إعداد عبدالاله مجيد: اكتشف باحثون ان مايكل انجلو أخفى تخطيطات تشريحية في عباءات الشخوص والوجوه التي رسمها على سقف كنيسة سيستين في هجوم مبطن على موقف الكنيسة من العلم. ولعل التخطيط المموَّه بذكاء لمخ الانسان، الذي خدع عين الرائي والخبير طيلة 500 عام، كان اشارة مشفَّرة الى الصِدام بين العلم والدين، بحسب هؤلاء الخبراء.
أنجز فنان عصر النهضة العبقري جداريات كنيسة سيستين ورسومها خلال الفترة الواقعة بين 1508 و1512 وحين دس مخ الانسان بين شخوصه كان يعرف ما يفعل. إذ كان مايكل انجلو يتقن التشريح ومعروفا بكونه اشتغل على العديد من الجثث.
ويقول عالمان اميركيان مختصان بطب الأعصاب ان صورة المخ مخفية بدهاء في تصوير رقبة الخالق وحنكه في لوحه quot;فصل النور عن الظلامquot; التي تمثل الخطوة الاولى في خلق الكون. وهي واحدة من تسع لوحات على سقف كنيسة سيستين تستوحي سفر التكوين.
وكان مؤرخون تكهنوا منذ زمن طويل ان المظهر المنتفخ بغرابة للرقبة في لوحة الخلق ربما تصور غدة درقية متورمة. ولكن عالمي الاعصاب الاميركيين ايان سوك ورفائيل تمارغو من كلية الطب في جامعة جونز هوبكنز بولاية ماريلاند، يعتبران بدلا من ذلك ان التخطيط يحمل أوجه شبه لا تخطئها العين بتلافيف المخ البشري. وكتب الطبيبان في مجلة quot;نيوروسرجريquot; neurosurgery العلمية ان المرء بتتبعه خطوط مايكل انجلو يستطيع ان يرسم صورة دقيقة تشريحيا لمخ الانسان في رقبة الخالق ولحيته كما صوره الفنان. واعرب العالمان عن اعتقادهما بأن مايكل انجلو الذي كان رجلا شديد التدين اراد ان يؤكد معنى رائعته الفنية وربما يسجل براعته في التشريح بإخفاء هذا التخطيط المتقن في صورة الخالق. كما يذهب العالمان الى ان الثنية الغريبة في رداء الشكل تمثل النخاع الشوكي والطوية الغامضة على شكل حرف Y باللاتينية في منطقة الخصر تمثل عصبا بصريا.
وتنقل صحيفة الديلي تلغراف عن خبراء فنيين ان ليوناردو دافينشي اعد دراسة مستفيضة عن الأعصاب البصرية قبل عشرين عاما على لوحة الخلق وبالتحديد في عام 1487 وليس من المستبعد ان يكون مايكل انجلو اطلع عليها حين كان الاثنان يعملان في مدينة فلورنسا في الفترة نفسها.
يضيء مايكل انجلو جداريته عموما من اسفل يسار اللوحة ولكنه يضيء الرقبة عموديا وبزاوية حادة من اليمين لتكوين ظلال مختلفة. ويذهب العالمان سوك وتمارغو الى ان هذا لم يكن خطأ من مايكل انجلو بل حركة مقصودة لتسليط الضوء على المكونات التشريحية للمخ. وربما كان يريد بذلك استعراض مهارته في وقت كانت الكنيسة الكاثوليكية تستهجن تشريح الموتى. ولعل الاحتمال الآخر ان مايكل انجلو كان يريد الإشارة الى حكمة الخالق أو التلميح الى ايمانه المتزايد وقتذاك بأن لدى المسيحيين البسطاء القدرة على التواصل مع الرب مباشرة دون وساطة من الكنيسة. وكان من شأن هذا ان يستنزل عليه تهمة الهرطقة.
اعترت علاقة مايكل انجلو بالفاتيكان توترات متزايدة خلال حياته الفنية. واختلف مع البابا جوليوس الثاني على حق اتعابه عن رسوم كنيسة سيستين واصبح يمقت ما كان بنظره بذخ الكنيسة وغرورها واستعلائها.