تعتبر دفاتر ليوناردو دافنشي السجل الحي لعقل جامع. فهي تضم كل اهتمامات هذا العالم الفنان وتجاربه من الرياضيات الى الآلات الطائرة. وأنجزت المكتبة البريطانية مؤخرا رقمنة هذه المخطوطات بما يتيح للجمهور ان يرى هذه الوثيقة الثمينة ويستمتع بها على شاشة الكومبيوتر، في المنزل أو المقهى، في الحديقة العامة أو أي مكان آخر.
وكان دافنشي محبا للتكنولوجيا بلغ به الخيال الى حد تصميم بدلة غوص في احد الرسوم التي تحويها دفاتره. ولكنه كان ينظر الى الطباعة بعين الريبة. فان المطبعة المتحركة اختُرعت في المانيا في القرن الخامس عشر وكانت لدى دافنشي عدة كتب مطبوعة ولكنه لم يحاول ذات يوم ان يطبع دفاتره في كتاب.
وظلت كتابات دافنشي ورسومه محفوظة في دفاتر تركها لتلميذه الوفي فرانسيسكو ميلزي. وكانت بعض هذه الكتابات في دفاتر مجلدة احدها بحجم راحة اليد معروض في متحف فكتوريا والبرت في لندن في حين بقي البعض الآخر صفحات أكبر، كانت تُجلد ويُعاد تجليدها بعد وفاة دافنشي. وبمرور الوقت أخذت هذه الدفاتر والالبومات تُباع الى مقتنين من الأمراء والأثرياء وطافت العالم رغم بقاء غالبيتها في اوروبا. ولعل الدفاتر الموجودة في المكتبة البريطانية جزء من مخطوطاته التي بيعت الى مقتنين ونقلها الى بريطانيا في القرن السابع عشر النبيل الانكليزي ايرل ارونديل صديق الملك تشارلس الأول.
وتغطي الدفاتر التي جاء بها ارونديل الى بريطانيا والمتوفرة الآن على الانترنت سنوات عديدة من حياة دافنشي وسعة عقله المذهلة وهو ينتقل من مسائل الميكانيك الى قوائم التسوق. ويلاحظ الناقد الفني لصحيفة الغارديان جونثان جونز ان هذه الدفاتر هي في الواقع ملاحظات سجلها دافنشي لأغراض العمل وليست مخطوطة أُعدت للنشر ولم يتردد دافنشي في اضافة تذكير شخصي أو ملاحظة عملية على هامش دراسة في الرياضيات.
وتتيح دفاتر دافنشي دراسة عقله مما تحويه من افكار وتخطيطات. وتشكل المجموعة التي انجزت المكتبة البريطانية رقمنتها خطوة واحدة في عملية بدأت في القرن التاسع عشر عندما قام جي. بي. ريختر بتوصيف وترجمة مختارات واسعة مما سماه quot;العمل الأدبي لليوناردو دافنشيquot;. ونُشر منذ ذلك الحين العديد من النسخ المصورة والمترجمة لهذه المخطوطات.