اعداد عبدالاله مجيد: عاد المخرج البريطاني داني بويل الى المسرح بعد غياب دام 15 عاما في quot;فرانكشتاينquot; باخراج جديد لمسرحية ماري شيلي التي تروي قصة عالم يصنع انسانا في المختبر فتكون نتائج عمله كارثة عليه وعلى مخلوقه.
افتتح العرض الأول على المسرح الوطني في لندن في 23 شباط/فبراير ويستمر لغاية 2 ايار ـ مايو وبيعت تذاكر المسرحية لفترة العرض بأكملها قبل اليوم الأول.
لهذا الاقبال اسباب متعددة. فان بويل كسب قلوب العالم للتعاطف مع طفل بلا مأوى من مومباي في فيلم quot;المليونير المشردquot; ثم اعتصر الممثل الاميركي جيمس فرانكو حتى أخذ يتفصد عرقا في فيلم quot;127 ساعةquot; الذي يروي قصة متسلق قطع ذراعه بمطواة بعدما حُشرت بين الصخور وصوَّر العملية على الفيديو. ثم هناك ترقب الجمهور لما يخبئه دويل من ابتكارات باستخدامه تكنولوجيا الصوت والضوء والصورة لا سيما وانه يتعاون منذ فترة طويل مع المصمم المعروف مارك تلديسلي.
يتناوب الممثلان بنديكت كمبرباتش ولي ميلر على القيام بدور العالم فكتور فرانكشتاين ومخلوقه بين عرض وآخر في سرد مسرحي انساني جديد للرواية التي كتبتها شيلي عام 1818. ويركز الانتاج المسرحي الجديد للرواية على محنة المخلوق التعيس الذي صنعه العالم المهووس ليصبح ذاته الأخرى ومصيره الذي لا مفر منه.
ويقول الناقد المسرحي مايكل بيلنغتون في صحيفة الغارديان ان رواية فرانكشتاين تحولت على يد بويل الى مسرحية توحي للجمهور وكأنه يشاهد مسرحية quot;العاصفةquot; بعد اعادة كتابتها من وجهة نظر كاليبان، العبد المشوه، ابن الساحرة الشريرة سيكوراكس في مسرحية شكسبير.
ولكن تسليط الضوء على الضحية الذي خلقه العالم المجنون طمس بعض الموضوعات التي ارادت شيلي توصيلها في النص الأصلي. فالعالم شبه المجنون فكتور لا يظهر إلا في منتصف الحدث مع التقليل من اعتداده الأولي بنفسه وتباهيه بنفخ الحياة في مادة كانت بلا حياة. كما ان قصة ماري شيلي تنبض باحساس عميق بالظلم. فان عائلة فرنسية راقية تُدمر لأن احد افرادها تحدى قوانين الدولة والأبرياء يعانون بسبب غطرسته. وفي حين ان اصداء هذا الوضع تتردد في النسخة المسرحية من الرواية التي تُقدم على امتداد ساعتين فان غضب شيلي على المواضعات والاطر الاجتماعية السائدة يبدو مكتوما.
هذه الثغرات في العمل، كما يراها بيلنغتون، تخبو وتتراجع امام الجوانب الابداعية الأخرى. وتتبدى براعة بويل في تصويره عذاب المخلوق وهو يتقدم من خطواته المتعثرة الأولى حين يخرج عاريا من آلة العالم الى تعليمه اللغة والشعور. كما يتابع الجمهور بتأثر شديد توق المخلوق الى رفقة تخفف عنه وحدته وصبوته الى الحب وحاجته الموجعة الى نظير انثوي. وحتى عندما يُدفع المخلوق الى القتل فان ذنب الجريمة يقع على كاهل صانعه فكتور فرانكشتاين. وعندما يغتصب عروس فكتور قبل ان يقتلها بطريقة وحشية يبدو وكأنه يعبر عن رغبات صانعه السوداء المكبوتة. ويتضح في النهاية ان العالم فكتور يفتقد الى انسانية المخلوق الحزين الذي صنعه. ويرقى المشهد الأخير الى عبثية مستلة اعمال صامويل بيكت.
سيُنقل العرض المسرحي مباشرة الى الشاشة في عدد من دور السينما يومي 17 و24 آذار ـ مارس.