عبدالله السمطي من الرياض: حققت الثقافة العربية السعودية في العقد الأول من الألفية الجديدة قفزات ملحوظة، مقارنة بالعقود الماضية، يمكن أن يستشعرها المتابع في عدد من المجالات، وفي حزمة من الأحداث والوقائع الثقافية التي تشير إلى ملامسة حقيقية من لدن المسؤولين، ومن قبل المثقفين للمفهوم الثقافي الذي يتأسس على سيرورة العلاقة بين المثقف، والمؤسسة الثقافية الموزعة بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب، ووزارة التعليم العالي، ووزارة الإعلام، من جهة، وبين آليات الثقافة وعناصرها التي تتجسد في الكتابة الإبداعية، والفنون، والفكر، والفقه، والتعبير الإنساني عما يكنه الوجدان بأي لغة قولية أم بصرية من جهة أخرى.

استهلت الثقافة السعودية الأشهر الأولى من الألفية بزخم إعلامي جلي، تمثل في صدور صحيفةquot; الوطنquot; التي سعت إلى أن تفتح نافذة لضوء الكتابة الصحفية الحرة، لكنها اصطدمت بعراقيل التقاليد، فخففت قليلاً من حدة خطابها الإعلامي، وإن أثارت صفحات الرأي والثقافة بها عددًا من القضايا المسكوت عنها.. هذه البداية كانت قد تلت مباشرة الاحتفالات الكبرى بمئوية التأسيس ودخول الملك عبدالعزيز الرياض، تلتها أنشطة ثقافية بسيطة في العام 2000 بمناسبة اختيار الرياض عاصمة للثقافة العربية، تجلت في بعض الندوات والفعاليات التي لم تخرج عن السياق الروتيني للأنشطة الثقافية التي كانت تشرف عليها الرئاسة العامة لرعاية الشباب، من خلال الأندية الأدبية، وجمعية الثقافة والفنون.
وواصل مهرجان الجنادرية السنوي عقد فاعلياته الثقافية، متراجعًا قليلاً في مستوى زخمه الثقافي عما كان يقدمه في العقد الأخير من القرن العشرين، فيما واصلت الجامعات السعودية عقد معارض الكتب التي تشرف عليها وزارة التعليم العالي.
كانت القضايا الثقافية والأدبية تمضي على وتيرتها المعهودة، ندوات، وأمسيات شعرية تعطر الأجواء ndash; حسب تغطيات الإعلام الورقي- وإصدارات شعرية وقصصية عبر الأندية الأدبية الخمسة عشر المنتشرة في مناطق السعودية، وعروض مسرحية بسيطة ( لا تشارك فيها المرأة) خلال جمعية الثقافة والفنون، وبعض المعارض التشكيلية الشخصية والعامة، ومناوشات صغيرة بين تيار ديني متشدد سائد، وبين من يوصفون بquot; الحداثيينquot; في الكتابة والإبداع، وهروب من قبل الأجيال الشابة نحو المساحة الاتصالية الجديدة التي تمثلها الشبكة العنكبوتية، وشكلت بعض المواقع مثل: الساحات، ودار الندوة، ثم جسد الثقافة مثار اهتمام هذه الأجيال، حيث نوقشت فيها قضايا الشباب اليومية، والمرأة، والإبداع، والتطرف، والتراث، وحظيت بمتابعات واسعة من خلال ما يتبدى من إسهامات وردود المشاركين والمشاركات في هذه المواقع.

صدمة 11 سبتمبر
شكلت أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 وضرب برجي التجارة في نييورك وضرب مبنى وزارة الدفاع الأميركية في واشنطن وقتل آلاف الأميركيين صدمة عالمية، حيث لم يكن يتصور أي شخص في العالم أن تضرب الامبراطورية الجديدة في معقلها، وعلى الفور وجهت الاتهامات للمتطرفين الإسلاميين، وكان نصيب العرب والمسلمين منها مأساويا، وتجلى ذلك في تثبيت الصورة النمطية للإسلام والمسلمين، في الإعلام الغربي، واحتلال أفغانستان والعراق.. بعد تظاهرات حقيقية أو صورية تليفزيونية في أنحاء العالم ضد هذا الاحتلال.
واجهت الدول العربية والإسلامية خاصة السعودية حملة إعلامية وسياسية أمريكية وغربية شرسة، وطالب بعض المتطرفين الأميركيين بضرب مكة المكرمة، واحتلال بعض دول محور quot; الشرquot; العربي والإسلامي.
