بعد إنتشاره كالنَّار في الهشيم، يقتحم موقع فايس بوك السينما من بابها العريض بفيلم يروي قصَّة إنشائه.

لندن:
اقتحم الإنترنت عالم السينما من أوسع أبوابه بفيلم quot;الشَّبكة الإجتماعيَّةquot; الذي يروي قصة إنشاء موقع فايس بوك الإجتماعي بكل ما فيها من وقائع مشوِّقة ومفارقات تتخلَّلها فصول من الغدر والتنكر والكراهية.

يتناول فيلم quot;الشَّبكة الإجتماعيَّةquot; أحداثًا وقعت منذ سبعة أعوام، ليصبح بمعايير الزمن الحالي وإيقاع الحياة العصريَّة، درسًا في التَّاريخ القديم، ولكنَّه درس تنويري وأخَّاذ، مفعم بعناصر الإثارة أيضًا.

ويروي الفيلم سينمائيًّا كيف تمكَّن طالب في جامعة هارفد إسمه quot;مارك زوكربيرغquot; - يقوم بدوره جيسي ايزنبرغ - من بناء موقع فايس بوك الذي غزا العالم، وينجح في إيصال مغزى الإنترنت وضخامة هذا الإختراع ومفاجآته على نحو يدغدغ الأعصاب، وتسلِّط أحداث القصَّة ضوءًا ساطعًا على حقيقة هذه الإبتكارات، فالفكرة الَّتي تبدأ ومضةً خاطفةً في الرأس تلف العالم إذا كانت صائبة.

ويصح هذا على زوكربيرغ الذي نراه يعمل على ما كان مقدِّمة لموقع فايس بوك وهو لم يزل في التاسعة عشرة من العمر قائلاً لأحد أصدقائه أنَّه اكتفى بإرسال الرابط إلى بضعة أشخاص فقط، ثم يتساءل بعينين تتسعان من فرط الإثارة: quot;يا تُرى لمن أرسلوه بدورهم ؟ quot;

كان هذا السؤال بداية انتشار فايس بوك كالنَّار في الهشيم، وفي غضون شهر سُجل أكثر من نصف طلاب هارفرد وفي العام التالي صار 5.5 مليون طالب يستخدمون الموقع، ولدى موقع فايس بوك اليوم 500 مليون مستخدم في كافة أنحاء العالم، ولو كان بلدًا لجاء بالمرتبة الثالثة بين بلدان العالم بعدد السكان.

ولكن النَّاقد السينمائي، مارك لي، يلاحظ أنَّ المفارقة في قصة فايس بوك ما تنطوي عليه من مستويات مذهلة من الغدر والخداع والأحقاد في وقت تروي نشوء ظاهرة عمادها الصداقة وأواصر الود.

فإن علاقة زوكربيرغ القصيرة مع التوأمين ونكلفوس (يقوم بدورهما آرمي هامر وجوش بنس) اللذين كانت لديهما فكرتهما الخاصَّة لإنشاء موقع اجتماعي على الإنترنت حين كانا معه في هارفرد، علاقة آلت في نهاية المطاف إلى اتهامات بالسرقة مدعين ملكيَّة فايس بوك.

ثم هناك العلاقة الملغومة بين زوكربيرغ وصديقه إدواردو سايفرين ndash; الذي يقوم بدوره أندرو غارفيلد - الذي يوفِّر رأس المال الأساسي للشركة لكن تمَّت إزاحته بعدما نجح المشروع، ويحدث هذا لأسباب منها نصيحة مشكوك في صوابها من شون باركر - يقوم بدوره جاستن تمبرليك - مؤسِّس خدمة نابستر لتبادل الملفات، الذي يتسلَّل خلسة إلى مشروع زوكربيرغ.

يتنقل الفيلم بين الأيَّام الأولى لموقع فايس بوك والمحكمة حيث يقف زوكربيرغ في جلساتها الأحدث عهدًا مواجهًا الأخوين ونكلفوس
وسايفرين الذين يقاضونه مطالبين بعشرات ملايين الدولارات، علمًا بأنَّ قيمة فايس بوك تُقدر حاليًا بما لا يقل عن 25 مليار دولار، واللافت أنَّ أبطال هذه الدراما ما زالوا كلهم في منتصف العشرينات من العمر.

ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن المخرج، ديفيد فنتشر، وكاتب السيناريو، آرون سوركن، أنَّهما عازمان على الوقوف موقفًا محايدًا في سرد القصة سينمائيًّا، وجاء الفيلم مؤكِّدًا ابتعادهما عن تصوير زوكربيرغ بدور البطل المظلوم أو تبرئته مما أبداه من قسوة وسوء تقدير وفشل في علاقاته الإجتماعيَّة.

يُصوَّر الأخوان ونكلفوس في الفيلم كتوأمين مغرورين في صراع دائم مع احدهما الآخر، يستحوذ عليهما إحساس متضخم بالإمتياز، ولكن من الصعب أنّْ يصدِّق المرء أنَّهما على هذه الدرجة من الغباء في الواقع، وسايفرين، الصديق الذي كانت جريمته لا تزيد كثيرًا عن افتقاره إلى
المخيلة، هو الوحيد الذي يكسب تعاطف الجمهور.