ترجمة وتقديم نصرت مردان: سزائي قره قوج ( 1938 )، ولد في ناحية دجلة. رغم توجهاته الدينية، فأنه في حالة مصاهرة مع الحداثة في شعره. انطلق في بدايته الشعرية مع شعراء حركة (التجديد الثانية) التركية التي تأسست في بداية الستينات مع رواد هذه الحركة: مليح جودت آنداي، أوكتاي رفعت، كولتن آكن، أديب جان سيو ه ر، جمال ثريا وغيرهم.
بالنسبة لسزائي قره قوج فالشعر الحديث يستند على بنية تجريدية. الا أن إبقاء الشعر في ظلال التجريد، تجعل القصيدة غير مكتملة، ولاكتمالها يحب التعامل مع الواقع بوعي.
وعلى الشاعر أن لا يكون الا نفسه، والطريق الوحيد لذلك هو التغيير، وبذرة القصيدة تنضج في بيئتها، حيث أن الكون يجب أن تتحول الى برج عاجي ليعثر الشاعر في الشفق على طيور الحمام الضائعة في المساء. كما أن على الشاعر أن يكون في حالة امتنان ورضى عن ذاته. لذلك فالشاعر يجب أن يداعب قصائده ويلمسها، ويصلح فيها وأن يجد مالا يعجبه فيها دون انفعال لإدامة حالة الرضا والتواصل معها.
كتب قره قوج بحوثا عديدة الى جانب دراسات أدبية ومسرحيات ومجموعات قصصية.
من أعماله الشعرية: أربعون ساعة مع الخضر، كتاب طه، مونا روزا، مونا روزا ( العشق ومكابداته)، مونا روزا ( الموت وإطاره)، مونا روزا (الندم والآمه)، الثعبان الأسود، ليلى والمجنون.


مونا روزا


مونا روزا، زهور سود، زهور بيض
وفراش ناصع
الطائر ذو الجناح المكسور
يحتاج إلى الرحمة
آه، بسببكِ ستغرق بالدم
الورود والزهور البيض.

الثعالب القذرة تعوي في وجه القمر
وترنو الأرانبٌ بفزع إلى الجبل
مونا روزا، ثمة شكوى في داخلي
المطر يسقط مدرارا على الأرض
وتعوي الثعالب في وجه القمر.

لا تفتحي النافذة بل ازيحي الستائر
يجب أن أراكِ يا مونا رزوا
نظرة واحدة تكفي لموتي
إفهمي يا مونا روزا، أنا مجرد مجنون
لا تفتحي النافذة بل ازيحي الستائر.


أشجار الزيتون، وظلال الدلب
تخرج مني إلى ضياء الشمس ِ
خاتم خطوبة، وصوت صرير الباب
تذكرني بكِ في كل أوان
أشجار الزيتون وظلال الدلبِ.


تتفتح الزنابق في أكثر المناطق هدوءا
ثمة كبرياء وحشي في كل الأزهار
الريح تنتظر خلف الشمعة
تهتز روحي المعتمة
في رحيق الزنابق الهادئة.

يدكِ، يدكِ وأناملكِ
تبدو وكأنها تسحق زهرة الرمان
وجه امرأة يتوضح في يديكِ
تبدو وكأنها تتنزه في قعر البحر
باحثة عن يدكِ، يدكِ وأناملكِ.

ما أسرع مرور الزمان يا مونا !
في منتصف الليل،انطفأت الأنوار
نامي كي تدخل الكراكي إلى حلمكِ
لا تنظري بحيرةُ إلى السماء
فالزمن يشيخ بسرعةٍ يا مونا.

في المساءاتِ تعود طيور التين
لتجثم فوق أغصان التين في الحديقةِ
بعضها بيضاء، وأخرى صفراء
آه ه ه ! ليتهم يرمونني بدلا من الطيور
في المساءات التي تعود فيها طيور التينِ.


أينما كنت سأجدكِ يا مونا روزا
في تأملات طيور التين
في الحياة التي تملأ هذا الشراع الفارغ
نظراتكِ البريئة لا تزال قرب ضفاف النهرِ
سأجدك أينما كنتِ يا مونا روزا.

روزا، لا تنظري إلى وجهي بانكسار
قبل أن تسمعي مني أغنياتي
فحبي لا يسع لكل وتر
أجمل الأغاني تلك التي يترنم بها الرصاص
روزا، لا تنظري إلى وجهي بانكسار.


صدقيني يا ابنة المهاجر
اصغي لي، واقبلي اعترافاتي
ثمة ألم بارد، ووجع قريب
يحاصر كاللهبِ كل اتجاهاتي
صدقيني يا ابنة المهاجر.

بعد هطول الأمطار، كبرت السنابل
الفواكه تنضج بصبر
انظري إلى أعماق عينيّ يا مونا،
كي تفهمي لماذا الموتى يعيشون
لماذا السنابل تكبر بعد المطر؟.

الأساور الذهبية والبشرة الفواحة
يبشرني بقدومكِ،
ببسمة سترفرف الحياة
في ريشة الطائر المقتول
وسيعود العندليب إلى البستان المهجور
يبشرني بقدومكِ الأساور الذهبية والبشرة الفواحة.


مونا روزا، ورود سود، زهور بيض
وفراش ناصع
الطائر ذو الجناح المكسور
يحتاج إلى الرحمة
آه، بسببكِ ستغرق بالدم
الورود السود والزهور البيض.


الشرفة

الشرفات حواجز للشجاعة في البيوت
لو أن طفلا سقط، فسيموت
بعد فقدان الأطفال ستختفي آخر الابتسامات
وتبقى أيادي الأمهات مشلولة على حاجز الشرفات

الشرفات تأخذ حجم التوابيت
في داخلي شرفات وشرفات
تنشر فيها ملابس ناصعة البياض كالأكفان
وثمة موتى ينتظرون في المقاعد الفارهة

في الأزمنة القادمة
سيدفنون الموتى في الشرفات
موتى لن يستريحوا حتى بعد الممات
لا تسأليني عن اتجاهي
فأنا في طريقي لتقبيل جباه المهندسين
الذين شيدوا بيوتا دون شرفات

31 /7/ 2011