كانت الصدمة كبيرة، فاقت في تصوراتها الصدمة التي شكلتها حرب الخليج الثانية (1990-1991)، لأنها طالت مختلف المجالات السياسية والثقافية والشعبية، وتكشفت أوراق كثيرة مختلطة.
ثقافيا.. وفي شهر مايو 2002 تحركت أقلام المثقفين وكتاب الرأي للدفاع عن الثقافة السعودية المؤسسة على قيم الإسلام والثقافة العربية، ووقع (175) مثقفا ومثقفة سعودية بيانا ثقافيا تحت عنوان:quot; على أي أساس نتعايشquot; ردًّا على بيان أميركي حمل توقيع ستين مفكرا أمريكيا بعنوان:quot; على أي أساس نقاتلquot;.
على أن النقطة الأهم التي تشكلت هنا في السعودية تمثلت في هذا النقد الذاتي للثقافة الدينية المتشددة والمتطرفة، حيث نظر السعوديون لأحداث 11 سبتمبر على أنها نتاج ثقافة التطرف التي أشاعها بعض العلماء والشيوخ ممن قسموا العالم إلى ديار سلام وديار كفر، في حين علت المطالبات بquot; تجديد الخطاب الدينيquot; فضلا عن تحديث المناهج في الصفوف التعليمية الأولية، والاهتمام بتطوير الثقافة والإعلام السعودي.
حدثت تحولات ثقافية واجتماعية حقيقية في السعودية. بعد هذه الصدمة، بادرت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بعقد مؤتمر دولي عن ظاهرة الإرهاب، ربما لتبرئة بعض مناهجها ومخرجاتها، فيما حملت عناوين المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) محاور مهمة مثل: هذا هو الإسلام، ومستقبل الثقافة العربية، حوار الإسلام والغرب.

أحداث إرهابية:
وكنوع من استباق الآثار التي قد تحدثها التحولات الناجمة عن صدمة الحدث الدولي، والتي كانت تشكل نوعا من مخاصمة العقدين الماضيين اللذين سيطرت فيهما ثقافة الصحوة والصحويين السعوديين، تعرضت السعودية لعدد من الأحداث الإرهابية التي تمثلت في تفجير عدد من المباني السكنية، واختطاف الأجانب الغربيين، وقتلهم، وطالت الأحداث الإرهابية مباني لوزارة الداخلية، ومجمع المحيا السكني، ومجمع سكني يقطنه أمريكان وأوربيون، ومحاولات إرهابية في شركات للبتروكيماويات، وبعض الأحداث الإرهابية الأخرى في عدد من المدن السعودية.
في ظل هذه الأجواء التي استمرت بين الأعوام ( 2002-2006) بادرت قوات الأمن السعودية لحصار الظاهرة الإرهابية، واستطاعت القضاء عليها بضربات متعددة. فيما عقدت ndash; من جانب آخر - ندوات متعددة أبرزها: المؤتمر العالمي ضد الإرهاب، وبعض البرامج التليفزيونية للتائبين من التيار المتشدد.
كانت الكتابات الإعلامية والثقافية مواكبة لهذه الأحداث، واتخذ بعضها شكل بيانات للمثقفين، ثم تجلت في شكل كتب ودراسات تناقش هذه الأحداث، وتنقد ذاتيا هيمنة الأصوات المتشددة على الخطاب الديني، ومختلف الخطابات الأخرى، أبرزها كتب لتركي الحمد، ومحمد محفوظ، وجعفر الشايب، وحمزة المزيني، فضلا عن الكتابات الكثيفة لكاتبات وكتاب الرأي في الصحف السعودية الذين باتوا يشكلون منبرًا فكريًا وثقافيًا ملفتًا في هذا العقد.
وفي السياق الأدبي انشغل الأدباء السعوديون في جدال ثقافي بما سمي معركة موسوعة الأدب السعودي الحديث في العام 2003 التي فجرها كاتب هذه السطور، وهيمنت أصداؤها على معظم الصفحات الثقافية بالصحف السعودية لأكثر من ستة أشهر، في كتابات متتالية من مختلف الاتجاهات الأدبية، فيما توالى انعقاد الملتقيات الأدبية عن الرواية، والقصة القصيرة، والشعر في أندية جدة، والقصيم، وجازان، والباحة الأدبية.
