عبد الجبار العتابي من بغداد: احتفى منتدى نازك الملائكة التابع لاتحاد الادباء والكتاب في العراق بالروائية العراقية الكبيرة لطفية الدليمي اعتزازا وافتخارا بمنجزها الابداعي الذي اصبحت له شعاعاتهه وتوهجاته في ميدان الكتابة، واصبح اسمها يمتلك قدرته على ترك بصمة للوعي اينما يكون، وقد تسابق الادباء في الحديث عن منجزها بكلمات تسر الخاطر وتؤكد ان ما قدمته خلال مسيرتها الابداعية لا يمكن ان يتجرأ الاخرون لمجاملته بل انه يقولون الحق في ما تستحقه الكاتبة، وقد تمنى الحاضرون للاحتفاء بها ان تكون في بغداد ليكون الاحتفاء بها اكبر واجمل.

اعرب العديد من الادباء عن حفاوتهم الكبيرة بالكاتبة لطفية الدليمي التي اضاءت رواياتها وقصصها مساحات واسعة من الادب العراقي وأكدت حضورها عربيا لتكون قامة من القامات الادبية، وقد غصت قاعة الجواهري في اتحاد الادباء بالحضور، على الرغم من صورتها الغائبة حيث لاتوجد لافتة تشير الى المناسبة، ولا صورة للمحتفى بها، الا ان الجميع كان يرى الكاتبة الدليمي اينما يتطلع في المكان لان الحديث كله عنها وعطر وجودها يتضوع في الارجاء، وقد اشار العديد من المتحدثين مثل: علوان السلمان، نادية هناوي، منى سبع، شوقي كريم، شجاع العاني، سعد مطر وغيرهم الى نتاجات الكاتبة الدليمي وخاصة عملها الروائي الاخير (سيدات زحل).

ادارت الجلسة الاحتفائية الكاتبة ايناس البدران، رئيسة منتدى نازك الملائكة، التي اعلنت فخرها واعتزازها بما حققته الكاتبة الدليمي من انجازات على صعيد القصة والرواية، وقد اصبحت رمزا من رموز الادب النسوي العراقي، وقالت: نحن في منتدى نازك الملائكة آلينا على انفسنا منذ التأسيس ان نهتم بالمنجز الابداعي النسوي العراقي لاسباب معروفة، ولكن ليس بقصد التجنيس والفصل وانما لان المبدعة العراقية عانت ما عانته في ظروف معينة فهي بحاجة الى اهتمام خاص والى تسليط الضوء على منجزها.

واضافت: نحن تأخرنا فعلا بالاحتفاء بالكاتبة الكبيرة والقامة العملاقة والنخلة العراقية السامقة، والامر لم يكن بيدنا 100 % وانما كنا نتوقع حضور السسدة الدليمي وتأجلت الجلسة اكثر من مرة لكننا على تواصل معها عبر الفيس بوك والايميل وهي سعيدة جدا وعلى علم بهذه الجلسة، وبعثت بتحياتها للجميع.

اما الناقد شجاع العاني فقال: انا اشعر بالسرور والفخر لاننا نحتفي بقامة عراقية عالية جدا هي القاصة والروائية الكبيرة والمترجمة لطفية الدليمي، وشكرا لمنتدى نازك الملائكة الذي اقام هذه الاحتفائية والاحتفالية ايضا، وقد تحدثت عن روايتها الاخيرة (سيدات زحل) وهي رواية كبيرة بكل معنى الكبار ومتميزة وتفوقت على كل الروايات التي سبقتها وناقشت موضوع الحرب على العراق، وهي رواية كتبت بحيادية وموضوعية وبشمولية ايضا ولم تنس او تغظ الطرف عن جزء من معالم الصورة التي حدثت او التي كانت تشكل عموم الصورة في العراق بعد عام 2003، والرواية متميزة في بنائها وموضوعاتها وشخصياتها وفي كل شيء فيها، ويمكن القول انها الرواية التي تفوقت على رواية (الرجع البعيد) للتكرلي، وربما هي الان الرواية العراقية الافضل على الاطلاق.

