقاً للروايات. فمن جهة، يتحدث مير بصري وأنور شاؤول عن مائتي يهودي قتلوا أثناء الفرهود. ومن جهة أخرى، يتحدث حسقيل حداد عن تسعمائة يهودي قتلوا في الفرهود. (20) وعلى الرغم انه من الصعب إعطاء إجابة دقيقة للسؤال عن عدد اليهود الذين قتلوا خلال الفرهود، فأن الرواية التي يقدمها حسقيل حداد مبالغ فيها على نحو واضح، في حين ان روايات مير بصري وأنور شاؤول تبدو أكثر اقتراباً من الواقع. أما نعيم قطان فعلى الرغم من انه لم يقدم رقماً دقيقاً للقتلى، فأنه كتب:
quot; أعلن كبير الحاخامات الحٍدَاد: فقد خسرت الطائفة ثلاثمائة من أفرادها. وأستنكر ذلك بصوت عالِ. وكان تقليل عدد الضحايا إلى ثلاثمائة! بتواطىء من الحكومة، وهذا ما كانquot;. (21)
علاوة على ذلك، فأن الفهم المتبادل بين الأجيال يمكن أن يؤخذ بالحسبان أيضاً لتصوير الاختلاف بين هذه الأجيال. فمن جهة، كان أنور شاؤول ومير بصري مُدرٍكان جيداً للاختلاف بين جيلهم وجيل الشباب. فعلى سبيل المثال، لاحظ مير بصري إن رد فعل اليهود الشباب تجاه الفر هود كان مختلفاً عن جيلهم:
quot; وكان لهذه المأساة أثرها العميق في كل اليهود في العراق، فهلعت قلوب وانكمشت نفوس. أما شباب اليهود فقد ازداد نشاطهم وسعيهم للتخلص مما هم فيه، بعد أن ضاقوا ذرعاً بما حدث في الماضي وما باتوا يتوقعون حدوثه في المستقبل وراحوا يخططون للهرب بشتى الطرق إلى خارج العراق، والموعد: أرض إسرائيل... quot; (22).
إلى جانب ذلك، أشار بصري إلى حقيقة ان العديد من شباب اليهود حملوا السلاح لحماية الطائفة في حالة الطوارئ، فيما لو حدث quot; فرهود quot; جديد. وعلى نحو مغاير لهذا الجدال، لامَّ كتاب جيل الشباب، مثل نعيم قطان وحسقيل حداد، أبناء دينهم من الجيل الأكبر سناً لجهلهم المزعوم وجبنهم في مواجهة الخطر المحتمل. حتى إن حسقيل حداد استخدم تعبير (مشلول) لوصف موقفهم. ويشرح رؤيته قائلاً:
quot; كانت لديّ أسئلة بلا إجابات [.... ]، وخاصة ما يتعلق بالعلاقة بين العرب واليهود. وأدت الاختلافات في الغالب إلى عدم الاتفاق، إلا أن غالبية اليهود الراشدين لم يرغبوا بمناقشة الموضوع، وحتى لو فعلوا ذلك، فأنهم نظروا حولهم أولاً لمعرفة أولئك الذين يسمعونهم، وطالما إنهم لم يستطيعوا أن يتحدثوا على نحو علني في بلدهم [.... ] فأنني لم أخطط لأكون (ذمياً). وفي يوم ما سأتخذ موقفاً وأقاتل. وحتى يأتي ذلك اليوم، يجب ان ننظم جيشاً، غير منظور لكل من العرب واليهود من الجيل الأكبر سناًquot;. (23)
حاولت، في هذا البحث، أن أظهر بعض جوانب التناقض بين الأفراد داخل الطائفة اليهودية. واستندت الاعتبارات على الفهم الفردي لهؤلاء الكتاب للوطن، والاختلاف بين جيلين قريبين لبعضهما. فقد التزم كل من مير بصري وأنور شاؤول بعمق بالكفاح من أجل الاستقلال الوطني وعبروا عن حماس وطني كبير، بينما فصل كل من نعيم قطان وحسقيل حداد نفسيهما تدريجياً من أي تعبير وطني.

الهوامش والتعليقات:
1- Aline Schlaepfer , quot; Iraqi Jewish Identities: Baghdadi Memoirs quot; , Second Conference of IACIS, Amman- Jordan, June, 11-13, 2007, pp. 1-9.
2- يشار إلى هذا القانون باللغة العربية (قانون إسقاط الجنسية).
3- القانون رقم 11 لسنة 1950 (إلحاقا بقانون إسقاط الجنسية، القانون رقم 62 لسنة 1933)، الذي صادق عليه مجلس النواب في الثاني من آذار سنة 1950، ومجلس الأعيان في الرابع من آذار سنة 1950. القانون محفوظ في (دائرة السجلات العامة) PRO في لندن (F. O 371/82478). ونشره عباس شبلاق في كتابه:
Abbas Shiblak, Iraqi Jews, A History of Mass Exodus, London, Saqi , 2005, (1st publication , 1986), pp. 131-132, Appendix I.
