(عبور)
أولَ الفجر، قبل إطفاء النور والإخلاد للنوم، تقوم وتلقي بالأعقاب في المرحاض. ليس حرصاً على الصحة. بل لأنّ العبور إلى تلك الضفة، لا يروقك الآن.

(قنفذ)
برشلونة الصغيرة قارّة على من قدِمَ من بلد بحجم قنفذ. حذار نسيانك.

(دهشة)
خمسة أشهر، لم تنقطع الكهرباء. خمسة أشهر، وما زالت دهشتك تتجدّد من هذا الحال quot;الغريبquot;.

(ترويض)
يُحتاج لترويض الغربة، إلى أصدقاء وإلى علاقات. أنت روّضتها بالحديث العالي مع الجدار وإلهك القديم والباب المغلق وطيف أمك والشبّاك ذي اللوح المشقوق.

(إلى الداخل)
بعدما غادرتَ البلد التي لها حجم قنفذ، صرت تستيقظ في أعمّ الليالي، فتجد أشواكك موجّهة إلى الداخل.

(كوكتيل)
في مايوركا، تذوّقتَ لأول مرة طعم كلمة quot;جزيرةquot;. إنه يشبه من قريب مذاق كوكتيل الفواكه المدارية حين تُخلط بمنكّهات الغيب وأزرقِ المجهول.

(سهم)
تعرفهم هنا من مشيتهم، قبل ملامحهم ولباسِهم. الكتلاني أو الأوربي لا يمشي بهون ويداه في البنطلون. ما غير مشية السهم، هي بالتأكيد لعربي.
(سوريال)
أيام الطفولة كانت الشهية في رَيعانها، ولم يكن طعام. الآن الثلاجة ملآنة ولا يوجد شهية. تُرى لمن تتوجّه بالسؤال عن هذا الحال السوريال.

(جذور)
هربتَ منهم كمن يهرب من جرب. وحين وصلتَ إلى كارّير ريك، صرت تحنّ إلى ضادِهم وتنصت إليها في الزحمة. أنت الذي حداثتك أوهمتك بتجاوز الجذور.

(موسيقى)
تجفّ كتابتك إذا لم تسمع موسيقى. الموسيقى هي الوحيدة القادرة على منحك جناحَي الخيال. الوحيدة، فضلاً عن ذلك، التي تسرق منها وتسامح.

(برشلونة)
آه كم يحنّ إليكِ وهو فيكِ! هل هذا وهم؟ خيال شعراء؟ خداع للذات؟ لا. هو يعرف نفسه. ما إن تتكوّن له ذكريات مع المكان، حتى يصبح عزيزاً عليه. فما البال وquot;المدن الناسquot;؟ ما البال والمدينة التي يتكلّم عنها هي البشر قبل الحجر. بل البشر والحجر والشجر والطير والبحر والمناخ اجتمعوا في أحسن صورة؟

(نرجس)
لكل شيء عمره الطبيعي: البناء، المجلة. اللذة. الألم .. حتى الآلهة. وحده نرجسُ الطغاة مَن يغويهم بال quot;أبدquot;.

(حال)
أن تبدأ يومك، ولا تعرف كيف سينتهي. هذا هو حال رجل البورصة، وفتى المظاهرة، وطالب السلطة، وكاتب الأدب، ومريض السكّر أيضاً.

(كمبرادور)
لقمتك تكفيك، ولحافك على قدّ رجليك. وحين تطمع بتكبير اللقمة وتوسيع اللحاف، ستقبل بالعمل ككمبرادور ثقافي.

(أصل)
بعد عمر طويل، تعود الّلذة عند الشعراء، إلى أصلها الأكاديمي: نشاط في الهرمونات.

(سماع)
سماع صوت الصمت، هو الشىء الوحيد الذي تمنيته مذ ولدت ولم تحققه. سلمان مصالحة حققه عنك مؤخراً، في قرية قاصية بالنرويج.

(مبرّر)
تموت الظلال تحت اللمبة. مبرّر كي لا تكتب.

(انطباع)
أهدأ أيام برشلونة قاطبة هو واحد يناير. تنظر من الشباك، فتراها كأنها في منع تجول. لا أحد! كأنّ المدينة وقعت تحت قبضة شارون. هكذا يعود انطباعٌ قديم ليفسد عامك الجديد.

(أوزان)
لتمضية بقية الليل، تحتار أيهما تختار: كيلو الرامبوتان الذي أحضرته في زيارتها، أم غِرام الميتافيزيك الذي تركته بعد ذهابها؟

(غبار)
الآن، وقد تراكم على صندلك أوّلُ الغبار، يبرقُ اكتشاف: quot;إقامة تطول: وهمٌ يطولquot;. لكن ما جدوى برق في الخريف؟

(عجز)
بصيفك المخبوء في قوقعةٍ بعيدة .. ولا تُكمل. فاللغة أوفى من خيانة حرّ هذا الزقاق: غُلْب ورطوبة هذه الحواري: عطن وشجن هذا العالم.

(دخول)
منذ أن مُنحتَ هذا الجسد [quot;آلة العيشquot;، بلغة المتنبّي. quot;وعاء الروحquot;، بلغة الحكماء. quot;البُودِيquot; بلغة ماريانا الهبلة. quot;الجهازquot;، بلغة شباب عصرك] وأنت كلما تهمّ بدخوله، تنسى كلمة المرور.

(رجفة)
لا ندم ولا ثناء. فقط رجفة الشجن، آنَ تغلق باب المرة الأخيرة، وتمضي.