كَما الْقَوارب مِنْ صمْغٍ
على حجَرٍ يذُوب
وارفةَ الأنْقاضِ في خَببٍ
غِناؤُها ليْس يبْلى،
يجْدفُون هُنا الأوراقَ مِنْ لحْمهِمْ
مغْمُوسةً أبَداً في الرّيح
تُصْغي إلى الأنْفاس،
ثُمّ هُناكَ حيْثُ لا ندمٌ يأْتي أقلَّ،
وَلا يسْقي أَظالِعَهُم غَيْمٌ هُنالِك
..
...
لَوْ أشْواقُها
بِدَمِ تُصْغي إلى دَمِنا
تِلْك التّلالُ.
أحُوزُ ههُنا الْوَرْد طيّ الْبال ثمّ أرى:
كَمْ راكِباً صهْوةً في الرّيح
كَمْ عَدَماً يحْيا بعيْنَيْن
كَمْ حُرّاً بِقافِيةٍ
كَمْ نازِلاً بَلَد الْأيتامِ
كَمْ فرِحاً بِما أتَاه حَصادٌ في غَدٍ.
وأَرى:
كَمْ مُتْلِفاً شَجَر الأنْسابِ
كَمْ أحَداً في الْحَشْد يخْطُب
كَمْ حشْداً بِلا أحَدٍ
كَمْ واشِياً بِدَم الدّفْلى وإِخْوَتِـــــه الْمَرْضى حِداداً.

أُصيخُ السّمْع إنْ عَبرتْ روحٌ،
وأخْلُدُ لِلْأحلامِ إنْ عَبرتْ،
وأَخْفِضُ النّاي حتّى الْعَظْم إنْ عَبرتْ.
مَنْ يعْبرُ الآنَ في ليْل الْقَصيدة منْ؟
تسّاءلُ الْجِنُّ بيْن الْعَدْوتيْن.
ومِنْ فاسَ الشّريدة
حتّى سُوس تُسْمِعُها دُكّالة الرّيحَ*
مِنْ مرّاكش احْتَسبتْ لِله باباً إلى تِطْوان
خاصَرَها المَجْذوبُ** أجْمعَها في جُمْلتَيْن
دمٌ أقْصى
وصَهْدٌ
ومِلْحٌ تالِفٌ
وصَدىً للرّوح
في طُرقٍ عمْياء
سوْف نَرى
هلْ كانَ حقّاً
هَوى الْمَجذوبِ**
يوْمَ سَــرى
ويوْمَ ماتَ
وأيّامَ اسْتَوى حَجَرا!

*
ـ
سُوس ودكّالة:منطقتان بالمغرب تطلّان على الأطلسي.
ـ المجذوب: (ت.976 هـ/ 1568 م )هو الشيخ سيدي عبد الرحمان المجذوب، شاعر ترك الدّنيا وساح في الأرض، لابساً أحقر الثياب يعظ النّاس برُباعيّاته الزجليّة التي لا تزال تحتفظ بها الذاكرة الشعبية إلى أيّامنا.