عبدالجبار العتابي من بغداد: في قاعة حوار للفنون التشكيلية في بغداد، اجتمعت نحو أربعين فنانة عرضن اكثر من اربعين عملا خاصا بهن ما بين لوحة ونحت، وتوزعن على فضاءات القاعة محلقات بألوانهن الزاهية التي تشبه الى حد بعيد ألوان الطموحات لدى شخوص لوحاتهن، وكان تواجدهن للمشاركة في المعرض الذي حمل عنوان (تشكيليات عراقيات)، وحضره عدد كبير من الفنانين والاعلاميين وطلبة كلية الفنون الجميلة، وقد اختلفت المواضيع المطروحة مثلما تشابهت في ان تشير الى المرأة وواقعها وطموحاتها وما تتمناه في المستقبل، لوحات كانت تفتح ابوابها للتأويل وللجمال وللامل، وتبعت من بين الالوان الدفء الذي يصعد ليلامس الوجدان حينما يكون التأمل مرآة عاكسة وصافية، كما لابد من الاشارة الى ان تواجد هذا العدد من الفنانات رسم سرورا حقيقيا على وجوه الحضور وكان لذلك صدى جميل خلاصته ان العراق خلاق للجمال وما تلك النسوة المرتسمة ملامحهنّ باشراقات الامل والتحدي الا خلق جديد .

وقد اعرب عدد من الفنانات اللواتي التقيناهن عن سعادتهنّ بتجمعهن الذي يمثل نوعا من التحدي للظروف الراهنة كما يمثل نوعا من التواصل في ما بينهن وتأكيد حضورهن وسط زحام الرجال، واكدن أن لوحاتهن واعمالهن بمثابة اصوات تكشف عن الإهمال الذي يصيب المرأة التي تصبو الى احترامها كونها تمثل الجزء المهم، كما أشرن الى ان لوحاتهن تمس حياة المرأة والرجل على حد سواء من خلال العلاقة الطبيعية التي تربطهما على مر العصور، وخلال اطلاعنا على الاعمال الفنية المشاركة كانت لنا وقفات مع بعض الفنانات.

قالت الفنانة وجدان الماجد: أشارك بلوحة تحمل اسم (اختناق امرأة) وهي تعبر عن الوضع الذي تعيشه المرأة ولا احد يحس بمشاكلها فلا تشارك ولا تسافر، المرأة تحب ان ترسم مثل ما يرسم الرجل، لكنها تشعر بالاختناق، لان ما هو محلل للرجل محرم عليها.
واضافت: المشاركة هذه تمثل التحدي للوضع الموجود حاليا، تجمّع النساء مع بعضهن في هذا الوقت الصعب هو تحدٍ لكل بلدان الوطن العربي حيث لا يوجد فيها هذا العدد من النساء المبدعات يجتمعن في قاعة واحدة، انا اعتبر وجودنا هنا ضربة قاسية للفن النسوي العربي لعدم وجود فنانات يشبهن العراقيات!!.

وقالت الفنانة سهاد حسن: شاركت بلوحة عنوانها (الاغتصاب) التي تمثل العنف ضد المرأة، اريد ان اقول من خلالها ان حقوق المرأة في العراق مغتصبة، فهي تريد الحرية بتجسيدها الحقيقي، هناك من يفسر اللوحة على انها عملية جنسية، وان كانت.. فنحن بشر، انا اطالب من خلال لوحتي بحق المرأة.
واضافت: اتمنى ان يزداد الاهتمام بالمرأة خصوصا الفنانات منهن وان يكون هناك عدد من الـ (غاليريات) تعنى بفن المرأة، فهناك ابداعات وطاقات هائلة وطروحات جديدة لا بد ان يتم الانتباه لها، واتمنى ان تتكرر المشاركات اكثر.

اما الفنانة انغام محمد جواد اموري فقالت: لوحتي هي (نساء منتظرات)،والاسلوب الذي ارسم فيه هو الاسلوب التعبيري الممزوج بالحداثة البسيطة احيانا، واعبر بهذه اللوحة عن هواجس النساء وما يفكرن به ومطالبتهن بالاحترام والقيم الذاتية الحقيقية، هناك من يعتقد ان حينما صارت مجموعة من النساء في البرلمان فإن المرأة صارت لها قيمة، ان قيمة المرأة الحقيقية في اسرتها واعطائها الحقوق التي تستحقها في اي مكان تكون فيه.
واضافت: المشاركة في هذا المعرض اعدها مثلما يقال حشر مع الناس عيد، ومجرد تواجدي مع زميلاتي هو فخر لي، ولا بد ان نكون معا ونساعد بعضنا خاصة انني في اكثر من عمل ارسم النساء في صف واحد.