وعلى المستوى الإبداعي بدأت إرهاصات زمن الرواية في السعودية في التجلي، فيما برزت أسماء شعرية جديدة، وانتشرت الكتابة النسائية شعرًا ونثرًا بشكل ملحوظ.
كما عقدت وزارة الإعلام فور تعديل مسماها إلى quot; وزارة الثقافة والإعلامquot; في العام 2004 مؤتمرًا للمثقفين السعوديين، شارك فيه مثقفون وأدباء من مختلف التيارات، وألقيت فيه (43) ورقة عمل تناولت قضايا الثقافة، والجوائز الأدبية، وجواز الدولة، والفن التشكيلي، والمسرح، وصدرت عنه أكثر من عشرين توصية كانت بمثابة مكاشفة أولية لحاجات المثقفين وطموحاتهم.
ورضي المثقفون السعوديون بنصف وزارة ndash; على حد تعبير الكاتب إبراهيم التركي، لكن هذا يعد حدثا ثقافيا مهما يقترب من شجون المثقف السعودي وشؤونه.

التحول المدني:

لأن الثقافة السعودية ترتبط مرجعيًّا بشكل أو بآخر ndash; نظرًا لطبيعة المجتمع السعودي المحافظة ndash; بمؤسسات التعليم، والاقتصاد، والمالية، والشؤون الاجتماعية، وهيئة كبار العلماء، وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووزارة التعليم العام والعالي، ووزارة الشؤون الإسلامية، فقد احتاجت في تلك اللحظات إلى قدر من الاستقلالية الإدارية على الأقل، فأحدثت القيادة السعودية نوعا من التحولات التي لم تحدث طوال الخمسين عامًا الماضية، فجاء التحول أوّلاً صوب إجراء انتخابات للمجالس البلدية، تبعها قرار دمج التعليم وتوحيد المناهج بين الطلبة والطالبات، وإلغاء إشراف الرئاسة العامة للبنات على تعليم البنات، بحيث يتبع التعليم العام جهة واحدة هي وزارة التربية والتعليم، ثم قرار عمل بطاقة هوية منفصلة للمرأة وتصويرها فوتوغرافيا، ثم قرارات إنشاء جمعية حقوق الإنسان، وهيئة حقوق الإنسان، ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ( خلال السنوات 2003- 2006) وتبع ذلك إنشاء هيئة للصحافيين السعوديين، وجمعيات ثقافية للتشكيليين والمسرحيين، وهذه التحولات تخدم ضمنيا التوجهات الثقافية التي تسعى لمعايشة العصر، والخروج عن بعض الأوهام الفكرية كالغزو الفكري والثقافي وثقافة الخوف، وثقافة الخصوصية التي أشاعتها التوجهات الصحوية في الثمانينات والتسعينيات من القرن العشرين.
تحولت المؤسسات الثقافية إداريًّا للوزارة الجديدة، حيث أشرفت الوزارة على الأندية الأدبية، وجمعية الثقافة والفنون، ومعارض الكتب، والمجلة العربية. وأنشأت الوزارة ndash; بعد تعيين السيد إياد أمين مدني وزيرًا لها- وكالتين للثقافة، الأولى تركز على الثقافة الوطنية تحت مسمى:quot; وكالة الوزارة للشؤون الثقافيةquot; والثانية:quot; وكالة الوزارة للعلاقات الثقافية الدوليةquot; وتم تعيين كل من الأديب الدكتور عبدالعزيز السبيل وعالم الاجتماع الدكتور أبو بكر باقادر كوكلاء وزارة للإشراف على عمل الوكالتين.
اتسع المجال الثقافي بهذه التحولات التي تجلت بشكل كبير مع مبايعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملكا للبلاد في العام 2005 والذي بادر إلى القيام بإصلاحات سياسية واقتصادية وفكرية وعلمية وثقافية واسعة.
لم يعد الأدب وحده هو المقصود بالثقافة، اتسعت المساحة لتشمل الفكر بمختلف أبعاده: الثقافي، والديني، والسياسي والعلمي. وظهر تيارات أساسيان يستحوذان على الساحة الثقافية اليوم في مواجهة التيار الديني الذي بدا أقل تشددًا، وأكثر قابلية للانفتاح بالمقارنة بالعقود الماضية.