واضاف: شيء عظيم ان تكون للشعوب ذاكرة وتحتفل بمثقفيها ومبدعيها خاصة وهي خارج العراق ونحتفي بها، فهذا شيء كبير، وهذا الشيء يؤكد قيما وتقاليد ثقافية ينبغي ان نسعى الى تركيزها في مجتمعنا هذا وفي ثقافتنا، ان تكون عندنا ذاكرة ويكون عندنا تاريخ للثقافة العراقية نحترمه جميعا ونعتز به جميعا سواء غاب او حضر المثقف المعني او المبدع، وتبقى لطفية ان غابت وان حضرت عراقية وقامة عراقية مديدة ينبغي ان نفخر بها الان وفي المستقبل مثلما يحصل مع السياب والبياتي حيث كان الناس في يوم ما يحتفلون فيهما، وحصل ان احتفلنا بالسياب في الكلية وكانت المعارضة العراقية في الخارج تحتفل بالسياب ايضا في الوقت نفسه، اي ان الجميع يحتفلون بالسياب، وهذا هو الصحيح، هذه هي التقاليد الصحيحة، وينبغي ان نكون نحن فوق الصراع السياسي والمذهبي وهذا كله سخف زائل والباقي هو الابداع والفكر الجميل والعظيم والوعي هو الباقي، وهذه مسائل لا يمكن لها ان تمكث كثيرا في التاريخ.

وقال الناقد علوان السلمان: لطفية الدليمي عالم ريادي، عالم ابداعي في مجال السرد، اذ انها كتبت القصة القصيرة وكتبت الرواية، لها مجاميع قصصية ولها اربع روايات، اخرها (سيدات زحل)، قد يكون الاحتفاء متأخرا نوعا ما، بل انه متأخر وانا اقول هذا بصراحة وبشكل مباشر ومسؤول، الاحتفاء بلطفية الدليمي يجب ان يكون منذ البدايات وليست في هذه الفترات المتأخرة.

واضاف: لطفية الدليمي في روايتها (سيدات زحل) استطاعت ان تحقق وتوثق لنا الاحداث التي مر بها العراق تاريخيا بشكل فني ابتداء من احتلال هولاكو لبغداد وانتهاء بالاحتلال الاميركي الحديث، الدمار الذي اصاب هذا البلد المعطاء الرائع، فهو يبني بجهاده ونضاله ومن ثم يأتي احتلال مدمر فيتخذ من هذا البلد بؤرة استقراره، لماذا لا نعرف، ومع هذا توثق لنا لطفية الدليمي في روايتها بعد ان تأخذ صراعات المرأة لولبا محركا عبر رمزها (حياة البابلية).

اما الاكاديمية الناقدة الدكتورة نادية هناوي فقالت: نحاول ان نؤكد ان هذا المنجز الروائي للطفية الدليمي منجز ثر لايمكن ان يعطيه النقد حقه وهو قابل لقراءات كثيرة، هذه المرأة تؤصل لمشروع نسائي كبير، وانها قاصة تمثل المشروع النسائي في مجال كتابة القصة، وركزت على جوانب من استخدام المرأة داخل النص كساردة ومسرودة معا، يعني هي بؤرة اساسية داخل السرد، واكدت ان هناك قضيتين اساسيتين في سردها هما التضادية والشعرية.
واضافت: الكثير من النقاد لم يقم بنقد دقيق وعميق على تجربة الدليمي الروائية، وهذا ما يدل على تحيز النقد الذكوري للإبداع الرجالي لذلك احتفاؤنا بها دليل على قوة ومتانة الإبداع النسوي، فهو يستحق النظر والاهتمام رغم عدم اعتراف كثيرين من المثقفين بوجود أدب نسوي، ولكن اقول: إن النظرية النسوية نظرية قائمة بحد ذاتها تؤصل للسرد النسوي وتضع له آليات وأسس وتقنيات وبالتالي لا نستطيع أن نتجاهل هذا الأمر أو نقلل منه شئنا أم أبينا.

