عبدالجبار العتابي من بغداد: لم يكن عيد المرأة بعيدا من هنا، فما زال شهر آذار / مارس يبث نضارته، وما زالت المرأة العراقية تتطلع الى عيدها الذي لم تحتفل به على مستوى واسع بسبب ظروف الانتخابات البرلمانية، فتزامن العيد النسوي مع أعياد الربيع، حيث اكتست الارض بالخضرة وتزينت بأطلالات الجمال التي راحت تتعالى زاهية بملامحها بفتيات كلية البنات في الجادرية / جامعة بغداد، التي اقيم على قاعاتها وحدائقها المهرجان الذي اقامته مؤسسة المدى للاعلام والثقافة والفنون وبالتعاون مع جامعة بغداد يوم الاحد وحمل عنوان(مهرجان المرأة الثقافي الثاني) تحت شعار (تجلياتهن)، بمشاركة كلية التريبة للبنات وكلية الاداب وكلية التربية ابن رشد وكلية الفنون، وتواصل النشاطات منذ الصباح الى المساء بأمتداد يومين، وقد تضمنت النشاطات العديد من الفعاليات الثقافية والفنية والرياضية، وكان الحضور النسوي واضحا في الامكنة التي اقيم فيها الفعاليات التي استمتع بها الحضور الكبير من الاعلاميين والمثقفين والاكاديميين، فأشتملت على معارض للكتاب والتراث الشعبي والحرف والفنون اليدوية والفن التشكيلي والفوتوغرافي، ولا بد ان نلتقط الصور المعبرة عن حضور الفتيات وهن يتأملن تلك الكتب المصطفة على المناضد بالعناوين العديدة والتي تنتقل الى اياديهن.

هناك.. كانت التجليات تتدفق بعفوية وشفافية، المرأة العراقية على اختلاف طبيعة عملها كانت تتجلى بوضوح، وما اجمله من وضوح، لذلك هناك سجلت تجليات منهن، تجلياتهن، كما هو عنوان المهرجان الثقافي.

في البدء.. كانت الكلمة للمذيعة الشابة ايمان علاء (عريفة الحفل) التي قالت: مع بدء الخلق زرعت حقلها الصغير الاول فأطلقت مفردات الحضارة الرافدينية، صانعة الحياة.. مطلقة الحضارة، رمز الجمال بصدقها مع انوثتها ووفائها لطبيعتها، عواطف كامنة ومشاعر دافئة وعقلا متوقدا ابدا، انها المرأ العراقية المحتفى بها اليوم وكل يوم، واضافت: احتفاء بالمرأة العراقية المبدعة احتفاؤنا هذا، وهاهو إبداعها يتجلى في احتفائنا هذا، شاعرة، ورسامة، ممثلة، فضلاً عن كونها مبدعة، إذ نقف هذا اليوم بهذا الصرح الأكاديمي نراها مثل فراشة تنتقل بين أروقة المعرفة فيتجسد احتفاؤنا واقعاً لنقف دقيقة فرح احتفاء ببناتنا وهن ينشدن للوطن، لنا، لعراقنا الجديد..

فيما كانت تجليات السيدة غادة العاملي رئيسة مؤسسة المدى محلقة في فضاء المكان بقولها: مع كل اذارٍ يتقدح.. ننظر خلفنا لنحسب ماذا قدمنا للمرأة العراقية واين تقف بأكاليلها في واقع ما زال حراكه ذكورياً..، في كل عام نمشط خصلة شعر جديدة باصابع العمل ونضيف شيئاً لهامات النساء كي يعاد اليهن عرشهن الخلاق وسحرهن الرافديني، واضافت: وجاءت اعوام ما بعد سقوط الدكتاتورية بكل ما حققته من إنجازات دستورية عززت مكانة المرأة في ان تكون قائدة وفاعلة الا ان الخجل ما زال يطفح على وجوه الرجال فتكررت مأساة الأنثى مجددا مع الاحتراب الطائفي الذي اشعل ايام نسوتنا حزناً والتهم اجمل سنوات فتياتنا، ثم فتحت المرأة عينها لتجد نفسها ضائعة بين طوائف واحزاب واثنيات، وغير قادرة على المضي نحو مشروعها الخاص.

