إيلاف من تونس: اقتنص الفنان الكويتي سليمان البسام بعمله "صَـمْـتْ" MUTE حصة الأسد من جوائز المسابقة الرسمية لمهرجان أيام قرطاج المسرحية بدورتها الرابعة والعشرين، التي أسدل الستار عن فعالياتها مساء أمس الأحد. وقد فاز البسام بجائزة أفضل نص عن عمله "صِـمْـتْ"، كما فازت الفنانة حلا عمران بجائزة أفضل ممثلة عن ذات العمل الذي توِّج بجائزة التانيت الذهبي "الجائزة الكبرى لأفضل عمل متكامل" بواقع ثلاثة من الجوائز الرئيسية الخمسة للمهرجان.

وأعاد البسام إلى الأذهان إنجازه السابق حين اكتسحت مسرحية "آي ميديا" جوائز الدورة الثانية والعشرين قبل عامين، وفازت بثلاثة من الجوائز الرئيسية الخمسة للمهرجان، وهي جائزة أفضل نص للبسام وأفضل سينوغرافيا لإيريك سواييه وجائزة أفضل ممثلة للفنانة حلا عمران.


الفنانة حلا عمران فازت بجائزة أفضل ممثلة

وقال البسام إن "أيام قرطاج المسرحية هو أهم مهرجان وموعد مسرحي في المنطقة على الإطلاق"، وعن علاقته بالمهرجان التي تمتد لأكثر من عقدين قال البسام "مشاركتي هذه هي السادسة في المهرجان الذي شاركت به لأول مرة بعمل "مؤتمر هاملت" خلال الدورة العاشرة عام 2001، ثم غبت عنه عقداً من الزمان لأعود عام 2011 بـ "ودار الفلك" في الدورة الخامسة عشرة، ثم بـ "أور" في الدورة الثامنة عشرة عام 2016، ثم في الدورة الثانية والعشرين عام 2021 عبر "آي ميديا" التي كللها المهرجان بالجوائز وأُعيد تقديمها كضيف شرف على هامش الدورة الثالثة والعشرين للمهرجان العام الماضي".

وعن فوز عمله "صمت" بالجائزة الكبرى كأفضل عمل متكامل "التانيت الذهبي" قال البسام "صِمْتْ كان له الشرف أن يرى النور ويولد خلال هذه الدورة التاريخية" التي تمثل الذكرى الأربعين لتأسيس أيام قرطاج المسرحية. مضيفاً أن أحد مراحل تكوين العمل تم في تونس بالتعاون مع المسرح الوطني التونسي.


من عرض "صمت"

وبسؤاله عن تمثيل عمله لدولة الكويت في الوقت الذي تضم فرقته فنانين من دول عديدة أجاب البسام: " شرف كبير لي أن أمثل حركة المسرح الكويتي الذي لطالما كان رائداً عربياً، وفي هذا السياق لا يفوتني أيضاً التوجه بالتهاني للزميل الفنان داوود حسين الذي تم تكريمه الليلة من قبل المهرجان". مضيفاً أن "المهرجانات العربية تصنف الأعمال كممثلة للدول وتوجه الدعوات لها على هذا الأساس بحسب جنسية مخرج العمل أو الفرقة المسرحية التي تقدمه، وفرقة سبب فرقة كويتية دولية، مقرها في الكويت وتضم عناصر من الكويت ولبنان ومصر وتونس والأردن وسوريا والعراق وسريلانكا وفرنسا ودول أوربية أخرى عديدة، و مسرح سبب مسرح كويتي منفتح على العالم يعمل بطواقم كويتية وعربية ودولية ويقدم أعماله كويتياً وخليجياً وعربياً ودولياً".

تساؤلات موجهة للذات
وعن فوزه بجائزة أفضل نص وهو المؤلف والمخرج أجاب البسام " علاقتي بالكتابة هي علاقة ولادة الرغبة في العمل المسرحي، وأرى أن المحرك الأساسي في العمل المسرحي هو الكتابة"، مشدداً أن " هذا النص ولد كتساؤلات موجهة للذات حول ماهية وجدوى مشروع المسرح السياسي الملتزم بمواجهة كل هذا التدمير المدروس للأدوات والتفكيك الممنهج للمعاني والهجوم على اللغة كأداة لوصف الواقع الذي نعيش". مضيفاً " مهمتي كمسرحي ملتزم أن أحاول ان أجد صيغة لتناول حدث كانفجار مرفأ بيروت أو مذبحة غزة، والسؤال كيف يمكن أن تستجيب او تضع صيغة للتفكير دون أن تقلل من الحدث أو تستخف بالجمهور وعقله وأن تفتح له فضاء بإمكانه ان يتغذى منه".


