عبد الجبار العتابي من بغداد: صدر العدد السادس من مجلة (الاقلام) الفصلية الفكرية الثقافية التي تصدر عن دار الشؤون الثقافية العامة التابعة لوزارة الثقافة العراقية، الذي زين غلافه بلوحة للفنان التشكيلي العراقي مؤيد محسن الذي كانت له من لوحة داخل العدد الذي افتتح بكلمة لهيأة التحرير حملت عنوان (هل يفهم المثقفون انفسهم) جاء فيها: (المثقف الذي يمتلك ادوات التحرر والتغيير، يمتلك الخطاب المؤثر عبر بلاغة الموقف لا بلاغة الكلمة، فالكلمة (القصيدة، القصة.. الخ) ليست سوى شكل لمعنى هادف، سوى علامة لاتجاه فاعل، يصوغ من خلالهما المثقف سفر الحرية والوعي، عبر صراعاته التاريخية مع اشكال السلطة، ظاهرها وباطنها، تلك المتغلغلة في بنيتنا النفسية اللاواعية، لكن كيف بالمثقف الذي ينبغي ام يكون هو الفرد الاكثر تحررا وتصديا للسلطة يتحول الى ممثل لها لا يختلف عن غيره من الافراد، حين يصبح رقيبا للسلطة على نفسه، فيقمع نفسه بنفسه، كيف سيكون حال الثقافة ومستوى ابداعاتها؟ ).
اشتمل العدد على ملف (السيمياء) من خلال ستة مواضيع، الاول: (السيمياء.. مدخل فيلولوجي) للدكتور يوسف اسكندر قال في ديباجته (تحتل العلامة مركزا متقدما في الفكر الحديث بوصفها حامل هذا الفكر نفسه، ودراستها وتحديد العمليات التي تشتغل بموجبها هي في الحقيقة دراسة هذا الفكر، الامر الذي جعل منها موضوعا للتأمل الفلسفي من جهة، وجعل من العلم الذي يتمحض بدرايتها قسما من التأمل الفلسفي في كثير من مساراته)، والثاني: (العلامة في منطق التداولية) للدكتور صلاح كاظم هادي قال فيه: ( تمثل التداولية الكون الاكبر الذي تحيا به الدوال، وتتولد عنه المدلولات، سواء ارتبطت بمراجعها الوضعية ام تغير ارتباطاتها بمراجع اخرى، اي ان مجال التداول يعد اختبارا لعلاقات اجزاء العلامة او مكوناتها ببعضها، لكن لا يمكن لاي مجال يرتبط باستعمال الادلة وصولا الى مرحلة الفهم يبقى عشوائيا من دون منطق يحكمه )، والثالث: (سيمياء الجنوسة / قراءة سيميائية في كتاب ابتداء الاخيار بالنساء الاشرار) للدكتور سعيد عبد الهادي، قال فيه ( عنوان الكتاب يضعنا في قلب المعادلة الذكورية التي تسيدت، وربما ما زالت، الفكر الاسلامي الوسيط، فالرجل الخيّر يقابل بالمرأة الشريرة، ولو تأملنا العنوان لرأينا انه بني على ركيزتين (المبتدأ والخبر)، الاولى (مبتدأه) ابتلاء الاخيار ndash; اسم (ابتلاء) عرّف باضافته الى الاخيار وهذه اضافة تحيل الى القول الشائع (المؤمن مبتلى) فكأن المؤلف وضع الرجال جميعا في دائرة الايمان، والدائرة المقابلة لها هي دائرة الكفر، وما من شك ان الشر عماد من اعمدة الكفر، ومن ثم فانه في الركيزة الثانية (الخبر) اعتمد معرفا (النساء) موصوفا (الاشرار)، والرابع: العلامة والتأويل في السرد الادبي / قراءة في قصة (طائر من معدن) للقاص لؤي حمزة عباس، والخامس: سيميائية السرد في الرواية وما وراء الرواية / رواية الارض الجوفاء لعبد الهادي الفرطوسي انموذجا، والسادس: التكثيف الرمزي وجماليات السرد في (شواهد الاشياء) للشاعر باسم الشريف / دراسة سيميائية.