عرضت لائحة إسقاط الجنسية مادة اثر مادة على التصويت، فقبلت وصدرت كقانون برقم (1) لسنة 1950 في السادس من آذار من العام ذاته، وتحت عنوان (قانون ذيل مرسوم إسقاط الجنسية العراقية رقم (62) لسنة 1933). وجاء في الأسباب الموجبة له: quot;لوحظ ان بعض اليهود العراقيين اخذوا يتذرعون بكل الوسائل غير المشروعة لترك العراق نهائيا، كما ان البعض الأخر غادر العراق بصورة غير مشروعة، ومن حيث ان وجود رعايا من هذا القبيل مرغمين على البقاء في البلاد، ومكرهين على الاحتفاظ بالجنسية العراقية، مما يؤدي الى نتائج لها تأثير على الأمن العام، والى خلق مشاكل اجتماعية واقتصادية، فقد وجد ان لا مندوحة من عدم الحيلولة دون رغبة هؤلاء في مغادرة العراق نهائيا وإسقاط الجنسية العراقية عنهم. وقد سنت هذه اللائحة لتامين هذه الغايةquot;. ونصت أهم مواد القانون على: - المادة الا ولى: لمجلس الوزراء ان يقرر إسقاط الجنسية العراقية عن اليهودي العراقي الذي يرغب باختيار منه ترك العراق نهائيا بعد توقيعه على استمارة خاصة امام الموظف الذي يعينه وزير الداخلية. أنظر: وزارة العدلية، مجموعة القوانين والأنظمة لسنة 1950، بغداد، مطبعة الحكومة، 1951، ص201 ؛ الوقائع العراقية العدد 2816 في 9/3/1950؛ صالح حسن عبد الله، تهجير يهود العراق 1941 -1952، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة تكريت، كلية التربية، 2003، ص ص 198 ndash; 199. ومن الجدير بالإشارة ان كتاب عباس شبلاق قد ترجم الى العربية مؤخرا. انظر:عباس شبلاق، هجرة يهود العراق الظروف والتأثيرات، ترجمة: مصطفى نعمان أحمد، بغداد، دار المرتضى، 2008. (الاشارة الأخيرة لترجمة كتاب شبلاق للمترجم).
4- أنور شاؤل، قصة حياتي في وادي الرافدين، القدس، منشورات رابطة الجامعين اليهود النازحين من العراق، 1980. وتقيد المترجم بكتابة شاؤول بطريقتين (شاؤول، شاؤل)، وفقا للرسم الصحيح وما كتب في الكتاب المنشور بالعربية. (المترجم)
5- أنور شاؤول، ص 169-170.
6- quot; فاستطعت أن أنشأ مواطناً عراقياً صالحاً ويهودياً أميناً على يهوديته معتداً بها (...) quot;. أنور شاؤل، ص56.
7- quot;أحاسيس قومية وحماس وطنيquot;، أنور شاؤل، ص57.
8- quot; الدين لله والوطن للجميع quot;، أنور شاؤل، ص223.
9- quot; الدين والوطنية أو يهودي في ظل الإسلام quot;، أنور شاؤل، ص331.
10- أنور شاؤل، ص331.
11- مير بصري، رحلة العمر من ضفاف دجلة إلى وادي التيمس، ذكريات وخواطر، القدس، منشورات رابطة الجامعيين اليهود النازحين من العراق، 1991.
12- مير بصري، المصدر السابق، ص44.
13- المصدر نفسه، ص 87.
14- Naim Kattan, Farewell Babylon, Translated from French by Sheila Dishman , Toronto, McClelland and Stewart, 1976.
الأقتبسات اعتمدت على الطبعة الفرنسية:
Naim Kattan, Adieu Babylone, Meacute;moires d'un Juif d'Irak, Paris, Editions Albin Michel, 2003.
ترجم كتاب نعيم قطان، كما أشارت الباحثة في رسالة أرسلتها إلى المترجم في الثالث عشر من كانون الأول 2007، إلى العربية، ترجمه آدم فتحي ونشره خالد المعالي في ألمانيا ضمن منشورات الجمل في عام 2000. إلا أن البحث الحالي اعتمد على الطبعة الفرنسية.
15- Naim Kattan, Op. Cit. , P. 175.
16- Ibid. ,P. 258.
17- Heskel Hadad, M. , Born in Baghdad, Lincoln, Authers choice press, 2004.
18- Ibid. , P. 66.
19- Ibid. , P. 108.
20- قدرت (لجنة التحقيق الرسمية) عدد اليهود الذين قتلوا بمائة وعشرة، وقدرها رئيس الطائفة اليهودية بمائة وثلاثين [وهو اقربها الى الصواب]. أنظر:
Abbas Shiblak, Op. Cit. ,P. 71.
21- Naim Kattan, Op. Cit. , PP. Cit. ,P45.
22- أنور شاؤل، المصدر السابق، ص259.
23- Heskel Haddad, Op. Cit. ,PP. 16 and 63.
المترجم: جامعة جنيف قسم التاريخ ndash; كلية الآداب ndash; جامعة بغداد