أوجاع ذائعة الصيت وآهات مفعمة بالحنين والشجن

عبد الجبار العتابي من بغداد:قليلا.. ما تقام احتفاليات يجتمع بها شاعر ومطرب يمتلكان قدرة التأثير والامتاع والابداع، وحين يلتقيان يكون هنالك تميز ينثر المتعة على النفوس، فهناك طراز خاص من الشعراء والمطربين لا ينفك المتلقي ان يعجب بهما لصفات كثيرة فيهما من اهمها الجودة والالتزام، فالشعر والصوت الشجي يرافقهما العود لابد لهم ان ينسجوا محطات فرح واستئناس، لا بد لها ان تتعطر بماء الورد النضاح، وهكذا.. كان المكان في (حديقة الامة) في منطقة الباب الشرقي وسط بغداد، حيث اقام الاتحاد العام للادباء الشعبيين في العراق بالتعاون مع منتدى امانة بغداد الثقافي، احتفالية للشاعر الشعبي عريان السيد خلف وللمطرب حسن بريسم، وهما لا يختلف اثنان في ابداعهما والتزامهما،لانهما يمتلكان من اعجاب الناس قدرا كبيرا، وهما بالتأكيد علمان من اعلام الشعر والفن في العراق.
قدم الاحتفالية الشاعر محمد رحيمة الطائي الذي افتتح الاحتفالية بالقول: نحن في حضرة الشعر الشعبي، في حضرة عريان السيد خلف المبدع والرائع والكبير، ومعه المطرب العراقي الاصيل المتمسك ابدا بتربته وهويته صاحب الصوت الشجي المبدع الخلاق حسن بريسم.
فتحدث عريان عن رحلته الشعرية التي امتدت الى اكثر من اربعين عاما قائلا: انها رحلة طويلة وجميلة ومتعبة ومحزنة ومفرحة وخليط من الاحاسيس والمشاعر، ولكن من يخلق بين هكذا نماذج وهكذا وجود تطفح بالبشر والمحبة لا بد ان يكون امينا لما يطرح وما يكتب، لذلك انا سعيد بهذه الحضور الجميل وسعيد انني واحد منكم استطعت ان ألفت نظركم الى شيء كنت اعتقد انه لا يتجاوز ذاتي ونفسي، ولكن الحمد لله انني ارى نفسي فيكم وارى هذه المحبة وألمسها حينما تنبض قلوبكم المتعبة بالكثير من الاشياء، بجزء من حالتي او من ذكري، لذلك سأقرأت لكم بعض القصائد الناتجة عن معاناتكم التي هي معاناتي ايضا، واجمل ما نبتديء به قصيدة (قلبي على وطني)، فقرأ اولا مقطعا فصيحا:
(يا وطني، الموشوم بالقنابل / يا وطن الاشجار والانهار والجداول / يا وطن الاديان والايمان والتساهل / يا وطن الاشعار والاصرار والتفاؤل، يا وطن الايتام والارامل، يا وطن المقتول والمقاتل !! )

ثم قرأت القصيدة الشعبية وهذه مقاطع منها:

(انزف صبر يا وطن / بيّ الك مية جرح
كلما يهيد الالم بجروحه اذر الملح
افديك يا وطني لو ميت مرة انذبح
واشرب نخب هيبتك من المسا للصبح
مثلك محب ما إلي ومثلك جرح ما يصح
يا رمح بضمايري لا خطه ولا صابني
قلبي على وطني

* * *
قلبي على وطني وي رشفة الفنجان
وبكل تحية صبح من حايط الجيران
لو.. م انت يا حيرتي ما كان كل ما كان
من غير ارض واهل ما قيمة الانسان
بس يا خسارة الاهل
من حط رحاله الجمل، وياك علو الجبل
ولأرخص نذل اجنبي تتخضع وتنحني
قلبي على وطني

* * *
بالحرب شلتك نبض من ساتر لساتر
وشربتك بخوذتي من حبك الطاهر
تغفه عله سبابتي ويبقى القلب ساهر
ومن ضاك بيك الوكت انطيتك اخواني
وكل ما تذبل قمر تطلب قمر ثاني
لاجيت عزيتني لا شاركت حزني
اشكيك يا منيتي لو تشتكي مني
قلبي على وطني