تضمن العدد الجديد على موضوعات عديدة ابتدأت بـ (نصوص تأسيسية) عن (بنية اللسان وبنية المجتمع) للكاتب اميل بنفنيست بترجمة فالح حسن جاء فيه ( لدي موضوع اعالجه يقود حينا الى توضيح ما هو بديهي والى طرح ما هو متناقض حينا اخر، الواقع ان الامر يتعلق بمعاينة العلائق القائمة بين كيانين كبيرين هما على نحو متعاقب: اللسان والمجتمع، ان اللغة بالنسبة للانسان وسيلة وفي الحقيقة هي الوسيلة الوحيدة لاتصال الانسان بالاخر وانفاذ رسالة اليه وتلقي اخرى منه، بالنتيجة تطرح اللغة الاخر وتفترضه وعلى الفور يطل المجتمع مع اللغة، وبدوره فان المجتمع لا يعبر عن مجموعة الا من خلال الاستخدام المشترك لعلامات الاتصال).
وفي النصوص الشعرية هناك نص (بيت المعنى) لزيارة مهدي، وزهرة سوداء لاحمد عبد الحسين، وفي الطريق الى الغابة لجبار ياسين، والشاعر منشغل بالقصيدة والمجنون كذلك لسهيل نجم، ولحظة شيزو لريسان الخزعلي، وفي محور (افاق فنية) هنالك موضوع (الخلق الفني بين الذاتي والموضوعي والاجتماعي) للاستاذ الدكتور بركات محمد مراد، قال في مقدمته ( الفنان هو ذلك الساحر الذي تداعب انامله دفائن قلوبنا فيخرج منها ذكرى خبأناها يوما ما في الاعماق ثم سهونا عنها، انه ذلك المبدع الذي يعيد صياغة تجربة عشناها واذا بنا نشاهدها في لهفة واستمتاع ناسين انا كنا يوما ممثلي هذه الاحداث لا مشاهيديها )، وموضوع (تذوق التشكيل الفني) لماضي حسن، جاء فيه ( يرد مفهوم التذوق الفني في كتابات وطروحات فكرية مختلفة فيأتي بمعنى الاستجابة الجمالية والادراك الجمالي والتقدير الجمالي الفني او الاحساس بالجمال او الموقف الجمالي والبعض يفرق بين هذه المفاهيم فكل لفظة لها حالتها ومرتبتها في مراحل الذوق الفني )،وفي النصوص القصصية هناك (اربعة نصوص قصصية من الخيال العلمي) ترجمها رجب سعد السيد، ومسلة الطين لشوقي كريم حسن، ونبوءة العراف لعبد الستار ابراهيم، والقفل ليعقوب زامل الربيعي، وبركة ضوء لعبد الجبار خضير عباس.
وفي محور تجارب انسانية، هناك موضوع (انتسنسبيرغر.. شعرية التمرد على السائد والمألوف) اعداد وترجمة احمد الجبوري، وفي محور قراءات، هناك (نهج البلاغة.. اسرار وتأويل / قراءة في المستويات الجمالية في نهج البلاغة) للاستاذة الدكتورة بشرى موسى صالح، وكذلك (بطاقة يانصيب.. التناص وتعدد الحكايات) لجاسم عاصي، و ( الصليب.. حلب بن غريبة) صراع القيم القيم والانفتاح الدلالي للزمان والمكان ) لعبد الامير المجر، و( التحليق بعيدا عن النسق ام الكتابة خارج النص / مقاربة في رواية حميد المختار صحراء نيسابور) لعلي حميد عودة، و ( تراجيديا الرؤوس المهداة / قراءة في مسرحية الجائزة لمحمد علي الخفاجي) لعالية خليل ابراهيم.
وفي محور فضاءات كان هناك موضوع (الوجه الخفي لجائزة نوبل) كتبه الييت ارميل وترجمه سعيد بو خليط، وتساءل فيه ( من يختفي وراء جائزة نوبل للادب اكثر الاستحقاقات اهمية لكتاب الوقت الحالي؟، وما هو المنطق المتحكم في اختيار لجنة التحكيم؟ ) وضع في البدء اسئلة مثل ( اي نوع من المجتمعات تنتج الرواية كشكل ادبي؟ وهل تستطيع الرواية ان تصل القمة التي وصلتها في القرن التاسع عشر؟، وبحلول المجتمع الجديد هل سينجح الشكل الجديد كما نجحت الرواية نفسها الدراما والشعر الملحمي؟) وموضوع (مفهوم المسؤولية لدى الروائي ) كتبه اليكس كومفورت وترجمه عادل خضير النجار، وموضوع (السمات والابعاد الفنية في السينما السياسية) لحسين السلمان، افتتحه بقول كرستيان زيمر (كل الافلام سياسية).