يد بيضاء
تلك المرارة التى كانت تتحدث بها إلى رصيف ذاكرتها صارت اليوم أكثر عتمة وأكثر ألفة. هل كانت تنظر إلى مرآة ليلها الفائت. رجل يمر بخطى خفيفة على درج وردها وفمه يقطر سكرا. لوح بيديه من شرفة ورمى وردة فى سريرها. ها هى قد عبرت الساحة ولم تلتقى بأحد ولم ترى نزوتها إلى التفاحات الخضراء التى تتدحرج من ثوبها القطنى، فقط أحست أن الليل سيحمل رائحة بحر ما.
أمى قالت أنها ستشترى لى حذاءً جديداً ولم تفعل. أمى نسيت أنها قالت ذلك، وعندما ذكرتها، قالت لى بأنها لم تكن جادة فى كلامها فقط قالته لكى أقلع عن عادتى بأن أنظر إلى حذائى فى الطريق والمس إصبع قدمى الصغير الذى يطل من ثقب كأنه رأس دودة بيضاء. لكى التفت إلى الطريق وأكون أكثر حذرا أثناء عبورى التقاطع.
فى الليلة الأولى لرغبتنا معا، وبعد أن مررت من عيون الجيران وتسللت إلى حجرته، أدخلنى غرفة نومه وفرش السجادة التى تتوزع عليها مربعات زرقاء وحمراء بشكل متقاطع فكانت تبدو لى مرة صلبانا متقاطعة ومرة أخرى تبدو لى كأنها حجرات متداخلة، هنا حجرة زرقاء تقود إلى حجرة حمراء، لا هنا حجرة حمراء تؤدى إلى حجرة حمراء. وضع شمعدانا عند رأسه وآخر عند يده اليمنى، وثالث عند يده اليسرى، ورابع عند قدميه، ونزع ثيابه وراح يتمدد بين الشمعدانات وقال لى:quot;اخلعى حذاءكquot;. ضحكت وخلعت حذائى ونزعت ملابسى وأنا أنظر إليه، لم يكن ينظر لى كأنه على موعد مع امرأة آخرى. فجأة سمعت صوته:quot;امش على جسدى. اعبرينىquot;. أحسست برهبة عندما فكرت بأنى سأمشى على.....قال لى:quot;أبدو كأنى كفنكquot;. أومأت. quot;هكذا يبدو لى الأمر.
تعالى.
مشيت على جسده. مشيت على الماء.
عندما لامست قدمى فمه قبلنى هناك فى إصبعى الصغير ثم عضنى وراح يمتصه. أحسست بأن جسدى يتفتت فسقطت على جسده. رفعنى ببطنه. ومد يده ورفع خصرى قليلا وثبتنى فوق غصن ورده وقال لى: جمانااااااا... أبدية صغيرة.
قالت لى أمى:quot;لماذا تأتى عصافير كثيرة إلى نافذتك؟ هل تضعين لها فتات خبزك؟quot;.
قلت لها:quot;لا ماما. إنى أقف عارية هههههههههههquot;.
قالت وهى تضحك، أحبها عندما تضحك، أمى تشبهنى عندما تضحك:quot;آسفه التبس الأمر على، إذن ما أراه ليست عصافير بل غرباناquot;.
قلت:quot;اه مثل زوجكquot;.
ضحكت بجنون حتى شهقت.
ستأتى جمانا لكى تحرس غابة، لكى تأخذ حصتها من المشهد الإلهى.
ستأتى لكى نكتب قصائد إلى عينيها وننام على أغنيات تهدر مثل عرس، موجة، طاحونة، عيد وثنى، بابور مياه فى حقول بعيدة، أياد تجمع الحنطة وتعبئها فى أجولة لموسم الجوع.
رمل ملون
كلما ضاجعته أعبىء زجاجة صغيرة برمل ملون. أختار اللون لكل قارورة وفقا لما تمنحنى إياه المضاجعة. أحس اللون فى خلايا جسدى. فى العتمة الباهتة يلمع لون ما فوق جلدى. هناك لون يعبرنى كخرير مياه، ولون يأتى كأنه موجة مرعبة، ولون مثل شريط قرمزى بساحة حرب، ولون مثل رائحة التفاح الأخضر. دولاب ملابسى ممتلىء بزجاجات صغيرة من الرمل الملون. رمل أحمر، رمل أزرق، رمل أصفر، رمل أخضر، رمل أسود، رمل أبيض، رمل أحمر وأبيض، أزرق وأصفر،.... رمل وحسب.
يوما ما ستعرف جمانا إنى تحملت كل هذه الرمال من أجلها.
[email protected]