كتبت هذه السطور إثر التفجيرات الإجرامية التي طالت مدنا ً عديدة في العراق وكان أفظعها في مدينة الكوت مما أودى بحياة أكثر من ستين عراقيا في صباح الإثنين 15-8-2011

إلهي
مالي حين نشدتُ الغيمة للخلاص من صرخاتي
هطلتْ بمطر أسود ، ثم مضت تُغيث المآتم الأخرى؟
ولمّا فتحت فمي لأنوح كان الإناء ضيقا..
وكل من في المدينة ركب السفينة؟
أقصد أن الحيوانات والطيور خرجت سليمة سـوانا!
حتى الشمس التي أقسمتُ أن أبايعها
لو أنها تورَّدت وتوهجت طوال اليوم..
لكنها غابت فور رفع المرساة!
وكنت وقتها أهذي: ما جدوى أن أصغي لنفسي
وجمر الكلام يستفيق على وقع السهام؟!
والأجساد المريضة بالحياة، غدت معصوبة العينين
تُقارع الوجع أين يكون مكانه.
وكل الجهات لا تكفُّ عن الأوجاع!
أي لا نفع من بقاء الشمس مشرقة..
إذاً أيقنتُ أن عظامي شاخت
و جمجمتي تحولت إلى مسكن قديم للغبار والنمل الأحمر!
لاشيء يسكنني غير وشم الألم
وصورة جميلة التقطتها الملائكة قبيل آخر صرخة فتَّتت حجر الصُّوان.
إلهي
هل غيض الماءُ؟
وسكتت أجراس العشب الأصفر؟
لكنني أكاد أسمع رجرجة الشاحنات يقودها الكافرون بك
يهدرون كنبيذ وسمك مُهرَّب إلى فحيح ثعبان أضرم الصُّبحَ بسمِّه
حينها غادرت الروح الأجساد التي بدت معطوبة القلب
فوهنت الحياة وتوقفت ساعة الموت عن العمل!
كان لابد من تشييع الجثامين على سكة صدري ..
صدري الذي كلما انزوى بعيدا عن وجوههم في سماء النبع
أجهش بالبكاء
دون أن يكترث للرؤوس المبعثرة
فدماء الطيور المذبوحة تركت بقعا على قميصي
وفاتني أن أوصي الحديقة بهم بنفسجا!
ما تذكرته لحظتها
هو أن أشـيّع صمت العالم تجاه ما يحدث أمامه.
لذا تنفست بعمق، وأطلت النظر في التراب عله يُنبت وردة!
فكل ما يحدث هنا لا يعد حزنا يستحق الحزن!

quot;مو حزن لكن حزين
مثل ما تنكطع جو المطر شدة ياسمين!
مو حزن لكن حزين
مثل بلبل كعد متأخر لقى البستان بليَّا تين!quot;*

*القصيدة للشاعر العراقي الكبير مظفر النواب

بلقيس الملحم شاعرة وكاتبة من السعودية