فيما قالت بيمان الطائي: لوحتي التي أشارك بها في هذا المعرض المميز عنوانها (طفولة)، قارنت فيها بين طفولتنا في السابق ونحن على مقاعد الدراسة وطفولة الآن المغيبة التي لم يهتم بها احد من المسؤولين الحكوميين ولا مسؤولي منظمات المجتمع المدني، الاطفال الان تراهم مشردين في الشوارع، كيف هذا ونحن بلد ثري ونمتلك العقول والاختصاص، لماذا هذا الاهمال للطفولة، هؤلاء هم بناة المستقبل فكيف يمكن ان نطمئن إلى اجيالنا، ان بلادنا كانت فيها اول رياض اطفال في العالم، وكانوا يعلمون الاولاد الصيد والبنات التربية المنزلية، انه شيء مؤلم.
واضافت: ان مشاركتي في المعرض المشترك تأكيد على وجود المرأة الفنانة في تسجيل وجدان الشعب.

وقالت الفنانة ندى العثمان: لوحتي التي اشارك بها عنوانها (سكون)، وهي عبارة عن لقطة لصورة فوتوغرافية التقطتها فجرا، انا احب منظر الشروق والغروب، كما احب بغداد عندما تكون ساكنة وهادئة ولا سيما في هاتين الحالتين، واخترت هذه اللقطة لكي ارسمها، ولكن في وقتها عكر مزاجي ان طائرة اميركية مرّت فرسمتها وكنت اتمنى ان لا تكون موجودة في اللوحة لتكون سماء بغداد صافية.
واضافت: انها واحدة من مشاركاتي التي أعتز بها واتمنى ان تتطور وابقى احبها لان فيها تجربة طيبة وتعاونًا، وكل مشاركة هي تأكيد على الجمال وحاجة الناس للجمال.

اما الفنانة ليزا شاكر فقالت: اشارك بعملين نحتيين لا يحملان اي اسم وكنت قد عرضتهما بمناسبة يوم المرأة العالمي، وهما يتحدثان عن المرأة وظروفها ومعاناتها، وأقول فيهما ان المرأة مع كل ذلك هي رمز للحب والعطاء وتبقى جميلة حتى لو بعض جسمها تأثر، وستبقى معطاء وجميلة، وحاولت ان اؤكد استمراريتها في الحياة وجعلت الحمامة قرينة لها رمزا للحب والسلام، كما ادخلت حضارتنا السومرية من خلال الكتابات المسمارية.
واضافت: المشاركة جديدة وجميلة وهي اول مشاركة لي مع مجموعة من الفنانات وانا سعيدة بها.

اما الفنانة سونيا يحيى فقالت: لوحتي المشاركة تمثل المرأة والرجل على مر العصور، تمثل العاطفة التي بينهما، عبر الازمنة والتي لم تتغير وبقيت كما هي، المرأة ملتصقة بالرجل من اجل الحماية والاستقرار والاطمئنان، والرجل يبحث عن المرأة ليستطيع ان يخلد الى الراحة، في لوحتي كانت المرأة تحت جناح الرجل الذي هي بحاجة اليه دائما، والتي هي مهما تكن قوية فإن قوتها لا تكتمل الا بعد ان تكون تحت جناح الرجل، وأردت ان اقول من خلال لوحتي ان العاطفة بين الرجل والمرأة لا تنتهي وانها لم تتغير مهما دخلت الالة والحداثة ومهما يحدث من تغيرات.

واضافت: هذا المعرض المشترك هو تظاهرة نسوية ضد زحام الرجال في كل شيء ومزاحمتهم للمرأة !!

وفي الاخير كانت لنا وقفة مع الفنان جميل رماح ليحدثنا عن رأيه بالمعرض، فقال: اهم ما يؤشر إلى المعرض انه متخصص للنساء، وكذلك عدد المشاركات فيه الذي تجاوز الاربعين مشاركة كما اعتقد، والاهم انه رعي من قبل احدى المرشحات للبرلمان وهي الاعلامية نرمين المفتي، ونحن نتمنى على البرلمان الجديد ان يكون على تماس اكثر من الفنان التشكيلي على العموم ومع الفن النسوي بشكل خاص.

واضاف: وما يلاحظ على المعروضات ان بعضها ليس جديداً وسبق ان عرض في معارض سابقة، وعموما فنحن لا نزال نعاني من مشكلة التجريد فهناك اعمال تعبيرية لكن قلة التشخيص في الكثير منها يحيل مشاهدتها الى النخبة فقط، اذ ان المتلقي لايفهم الكثير من الاعمال ذات الطابع التجريدي.