الأوركسترا الوطنية العراقية الشابة يتوسطها الموسيقي الإسكتلندي |
يوسف يلدا ndash; سيدني: العام 2008 خطرت ببال عازفة البيانو العراقية الشابة زحل سلطان فكرة تاسيس أوركسترا سمفونية من الشباب. وفي ليلة وضحاها ظهرت للوجود فرقة الأوركسترا الوطنية العراقية للشباب، والتي تشارك هذه الأيام في مهرجان بيتهوفن العالمي السنوي، الذي بدأ فعالياته في التاسع من أيلول / سبتمبر الماضي وحتى التاسع من تشرين الأول / إكتوبر الحالي، حيث أطلّت الفرقة العراقية الشابة، المتكونة من 34 عضواً، على الجمهور الألماني يوم السبت الماضي 1/10/ 2011.
ومن أجل الدعوة للتعايش بوئام وسلام تشكلت الفرقة من موسيقيين عراقيين عرب وأكراد. وكانت المدرسة الموسيقية العراقية الوحيدة قد تم تدميرها في العام 2003، أثناء عمليات قصف الطائرات للعاصمة العراقية بغداد. ولا يبدو أن من بين أعضاء الفرقة الشابة من درس الموسيقى بصورة أكاديمية، كون الإنترنت هي المصدر الرئيسي لهم، وعلى وجه التحديد، اليوتيوب، وذلك من أجل التواصل مع أساتذتهم. الى جانب تدريباتهم المكثفة، وقراءاتهم حول كل ما يتعلق بآلاتهم الموسيقية.
وحالما علم قائد الأوركسترا الإسكتلندي بول ماكاليندين بخبر تشكيل أوركسترا العراق الوطنية للشباب، حاول مدّ يد العون وتقديم كل الخدمات لها. وأول لقاءٍ للعازفين كان في صيف 2009 في السليمانية، شمال العراق. وكان ماكاليندين قد سافر الى هناك برفقة 12 من الأساتذة الأمريكيين والأوربيين. وأقيمت أولى الحفلات الموسيقية لأوركسترا العراق الوطنية للشباب في العراق، حيث ضمّ برنامجها الأعمال الكلاسيكية الغربية، ومجموعة من القطع الموسيقية من العالم العربي. وكانت الفرقة قد لقيت ترحيب الجمهور الذي تجاوب مع فعالياتها الموسيقية بحماس شديد.
وفي العام 2010 تم تاسيس جمعية أصدقاء الأوركسترا الوطنية العراقية للشباب في كولونيا بألمانيا، حيث يقيم ماكاليندين. وتضطلع الجمعية، في الوقت الحاضر، بمهمة التنسيق وتهيئة الدراسات، وإجراء اللقاءات، والحفلات والرحلات الخاصة بالفرقة. وإستناداً لما يقوله قائد الأوركسترا الإسكتلندي: quot;أن هؤلاء الشباب فخورون بحضارتهم. ولهم رغبة شديدة للجمع بين الأعمال العراقية والغربية، وضمّها الى برنامج حفلاتهم، ومن ثم العمل من أجل لفت إنتباه العالم الى رغبة شعبهم العراقي للعمل من أجل الوئامquot;.
كان ماكاليندين قد أبدى تحفظه في بادئ الأمر، لأدراكه أن المشروع الأوركسترالي يتألف من عرب وكرد، مسيحيين ومسلمين. وكان الكرد قد عانوا من إضطهاد النظام العراقي السابق، والتوتر القائم بين مختلف الطوائف الدينية والعرقية في العراق كان قد إشتد منذ العام 2003. ويرى الموسيقي الإسكتلندي بأن: quot;أول إنطباع كنت قد خرجت به هو أن هؤلاء الشباب ينظرون الى الموسيقى بجدية. وربما بصورة في غاية الجدية. وبدا البعض منهم بالغاً ومدركاً لما يريد. وأن اللقاءات المتعددة أثبتت أن الموسيقى تساعد على تجاوز الصدمات النفسية التي تخلفها الحرب، وتعمل على إزالة التوترات بين أعضاء الفرقة المتألفة من طوائف وأديان مختلفةquot;.
المشاركة في مهرجان بيتهوفن
وشاركت فرقة الأوركسترا الوطنية العراقية للشباب ضمن فعاليات مهرجان بيتهوفن 2011، الذي يقام في بون، يوم السبت الماضي بعزف مقطوعات موسيقية مختلفة. وخلال تواجدهم في المدينة الألمانية، يتلقى أعضاء الفرقة دروساً الى جانب الأوركسترا الوطنية الألمانية للشباب. بالإضافة الى حضورهم لحفلات موسيقية، وزيارتهم للمكان الذي ولد فيه الموسيقي العبقري بيتهوفن.
وقدمت الأوركسترا الوطنية العراقية الشابة في قاعة بيتهوفن بمدينة بون، مجموعة من أعمال هايدن وبيتهوفن، وبمشاركة الموسيقي علي عثمان من أقليم كردستان العراق، والموسيقي محمد أمين عزت.
وفي نهاية الحفل صفّق الجمهور، ومعهم الرئيس الألماني دويتش فيله، طويلاً، إعجاباً بما قدمته الأوركسترا الشابة من مقطوعات موسيقية حلّقت بجميع من في القاعة الى عوالم لا تمت بصلة، بما يمر به العراق هذه الأيام. عوالم يسودها الوئام والمحبة، بعيدة عن قتل الإنسان وتدمير الحضارة.
التعليقات