الياس توما من براغ: تحول مركز الجواهري في العاصمة التشيكية براغ خلال العشرة أعوام الماضية إلى صرح ثقافي حقيقي يقوم بحفظ ونشر ارث شاعر العرب الكبير محمد مهدي الجواهري وإيصاله إلى العالم الثقافي عبر مختلف النشاطات التي يقوم بها رغم الإمكانيات المتواضعة والذاتية التي يمتلكها المركز.
ويصف مديره الأستاذ رواء الجصاني في حديث quot;لإيلافquot; فكرة تأسيس المركز بأنها كانت مغامرة منذ البداية، مشيرا إلى انه كان يدرك بان هذا المشروع لن يكون سهلا ولذلك فان صموده وتطوره خلال العشرة أعوام الماضية تجعل القائمين عليه الآن يشعرون بالفخر لما أنجزوه.
ويضيف أن فكرة تأسيس المركز في براغ التي أمضى فيها شاعر العرب الكبير نحو 30 عاما من حياته قد خطرت بباله منذ رحيل الجواهري وان ما يسميها quot;بالبروفه الأولىquot; تمت خلال الاحتفاء بمئوية الجواهري في براغ ثم تعززت الفكرة بعد مشاهدة الاحتفاء الكوردي بهذه المناسبة في اربيل والسليمانية إلى أن تجسدت الفكرة مشروعا انطلقا في السابع عشر من ابريل في براغ من عام 2002 بالتعاون مع الأستاذين محمد حسين الاعرجي ويارومير هايسكي.
وأشار إلى أن المركز نجح خلال الأعوام الماضية في استقطاب ألاف الناس إليه من عرب وأجانب حيث زار موقعه على الانترنت نحو 160 ألف متصفح، فيما أصدر عشرات الدراسات والترجمات والكتب عن الجواهري وشارك في مختلف الفعاليات الثقافية والأدبية التي أقيمت بمناسبات مختلفة تخص الجواهري وشعراء عرب آخرين مثل محمود درويش ونزار قياني والشاعر اليمني محمد الشرفي...
وكشف عن وجود مئات الصور النادرة للشاعر الكبير في المركز التقطت بمناسبات مختلفة الأمر الذي يجعلها كنزا ثقافيا هاما كونها توثق محطات هامة من حياة الشاعر الخاصة والعامة.
ويعدد الجصاني بعض النشاطات الأخرى التي قام بها مركز الجواهري بنوع من الفخر حيث يشير إلى أن المركز اقترح مشروع النشيد الوطني للعراق الجديد الذي بات اليوم مرشحا للاعتماد من قبل الجهات المعنية في بغداد، كما قام المركز وبالتعاون مع السفارة العراقية في براغ بتكريم 13 مستعربا تشيكيا بارزا واقترح وتبنى الدعوى لتحويل بيت الجواهري الأول والأخير والوحيد له في العراق إلى متحف يضم تراث الشاعر.
وأضاف أن المركز قام أيضا بتوثيق وبث 85 حلقة إذاعية في محطة صوت العراق الحر التي تبث من براغ خلال الفترة بين عامي 2009 ــ2011 عن بعض المحطات الهامة في فكر وشعر وحياة الجواهري ومواقفه المختلفة.
ويسعى المركز الآن بالتعاون مع السفارة العراقية في براغ في إقناع الجهات التشيكية المعنية بإقامة نصب للجواهري في إحدى الساحات أو الحدائق العامة في براغ أو إطلاق اسمه على احد شوارعها تخليدا له في المدينة التي أحبها وقال فيها أطلت الشوط من عمري أطال الله في عمرك.
وردا على سؤال حول ظروف لجوء شاعر العرب الكبير إلى براغ قال بان كتابات كثيرة قد ظهرت حول هذا الأمر ولاسيما حول مواقف الجواهري من النظام الجمهوري الأول في العراق برئاسة عبد الكريم القاسم إلا أن وثيقة تاريخية يمتلكها المركز تبين بوضوح موقفه مما جرى وسبب طلبه اللجوء السياسي في تشيكوسلوفاكيا.
ويضيف أن الجواهري قد برر في رسالته إلى الجهات الرسمية التشيكوسلوفاكية عندما وصل إلى براغ لأول مرة في 20/6/1961 طلب اللجوء السياسي بخمس أسباب رئيسية أولها تعرضه على مدى سنتين إلى مضايقات من قبل النظام الحاكم في العراق آنذاك وثانيها بان هذه المضايقات اشتدت عليه لاحقا بحيث أصبحت تهدد حياته الشخصية وعائلته، ومنها تعرضه إلى الاعتقال والسجن رغم انه ناهز الستين من العمر ولم يتم إطلاق سراحه إلا بكفالة وبعد حدوث ضجة كبيرة في العراق وخارجه.
وأشار الشاعر الكبير في طلبه إلى انه أُتهم باتهامات سياسية خطيرة والى مضايقة السلطات العراقية له ولعائلته بطرق غير متمدنة والى قيام الحاكمين في العراق بالحجز المالي على مطابع جريدته quot;الرأي العامquot; الأمر الذي أدى إلى توقفها والى إجراء الحجز المالي على أثاث منزله أيضا.
وأضاف بان السلطات المحلية لجأت إلى الإيعاز للصحف quot;القذرةquot; بالتهجم عليه وعلى عائلته تهجما قاسيا ومستمرا دون أن يمنح حق الدفاع عن النفس.
وقد وقع على الرسالة بالإشارة إلى انه شاعر عراقي ورئيس اتحاد الأدباء العراقيين وصاحب جريدة الرأي العام المحتجبة وعضو المجلس الأعلى لأنصار السلام ببغداد.

مركز الجواهري يعتبر حسب العديد من المتابعين للشأن الثقافي هنا بقعة ضوء عربية مشعه من براغ نحو العالم ولذلك فإنها تحتاج إلى الدعم العراقي والعربي بشكل كبير في مختلف المجالات ولاسيما المادية منها كي تتحول إلى جسر حقيقي للتواصل الإنساني والثقافي بين العرب وأوروبا.
وربما ساهم في تخليد شاعر العرب الكبير في إحدى الساحات العامة في براغ أو في احد شوارعها تبني هذه المشروع من قبل السفراء العرب في براغ موحدين أو من قبل الجامعة العربية كي يكون منطق الإقناع للسلطات التشيكية أقوى لاسيما أن العرب جميعا ومعهم مختلف القوميات الأخرى في العالم العربي وخارجه يشعرون أن الجواهري ملك لهم جميعا.