هدفه لفت الأنظار إلى دور العمال ومعاناتهم
في عيد العمال لبنانيون يطالبون بحقوقهم
ريما زهار من بيروت: تنظر الي الممرضة سناء بكثير من التعجب عندما اسألها كيف ستمضي عيد العمال في لبنان لتقول لي انها لن تكون اجازة في هذا اليوم وانها ستعمل حتى وقت متأخر لان متطلبات عملها تفرض ذلك.
سناء ام لولدين، وعملها في احدى مستشفيات لبنان كمناوبة في الليل، يجعلها في عمل دؤوب من اجل تأمين لقمة العيش لاطفالها.
quot;عيد العمالquot; يعني تكريم العامل في بلده تقول سناء، quot;نحن لا نطالب اجازة في هذا اليوم بقدر ما نطالب بتحسين وضع العامل اللبناني الذي يعاني من انخفاض الاجر وعدم المعاملة الجيدة في معظم الاحيانquot;.
معين صيدلي في جبل لبنان، هو ايضًا لن يأخذ اجازة في عيد العمال ويطالب بمراقبة للدولة لكافة الصيدليات التي تزيد من نسبة خفض الاسعار وهو امر غير مقبول اذ تصل الحسومات في بعض الصيدليات الى 20% علمًا ان نسبة الربح لدى الصيدلي لا تتجاوز هذه النسبة، الامر الذي قد يجعل الادوية في هكذا صيدليات غير صحية في معظم الاحيان.
عماد يعمل اطفائيًا وهو ايضًا لن يحتفل بعيد العمال ويطالب برفع اجور الاطفائي التي تعرف في لبنان بانها من اقل الاجور المطروحة، كما يتمنى في هذه المناسبة ان يتضامن كل اللبنانيين من اجل حل مشاكلهم العالقة حتى يتمكن معظم اللبنانيين من العيش حياة كريمة في لبنان.
رانية موظفة بنك، وهي لن تعمل في عيد العمال، وتعتبر ان وضع موظف البنك في لبنان افضل من غيره من الوظائف حيث يؤمن له معظم مستويات التأمينيات الموجودة في لبنان غير ان الوصول الى هذه الوظائف تتطلب في الكثير من الاحيان دعمًا من قبل اشخاص نافذين.
سعاد معملة في مدرسة تعتبر ان التعليم رسالة لكنه لا يزال في لبنان يعاني من الكثير من النواقص، مشيرة الى ان وضع المعلمين في المدارس يختلف بين مدرسة واخرى، مشيرة الى ان بعض المدارس في لبنان تلجأ الى صرف تعسفي للموظف القديم من اجل استبداله بموظف جديد يطلب معاشًا اقل.
يحتفل العالم اليوم بعيد العمال غير ان العامل اللبناني لا يزال يلهث في لبنان وراء لقمة عيشه، ولا يسعه سوى القول:quot;عيد باي حال عدت يا عيد، ففي عيد العمال لا عمل، والامر يختصر الواقع المأساوي الذي يعيشه جميع اللبنانيين من كل الطوائف والمراكز الاجتماعية، دون ان ننسى الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تقض مضجع الجميع كذلك الازمة السياسية التي تكاد تطغى على كل شيىء.
تاريخ العمال
تاريخيًا، بنيت الحضارة الإنسانية على يد العمال الذين بذلوا جهودهم الجسدية والفكرية لإعلاء مداميك تلك الحضارة.
ولكن رغم أهمية الدور الذي يلعبونه تعرّض العمال لشتّى انواع القهر والتعذيب والعمل في الظروف القاسية وغير الملائمة، وليس أدلّ على ذلك من نظرة سريعة إلى التاريخ الذي يخبرنا عمّا تعرّض له العمال في أغلب الحضارات القديمة، فكانوا يستعبدون ويستغلون في أعمال قاسية شاقّة دون تأمين مستلزمات راحتهم الحياتية، فكانوا يُجبرون على العمل في المناجم وتعبيد الطرق وبناء القصور والأسوار.. وغيرها.
وقد تنبّه عددٌ من المتابعين في عصر النهضة الصناعية في أوروبا، لما يتعرض له العمال، فرفعوا لواء الدفاع عنهم، وطالبوا بتحسين ظروف العمل، وتأمين متطلبات عيش كريم لهؤلاء العمال، وتمخّض عن تلك التحرّكات والمطالب ظهور عدد من الجمعيات والهيئات والنقابات العمالية.
ففي عام 1869 تأسست في أميركا منظمة quot;فرسان العملquot; كتنظيم نقابي يسعى إلى تحسين الأمور وتخفيض ساعات العمل، ومع تطوّر الحركة النقابية نجحت مجموعة من القيادات النقابية في تكوين هيئة للعمال عام1886، وتبنّت هذه الهيئة الدعوة لاعتبار الأول من أيار/مايو من ذلك العام يومًا للإضراب العام من أجل تخفيض ساعات العمل إلى ثمان في جميع المهن والصناعات، وقد حصلت مصادمات بين العمال والشرطة أدّت إلى سقوط عدد من القتلى، وألقي القبض على عدد من قيادات ذلك التحرّك وحوكموا، وأعدم أربعة منهم.
ومنذ ذلك اليوم اتّسع الاهتمام باليوم الأول من أيار/مايو الذي صار ذكرى تستعاد كل عام، وما لبثت أن اعتبرت يومًا عالميًا للعمال، يُحتفل به في كل أنحاء العالم بهدف لفت الأنظار إلى دور العمال ومعاناتهم، والعمل على تأمين متطلبات عيش كريم لهم.
التعليقات