* * *
قلبي على وطني كلما تدك صافرة
وكلما قذيفة غدر تنطلق من طائرة
وعن كل طفل منذهل وعن نظرته الحايرة
وكل قنبلة لو اجت وبارضك تفجرت
اتفجر لحالتي وبجفوفك اتناثر
احزانه صوغتك وايامنا مكابر
بس الحزن والالم من شجرة ينجني
قلبي على وطني

* * *
قلبي على وطني وباجر يرشني الفرح
تحت السمه الحالمة واضحك بكل المرح
انسى الجرح والالم واحرك اوراق الندم
ومعذور ذاك الوكت لو بيه ضحك سني
قلبي على وطني.

وأضاف عريان عن معاناته الشعرية: هناك جرح اخف من جرح ولكن بالنتيجة خلق الانسان لا ليكون سعيدا فقط وانما ليكون معذبا والا لما سمعنا شكاوى في الارض ولكانت الدنيا بخير كما يقال، لا استطيع ان اشرح الكثير من هذا، ولكن انا اتمسك بشيء وهو لست متفائلا تماما ولكنني دائما اقول واعيد قول الشاعر الكبير ناظم حكمت (احلى الايام التي لم نعشها بعد )، فلنتفاءل ولعل الايام تأتينا بما هو جميل وجديد.
عريان تحدث عن الغناء الملتزم و اعطى رأيه ببريسم قائلا: دائما الفن الملتزم يكون له تأثير في ضمائر ووجدان الناس، وخاصة اذا كان بصوت مرنم وملحن منغم وبصوت حسن بريسم، حسن.. في صوته شيء من الدفء من الحنية، الذي تتقبله اذن المتلقي، لذلك حسن صار موثرا عند الناس واعتز بعلاقتي به وبصداقتي التي استمرت طويلا واتمنى ان تستمر، وكنت سعيدا عندما غنى (يا هواجس) في باكورة اعماله كما اعتقد، ولحنها هو، وهذه الاماسي التي اقيمت والتي شاركت فيها الفنان الكبير حسن بريسم كان لها صدى عند الناس وكنا نتلمس هذا الصدى من خلال ثناء الاخرين ومن خلال الحاحهم على تكرار هكذا امسيات او جلسات.
وحين طلب جمهور الحضور منن عريان ان يقرأ من قصائده الجديدة قال: القصائد القديمة ما زلت احفظها لكثرة تكرارها، اما القصائد الجديدة فما احفظ منها الا نتفا، ومع هذا احاول ان استذكر شيئا، جائز كبر العمر هو السبب، فهو شيء مهم !!، ولكن اتذكر مقاطع من قصيدة بعنوان (ليش) كتبتها في لندن، وانا كلي لوعة وحرقة للوصول الى بيتي وبغداد، واقول فيها:

(شلون تكدر تاخذ ايدي عله الكطه البري الشلع قلبي وعمر ما روضيته
شلون تكدر تنسى حمل جفونك في ْ رمشك المتعافي وتكف اذيته
وليش ما وديت لك دمعة بظرف حتى تعرف ليلي شكر لاجلك بجيته
وليش ما صدكت من قلت لي البعد ياذي القلب ريت الفراك انهجم بيته)

اما القصائد الاخرى لم احفظ منها شيئا وقد اسيء اليها لو قرأتها بشكل ما، ولكن سأقرأ لكم مقطع من قصيدة (خاف تموت):

(على طولك اشعلني وصيح بي الصوت
انا بطرك النفس بين الحيا والموت
واسري بنبض دمي لشهقة الزردوم
حب تالي العمر علته من البسكوت
يا شايل حلاوة خوف الحديثات
ومحمل سحر ضحكة بنات بيوت
يا مايع ترافة تهيب من احويك
خاف اصعب عليك وخاف بيدي تموت
هلكد ما تلح راج الثمر بالعود
واحمر على شفافك قبل وقته التوت
يا معود دخيلك هو القلب شيصير
من تقطع بتوته منين اجيب بتوت )

