يتوقع أن يحافظ تدفق المساعدة المالية الضخمة من دول الخليج على استقرار الاقتصاد اللبناني وعلى مستوى الليرة أمام الدولار الأميركي. وعلى الرغم من ذلك, يقول الاقتصاديون والمصرفيون والمحللون أن ذلك ليس دعماً مقصوداً من قبل دول الخليج, لكنه يمثل ناتجاً عرضياً للمساعدة الإنسانية وإلى حدٍ معين نتيجة قراراتٍ سياسية. وذلك كما يذكره الكاتب بابو داس أوغستين من صحيفة خليج تايمز الإماراتية.

وذكرت تقارير صحفية مؤخراً أن الدول الغنية بالنفط من دول الخليج كالسعودية والكويت وقطر والإمارات قدمت ما يقارب 2 بليون دولار إلى البنك المركزي اللبناني في جهدٍ لدعم الليرة وصولاً إلى الهدف النهائي وهو حماية استثماراتهم في لبنان.

ومنذ بداية النزاع, أدرك الجميع أن البنك المركزي اللبناني أنفق أكثر من بليون دولار في حماية الليرة كي يمنع هروب رؤوس الأموال والطلب الكبير على الليرة. يقول رئيس خزانة أحد مصارف دبي: quot;إن عزيمة البنك المركزي القوية في الدفاع عن الليرة تظهر بصورةٍ جيدة. عندما تتجاوز احتياطيات العملة الأجنبية الكلية 12 بليون دولار وتصل القروض والمساعدات بالعملة الصعبة يمكن اعتبار البنك المركزي اللبناني في موقفٍ مريح ليحافظ على مستواه كما كان.quot;

يعتقد المحللون أنه على الرغم من الضرر الفادح الذي لحق ببنية لبنان التحتية فإنه لا يُرجح أن يضعف ذلك الاستقرار الاقتصادي للبلاد, ولكن إذا طالت مدة الحرب فسيكون لها نتائج مؤثرة. وحسب قول إيمانويل فولاند المحلل في ستاندرد وبور فإن quot;ستاندرد وبور تعتبر أن القطاع المصرفي اللبناني يتجاوز العاصفة حالياً, وذلك بسبب وضع السيولة القوي والخبرة الطويلة في التعامل مع الأزمات والتعاون الجيد مع بنك لبنان المركزي ولجنة السيطرة المصرفية the Banking Control Commission .quot;

في الأسبوعين الأولين من النزاع اشترى البنك المركزي أكثر من 500 مليون دولار من الجهاز المصرفي ليتجنب الطلب الكبير المفاجئ على الليرة الناتج عن تحويل المودعين أموالهم إلى العملة الصعبة. وعلى الرغم من تصاعد العداوة, فإنه لا توجد أي دلالة على تحويل ضخم إلى العملة الصعبة.

وعلى العكس, فالدلائل توضح أنه قبل الإعلان عن المساعدة والإيداعات السعودية نجح البنك المركزي في وقف الطلب المفاجئ على الليرة. ومن الـ 64 بليون دولار المودعة في البنوك المحلية فقد وصلت التحويلات إلى حسابات البنوك في الخارج منذ بداية الحرب إلى 1.2 بليون دولار فقط.

كُشف مستثمرو الخليج في لبنان ببلوغ بلايين الدولارات في الاستثمارات الخاصة بدولة الإمارات التي تجاوزت 10 بلايين درهم. في حين اقتربت الاستثمارات السعودية والكويتية من 10 بلايين دولار. ومع ذلك, يقول المصرفيون والاقتصاديون في دبي أنهم لا يعتقدون أن المساعدة التي جاءت من دول الخليج تمثل دعماً لمجال الأعمال وإنما جاءت لأهداف سياسية وإنسانية.

وقال أحد المحللين: quot;صحيح أن هناك استثمارات ضخمة من دول الخليج في عقارات وسياحة ومستشفيات وقطاع الخدمات المالية في لبنان, ولكن الأمر يكون افتراضياً إلى حدٍ بعيد أن نظن أن المستثمرين الأجانب سينفقون مبالغ ضخمة للدفاع عن العملة في حين تُقصَف البلاد دون تمييز ولا أحد يعلم إلى أي مدى سيستمر هذا النزاع.quot;

ومن ناحية أخرى, اتفق عدد من المحللين على أن المساعدة وصلت لبنان في الوقت المناسب للمحافظة على استقرار العملة. ففي حين أودعت السعودية بليون دولار كقرض للبنك المركزي في لبنان قدمت أيضاً 500 مليون دولار إضافية من أجل إعادة الإعمار.

وهناك تقرير مؤخراً عن الاستخبارات يدعم ما قيل سابقاً. فالحكومة واحتياجات التمويل الخارجي ورصيد الدين الوطني التي وصلت جميعها إلى 40 بليون دولار, ومنها أكثر من 50% بالعملة الأجنبية, تترك لبنان معرضاً بشكل كبير لصدمات سياسية واقتصادية. إذ أن لدى الحكومة قاعدة تمويل محدودة تعتمد على القطاع المصرفي المحلي من أجل مجموع احتياجاتها المالية. مما يعني ببساطة أن أي قرار سريع لدعم العملة لن يساعد الاقتصاد في حال طال أمد الحرب.

ترجمة: سامية المصري
الرياض
6 أغسطس 2006