محمد الحمامصي من القاهرة: نظّم مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية مساء أمس لقاءً أدبيًا مع الروائي الكويتي طالب الرفاعي بعنوان quot;طالب الرفاعي .. صوت الرواية الكويتية المعاصرةquot;. وتضمّن اللقاء الذي أداره الأديب منير عتيبة؛ المشرف على المختبر، مناقشة الناقدين الدكتور محمد زكريا عناني والدكتور أحمد المصري لبعض روايات الكاتب؛ مثل: quot;الثوبquot;، وquot;سمر كلماتquot;.
وفي بداية كلمته، قال الكاتب والروائي طالب الرفاعي إن كلمات مثل quot;ميدان التحريرquot; وquot;الشعب يريد إسقاط النظامquot; وغيرها من الكلمات التي انتشرت في ثورة 25 يناير ستكون مفردات رئيسية للمبدعين في قصصهم ورواياتهم، مؤكدًا أن مصر الجديدة بعد 25 يناير قادرة على قيادة العالم العربي والنهوض به فكريًا وثقافيًا.
وقدّم الرفاعي خلال اللقاء شهادته الأدبية بعنوان quot;القصة القصيرة والرواية .. حياة بين عالمين!quot;. وقال إن نشر روايته الأولى quot;ظل الشمسquot; عام 1998، بعد إصداره لمجموعته القصصية الثالثة quot;مرآة الغبشquot; عام 1997، كان بمنزلة الانعطافة الكبيرة على درب حياته وولعه بالكتابة، حيث أصبحت الرواية منذ ذلك التأريخ هي جلّ همه الأدبي والإنساني.
وأكد أن انتقاله لكتابة الرواية جاء لحظة أن وجد نفسه يكتب حدثاً لا يتسع له ثوب القصة القصيرة، ولا شروطها الفنية. وأضاف أن كتابة روايته الأولى بهمٍّ عربي الصبغة، يتمثل بحكاية مدرّس مصري في الكويت، يقدم دلالة واضحة حول القضايا الإنسانية التي تشغل باله، مثلما يسلط الضوء على حياة الآخر، العربي والأجنبي، في المجتمع الكويتي، مشيرًا إلى أن تواجده باسمه الصريح كأحد أبطال العمل، جاء بوصفه تسجيلاً وتوثيقاً لجزءٍ من سيرة حياته الحقيقية، مما شكّل دخوله الأول لعالم رواية quot;التخييل الذاتيquot;.
ويرى الرفاعي في الرواية حياة فنية مجاورة لحياة الواقع، لكنها حياة أرحم بكثير من حياة الواقع، وأكثر شجاعة على كسر قوانينه الصلبة، ذات الكلفة العالية، فالحياة الواقعية، على حد قوله، تحتم على الإنسان دفع مقابل لعيش لحظات تجاربها، وأحيانا بأثمان باهظة، ووحده الفن، يهب الإنسان لذة خبرات حيوات كثيرة دون ثمن.
وشدد الروائي الكويتي على أن الكتابة مهنة شاقة وقدرٌ يتطلب شجاعة من الكاتب لأن يعيش وحدته المختارة، حيث إنه يقرأ وحيداً ويكتب وحيداً، ولا يكون له سوى الكتابة مخرجاً يطلّ بها على العالم. وأكد أنه يؤمن بتزاوج الخيال مع الواقع في الأعمال الفنية، وأن الفن انعكاساً مخايلاً منحوتاً وملوناً لحياة الواقع، لذا فإن المجموعة القصصية الرابعة quot;حكايا رمليةquot; جاءت في معظمها تحاكي واقعاً فنتازياً، في مظهره، لكنه في الصميم من واقع الحياة العامة في المجتمع الكويتي.
وقال إن تعمق أي فنان في دراسة وفهم فنٍ بعينه، يجعله مسكوناً بقضاياه دون غيرها، مشيرًا إلى أن عنصري الزمن وصوت الراوي، من أكثر العناصر التي شغلت باله خلال السنوات الأخيرة، حيث إنه لا يحبذ صوت الراوي العليم، ويرى ضرورة توفر علاقة بين زمن القصة اللحظي ومكان الحدث وبين صوت الراوي، أيا كان الشكل الذي يأتي فيه.
وتطرق الرفاعي خلال الندوة إلى دور المرأة في المجتمع الكويتي، مشيرًا إلى أن المجتمع الكويتي كان يعتمد على الصيد والتجارة قبل اكتشاف البترول فكان الرجل يغيب عن المنزل فترات طويلة وكانت المرأة هي التي تقوم بدور الرجل وتدير الأسرة، مما خلق حضورًا ملموسًا للمرأة في الكويت حتى أصبحت المرأة تتولى جميع المناصب الآن. وأوضح أن المرأة الكويتية، على المستوى الأسري، مثلها مثل المرأة العربية عامة، مظلومة، تعيش في مجتمع ذكوري يكيف كل القوانين لصالح الرجل.
وتحدث الدكتور أحمد المصري خلال الندوة عن رواية quot;سمر كلماتquot; لطالب الرفاعي، مبينًا أن الرواية تمثل إحدى حلقات المنجز الروائي لطالب الرفاعي المتمثّل في ثلاثة أعمال هي: quot;ظل الشمس، رائحة البحر، الثوبquot;. وأضاف أن الرواية تمثل نموذجاً واضحاً لهذا الجنوح نحو التجريب والتجديد في الكتابة الروائية، فهي رواية شديدة الحرية وشديدة الفرار من عبودية التقاليد.
وقال إن اختيار عنوان quot;سمر كلماتquot; يشير إلى حالة من البوح الروائي أشبه بالفضفضة والاسترجاع، وحديث النفس المثقلة بأوجاعها وخيباتها وأوهامها وأحلامها المحبطة. وأضاف أن الرواية تتضمن تشريحاً سردياً قاسياً لبنية المجتمع التقليدي الكويتي، وبخاصة فيما يخص العلاقة بين المرأة والرجل، كما أن الرفاعي حاول في روايته إظهار معاناة المرأة في مجتمع ذكوري قاهر لإنسانيتها وساحق لمشاعرها لا يسمح لها بالاختيار وعندما تسعى إليه يلفظها وينكرها.