واضاف: هناك قصائد اعتز بها ومنها قصيدة ( ولا جني ) اللي اهديتها الى رائد المدرسة الحديثة للشعر الشعبي صديقي العزيز واستاذنا الشاعر مظفر النواب، اقول فيها:

(اعز من روحي اعزك / وانت اعز مني
يا حسبة عمر خاويتها من صباي بطلت صفنتي وما بطلت مني
اجس قلبي الفضي متعبوب حد الويل / وادعي له الصبر حد لايفشلني)

وتحدث عريان عن قصيدة تحمل عنوان (انا شروقي) شاعت على انها له، فقال: الكثير من القصائد تنسب لي، لتردد صاحبها من كتابة اسمه عليها، وشعري معروف، نسبت هذه القصيدة في وقت لا احد يقدر يدعيها، وكما نسبت لي قصيدة عن (حارث الضاري) وهي ليست لي، وحتى صاحبها قلد صوتي والالقاء.
وحول مشروع ترجمة الادب الشعبي لكبار شعراء العراق قال عريان: كل دول العالم او شعوب العالم ترجمت وبرزت شعراءها وفنها وادبها وخاصة نحن دائما نقرأ الكوميديا الالهية لدانتي الذي هو شاعر شعبي، وشكسبير شاعر شعبي يكتب بلغة الريف الانكليزي، ولوركا العظيم هذا الغجري الرائع ونقرأ له باللهجة الشعبية الاسبانية، وكثير من شعراء العالم ومن ابرزهم هم من كتبوا بلهجة شعوبهم اللهجة المحكية الدارجة الا نحن، في كل الدول العربية يقيّم ويدرس الشعر الشعبي خاصة في القاهرة والامارات والسعودية، وانتم تلاحظون البرامج التي تطلع على الفضائيات ومنها برنامج (شاعر المليون) وغيره، وتصرف عليه حتى تنمي حركة القصيدة الشعبية في بلدانها، رغم ان في الكويت اهل (الكصيد) والذي دعوني اليها، ومع اعتزازي وحبي لكل ما يقال من شعر، لما يقارن بالشعر العراقي النسبة هائلة وهناك بون شاسع، لان الشعر العراقي هو موروث انساني عميق الجذور، ولذلك قال نزار قباني (كل شعري لايساوي بيت دارمي الذي هو: ما تنسمع رحاي بس ايدي ادير / اطحن بقايا الروح موش اطحن اشعير).
واضاف عريان: المفروض اتحاد الادباء الشعبيين ان يحصل على مقر مستقل بأسمه والناس تعتز بشعرائها في الدول الاخرى، ويحتاج الى دعم مادي بالاضافة الى الدعم المعنوي، والكثير من الشعراء بحاجة الى معونات ومنح مالية وبعضهم مريض مثل الشاعر الكبير كاظم اسماعيل الكاطع، المفروض تهتم الدولة به ومثله عطا السعيدي واخرين من اصدقائنا واخواننا وبعض الشعراء ايضا لا عمل لهم، قسم تركوا دوائرهم وليست لديهم وسيلة عيش، المفروض تهتم بهم الدولة، اذا ما كانت تريد ان تحسبهم على الشرطة او الجيش، اينما يضعونهم، الشعراء نمط الحياة، او ايقاع الحياة في اي بلد من البلدان، نحن زرنا الكثير من دول العالم ما شاهدت شاعرا لبسه ليس جيدا ولا اكله ليس جيدا وليس لديه سيارة او اي من متطلبات الحياة اليةمية، ماذا يريد الشاعر، هو لا يريد ان يكون وزيرا، فمن الممكن ان تعمل وزيرا او رئيسا للجمهورية بقرار ولكن هل يمكن ان تعمل شاعرا بقرار؟ بالطبع لا يمكن، الشاعر ثروة وطنية المفروض يقيم وان تكون له مكانة جميلة المفروض ان يحترم وان يكون عيشه عيش فيه من الرفعة والمسؤولية، والا كيف يمكن ان يخدم، فتوجه الاتحاد هو المطالبة بحقوق الشعراء وتنشيط عملية التواجد للكتابة، للابداع، للاطلاع، للتعارف للكثير من الاشياء، وكان الشاعر جبار فرحان قد اخبرني ان هناك نية لدعوة شعراء عرب وعالميين شعبين، وبلدنا قادر على هذا، الشاعر عماد البلد اي بلد كان، الشاعر والكاتب والمغني، هو اي حقل ابداعي تكون روح البلد فيه، فهكذا ارى صورة الاتحاد مستقبلا اذا حضي برعاية الدولة.
