بين أروقة الثقافة العربية، ومعين اللغة والأدب والفكر كانت الأوراق الثقافية تطرق الباب بقوة من أجل أن تعود أصول الثقافة إلى أصحابها الأوائل العرب الذين أبدعوا يومًا ما في رسم أفق للخارطة الفكرية التي وصلت إلى كل البلاد سواء عربية أو حتى أجنبية فكان العصر الذهبي للمفكرين والأدباء.
ومع اشتداد الحملات ضد الفكر والثقافة العربية خفتت الأصوات وأصبحت قلة قليلة التي تنادي بعودة الأمجاد.
ايلاف تنقلت بين أصحاب المكتبات وأصحاب الفكر والأدب وأعدت التحقيق التالي.

عبير أحمد/غزة: يحلمون بتبادل فكري ومعرفي، فئة قليلة ما بين الآونة والأخرى تقوم بإعداد بعض الصالونات الأدبية والفكرية من اجل استرجاع أمجاد العرب، يتحلقون في جماعات والبعض الآخر يتناقش عبر صفحات الفيسبوك من خلال تبادل معرفي للكتب الالكترونية.
الصالونات الأدبية والفكرية فئة قليلة بدأت تخرجهاإلى النور، معهم حلم واحد، تجمعهم الثقافة وإن فرقهم انتماؤهم التنظيمي.
فما هي الأسباب لغياب هذه الصالونات؟
ومن الذين يطرقون أبواب الثقافة الشباب أم فئة المثقفين الكبار؟

نادٍ للقرّاء عبر صفحات التواصل الاجتماعي..
الشاب أنس لافي يتحدث لمراسلة ايلاف عن فكرته لإنشاء نادٍ للقرّاء فيقول: quot;بدأنا في التفكير بشكل موسع وكبير مع مجموعة من الشباب، جمعنا رابط الثقافة والفكر الأدبي الواسع، وكان لابد من جمع المعلومات وتقنينها من أجل أن تخرج بفكرة وإبداع إلى الشارع الغزيquot;.
قمنا على إثرها بالاجتماع كمجموعة شبابية وأنشأنا نادي للقرّاء عبر صفحات التواصل الاجتماعي هدفنا الأول تبادل الكتب الجديدة والمعارف الفكرية والعلمية المختلفة.
ويتابع لم تقتصر الفكرة على تبادل معرفي عبر صفحات الفيسبوك انما تعدى الأمر لنجتمع أسبوعيًا ونتفق على قراءة كتاب ما ثم مناقشة أبرز مواضيعه في ما بيننا وتجميع الخلاصة في بعض الورقات التي نحلم بوضعها في كتاب مستقل نكون نحن من أنجزناه بطريقتنا الخاصة.
ويختم حديثه بالقول: quot;أتمنى أن تكون هنالك مؤتمرات تجمع أقطاب الوطن العربي ويشارك فيها المثقفون والأدباء والعلماء ويتبادلون فيها المعارف المختلفة التي تسهم بشكل أو بآخر في متابعة الدول الكبرى التي تتميّز بالثقافة التي يعود أصولها جميعًا إلى العرب.

أتابع الصالونات التي يتم عقدها في الجامعة...
أما الشابة سارة أبو شعبان فهي تقول: quot;الصالونات الثقافية غير موجودة وبالكاد هي تكون موجودة على الساحة الغزية والسبب ربما يعود إلى قلة المهتمين بهذا الجانب أو ربما بسبب المشاكل والهموم التي تؤرق الفلسطيني بشكل عام، وتتابع بعد سؤال مراسلة ايلاف لها عن الأسباب التي أدت إلى وصول الثقافة إلى مستويات متدنية quot;لا نستطيع الجزم بعدم وجود مفكرين أو أدباء أو غيرهم فهذه الفئة تحافظ على نفسها لكن ما ينقصنا الآن هو الصالونات الأدبية والثقافية التي كنا نراها في أعوام السبعينات والثمانينات من القرن الماضي حيث كانت هنالك صالونات فكرية تجمع بين المثقفين يتناقشون الموضوعات المتعددة والمفيدة، لا يختلفون بسبب تنظيماتهم السياسية وإنما اجتمعوا على هدف واحد هو تبادل الأفكار التي كانت تسهم ولا تزال برفع المستوى الثقافي عند العرب.
وتشير قائلةإنني أتابع بعض الصالونات الأدبية التي يتم عقدها في الجامعة، والتي تصدر عن الرابطة الوحيدة للأدباء في قطاع غزة.
منوهة أن وزارة الثقافة في غزة لا تقوم بدورها المطلوب في إحياء التراث الثقافي وإنما تكتفي بين الفترة والأخرى بعقد المسابقات البسيطة والتي لا ترتقي بأي حال من الأحوال إلى المستوى الفكري الذي نراه واضحًا عند باقي الدول العربية والأجنبية.