التيار الليبرالي وتشكله مجموعة من المثقفين والكتاب الجدد من الأدباء والشعراء، وتيار نقاد الخطاب الديني المتشدد، وهم مجموعة ممن كانوا ينتسبون إلى هذا التيار، أو من المقربين منه، ومنهم: منصور النقيدان، وخالد الغنامي، وتركي الدخيل، ومشاري الزايدي، ومجاهد عبدالمتعالي، وفارس بن حزام، كما فتحت الصحف صدرها لأقلام مجموعة كبيرة من الشباب والأدباء وكتاب الزوايا اليومية الناقدة مثل: يحيى الأمير، ومحمد حسن علوان، ويوسف أبا الخيل، وغيرهم فيما واصلت كتابات عبدالله الغذامي، وسعد البازعي، وهاشم عبده هاشم، وتركي السديري، وعبدالله الفوزان، وعلي الموسى، وفوزية ابو خالد، وثريا الشهري، وبدرية البشر، وجهير المساعد،وغيرهم من الكتاب والكاتبات قراءة وتأمل الأسئلة الثقافية والاجتماعية الشائكة في المشهد السعودي، وحصلت الصحف على قدر من الحرية التعبيرية لم تحصل عليه خلال تاريخها المديد أو القصير.

بنات الرياض:
شهد هذا العقد طفرة روائية سعودية مدهشة، وبشكل غير مسبوق في تاريخ الأدب السعودي. كانت الإرهاصات الأولى للتوجه صوب الرواية قد بدأ فعليًا في تسعينيات القرن العشرين بعد أحداث حرب الخليج الثانية، كتب سعد الدوسري روايته: quot;نوفمبر 1990) ومنذ منتصف التسعينيات بدأت أقلام قصصية وشعرية وفكرية في التوجه لكتابة الرواية، حيث أصدر غازي القصيبي:quot; شقة الحريةquot; وquot; العصفوريةquot; وquot; دنسكوquot; وأصدر تركي الحمد ثلاثيته الروائية:quot; أطياف الأزقة المهجورة: العدامة، الكراديب، الشميسيquot; كما أصدر عبده خال:quot; مدن تأكل العشبquot; وquot; الموت مر من هناquot;.
ومع بدايات العقد الأول من الألفية الثالثة شهدت الرواية ازدهارا ملحوظا، تجلى في وفرة الإصدارات الروائية السعودية حيث تراوح الإنتاج الروائي السعودي سنويا ما بين 30-50 رواية سنويا، وأسهمت مختلف الأجيال في هذا النتاج، وهرول إلى كتابة الرواية قاصون وشعراء وكتاب زوايا وكتاب سير وأدباء شباب، ومفكرون، وكاتبات زوايا وإعلاميات وإعلاميون دون نظر إلى طبيعة المشروع الروائي أو همومه الفنية والجمالية والإبداعية والرؤيوية، وغلبت على هذه الروايات النزعة الواقعية الاجتماعية، دون نظر إلى النسيج الأسلوبي الخاص المتميز لكل كاتب أو كاتبة، فالمهم أن تتضمن الرواية عددا من الأحداث أو السير الذاتية، وفي ظل هذه الأجواء صدرت رواية:quot; بنات الرياضquot; لطبيبة الأسنان رجاء الصانع، حيث أحدثت رواجًا ثقافيًا إعلاميًا لقي من ردود الفعل إلى أن كتبت عن هذه الرواية أكثر من (500) مادة نقدية وإعلامية، وترجمت إلى عدة لغات، كما صدرت منها خمس طبعات. وللمرة الأولى تحقق رواية سعودية مثل هذا الانتشار على المستويات الاجتماعية والأدبية بل والدينية، كما وجدنا لأول مرة معارضات روائية للرواية صدرت لتنقض المفهوم السلبي لمجتمع (بنات الرياض) مثل روايات( بنات من الرياض) و(سعوديات).
على أن الأثر الذي يمكن ان نخرج به من هذه الطفرة الروائية كما ( وأحيانا كيفا) يتجلى في ذهنية الهرولة الثقافية التي تحدث مع كل رواج لجنس أدبي، وهي ظاهرة يتفرد بها الكتاب السعوديون عن نظرائهم في الدول العربية، حيث تتوارى الأجناس الأدبية الأخرى بفعل توجه فصيل المبدعين إلى جنس أدبي آخر، فالقصة القصيرة كانت هي الرائجة في ثمانينات القرن العشرين، ثم راجت قصيدة الحداثة وقصيدة النثر في التسعينات، ثم اليوم تروج الرواية وتتوارى الظواهر الأخرى.