وتابع: نتاج الشاعر تنم عن ثقافته ووعيه وكيف يفكر في مصلحة شعبه، الكثير من القصائد عمقت الطائفية واثارت الكثير من الضغائن عند الناس وبعض القصائد على العكس ألفت بين القلوب ودعت الى وحدة اليد والقلب والتوجه، والشاعر يقول عنه رسول حمزاتوف (كصانع العسل، يستطيع ان يجعل منه ترياقا ويستطيع ان يجعل منه سما قاتلا)، الشعر هكذا ممكن ان يكون سما او ترياقا، الشعر سلاح ذو حدين، انت متى ما استعملت الجانب المضيء فيه والانساني والابداعي استطعت ان تعمر، فمن السهل التخريب ولكن من الصعب البناء، فكيف تخرج الى الناس نتاجك اذا ما تكون فلاحا صادقا في مهنتك، ثم ان شعرنا يقتصر على نوع واحد، هناك قول (كيف تملأ سلتك بالخضار المتنوعة وانت تمر بحقل واحد )، فلا بد ان تقرأ وتطالع وتشاهد، انت لا تقرأ شعرا فقط، بل اقرأ علوما وما يتوفر من رواية وقصة وغير ذلك.
اما المطرب حسن بريسم فتحدث عن غيابه الملفت للنظر قائلا: الابتعاد احيانا يكون حالة صحية و ايضا كسلا، كسل صحي، انا كسول صحيا بهذه القضية، ان تفعل شيئا خير من ان لاتفعل، انا قدمت منجزا،اعتقد ان الذي سمعني يعرف شغلي، لا اريد ان اضيف عملا فيه اسفاف او اقل مستوى من الذي قدمته، فحين اقدم منجزا يجب ان يلاقي حضورا ويلاقي رغبة عند الناس بالسماع، والاقتناع والمتابعة.
واضاف: لابد ان نجد اذنا ونفسا مسترخية، نحن شعب غير مسترخ منذ بداية الخليقة، شعب قلق وسيظل قلقا طبعا، وعليه، حين تقدم فنا عليك ان تجد متلقيا مسترخيا وهادئا حتى يعرف ما تقوله وما تقدمه، بالاضافة الى ذلك انا كسول، جدا جدا جدا وبتوقيع حسن بريسم !!!.
حسن بريسم قال وهو يحضن عوده ويهز اوتاره: نسيت ان اقول شيئا: اعتقد الغناء في الصباح فقط للبعثيين، فهم وحدهم من يقيم حفلات غناء صباحا،لا يوجد غناء في الصباح !!
ثم غنى بريسم اغنية بعنوان: (ياهواجس) من الحانه وكلمات عريان السيد خلف، يقول مطلعها (يا هواجس غفت بوسط الدليل، وياسهر ذوب جفن عين العليل / نحيل الحيل وبعد انه مستاهل / ويا ظنون نيابجن قد تاكل / صفت دنيانه عدو بحجة خليل / وحتى اعز الناس صاير عاذل/ جا شنهو نفعك وانت لي بدنياي ضيم / عود اموت تكول ما يستاهل ).
وأوضح بريسم عن المطربين الذين تأثر بهم فقال: تأثرت بالفنان المرحوم (سيد محمد) وهو مطرب ريفي من حنوب القلب، جنوب العمارة، جنوب العراق، وسر تأثري وتعلقي بهذا الصوت الكبير لانه صوت متميز ومؤثر ويمتلك بريقا بالفطرة، امتزج هذا الوجع الجنوبي بالوجع (الجعباوي) (نسبة الى عشيرة الكعبي التي منها المطرب)، وصار خلطة عراقية حديثة، اي صار بريسم !!، انا اسمع كثيرا لهذا الصوت الكبير وسر تميزه انه ابتكر طورا بالغناء بدون ان يعي المقامات العراقية، ثلاثة مقامات بطور واحد وتميز عن اقرانه بالفترة التي كان فيها وحتى سمي طور سيد محمد بالطور النوري باعتباره سيد من بيت سيد نور، صوت سيد محمد صوت هائل صوت يمتلك هذا الوجع العراقي الكبير الوجع السومري، وبلا شعور انجذبت له لانه حفر في داخلي اشياء كبيرة.
وأشار حسن: انا لست مطربا ريفيا ولكن وظفت مقطعا ابوذية للشاعر عريان السيد خلف في اغنية (هواجس)، ادخلت (ابوذية) بدون قفل لانسجامها مع الجو العام للاغنية، ثم راح حسن يطلق صوته ابوذية:

