&رحل الشاعر والصحافي العراقي رياض قاسم بعد معاناة مع مرض السكري ومرض ضغط الدم اللذين انهكاه ، فاسلم الروح عصر يوم الخميس ٣ أيلول / سبتمبر ٢٠١٥ في مستشفى اليرموك ببغداد .

&&& مات رياض قاسم ، الشاعر والصحافي والكاتب الستيني الجميل عن عمر نحو 75 عاما ،مات مريضا بعد ان عاش مريضا لسنوات بصمت رهيب وقد ارهقه المرض واتعبته الحياة التي كان لا يرى منها سوى بناته اللواتي تحمل رعايته لسنوات طويلة بعد وفاة زوجته ،مات.. لكون الخبر صادما لاسيما ان اخباره انقطعت منذ ان خرج من الحبس الذي زج فيها ظلما عام 2010، مات..ليخيم الحزن الكثيف الذي يستحقه ولتنهمر كلمات النعي من زملائه والذي عرفوه وعاصروه موجعة ومؤلمة مفعمة بالذكر الطيب لاسيما انه شخصية مميزة او استثنائية وله مع الجميع علاقات طيبة فضلا عن كونه يمتلك اريحية قلما تكون عند البعض ووداعة وعفوية تقرب الكثيرين منه وتجعلهم يتوددون اليه لانه لا يتكلف الكلام ولا التحية ويضحك في كل الاتجاهات ويناقش حتى وهو ماش بانعطافته المميزة التي يوزع فيها ابتساماته التي تجد صداها طيبا عند الاخر .
&ورياض ..مبدع يشار اليه بالبنان لكن زملاؤه يعرفون ان عاش حياته شاعرا وصحفيا مميزا اشتغل في العديد من الصحف لاسيما جريدة (الجمهورية) لكنه كان مقلا في كتابة الشعر ، فهنا يقول زميله الكاتب سهيل سامي نادر (منذ أن عرفت رياض قاسم في عام 1956 لم نتحدث في السياسة الا قليلا جدا. لقد امتلكنا هاجس اننا في سباق كئيب خاص بالتعبير : خير الكلام ما قل ودلّ) ، ويشير الى ان (في عام 1961 او العام الذي تلاه اعتقل رياض قاسم في موقف خلف السدة بتهمة خروجه بمظاهرة ضد سياسة عبد الكريم قاسم)، فيما يوضح زميله الكاتب الراحل احمد مهنا ما تعرض له رياض عام 2010 ، حيث اعتقل وحبس : عام 2004 شغل رياض موقع مدير مفوض للشركة الوطنية للتوزيع والاعلان. في منتصف العام نفسه حل شخص آخر في موقعه. هذا الأخير قتل منتصف عام 2005 . زوجة القتيل رفعت دعوى قبل سنة ضد رياض ومعاون له ايام ادارته لشركة التوزيع والاعلان تتهمهما بقتل زوجها. استدعي المتهمان. معاون رياض سلم نفسه وجرى التحقيق معه فظهرت براءته وافرج عنه في نفس اليوم. رياض جاءته 3 استدعاءات ولم يستجب. لماذا لم يفعل؟الخوف بالتأكيد. وربما الاهمال. رياض يراوغ الواقع ويفلت من التحديق فيه. فكيف بهذا الواقع اذا كان عبارة عن شرطة؟والنتيجة هي انه امضى 22 يوما في توقيف متشدد منع خلالها محاميه واصدقاؤه من زيارته. وقد اثبتت التحقيقات انه كان في بيروت خلال وقوع حادث القتل الذي اتهم به. كان كما قلت مديرا لمكتب "الاسبوعية". ما الداعي لاستمرار توقيفه اذن والرجل مريض بالسكر والضغط وداء الملوك؟الخبر السيئ هو ان صحة رياض قاسم متدهورة.
هنا باقة من كلمات عنه :
ناطق خلوصي : رياض .. هل رافقتك ضحكتك وأنت تستسلم للموت ؟

ابراهيم الخياط : وداعا أبا أزل ..ولا ينبيك عن خلق الليالي..كمن فقد الأحبة والصحابا..

&محمود موسى : خسارة كبيرة .. كان رجلا في غاية النبل وهو الذي ساعد الفنان ( قحطان العطار ) على الهروب من العراق عام 1982 عندما نشر خبراً مفبركاً حول تلقي قحطان دعوة فنية من الكويت لأحياء عدداً من الحفلات هناك وقد نشر الخبر على الصفحة الاخيرة من جريدة الجمهورية ماساعد قحطان على السفر للكويت رغم طلب مواليده للخدمة العسكرية .

نرمين المفتي : هامة صحفية اخرى ترحل..سلاما رياض قاسم وانت تغير دنياك وتبدأ رحلتك الابدية، كان بمقدور رياض قاسم، المعروف عربيا كناقد ممتاز و بسبب صداقاته مع العديد من اهم الكتاب و النقاد العرب، ان يغادر العراق و يعيش مترفا او في الأقل آمنا. وغادر العراق فعلا، لكنه عاد مسرعا ليستمر قلما مع العراق ومن داخله. لم ينحاز في قلمه سوى الى العراق والعراقي الحقيقي الذي يحتاج ان يجد وسيلة لاسماع صوته.
&واضافت: على مدى السنوات التي عرفت فيها رياض، ايقنت بأنه لا يستطيع ان يلحق الأذى او الضرر بأي كائن كان، و ما أزال اذكر ذلك الببغاء الذي عثر عليه في ليلة رأس سنة بعد ان غادر الاحتفال في مبنى اتحاد الادباء و الكتاب. كان يتحدث عن ذلك الببغاء الذي قرر معالجته و تبنيه بحب كبير بالرغم من تكاليف تربية ببغاء في زمن الحصار.

