الصويرة (المغرب): تشتهر مدينة الصويرة الساحلية المغربية بموسيقى الغناوة التي يستخدم فيها الصنج لمحاكاة صوت أغلال العبيد التي كان يقيد بها أسلافهم أثناء جلبهم من مالي. وانتقل الغناوة من سالف الازمان التي كان الافارقة من مناطق جنوب الصحراء يعتبرون مجرد عرافين ومغنين رحل ليصبحوا الان جماعة لها مكانتها بين فرق الموسيقى المغربية. ودفعت الجاذبية التي تحظى بها موسيقى الغناوة مدينة الصويرة الساحلية القديمة الى دائرة الضوء حيث تستضيف مهرجاننا سنويا لموسيقى وثقافة الغناوة يحضره مئات الالاف من الزائرين ويحقق رواجا اقتصاديا كبيرا في المدينة.
وقال عبد الرحيم الزاهر الذي يملك فندقا في الصويرة ان الفنادق والمطاعم العديدة التي أنشئت في الصويرة ساهمت في خلق فرص للعمل. وأوضح أن عدد الفنادق والمطاعم في الصويرة كان ضئيلا قبل بدء مهرجان الغناوة قبل 13 عاما كما كان ثمة نقص في المياه النقية وغيرها من الاحتياجات الاساسية. وقال ان المدينة تدفقت عليها الاستثمارات في الفنادق والمطاعم والمتاجر الامر الذي أدى الى رواج اقتصادي كبير لسكان الصويرة. ينحدر المعلم عبد الله غينيا من سلالة من العبيد وله فرقة مشهورة لموسيقى الغناوة. ويقول يوسف بومالد الذي يملك متجرا للتسجيلات الموسيقية في الصويرة ان تغيرا كبيرا طرأ على موسيقى الغناوة حيث أصبحت تمتزج بالموسيقى الحديثة الامر الذي أدى الى زيادة شعبيتها. ومضى يقول ان ثورة كبيرة حدثت عندما انتقلت موسيقى الغناوة من اطارها التقليدي لتمتزج بموسيقى الجاز والبلوز والريجي فأصبحت تلاقي اقبالا من المغاربة والزائرين الاجانب على السواء.
وتحضر المهرجان سنويا أعداد كبيرة من هواة الموسيقى فيزيد الطلب على السلع والخدمات الاساسية. ولكن البعض يقولون ان الحشود الغفيرة من زوار المهرجان التي يقدر عددها هذا العام بنحو ربع مليون شخص لا تزيد الرواج التجاري في الصويرة..
وذكر تاجر للسجاد يدعى سعيد هادان أن فترة المهرجان تشهد ركودا في مبيعات المنتجات التقليدية. وقال quot;لا يتاح وقت للناس للشراء اثناء المهرجان. أحيانا يشترون ولكن ليس كالايام العادية عندما يتوفر لهم وقت كاف للتجول ومقارنة الاسعار.quot; ومن الفئات التي تستفيد من الاقبال الجماهيري على المهرجان نساء افريقيات يعملن في تصفيف الشعر في جدائل في الشوارع ويأتي معظمهن من السنغال. ولم يتبق من فناني الغناوة التقليديين الذين تعلموا طقوس الطائفة في صغرهم سوى عدد ضئيل الامر الذي أدى الى تراجع كبير للجانب الديني لموسيقاهم.
يقول المعلم محمود غينيا ان الذين تجري موسيقى الغناوة في دمائهم هم وحدهم الذين يستطيعون أن يرتبطوا بمغزاها الروحي الحقيقي. ويؤكد غينيا أن البعد الديني والروحي للموسيقى لم يتغير عند أبناء الجيل القديم العارفين بممارساتها منذ أجيال. لكنه قال ان الفنانين الجدد الذين تعلموا الغناوة لم يتعمقوا في جانبها الروحي. ويتزايد الاهتام في الوقت الحالي بأهمية الحفاظ على تراث الغناوة من الاندثار. ووصلت ثقافة الغناوة الى المغرب في القرن السادس عشر عندما عاد مبعوثو الملك أحمد المنصور السعدي الذهبي من بعثة الى منطقة مالي بالذهب والرقيق الذين سخروا للعمل في صناعة السكر بمنطقة قريبة من الصويرة