( تنفيه.. الدنيا من تحارب وطن تنفيه
يا ويلي.. يابه.. تضكه ولا بعد تطيه تنفيه
اثاري الضحك للمغلوب تنفيه / بويه يا بويه /
تحسده الناس والعلة خفية )

وقال حسن: لا تربطني علاقة بالفنان قحطان العطار علاقة صداقة، على اساس فارق المرحلة والزمن، ولكن الفنان قحطان فنان كبير وصاحب لون جميل ولكنه توقف عن الغناء في منتصف الثمانينيات بقرار منه ولاسباب صحية او اسباب اخرى لا اعرف، ولكن احب ان انقل شيئا انه متابع جدا لغناء حسن بريسم، ومتابع بشكل دقيق جدا، ووصلتني كلمات من المقربين منه في الدنيمارك ان لديه وصية قال لهم: ان مت ّ فلن يدفنني غير حسن بريسم !!، انا اتمنى له العمر الطويل.

اغنية كلمات الشاعر هاشم العربي
(خلصنا العمر تيهة يتيمة بسوق
خلصنا العمر احنه العراقيين تيهة يتيمة بسوق
كل طخت عباية تقول هاي امي
العمر مشوار خطواته الليالي
وانا لوحدي مشيته وما حلالي
ورجعت امشيه وحدي
والف دمعة عله خدي
وتحديته ودفعت الثمن غالي
العمر مشوار بس شلون مشوار
مثل بستان جوري مسيج بنار
لا ينلاح ورده / ولا طير يتعده
سراب بعيد مثل المي يلالي )

ثم غنى حسن اغنية مزج فيها ما بين كلمات من اغاني فيروز وداخل حسن وهي من كلمات الشاعر الراحل محمد الغريب:

(زعلي طول انا وياك / وكلي شعطلك شبطاك
وشادي بعدو زغير.. / وبوي سعد يا بويه
كيفك انت كيفك انت / انا ملجوم من يوم النسوني
يا ويلي يا ويل يا وبلي
وصوت يمتد الصبح ينده عيوني،
وأيه.. أيه جن سجين عمية تاكل كصار الضلوع
وكل حزن (فيروز) احزنه، كل بجي (داخل) بجيته)

ثم كان هناك حوار بين الشاعر والمطرب في اغنية مشتركة، الشاعر يقرأ الكلمات والمطرب يغنيها:

(بعد بيّ الصبر واجد، يشد ايد المكابر نار تلهب نار
يكضيني الشرار وطبعي اظل بارد
ازم شفة عله شفة وناب يخلف ناب
كل واحد شكل وصوابهن واحد
مكالب والليالي تريد وسعة بال
وهموم العلي ما مرت بواحد
كفاني اترفعت عن كلمة اليا حيف
وسهمي شما نقص من هالوكت زايد)

وقرأ عريان السيد خلف قصيدة (القيامة ) الذي قال عنها: كتبت ابان الانتفاضة عام 1991 وقرئت بالتلفزيون في احدى المناسبات وكانت عامة لان العراق كله مدمي، اينما تقرأ يمكن ان تخرجها على اية جهة تقولها.