اما وزيرة البيئة السيدة نرمين عثمان فكانت تجلياتها هذه الكلمات: ان هذا المهرجان مهم وخصوصاً كونه يقام في الكليات ولأنه عرض الابداعات الموجودة لدى النساء في الإبداع العلمي والفني والمجالات الثقافية الأخرى والمهمة ايضاً، انا اعتبر (كلية البنات) من الكليات التي تهتم بالثقافة وفي نفس الوقت، ان الثقافة كلمة مؤنثة لذلك يجب علينا نحن النساء وخاصة في الكليات المختصة بالثقافة النسوية عدم الاعتماد عل الثقافة الذكورية ويجب ان نؤنث السياسة،ولا نجعلها محصورة بالذكر.

واضافت في تجلياتها: الثقافة مهمة بالنسبة للمرأة والمهرجانات الثقافية والمهرجانات الرياضية وهي عرض للأبداعات الأخرى عدا الإبداع العلمي والمنهج الجاف الموجود داخل الكليات لان المناهج الموجودة داخل الكليات لا تبرز كل الإبداعات الموجودة في داخل نفس الطالب لذلك نحتاج الى قيام مثل هذه المهرجانات لعرض الإبداعات، وهذا المهرجان يتميز وهو صحيح في كلية البنات ولكننا نجد الطلاب وجودهم ايضاً مهم في هذا المهرجان، وهو تبادل الأفكار بين الطالب والطالبة والمنافسة فيما بينهم على الإبداع، وهذا المهرجان مهرجان ثقافي مهم لحصد الإبداعات لدى الطلبة عدا الدراسة والمناهج الدراسية لعرض الجوانب الجمالية والفنية.

تجليات الابداع النسوي تضمنت صورا ملونة من الاحتفاء والتأمل والوضوح في الرؤى والمشاعر والتمنيات: حيث قدمت مجموعة من طالبات معهد الفنون الجميلة عددا من الاغنيات التراثية والوطنية، قالت احداهن في رسم عبارات بسيطة متجلية فرحها: جميلة هي المرأة ان غنت وان رسمت وان مشت وان جلست وان تكلمت وان تأملت وان ابدعت، جميلة جدا وهي تعيش افراحها وسط هذا الجمال البديع، انها لاتنسى نفسها ابدا ودائما تحاكي الحياة بأجمل ما لديها لانها رمز الحياة، كما شهدت القاعة عرض فيلم بعنوان (لنكتب اسم الموطن) اعداد سعاد الجزائري واخراج ماهر مجيد، كانت فيه المرأة شاهدة على ألوان من السعادات والافكار التي احاطها الفيلم بعنايته.

وتواصل الاحتفال على حدائق الكلية وحيث كان المكان زاهيا بألوان الطبيعة الغناء وجمال الطالبات المحلقات في فضاءات المكان بالانشراح الواضح، قدمت فرقة النهرين التابعة لكلية الفنون الجميلة عددا من المقطوعات الموسيقية، ثم قدمت طالبات من كلية التربية الرياضية للبنات عروضا رياضية مختلفة، حركات تجلت فيها مواهبهن وشغفهن بالرياضة والرشاقة ومن ثم كان الحضور على موعد مع جلسة تحليل لنص روائي،قدمه الدكتور سعيد عبد الهادي عن رواية (تحت سماء كوبنهاكن) للروائية العراقية حوراء النداوي شاركه في قراءتها والتحليل عدد من الطالبات كلية البنات، حيث اشار عبد الهادي الى اهمية الرواية كونها استجلت عوالم جديدة فاحت منها روائح الحنين الى الوطن وسمات الغربة وتجليات المشاعر الانسانية.

عريفة الحفل ايمان علاء قالت في صورة من التجليات على منصة المهرجان: كتب الفيلسوف الفرنسي فرانسوا رينيه ان علامة تقدم اي مجتمع كان ترى من خلال النظر الى تقدم المرأة فيه، ثم اضافت: كل الايام ايامكن وكل الاوقات اعيادكن، فليكن التجدد ثوبا عامرا بالبهاء يلف عطاء العراقية بكل مجالاتها.