وختمت حديثها بالقول: هذا استذكار للابداع النسائي وساحتنا الثقافية تفتقر للاهتمام بالادب النسائي واعتقد ان هذه المحاولة هي لردم هذا التهميش.

وقال القاص والروائي شوقي كريم: السيدة لطفية الدليمي هذه الكاتبة الكبيرة، القامة التي استطاعت ان تخرّج من خلال ما كتبت من قصص وروايات اجيالا مهمة وكبيرة في عالم القصة العراقية تميزت بجهد كبير اولا من خلال احتواء جيل الشباب الذي كان انذاك في مرحلة السبعينيات حيث كانت محررة في مجلة (الطليعة الادبية) احتوتنا جميعا وقدمت لنا ما قدمت من ارشادات ونصائح، والامر الثاني انها استطاعت ان تبتعد عن الجيل الذي ولدت فيه وهو جيل الستينيات الذي كان يؤمن بالوجودية ويقدم بطلا وجوديا، استطاعت ان تذهب الى التراث كما في مجموعتها الاولى (البشارة) استطاعت ان تأخذ التصوف وفكر التصوف والحلاج وتقدمهم كشخوص حية في المجتمع، لهذا اجد ان لطفية الدليمي التصقت بالواقع التصاقا غريبا، هي تتفحص الواقع دائما، وترى الواقع دائما بعينين تختلفان تماما عن عيون كتاب القصة العراقية والعربية، هذا التميز هو الذي وضعها الان في مقدمة الكتاب العراقيين، وانا اعترض على المسميات من ان هناك ادبا نسويا وادبا ذكوريا، فالادب واحد والمفكر واحد والكاتب واحد ولايمكن ان تكون للمرأة اتجاهات هي غير اتجاهات الرجل، لهذا نجحت لطفية بهدم مثل هذه الاسوار، فهي كاتبة بعقل كبيرة ومفكرة كبيرة، وتحيتي لاستاذتي لطفية الدليمي التي تعلمت منها الكثير، اقبل يديها واتمنى ان تكون بين ظهرانينا في بغداد.

وقال الناقد والكاتب الدكتور سعد مطر: هذا الاحتفاء بالكاتبة المبدعة لطفية الدليمي استذكار للابداع العراقي وخصوصا في هذه المرحلة، والكاتبة الدليمي من خلال انتاجها الغزير قد ترجمت في ابداعها الواقع العراقي بمتناقضاته باشكالياته بازماته واستطاعت ان تجسد هذه المعاناة بصورة سردية مميزة اذ ان معظم شخصياتها من النساء وكانت الايروسية تهيمن على الخط السردي، اقصد الايروسية اليونغية وليس الايروسية الفرويدية، علىاعتبار ان ايروسية يونغ تؤكد الترابط من ان الانثى تسعى الى الارتباط والتوحد الاجتماعي بينما الايروسية الفرويدية تسعى الى الاشباع والشبقية.
واضاف: انا اؤكد ان المبدع العراقي سواء كان من الذكور او الاناث ينبغي ان يكون واعيا للتجربة الثقافية والحياتية الاجتماعية، لا ينساق مع الايدلوجيات ولا ينزاح هنا او هناك، ينبغي ان يكون فوق التناقضات فوق الازمات، وان يكون حاضرا بوعيه وان يجسد هذا الوعي وان يكون موضوعيا في طرحه للافكار وفي ترجمته لارائه ورؤيته للحياة وذلك من خلال ابداعه القصصي او الروائي، والكاتبة لطفية الدليمي من الكاتبات الجيدات وقد اثبتت حضورها في النص القصصي وفي النص الروائي وكانت مبدعة جيدة اسهمت في الارتقاء بالثقافة العراقية.