سلوى زكو : كان ذلك الساخر الكبير يخفي خلف ضحكاته المجلجلة لوعة جيل من المثقفين تاه في درابين العراق.رياض قاسم يطلق اليوم ضحكته الاخيرة في وجهنا.
باسل الخطيب : آه يا رياض قاسم، كم كنت جباراً بطيبة قلبك وروحك المرحة وضحكتك المجلجلة.. سلاماً عليك وعلى طيبتك العراقية الصميمة التي جعلتك تسكن قلوب من عملوا معك أو عرفوك.. لك الرحمة والمغفرة، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

برهان المفتي : أذكره. وماً وهو ببلوزته الحمراء واقفاً أمام المقهى القريب من جريدة الجمهورية بعد إنتهاء وجبة فلافل، واقفاً مع رافد وعبدالحميد وآخرين. كنتُ آراه صحيفة ، بكل ما في الصحيفة من أخبار، كنت أمشي بقربهم ولا أسمع إلا ضحكات لصاحب البلوزة الحمراء. وداعاً لرمز من الجمهورية العزيزة.

علي حسين: قلت لي الخميس الماضي وانت تضحك بصوت عال كعادتك :" ستموت من قهر المالكي " ابتسمت وانا اخبرك اني ساموت كمدا على العراق ، كنت تتساءل هل سيكون لموتنا معنى وسط بحار الموت التي تحيط بِنَا ، وكنت أعرف أنك زهدت الحياة وأنك ستختار النهاية التي تتسق مع شخصيتك .. لا تحاول أن تقنعني بأنك لم تخطط لمثل هذه الميتة .. أتذكر حين مازحتك ذات يوم وقلت لك لماذا لا تسافر الا تخاف ان تموت وحيدا؟ ، كان ردك ساخرا حين قلت: " لتخاف فلوس الكفن والدفان موجودات " كدت أسألك ليطمئن قلبى ، لكنك كنت تعاجلنى بسؤال يعيد الي ابو ازل الساخر من كل شيء : "وهل يموت رياض قاسم "؟، كنت تعرف أن ضحكتك ستبقى، وكلماتك الساخرة لن تنسى ، خرجت من مهنة المتاعب باختيارك، متدثرا بموهبتك الفذة ، وباصدقاء وكتب وحكايات ستظل شاهدا على ان رياض قاسم مر من هنا .شقيقي الأحب" ابو ازل " ساتذكرك بسطور عمرها من عمر أخوتنا التي ابتدأت قبل اكثر من ٣٥ عاما ولن أنساك لأَنِّي سأظل الأحوج الى الذكرى " عشت عفيف القلب ورحلت عفيف الضمير "

حاتم حسن : رياض قاسم صديقي... وبه يجد الصديق نفسه وطمأنينته وجدوى حياته معه وهو الحزين الضاحك من حزنه،انه من تلك النخبة بعلامتها العراقية الفارقة، ممن أنتجوا ثقافتهم سلوكا وتصرفا ومعاملات لا إنتاجات ثقافية وإبداعية.. وان كان أبدع شعرا ورواية وأعمالا صحفية... وان سلوكه قد وفر له وفاء كبار النفوس.. ولولا تحسسه لرسمنا شخصيته الثرية من وفاء ناسه...
واضاف: ساخر... مسالم عن شجاعة.. ويحتفظ بعبثيته لنفسه ولكن النخبة تعرف ان مزاحه وتهكمه اللطيف وسخريته الذكية انما لاحساسه بعدم الجدوى من امور كثيرة تشغل الكثيرين غيره... كالسلطة مثلا والموقع الوظيفي... وحتى المال ما دام مكتفيا.. ليقينه انه لهو ووهم وان الموت يختم كل عناصر الحياة... فالختام خيبة حتى للذة الجنسية... وان الرحيل مصير... رحيل الاصدقاء ورحيل الشباب ورحيل الامجاد.. ورحيل الحياة.. ولا طريق ولا خلاص الا بالضحك وبمحبة بناته اولا واصدقائه وكل الناس والتغاضي عن السيئ منهم... وتجاهله... ومجيء ذكر رياض يثير ابتسامة محبيه ومن يعرفونه... فهو طعم ومعنى العائلة الثقافية وقبلة المبدعين... والنموذج المتطابق مع نفسه ويعيش قناعاته.. وان تطلعه الى عناصر ومقومات الحياة وما يشغل غيره ليس بالدرجة الكافية ليوظف صداقاته وعلاقاته بالمسؤولين لكي يحققها... إلا انه وبذات الوقت حافظ على كبريائه وكفايته في العيش وقراءاته الراقية...
وتابع: يقال ان البير كاموا لم يكن تمام الانسجام مع فلسفته الا عندما صدم شجرة بسيارته ومات في فعل عبثي... ومقدر لرياض قاسم ككثيرين من نخبته ان يمد المكتبة العربية بثروة ادبية لولا ايمانه بضرب من العبث ليتركز الجدوى عنده بمحبة الناس والتماهي مع حياتهم...
&