كذلك فإن شوق المجتمع السعودي للحكاية والحديث والكلام عن المسكوت عنه تجسد في الرواية، فضلا عن ذلك فإن الدراسات والبحوث الأكاديمية ركزت على الرواية وأهملت القصة والشعر، كما انبثقت ظاهرة جلية عبر الرواية تمثلت في الجرأة النسوية على اقتراف السرد من قبل الكاتبات السعوديات، والاقتراب من العوالم المخبوءة، خاصة الحديث عن الجنس، والعلاقات المحرمة، وأيضا الاقتراب من عوالم الآخر.
وتجلى ذلك في روايات مثل:quot; الآخرونquot; لصبا الحرز، وquot; نساء المنكرquot; لسمر المقرنquot; وquot; ملامحquot; لزينب حفني، وquot; الأوبةquot; لوردة عبدالملك، وquot; القران المقدسquot; لطيف الحلاج فيما كانت الروايات الجديدة لمحمد حسن علوان (طهارة) وعبدالواحد الأنصاري (كيف تصنع يدا) وصلاح القرشي (تقاطع) ومحمد المزيني (مفارق العتمة) ومنذر قباني (حكومة الظل) وكتابات من لهم تجارب سردية في فن القصة مثل: يوسف المحيميد ( الحمام لا يطير في بريدة) وعبده خال ( فسوق، وترمي بشرر)، وأميمة الخميس (البحريات)، ونورة الغامدي (اتجاه البوصلة)، وليلى الأحيدب (عيون الثعالب)، وبدرية البشر (هند والعسكر)، وأحمد الدويحي ( مدن الدخان)، وخالد اليوسف ( وديان الإبريزي) وعبدالحفيظ الشمري ( جرف الخفايا) تسعى لوضع ملامح جمالية متعددة للرواية بوصفها فنا.
وقد تكاثر عقد الملتقيات الأدبية والنقدية في الأندية الأدبية فعقدت ملتقيات عن الشعر والقصة القصيرة والرواية، وتم تشكيل مجالس جديدة للأندية الأدبية، فيما توارت أنشطة جمعية الثقافة والفنون، وحمل هذا العقد أيضا نوعا جديدا من المعارك الثقافية المباشرة تمثلت في التحرش اللفظي والمشاحنات والمشادات في الندوات التي عقدها معرض الكتاب الدولي بالرياض بعد إشراف وزارة الثقافة والإعلام عليه، كما حدث في ندوة تركي السديري في العام 2006، وندوة الدكتور عبدالله الغذامي في كلية اليمامة، وإحراق الخيمة الأدبية بنادي الجوف الأدبي لمنع إقامة أمسية شعرية نسائية للشاعرة حليمة مظفر، كما منعت عروض علنية لأفلام سينمائية بالطائف وجازان وجدة والرياض، حتى صدر قرار رسمي بمنع عقد مهرجان جدة السينمائي، ومنع الحديث أو الاقتراب من موضوع السينما في السعودية.
وشهدت نهاية العام 2009 عقد مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث الذي شارك فيه أكثر من (400) كاتب وكاتبة، وأسفر عن سبع توصيات، بعد أن ألقي فيه (50) بحثًا أدبيًّا ونقديًّا، ومن أبرز توصياته: إنشاء رابطة للأدباء، وصندوق للأدباء، والاهتمام بنشر الكتاب السعودي وتسويقه، كما عقد مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ملتقى عن الخطاب الثقافي السعودي وآفاقه المستقبلية.
إن الثقافة السعودية حققت في العقد الماضي قفزات ملحوظة، لكنها تحتاج إلى تثبيت دعائمها، وإلى العناية باحتضان المثقف والمبدع، لا بزيادة جرعة الأنشطة الثقافية، أو بالمشاركة في المهرجانات داخليًّا وخارجيًّا، ولكن بتأسيس وعي ثقافي شامل ملموس يجسد العلاقة بين الثقافة الوطنية والانفتاح على الخارج، ويسمح بتعدد الأطياف الثقافية، وتراسلها معرفيًّا واجتماعيًّا وإنسانيًّا.