عبدالله كرمون من باريس: سبق لنا، أن أثرنا، منذ سنوات خلت، وفي هذا المكان بعينه، كتابا للمؤلفة الجزائرية نورا أسوبال كان موضوعه الحكايات الإباحية التي جمعتها من بلدها. وأشد ما يؤكد أنها حافظت على نَفَس طويل في عملها هو أنها قد نشرت مؤخرا كتابا آخر يطبعه الانشغال ذاته، جعلته تتمة للكتاب الأول واستمرارا لخطه في عالم الجنس والنساء. وقد أصدرته كعادتها عند دار المنار الباريسية، مزينا برسومات سيبستيان بينيون، ووضعت له quot;الناقةquot; عنوانا.
تلزمنا الإشارة إلى أن نصوص هذا المجمع ليست حكايات بالمعنى الحقيقي، لأنها مجرد صياغات أدبية للمُلح المتداولة في الشارع المغاربي. لهذا أجدني أَمِيلُ إلى تسميتها بالنوادر أكثر منها بالحكايات حفاظا على التحديدات المتعارف عليها في هذا الشأن، آخذا بعين الاعتبار، في اختياري لذلك الاسم، بوظيفتها في التسلية وكشف نفاذ البصيرة في اقتضاب العبارة، لما انتفى فيها الشكل الحكائي والبنيات المعقدة لأدوات الحكي ومميزاته.
تنطوي نصوص كتاب أسوبال الأول على رصد كيد النساء، أما كتاب quot;الناقةquot; فهو ينحو أكثر في اتجاه إبراز جانب من سذاجتهن من خلال سجل هائل من مخزون جنسي لا ينضب، يتضافر فيه من جهة القلق من الضعف والعجز ومن جهة أخرى صبيب من مشاعر الفحولة والإشباع. وأحيانا ما يكشف القناع فيما بعد عن ما تدبره الزوجة من حيل، ينقلب حينها شرها عليها. أما الملحة التي يحمل عنوان الكتاب عنوانها فهي تشكل نوعا من الاستثناء، لأنها تحيط بنوع من المفارقة في شؤون النكاح. فهي تفصح عن حال رجل حُرم طويلا منعزلا في الفلاة من قضاء وطره الجنسي، فانتبه إلى أن ناقته هي وحدها الكفيلة بتحقيق نوع من التعويض، إلا أن الناقة كانت تتحرك من مكانها كلما بادر بإتيانها من الخلف. صادف أن دوى صراخ بدوية في الجوار فهب الرجل لتخليصها من أيدي الذين أرادوا أن يهموا بها، ففرحت لذلك فرحا عظيما، واقترحت عليه أن تمنحه كل ما يريده بعدما تزينت أجمل زينة، فإذا بالرجل يطلب منها، لو تفضلتْ، وشدت مشكورة بزمام الناقة حتى يقضي غايته منها!
ليست ملح كتاب نورا أسوبال خالية تماما من مسألة كيد النساء بل إنها تتخلل فيه غيرها بلا شك، يتعلق الأمر فيها دائما بكيد النساء في شؤون الجنس، بينما لا يجهل أحد أن الرجال يتعاطون هم أيضا لأعمال الخيانة الجنسية، ويكمن سر هذا الأمر في كون النساء هن أجدر من غيرهن بابتكار طرائق ملتوية للانفلات من الرقابة المشددة عليهن لأن العالم الخارجي في هذه النصوص محرم عليهن أو يكتنف حينها التسلل إليه كثير من القيود، لابد من الفكاك منها.
تعج أجواء quot;الناقةquot; بالحضور الحيواني، وليس ذلك غريبا، ما دامت نصوصها بدوية المنشأ، نجد ضمن ما نجد فيها الديكة التي ادعت امرأة لزوجها أنها لا ترغب أن تظهر سافرة على مرأى الدجاج، إذ استغرب لتزملها لما تكون تطعم تلك الطيور، في حين أنها تتعرى في وجه أي عابر غريب، أو في شأن البدوي الذي أخفى في سرواله الفضفاض، داخل الحافلة التي يقلها إلى السوق لبيعه ديكا، راغبا في استدراج البنت التي اتخذت مكانها قربه. كان الديك ينتفض في محبسه، وازداد في اضطرابه لجبا لما اشتم رائحة النعناع ذي الريا العبق، انتبهت الفتاة لحظة لِمَا يخفق، وليس دون اشتداد داخل سروال الرجل، ثم راعها هنيهة أن يجرؤ على إتيان ذلك أمام الملأ. أما لما تمكن الديك من إخراج رأسه من فتحةٍ تمكّن من افتعالها، وصار ينقر النعناع فوق فخذيها، فقد اندهشت تماما، وراعها أن يوجد على البسيطة عضو له منقار، ما لم تره أبدا في حياتها التي أنفقت جلها في البغاء، ومكن الديك المنتفض في الأخير الرجلَ من أن يقضي لحظات شهوانية حميدة مع البنت.
في الكتاب طرائف عن حيوانات أخرى، وملح لا يمكن إلا استملاحها، لن نعدو خلفها جميعها، نعددها أو ننقل شرارتها. ليس من الباطل أن أقول أن تناولها بشكل أعمق سوف يزيد من جمالها جمالا، وأن هذه الالتفاتة السريعة إليها ليست سوى تحريضا فنيا على فتح دفتيها. فهيت لكم!
[email protected]