تراجع بـ25 %، وحديث عن افتتاح الإصلاح المالي
الجزائر حققت فائضا تجاريا بـ32 مليار دولار العام الماضي

كامل الشيرازي من الجزائر

كشفت بيانات رسمية حديثة في الجزائر، إنّ حجم الفائض التجاري الجزائري خلال العام 2007، بلغ مستوى 32.08 مليار دولار، مسجلا بذلك تراجعا بنسبة 3. 25 بالمائة، عما تمّ تسجيله خلال العام 2006، بحدود 49.34 مليار دولار، علما إنّ الفائض كان لا يتجاوز 24.4 مليار دولار سنة 2005، وتتوقع مصادر مالية جزائرية مسؤولة أن يصل الناتج الجزائري الخام إلى 135 مليار دولار، بواقع 3968 دولار كناتج للفرد، فيما ينتظر أن تبلغ نسبة النمو 3.1 بالمائة، كما انّ التضخم قد يستقر عن مستوى 5,3 بالمائة، تماما مثل البطالة البالغة 11.8 بالمئة.
وأورد المركز الجزائري للإحصائيات، إنّ حجم الصادرات بلغ خلال السنة الفارطة 59.52 مليار دولار، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 8.98 بالمائة مقارنة بسنة 2006، في حين وصلت الواردات إلى 27.43 مليار دولار، بمعدل ارتفاع وصل نسبة 27.88 بالمائة، ويطرح خبراء الشأن الاقتصادي في الجزائر، تساؤلات ملحة عن كيفيات استثمار فوائض الميزانية، حتى وإن كان المتعارف عليه في الجزائر أنّ هذه الفوائض توضع في صندوق خاص يطلق عليه quot;صندوق ضبط المواردquot; يستوعب قيمة مالية تربو عن الأربعين مليار دولار، وتتمتع الحكومة هناك بصلاحية اللجوء إلى30 مليار لسد أي عجز، لكن الأزمات الاجتماعية المتتالية، جعلت مراقبين يطرحون استفهامات بالجملة عن فعالية توظيف الفوائض لتحسين مؤشرات الاقتصاد الكلي كمعدل النمو ومعدل البطالة، سيما وأنّ احتياطي الصرف الجزائري يضمن للبلاد أكثر من ثلاث سنوات استيراد.
والملاحظ، إنّ صادرات الجزائر من النفط، بقيت مهيمنة على الصدارة، بنسبة 97.8 في المائة من الميزان العام، وأتى ذلك في أعقاب القفزة النوعية لأسعار النفط الخام في الأسواق الدولية، بينما حافظت صادرات الجزائر خارج المحروقات على (هامشيتها) إذ لم تتجاوز نسبة 2.2 في المائة من الحجم الاجمالي، وهو ما يمثل 1.31 مليار دولار فحسب، حتى وإن كان ما حققته الجزائر هذه السنة مرتفعا بـ11 في المائة إذا ما قورن بالعام قبل الماضي.
في غضون ذلك، أعلنت الجزائر عن شروعها في إصلاح منظومتها المالية، وقالت مسؤولة حكومية جزائرية، إنّه سيتّم بهذا الصدد، إنضاج مجموعة أفكار تخص إنشاء مجمعات بنكية تابعة للقطاع العام، وإعادة انتشار البنوك العمومية، مع استحداث مصرف مملوك للحكومة يتولى مواكبة مختلف عمليات الاستثمار، ضمن تصور عام للارتقاء بمستوى الأداء النقدي وعصرنة القطاع المالي، بعد الانتقادات الكثيرة التي طالت الأخير من متعاملين داخليين وخارجيين.
وقالت quot;فتيحة منتوريquot; الوزيرة الجزائرية المنتدبة للإصلاح المالي، إنّ مشروع الاصلاح ينبني في أساسياته على منح أنظمة الدفع أكثر قدر من السرعة والمرونة، بجانب إعادة هيكلة الخارطة المصرفية المحلية، عبر إخضاعها لأطر قانونية وتنظيمية أكثر فعالية.
وأضافت الوزيرة غداة اجتماع حكومي تناول المسألة من مجاميعها، إنّ الاستيراتجية التي سيجري اتباعها على المدى الطويل، تقوم على أربعة محاور هي: دعم استقرار البنوك- تحسين نوعية وجودة العروض- تنويع الخدمات في قطاع التأمينات، إضافة إلى تطوير المنتجات الجديدة كالتأمين على الحياة وتطوير السوق المالية.
وقد وجّه خبراء جزائريون ودوليون، انتقادات لاذعة للنظام المصرفي الجزائري واعتبروه العائق الرئيسي لتطوير الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الجزائر خلال الأعوام الأخيرة، وألّح هؤلاء في ندوة نظمتها quot;إيلافquot; مؤخرا بالجزائر، على quot;انعدام فعاليةquot; النظام المصرفي المحلي، وضرورة مراجعته ليصبح أساس الاستثمار الوطني والأجنبي، كما ذكر مختصون، أنّ صندوق النقد الدولي وبسبب العائق المصرفي، أشار في تقرير له أنّ الجزائر تعاني من مشاكل نوعية بشأن المؤسسات المالية ويتعلق الأمر خصوصا بقدرة جلب والحفاظ على تدفقات الاستثمار.
وكانت الجزائر أقرّت قبل فترة، مجموعة إصلاحات لتنشيط حركيتها المالية وإغراء المستثمرين، حيث اتبعت quot;سياسة نقدية حذرةquot; تأثرت إلى حد ما بزيادة أسعار المواد الأولية خصوصا القمح والحليب في السوق الدولية، في وقت ألّح صندوق النقد الدولي على توضيح دور الدولة في المصارف العامة وتنمية سوق السندات وقطاع التأمينات، كما شدّد على ضرورة تفعيل الجزائر اصلاحات اقتصادية تعزّز معالم السوق الجزائرية المفتوحة، وتضمن quot;نوعية في النفقات العامةquot; التي يذهب القسم الاكبر منها حاليا الى المساعدات الاجتماعية ودعم المؤسسات العامة المتداعية بدلا من استثمارها في ايجاد وظائف وثروات، تبعا لكون خطة دعم النمو التي دشنت العام 2005، لن يكون لها مفاعيل دائمة الا اذا تحسنت البنى التحتية والرأسمال البشري في البلاد من دون زيادة ثقل الدولة في الاقتصاد.
كما أقدمت الحكومة الجزائرية على الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية والضرائب على فئتين من المنتجات الصناعية، الأولى خصت 1095 منتجا سيتم تمديد التخفيضات بشأنها على مدى خمس سنوات مع تخفيض أول بنسبة 20 بالمائة، ليتم تقليص نسبة الرسوم الجمركية القاعدية إلى 80 بالمائة، بينما تتعلق الثانية بـ1858 منتجاً سيتم إلغاؤه على مدى 10 سنوات مع تخفيض أول بنسبة 10 بالمائة، لتتقلص النسبة القاعدية إلى 90 بالمائة، وذلك تطبيقا لاتفاق الشراكة بين الجزائر والإتحاد الأوروبي الذي يدخل عامه الثالث.