&

ترجمة حسونة المصباحي

-1
إلى شاعر عجوز
أنت تسير ببطء ومشقة في ريف قشتالة(1(
وبالكاد أنت ترى. بيت شعريّ مُعَقّد
لسان جان يشدّ كلّ إنتباهك
وأبدا أنت لم تلاحظ الألوان الذهبيّة

للغروب. النور الغامض يهذي
ويتمطّط، أمام التخوم المُلتَبَسَة للشرق.
وهذا القمر الأحمر الضاحك، للون الأرجواني
الذي يمكن أن يكون مرآة الغضب.

أنت ترفع بصرك وتنظر إليه. ثمة
ذكرى مجيدة لشيء كان لك.
يشرع في الولادة ثم ينطفئ.أنت تحني رأسك

وقد شحبت ملامحك، ثم حزينا تواصل سيرك،
من دون أن تتذكر ذاك البيت الذي كنت كتبته:
وشاهدة قبره، القمر مضرّجا بالدم.


-2
الحمراء(2(
ناعم خرير المياه
للذي أثقلته الرمال السوداء.
ناعم للمسة اليد المُقَعّرَة
المرمر الدائريّ للأعمدة.
ناعمات المتاهات الدقيقة للمياه بين أشجار الليمون،
وناعمة موسيقى الزجل،
ناعم الحب وناعمة الصلاة
موجّهَة لله وحده لا شريك له،
ناعم الياسمين.
من دون فائدة الخنجر البربري
أمام السيوف الطويلة للحشود.
من دون فائدة أن تكون الأفضل.
ناعم أن تحس أو أن تستشعر، أيها الملك المُنْتَحب (3(
أنّ ملذّاتك وداعات ،
وأن المفتاح سيفتكّ منك ،
وأن صليبب الكافر سيمحو الهلال(4(
وأن ذاك هو مساؤك الأخير الذي تراه.

3:أحدهم
بلخ، نياسلبور، الإسكندرية، الإسم ليس مهمّا. بإمكاننا أن نتصور سوقا، وخمّارة، وباحة بمقصورات مستورة، ونهرا كرّرَ وجوه أجيال. ويمكننا أيضا أن نتصور حديقة مغبرّة ،إذ أن الصحراء ليست بعيدة. حلقة تشكّلت، ورجل يتحدث. ليس مطلوبا منّا أن نفكك رموز (كبير هو عدد الممالك والقرون) العمامة، والعينين المتيقظتين، واللون الزيتوني والصوت الخشن الذي يتلفّظُ بالعجائب. وهو لا يرانا أيضا. فنحن كثيرون . هو يروي قصة أول شيخ وقصة الغزالة أو قصة ذاك أوليسيس الذي يسمى بالسندباد البحري.
الرجل يتحدث من دون أن ينقطع عن القيام بحركات. هو لا يعرف( آخرون سيعرفون ذلك) أنه من قوم رواة الليل الذين كان الإسكندر ذو القرنين يجمعهم حوله ليتسلى بهم في سهراته. وهو لا يعلم(وأبدا لن يعلم)أنه وليّ نعمتنا .وهو يعتقد أنه يتحدث إلى البعض ، مقابل بضع دراهم، وفي ماض سحيق هو كان ينسج حكايات "ألف ليلة وليلة".
&
&
هوامش-1: الشاعر الذي يتحدث عنه بورخيس هو فرانسيسكو دو كيفيدو (1580-1645).يدلّ على ذلك البيت الأخير الذي كتبه هذا الشاعر تمجيدا للذكرى" الأبديّة" لدون بيدرو خيرون ، دوق "أوسونا" الذي كان وليّ عهد ملك صقلية، ثم لملك نابولي الذي فقَدَ عرْشَه ومات في السجن عام 162.وكان كيفيدو يكنّ إعجابا كبيرا له لأنه كان مستودع أسراره في قضايا سياسية كثيرة. وقد كتب في ذكراه واحدة من أجمل قصائده بحسب بورخيس الذي ظل على مدى مسيرته الأدبية المديدة يظهر تقديرا كبيرا له ،مردّدا دائما بيتيه التاليين :
قبره كان حملات ّالفلاندر"
وشاهدة قبره القمر مثضرّجا بالدم
وريف قشتالة هو الذي أقام فيه كيفيدو حتى وفاته في 8 سبتمبر 1645.
2: يقصد قصر الحمراء بغرناطة
3: يقصد أبو عبديل ،آخر ملوك عرناطة الذي أنهى حياته منفيا في فاس .
4:الهلال هو رمز الإسلام كما في الراية العثمانية .ويحيل هذا البيت إلى بيت كيفيدو المذكور آنفا : شاهدة قبره، القمر مضرجا بالدم.