من عرض صمت

وعن "صمت" يقول البسام أنه "حلقة في مشروع بحثي يتناول التوليفات العربية العربية لبناء لغة مسرحية معاصرة متجددة، كما يمثل استعارة لشخصية المفكر والفنان والإنسان الذي يختار الصمت المطلق كشكل مطلق للتعبير". وعن اختياره انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020 كخلفية للعمل يرى البسام " العمل يتناول التداعيات الكارثية لأضخم انفجار غير نووي في التاريخ وكل نواتج تهميش الإنسان والمجتمع والبيئة"، معتبراً في كلمة المخرج الموزعة على الجمهور: أن العمل " يمثل مرحلة جديدة لمشروع بحثي في التكثيف على صعيد اللغة والاقتصاد بالأدوات المسرحية التي تؤدي إلى تركيز البعد الشعري في مكونات العرض المسرحي"، ويضيف البسام أنه " بمواجهة العنف المتصاعد والتضليل الإعلامي الغير مسبوق، نسأل أنفسنا عن الأشكال المحتملة للمقاومة الفنية، وما هو تعريف فعل المقاومة الفنية اليوم؟ وإن تخلينا عن أدواتنا التقليدية المعهودة (الحدث، السرد، الشخصيات) وتخيلنا –تحديداً- الفعل المبني على الصمت المطلق كأداة للمقاومة - ماذا سنكتشف؟".

مشاريع عديدة
وعن فوز الفنانة السورية الفرنسية حلا عمران بجائزة أفضل ممثلة عن مسرحيته "صَـمْـتْ" قال البسام " الزميلة حلا عمران فنانة قديرة ومتمكنة وقد تعاوننا معاً على مشاريع عديدة منذ أكثر من عشر سنوات، وتتويجها كأفضل ممثلة متوقع ومُستحق فقد سبق وتم تتويجها كأفضل ممثلة عن دورها في مسرحية "آي ميدا" في الدورة الثانية والعشرين لأيام قرطاج المسرحية عام 2020 وفي الدورة الثامنة والعشرين مهرجان المسرح التجريبي بالقاهرة عام 2021".


جائزة التانيت الذهبي الجائزة الكبرى لأفضل عمل متكامل بالمهرجان

وعن علاقته بالمسرح التونسي خاصةً وأنه أصبح لديه جمهور مُعتبر في تونس قال البسام أن " التعاون مع المسرح الوطني التونسي تعاون عزيز علي ومثمر وجميل وأتمنى أن ينمو، بدأ منذ بضعة سنوات بلقائي بصديقي وأستاذي الفاضل الجعايبي واستمر مؤخراً مع استلام الأستاذ الدكتور معز مرابط لمهامه كمدير للمسرح الوطني ومديراً لمهرجان أيام قرطاج المسرحية" مضيفاً أن " هذه علاقات جميلة جداً ورائعة ويمكن أن تفتح آفاق جديدة لمؤسساتنا المختلفة وربما في مرحلة أخرى على صعيد التعاون الدولي".

وعن العروض القادمة لـ"صِـمْـتْ" قال البسام أنه "سيقدم في الدورة المقبلة لمهرجان المسرح العربي الذي تقيمه الهيئة العربية للمسرح في بغداد خلال يناير القادم، كما أن هناك مقترحاً لتقديم العمل إلى جانب "آي ميديا" في الكويت خلال شهر فبراير القادم، وكذلك في بيروت، وربما في القاهرة".

مراحل العمل
يذكر أن البسام أقام البروفات التأسيسية للعمل في الكويت خلال شهر نوفمبر الفائت، وقدم في ختامها عرض خاص الخميس الماضي في مركز اليرموك الثقافي بدار الآثار الإسلامية، قبل أن يلتحق وفريقه بتونس لتقديم العمل ضمن فعاليات المسابقة الرسمية لمهرجان قرطاج المسرحية.

وكانت مراحل تقديم العمل بمراحل مختلفة فقد أقيمت الورشة الأولى للعمل في سويسرا خلال شهر أكتوبر 2022، تبعها ورشة نص في تونس العاصمة بالتعاون مع المسرح الوطني التونسي خلال شهر مارس 2023 على هامش مهرجان «تونس مسارح العالم»، ثم تم تقديم بروفة مفتوحة Work on Progress للعمل يوم 22 يوليو 2023 على خشبة مسرح فيلترينيلي Fondazione Giangiacomo Feltrinelli بمدينة ميلانو الإيطالية، وذلك ضمن مهرجان الصيف للمسرح والرقص "مرحباً بكم في سقطرى" بنسخته الرابعة، والذي تنظمه مؤسسة فيلترينيللي Feltrinelli سنوياً.


من عرض "صمت"

فريق العمل
يتم تقديم "صمت" باللغة العربية مع ترجمة فورية للإنجليزية أو الفرنسية، ومدة العرض ساعة واحدة، وهو من إنتاج فرقة مسرح سبب SABAB Theatre، والعمل من تأليف وإخراج سليمان البسام، وأداء حلا عمران، والموسيقى الحية للثنائي التنّين (Two or The Dragon) علي حوت وعبد قبيسي، ويضم فريق العمل أيضاً السينوغراف الفرنسي ذائع الصيت إيريك سواييه، ومهندسة الصوت الفرنسية ماتيلد داهوسي، ومدير الإضاءة سعد سمير، ووفاء الفراحين في الترجمة الفورية وإدارة الفرقة، واستشارة الأزياء: نسج؛ أميرة بهبهاني، وتنسيق الإنتاج محمد جواد، ومدير الإنتاج أسامة الجامعي ، وتقني الإضاءة والخشبة شاميندا كيرالجي والمدير الإداري سيف العريف.

جديرٌ بالذكر ان مهرجان أيام قرطاج المسرحية تأسس عام 1983، وكان ينظم كل سنتين بالتناوب مع أيام قرطاج السينمائية قبل أن يصبح موعداً مسرحياً سنوياً ثابتاً على روزنامة المهرجانات العربية والدولية.