حميد مشهداني: في صيف 1976 وفي احد منتزهات ldquo;وارشوrdquo; كنت اشاكس فتاة بولونية شقراء مع كلبها الهائل الحجم، وبعد الملحة وافقت على قبولى كرفيق نزهته قصيرة... كان المنتزه ممتد الاطراف وبينما كنت اخذ بيدها وأقترب منها شعرت بنقرات اصبع على كتفي، وحين أدرت وجهي لارى من في ذلك البلد البعيد يتجرأ الدق في ظهري بهذه الطريقة، مع الخوف ان يكون خطيبها او ابيها، رأيت ldquo;اتحاد كريمrdquo; العظيم مبتسما. بوجهه الجميل ldquo;لك هاي شنو؟؟rdquo; قال ضاحكا وبفكاهته كان يتصور كنت أغري فتاة قاصرة في حدائق ldquo;وارشوrdquo;. الفتاة كانت على وشك بلوغها عمرها القانوني.
كنت أعرف ldquo;اتحادrdquo; منذ زمن ليس ببعيد، ففي ربيع ذلك العام كنت عرضت قد عرضت كفنان محترف لاؤل مرة في حياتي، في ldquo;كاليري أتحادrdquo; الوافع في مدخل المنصور.
كان مشغلا وصالة صغيرة للعرض،. عرضت مع زميلين من قسم الكرافيك في ldquo;أكاديمية الفنون الجميلةrdquo; قبل ذلك تحدثت مع ldquo;اتحادrdquo;حول فكرة المعرض، وان استاذنا في القسم ldquo;غالب ناهيrdquo;كان قد منعنا منعا باتا من أخذ عمل خارج المشغل الكرافيكي. فأجابني بمرحه الطبيعي والمستمرrdquo;أذن اسرقوا أعمالكمrdquo; فتوهج في ذهني مصباح الفكرة الذي اعدتنا عليه في افلام ldquo;الكارتونrdquo; فأنا كنت احيانا أعمل ليلا في جداريتي في مدخل الاكاديمية، وعندي كانت مفاتيح المشغل. وفي ليلة مع ldquo;كامل حسينldquo; وrdquo;أرداشrdquo; التركماني الطيب، وهم على الجانب الاخر من جدار الاكاديمية المحاذي للمقبرة البريطانية، اعطيتهم ldquo;فايلrdquo; كبير يحتوي كل أعمالنا.
هذه كانت فكرة ldquo;اتحادrdquo; الطيب التي شرحها لي بين الجد والهزل كعادته. وأكد لي ان ldquo;غالب ناهيrdquo; سيفتخر بهذا المعرض الفنطازي. وrdquo;اتحادrdquo; اهتم بالتفاصيل التكنيكية كما الزجاج و الاطارات، هو كان اكثر منا تحمسا لهذه الفكرة.
وحين أكتمل كل شئ كان علينا البحث عن راعيا لمعرضنا الاول، وهو كان يعرف علاقتي الحمبمة بالفنان ldquo;فايق حسنrdquo;وسألني امكانية حضوره افتتاخ المعرض. وأنا اعرف أستاذي يجتهد دائما في الابتعاد عن اي ضجة وأضواء، لذلك قررت ان يكون الفنان وأستاذي ldquo;حافظ الدروبيrdquo; ليكون عراب المعرض، وهو كان يمر في فترة صعبة في حباته الاكاديمية، حيث ldquo;البعثrdquo; قطع كل السبل ليصير عميدا ldquo;لاكاديمية الفنون الجميلةrdquo;.
فاتحته بفكرة استفتاح معرضنا، اضطرب أولا وبعدها أنتصب متحديا، وفال لي ldquo;أنا سأفتتح معرضكمrdquo; أنا فهمت انه كان يعني ldquo;شيفى بعد؟؟rdquo;. كل هذه التحضيرات كانت سرية الى حد يوم الافتتاح حيث فوجئ ldquo;الدروبيrdquo; بعدد هائل من الحضور الى صال صغيرة اسمها ldquo;كاليري أتحادrdquo; وهذا موجود في كل وثائقي الفتية، كنت احرص دائما ان أذكر ان اول معض أقمته كان في ldquo;كاليري أتحادrdquo;. تلك التجربة كانت اول الدنانير التي قبضتها من عمل فني. لا أدري لماذا ولكنه يذكرني دائما بشخصيات السينما الواقعية الايطالية، لانه كان يحمل الحل لكل مشكلة..
أتذكره بود، وطيب rdquo;اتحادrdquo; بشخصه كان ثروة أنسانية، ومبدع وكان في حالة فرح دائم.
بينما كنا نمشي ذلك المنتزه دق على كتفي مرة أخرى، وأخبرني انه مسافر بعد ساعات الى ldquo;المانيا الاتحاديةrdquo; وتذكرت في تلك اللحظة انني مسافر في نفس الساعة الى ldquo;كدانسكrdquo; شمال بولونيا لا أسافر منها بحرا الى ldquo;فنلنداrdquo; كعادتي كل صيف..
ذلك المساء في محطة قطارات ldquo;وارشوrdquo; المركزية عانقته مودعا وحين كان يبتعد سألته أخيرا rdquo;لماذا المانبا الغربية؟quot; أجابني ضاحكا كعادته ldquo;عندي مقابلة مع مسؤلين التصميم في شركة فولكس واكن لتقديم تصميمي الخاصquot;، وابتعد في ظلام محطة القطار وأنا تصورته ينكت كعادته. حينها لم اكن أعرف هذا الجانب من افكاره.
حدث هذا قبل أكثر من 34 عاما. وهذه كانت المرة الاخيرة التي رأيته والتقيته، وضاعت الاخبار وتباعد الزمن، واليوم أشعر بحزن لايطاق خصوصا بعد قراءة تفاصيل وفاته والمقال الذي كتبه الصديق علي النجار في احد المواقع.
عزائي لعائلته وأبنائه وبناته. وهو كان كريما كما اسمه وعراقيا من كل جهاته