محمد الحمامصي من القاهرة: عن الهيئة العامّة لقصور الثقافة ـ مصر ـ وفي سلسلة آفاق عربية التي تعنى بالإنتاج الشعري العربي، صدر قبل أسابيع ديوان لا أخوات لي، للشاعرة اللبنانيّة المعروفة عناية جابر.
لا أخوات لي ديوان ضمّ بين دفتيه الأنيقتين من الغلاف إلى الغلاف قصائد سبق للشاعرة أن نشرتها في كل من: أمور بسيطة، مزاج خاسر، ساتان أبيض، ثم إنني مشغولة، أستعدّ للعشاء، جميع أسبابنا، كتبها الصادرة في بيروت.
لا أخوات لي الذي وقّع غلافه الأنيق أحمد اللباد المسلطن بحرفيته العالية وفنّه على ثلّة من الدور المصريّة الطليعيّة، يرسّخ النّقلة النّوعية والجمالية التي بلغتها هذه السلسلة التي ما زال القطاع العام المصري يشرف عليها.
غلاف أوّل جذّاب، وغلاف أخير شاءت له الأقدار أن يكون بقلم الشاعر والمترجم اللبناني بسّام حجّار الذي غادرنا قبل أسابيع. يقول بسّام حجّار: quot; كلّ نجاة بالشّعر كاذبة quot;، ويدعونا إلى السّفر على أجنحة عناية جابر quot;الساحرةquot; التي quot; لا أخوات لها quot; المدوّنة تعاويذها الطاردة للشر والأخطار على أنواعها قصيدة تلو الأخرى.
تبتدع الشاعرة في دواوينها شخصية امرأة، نجمة وحيدة تعيش في قمّة عزلتها وخوفها و ألمها، منتظرة آخر يأتي هنيهة ثم يرحل، تاركها لوجعها و و حدتها وقططها وجسدها. تقول موجهّة لغريبها الكلام: quot;أنت لا ترى ألمي المقذوف كأنّما من الماء من الانتظار والخطر quot;.
امرأة عناية جابر لاعبة ولعوب من الطّراز الأول، وهي أيضاً متمتّعة بكل لحظة حميمة من لحظاتها، تراقب نفسها والآخر بعينها الثالثة، وتدوّن اختلاجاتها غامزة من قنوات قرّائها وقارئاتها المؤتمنين والمتفرّجين بمتعة المتلصّص على ما يدور في الأسرّة وفي قيعان النفوس الحزينة الباحثة بين الحروف عن حياة أخرى.
تولد الشاعرة جديدة بين الحروف، تتخلّع كبطلتها أمامنا، تترنّح باحثة عن حبّ، عن quot;حفنة حبّquot; تسدّ بها رمقها ورمقنا. تأخذنا من quot;لا أخوات لها quot; إلى تعاريج قلبها وتهمس لنا بأن: quot; الأمر برمتّه ليس مأساوياً وأنّها ولو تركت قلبها في غابة فهي حتماً ستجتاز هذا الليل مهما كان العذاب التالي، فالحب بدويّ هائلquot;.
تدور أسطوانات روح الشاعرة بلا كلل، فعالمها الأنيس لن يبلغ يوماً حدّه إن ضحكاً مجلجلاً أو انتحاباً.
قصائد عناية جابر ومضات تشبهها، هي الطفلة الوحيدة القادرة بكلماتها على اجتراح عالم مترام، ومضات تلتمع التماع برق صاعق ينبئ بحلول طوفان قد يسكن العالم ويسكّن لواعجه ببهجة كلمات تستحيل قصائد خلاص.
لا أخوات لي ديوان دواوين عناية جابر، مختارها الشخصي، لا يعفي من قراءة جلّ أعمالها، لا بل بالعكس، فالشعر الشعر لا غضون له.