(الحيطان منخل.. والدروب احفور
والبيبان صرخه بلا صدى ابلا صوت
صفنة كنبره بصفنة مسية كبور
ووجوه الزغار الحاضنه الشباج
باكة ورد ذابل بالحزن معصور
والنظره متاهه وخوف يرضع خوف
من يهتز قفل حسبالهم شاجور
من يهتز قفل حتى الطيور تطير
مرعوبة جنح وبلا وعيهه تدور
ماظل لا ملاذ يلوذ بيه الخوف
بس حسرة مراره بحشرجة مصدور
قامت والجراد اسراب تتله سراب
من تسكن الريح ايعشعش الممذور
قامت والدقائق طلعت من الموت
كل لحظة بطبك كل ثانية بعاشور
قامت والمناير تختل اوي الناس
ويخاوي الرصاص الصقروالعصفور
قامت والبشر مو بشر غابة زور
يحصدهه العصف ويلوجهه التنور
حتى الماي ورث والتوى الصفصاف
شاحب والنهر من كثر غيضه ايفور
والموت بصلافه يدك على البيبان
ويوزع عليهه السدر والكافور
هنا دفتر كتابه... هنا حمامة بيت
هنا وصلة جديله بجف طفل مبتور
هنا تربة صلاه والدم عليهه هلال
هنا مصحف جلاله من العصف منشور
هنا صرخة نثايه تشتتت بالريح
على جثه اتململ من جلب مسعور
قامت والمنايا تدور فوك الروس
صفنت رحى الكاع ورحى الموت تدور
قامت وي دخيلك ياعلي الكرار
موهاي القيامه المن بعد مذخور
دم اسود، رماد اسود على البيبان
دم اسود ينز السقف والحيطان
دم فوق الشراشف فوق المخدات
بجفوف الزغار تقول حب رمان
لون اسود شرب كل بهجة الالوان
غول اسود تربع فوق جتف الموت
ياكل كل عمارة وشارع ودكان
وبوسط الدروب الخالية من الناس
جثة تشيل جثة تخم على الدفان
والميزان ثابت بالعدل ميزان
مر وقت الصلاه من غير صوت اذان
والميزان ثابت بالعدل ميزان
نص الليل فات وما رجع غسان
والميزان ثابت بالعدل ميزان
نص جثة بحصيرة تشيلها النسوان
والميزان ثابت بالعدل ميزان
واني بغير شاطي اتنطر السفان
يا سفان ياللي بعز ربيعك
والسفن شالت شرعها بزود
ظل شراعك الملفوف يتنطر الريح تعود
يا سفان هبة الريح نسمة وما ترد ردود
يا لازم الدفة النوخذة النشمي يشم الريح والجاري
يلاقي الروج ملقى وخل يطك صاري بعد صاري
ملاليحك سواعد ضيم بس الطينة اللتوالم
ملاليحك نجر جبال نسحق ليل مجرية عله مجرية
دشد حيلك وراك حساب تطلب بيه الف دية
بجفوف النشامى بصرخة الرشاش
صرخة هالوكت تتنطر الغباش
كحل عين موتانا بدوي الرشاش
عيشة وي الشكول الزفرة ما تنعاش).

مسك الختام وقبل ان تلملم الاوراق الاخيرة للاحتفالية الجميلة، كانت هذه القصيدة لعريان:

(اخذني وياك / جملني بعد قطرة واخذني وياك
الما يكلبك بلجي روحي تنام / عصفورة جرف بلل جنحها الخوف
اخذني وياك / امشي بغير واهس والطواري كصار
وعيوني غرب وجفوف ايديه وداع
واسمي بغير معنى وميل كحلك غاب
تنشدني عله قلبي / قلبي حب وذاب
يا قلبي حلك تنور لو سرداب
صوغني ولو من ليلكم نجمة تبات وياي
ولو طال السهر ويجيسها الوهواس
اغفيها الصبح والغبشة رشكة ماي
واشعلني ولع يذوي العطش بالروح
حتى انزع جلد روحي وأرد لصباي
ارد لصباي من يا صوت اصيحك والصدى يجاريك
واكلك ماكدرت يا التكدر بلياي
تراني مكدرت يا التكدر بلياي).