تلخيص كتاب...
تبدو على وجهها ابتسامةحين علمت أنها فائزة في مسابقة تلخيص بعض الكتب التي عرضتها وزارة الثقافة في غزة.
اقتربت مراسلة ايلاف من الفتاة التي لا تتجاوز العشرين ربيعًا من عمرها والتي تحمل ملامحها من الذكاء والفطنة والثقافة ما يكفي ليؤهلها بعد سنين لتصبح كما تتمنى.
أمل محمد تتحدث لـ ايلافquot;أولا أن يقوم الإعلام بتسليط الضوء على قضايا الثقافة في الوطن العربي هو شيء مميز ويحسب لكم كجريدة عالمية، ثم الحديث عن الصالونات الأدبية التي انتشرت فترة من الفترات السابقة في الوطن العربي وبدأت تختفي تدريجيًا هي عملية تشبه انتزاع الثقافة من المجتمعات العربية والتي هدفها طمس الهوية الفكرية القومية من خلال مخططات واضحة المعالم تمارسها أنظمة وحكومات كبيرة، وبدا واضحًا في الآونة الأخيرة عن تأثر المجتمعات بالانحطاط الجماعي، فلم نعد نرى الصالونات التي كانت تملأ الأسواق الأدبية حتى المكتبات أصبحت تبيع كل الكتب الواردة إليها دون معرفة الجيد والرديء وتمييزه الأمر الذي يجعل المواطن المثقف يعيش حالة من الحيرة سببها عدم إيجاده ما يبحث عنه في المكتبات من كتب متنوعة الاتجاه والمصدر.
وتتابع: quot;بدأنا نلحظ مؤخرًا عودة بعض الصالونات وتجديدها من قبل بعض الأساتذة الجامعيين والطلبة المهتمين بالثقافة أبرزها الصالونات الأدبية التي يتم عقدها في غزة، والتي تكون في مجملها أدبية وتهدف إلى تشجيع العنصر الشبابي المتحمس إلى عودة التراث الثقافيquot;.
وتختم منذ أيام قليلة تم عقد أمسية شعرية، تناولت موضوعات الربيع العربي وما يحدث في سوريا والوضع القائم في غزة من حصار عن طريق إلقاء بعض الشعر والمناقشات الفكرية، أحلم أن أجد صالونات أدبية بإمكانيات كبيرة كالتي كنا نراها في عهد الخديوي في مصر وغيرها وأن تنعم مكتباتنا في غزة بالمزيد من الكتب.

الدكتور عبد الخالق، quot;رئيس رابطة الأدباء في غزة، يصف أن هنالك ظاهرة ثقافية بدأت تتسلل بقوة إلى الشارع الغزي، لكن لا يمكن الحديث عن وجود ظاهرة للصالونات الفكرية فمثل هذه الصالونات تحتاج إلى إمكانيات كبيرة وكتب كثيرة وموارد خاصة لكن الإبداع لا تحده إمكانيات والمواهب الفكرية في غزة تحتاج إلى صقل معرفي كبير لا سيما أن هنالك فئة كبيرة من الشباب من كلا الجنسين بدأت تمل كل الأمور السياسية وتتجه نحو أروقة الثقافة والتعبير عما يجول بخاطرها عن طريق القلم والكتاب، رأينا ذلك واضحًا وجليًا في ربيع الثورات العربي الذي بدأ بصرخة من قلم ذاق ألم الاستبداد.
ويتابع مدينة غزة الصغيرة التي تشهد الحصار والأزمات المتلاحقة خصوصًا الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة تدفع الشباب إلى التوجه نحو الكتابة والثقافة ليصبوا نار غضبهم من خلال القلم، أو الشعر أو المقال السياسي فيرسلوا بذلك رسائل بعينها إلى المسؤولين والى الاحتلال.
ما يميز الصالونات الأدبية في غزة هو عدم انعقادها بشكل دائم، ثم عدم توفر الكتب لجميع المستويات فنحن لا نملك سوى مكتبات صغيرة ومتواضعة تحتوي على بعض الكتب المختلفة الاتجاهات، والتي لا تكفي لأن ننشىء صالونًا أدبيًا كبيرًا، ويعتمد الصالون الأدبي والفكري على ما يقرأه الشباب عبر صفحات الانترنت من الكتب الالكترونية التي يقومون بتحميلها ثم قراءتها ومناقشتها في ما بينهم أو يعودون الى بعض الأساتذة المفكرين ويستشيرونهم فيما لا يعرفونه.
متمنيًا أن تكون هنالك دولة فلسطينية ولها سيادة أن تشارك في المؤتمرات الدولية الكبرى التي يتم عقدها بين الدول العربية لتعلو الثقافة العربية.
وبين شح المكتبات وعدم احتوائها على الكتب وغياب الصالونات يتساءل المثقف في غزة متى سينطلق قطار الإبداع العربي لتعود أمجاد الثقافة الفكرية التي كان العرب أول من أحياها في القرون الماضية.