شعر: كريم ده شتي
ترجمة عن الكوردية: محمد حسين

1
بِكُلِّ هذا الجَمالِ والهَيبَةْ
بِكُلِّ هذا الشَّوقِ والنُورِ
انسَكَبَتْ غابةُ القَصَبِ في سَديمٍ أبيضَ غامِضٍ
هي وجَيشُها المُتْخَمُ بِدِرَّةِ أوراقِها
هي ويَواقيتُ جِيدِ غُصُونِها
هي وكُلُّ رَقَصاتِها
ارتَحَلَتْ صَوبَ السَّماءْ
2
غَمَرَتْهُ فَوعَةُ نَدى الصباحاتِ
في الْتِياعِهِ التَّليدْ
في ظِلٍّ وضَبابٍ امْتَزَجا بالغَضاضَةِ
فامْتَلَأَتْ آلافُ الكُتُبِ بالتَّغْريدِ

3
كأنَّ عازِفَ النايِ
قد سَكِرِ بِشَرابِ الجبالِ الأَزَلي
إنْغَمَرَ في سيماءِ الألهِ
يَتَمَرَّغُ في العُشْبِ والغُدْرانِ والرَّميمِ
يَتَخَلَّى عنْ حُمّى عِشْقِهِ في الجُروفِ والشطْآنِ
يُعيدُ شَدْوَ أغْنِيَتِهِ العَتيقَةْ
أينَ أنتِ يا فاتيمةْ أنتِ أينْ؟
كَما كُنّا في الخَوالي
تعالَيْ نَقِفُ تحتَ المَطَرِ
ألشَّمالُ بعيدٌ بعيدْ لنْ يُغيثَ جَمالَكِ
بَلْ يَسْحَنُ في الثلجِ سيماءَكِ
شَجَرُ الصَنَوبَرِ يُشَذِّبُ شَوقَ عَينَيكِ
ويَمْزِجُ أحْلامَكِ بِضَبابِ الوادي
فاتيمة: تصحيف لأسم فاطمة في بلاد المشرق كالكرد والفرس وآخرين.

4
وحيداً ودائِباً
يُعيدُ عازِفُ الناي شَدوَ أغانيهِ
تُنْكَأُ جُروحُهُ القَديمةْ
صَوتُ الناي يُفعِمُ الجِبالَ بالغُربَةِ
وهناكْ كانتِ النارُ لِوَحدِها تَندَلِعُ
وفي قَلبِ العازِفِ تَضْطَرِمُ

5
فاتيمةُ أينَ أنتِ أنتِ أينْ
أرى قلبَكِ مِنْ بَعيدٍ
إنهُ كُوزٌ صَديعٌ في أَلْفِ مَوضِعٍ
تََنْثالُ منهُ اللوعَةْ
إني أَرى جُروحَكِ
تَنْبَجِسُ مِنها الدماءْ

6
هيّا أَفْصِحْ هلْ ثَمَةَ رَجاءٌ في قلبِكَ لمْ يَحتَرِقْ بَعدُ
كَمْ مَرَّةً أَتْرَعَ الهَوى قلبَكَ بالنارِ
كَمْ مَرَّةً خَيَّمَ الليلُ عليكَ
حَسْرَةً على ضَياعِ الضِّباءِ؟
ظَلَلْتَ وحيدا آنَذاكَ
إنكَ لمْ تَرَ شيئاً بَعدُ
إشتَعَلَتْ في روحِكَ حُمَّةُ ذلكَ العِشْقِ
والأحتِراقُ لَمْ يُعَلِّمْكَ حَرْفاً بَعدُ

7
هلْ أضاعَتْ عَيْنُكَ الرؤيَةَ في نورِهِ مَرَّةً
هلْ وَجَدْتَ دَربَكَ الى السماءِ مَرَّةً؟
كَي تَفهَمَ لُغَةَ الهَوى
تعالَ تَأَمَّلْ مَلامِحي
حينَها تَعْلَمُ ماذا فَعَلَ العِشْقُ بِقَلْبي
كيفَ أَودَعَني بينَ أَيادي المَوتِ
وطَوَّفَني أَجوسُ البُلدانَ كُلَّها

8
لو لمْ يَكُنِ الوَجدُ
ما كنتُ أموتُ مِنْ نارِ فِراقِ الأحبابِ
تعالَ وأبصِرْ روحيَ
كي تُدرِكَ ما فَعَلَ بيَ الوجدُ
لو لمْ يَكُنِ الوجدُ ما كانَ كَبِدي يُثْخَنُ بالجراحِ
تعالَ وأبصِرْ كَبِدي
كي تعرِفَ شُقَّةَ قِبْلَةِ الأحبابِ

9
زَهْرِيَّةَ قلبِكَ أراها منْ بعيدٍ
أعلمُ كمْ مرةً تهَشَّمَتْ
كمْ مرةً غَدَتْ رَماداً
اندَلَقَ في صَدرِكْ

10
تعالَ واسمَعْ سِرِّيَ الذي هوَ إفْشاءُ المُحالْ
تعالَ واسمَعْ سازيَ الذي تضَرَّجَتْ أوتارُهَ
بدِماءِ أنامِلي وَتَراً وَتَرا

11
هوَ بُكائي مَنْ أَعطى الماءَ للسُحُبِ
ومنَحَ الحُلْمَ للعُشاقِ
كيما يَروا بهِ الألهْ
كانَ بُكائي مَنْ أَعطى الأغنيةَ للسُكارى
كي يزرعوا بحُزنِها
فوقَ قلوبِهمْ شُجَيرَةَ عِشقٍ أبَديّ

12
كانَ أَنيني مَنْ أَعطى التنَفُّسَ للغُرَباءِ
سَلَّمَ الجيشَ لأسكندرَ كيما يَجوبَ بهِ البُلدانْ
وضعَ السيفَ في كَفِّ تَمُّوزَ
وهبَ المِزمارَ لداوودَ كيما يُرَجْرِجَ به البحارْ
أَهدى الجَناحَ للحَمائِمِ
كيما تطيرَ بها في ازرِقاقِ السماءْ

13
أَرى جِراحَكَ كيفَ تجوبُ الأوردةَ
في جسدِكَ عِرقاً عِرقا
لمْ يفعلْ بكَ الوجدُ بَعْدُ شيئا
كانَ عليهِ أنْ يُغوِيَكَ الى الرحيلِ
حينَها تَعلَمُ كيفَ أنَّ البُكاءَ يقتُلُكْ
كيفَ أنَّ الفِراقَ يسلُبُكَ سُلْطَةَ الروحِ